– مرحبًا بكم في قصر روز. 

الفصل السادس

“إن تاريخ عائلة أوتيس في الواقع أطول من ذلك بكثير…”.

مدّ الرجل ساقيه الطويلتين، ظاهرًا برشاقة من النور. لم يخترق ضوء الشمس الدافئ شعره الداكن كالليل، فمر بجانبه دون جدوى.

“من المتعارف عليه أن نيل أوتيس، الذي أعاد إحياء عائلة أوتيس، يُعتبر أول ربّ للأسرة. هو من اشترى برتراند من إيرلدوم سيلفستر وجعلها قلب عائلة أوتيس.”

وقف الرجل على مسافةٍ محترمةٍ من راشيل، وضمّ شفتيه قليلاً. برزت الشامة الصغيرة تحت عينه اليسرى أكثر مع ابتسامته.

“أنتَ الآنسة هوارد، المعلمة للآنسة الشابة بيني والسيد الشاب نيرو، أليس كذلك؟”.

انحنى الرجل قليلاً، مقرّباً وجهه الشاحب من راشيل، التي انكمشت لا إرادياً. عن قرب، بدت حاجباه الأملسان وأنفه المستقيم وعيناه المنحنيتان الأنيقتان أكثر دقة.

‘مع مثل هذا الوجه، لا يمكن لأحد أن يندم على تكريس حياته له.’

فكرت راشيل في فراغ. فضّلت البطاطس الجميلة على الرجال الوسيمين، وكانت هذه أول مرة تتعاطف فيها مع صديقاتها اللواتي انبهرن تمامًا بالرجال الوسيمين. كان جمال الرجل مذهلًا إلى هذا الحد. ضاعت في التفكير لمدة 4 ثوانٍ، وأدركت مبدأها الخاص في 3 ثوانٍ، وشحذت حذرها ضد الرجل الوسيم المثالي لمدة 3 ثوانٍ أخرى.

وبعد أن أمضت 10 ثوانٍ فقط، تمكنت راشيل أخيرًا من استعادة ابتسامتها الاحترافية.

“هل تعرف عني؟”.

سألتها بتلقائية وعقلها يسابق الزمن. من هو الذي تعرّف عليها هكذا؟ من مظهره، ليس خادمًا عاديًا، ومن مظهره، ليس الابن الأكبر لعائلة أوتيس أيضًا. قبل أن تتوصل راشيل إلى نتيجة، مدّ الرجل يده أولًا. كانت هذه اللفتة البسيطة كريمة وأنيقة بما يكفي لتكون درسًا في اللباقة.

“أنا روجيروز والتر، مُعلّم آلان، الابن الأكبر لعائلة أوتيس. آسفٌ لإزعاجك.”

اه، معلم!.

شعرت راشيل بارتياحٍ كبيرٍ عندما أدركت إجابة سؤالها. تبادلت المصافحةَ طوعًا.

“سررتُ بلقائك، سيد والتر. أتطلع للعمل معك.”

“على نفس المنوال.”

كان روجيروز والتر رجلاً يبدو ودودًا. بعد بضع كلمات تحية، شعرت وكأنه صديق قديم، سهل الحديث. كان يغمز بعينه مازحًا وهو يتحدث.

“هل تعلمين؟ القصر بأكمله كان ينتظر وصولكِ بفارغ الصبر.”

“لقد سمعت أنه من الصعب العثور على معلم خاص.”

“نعم، وخاصةً للسيد الشاب. كنا بحاجة إلى شخص مناسب في أسرع وقت ممكن. من حسن حظكِ أنكِ أتيتِ.”(امبيه يلمح للاحداث الاخيرة كيف ما اتذكرت) 

تساءلت عن سبب تأكيد روجيروز على السيد الشاب فقط، نظرًا لأنها كانت مكلفة بطفلين، لكنها سرعان ما نسيت فضولها مع كلمات روجيروز التالية.

“لكن الشخص الذي كان ينتظر وصولكِ بفارغ الصبر هو على الأرجح أنا.”

“أنت، سيد والتر؟”.

“من المحرج أنني أشعر بالوحدة بطبيعتي. برتراند مكان رائع، لكن لا يوجد من أستطيع التحدث معه بارتياح.”

تنهد بهدوء، وكان أنفاسه تدغدغ أذنها.

مدت راشيل شفتيها في ابتسامة ضيقة وفركت شحمة أذنها، مما دفع روجيروز إلى التراجع خطوة إلى الوراء.

“بالصدفة، هل جعلتكِ كلماتي تشعرين بعدم الارتياح، يا آنسة هوارد؟”.

“لا!”

أنكرت راشيل على عجل، ثم أدركت أنها بالغت في رد فعلها. غطّى روجيروز فمه بقبضته وضحك بهدوء. كانت ضحكة خالية من السخرية، مليئة بالمرح فقط.

“كان من المؤسف حقًا توديع المعلمة السابقة. لكن بفضل ذلك، التقينا بشخص رائع مثلكِ. يبدو أنه لا يوجد شيء اسمه وضع سيء تمامًا في العالم.”

“أنا سعيدة لأنك تفكر بي بشكل جيد …”

أن تكون قد قابلتها للتو وتُعتبر “شخصًا جيدًا”. أن يقول إنه محظوظة بلقائها. بطريقة ما، ذكّرها ببطل الروايات الرومانسية الشائعة التي اعتادت صديقتها ميغ قراءتها.

لكن المشكلة الأكبر كانت أنها لم تجد موقفه الإيجابي مزعجًا. هل كنتُ دائمًا ضعيفةً أمام الرجال الوسيمين؟ هل كان عدم اهتمامي طوال هذه المدة بسبب معاييري العالية جدًا…؟.

لقد شعرت بغرابة غريبة تجاه نفسها لأنها خفضت حذرها بهذه السرعة.

عبثت راشيل بخدها، ثم، عاجزةً عن إخفاء حرجها، أدارت رأسها نحو الصورة. تيبس عنقها، وتمنت لو بدت حركتها أكثر طبيعية.

ثم، كما لو كان خلاصًا، اقترب صوت رنين المفاتيح. عادت الخادمة جوزفين بمفتاح الغرفة.

“يجب أن أغادر الآن، حتى تتمكني من الراحة بشكل مريح، يا آنسة هوارد.”

سمع روجيروز أيضًا أصوات المفاتيح، فودعهم بسرعة. شعرت راشيل بخيبة أمل طفيفة، ثم دهشت من نفسها لشعورها هذا. وأثبت روجيروز والتر أنه رجل استثنائي حتى النهاية.

“إذا سمحتي، هل يمكنني أن أقول شيئًا آخر قبل أن أغادر؟”

“بالطبع!”

“لحظة واحدة.”

اقترب روجيروز. ألقى ظله الطويل على رأس راششل بينما تسلل ضوء الشمس عبر النافذة. التقت أعينهما بشكل طبيعي. كان في عينيه البنيتين، عند النظر عن كثب، لمحة حمراء غامضة، مما منحهما مظهرًا ساحرًا.

نظر روجيروز بهدوء إلى عيني راشيل، ثم ابتسم بلطف، مثل النسيم.

“عيناكِ جميلتان جدًا يا آنسة هوارد. أنا جادٌّ في كلامي.”

…يا إلهي.

‘بحق السماء!’

احمرّ وجه راشيل فجأةً، كأنه يصبّ الزيت على النار. تراجع روجيروز، بحزم، دون تردد، وتراجع على مسافةٍ محترمة.

ثم انحنى باحترام.

“أهلاً بكِ في برتراند، آنسة هوارد. أتمنى أن تبقى معنا في عائلتنا لفترة طويلة.”

ثم انصرف دون عناء. ساقاه الطويلتان جعلتا خروجه سريعًا. وقفت راشيل متيبسة، ووجهها يُشبه لقبًا مناسبًا للشمندر، ثم زفرت نفسًا كانت تحبسه.

‘هذا أكثر من مجرد شيء واحد…’.

***

كانت غرفة النوم التي وفرتها السيدة أوتيس أكبر بحوالي أربعة أضعاف من حجم غرفة راشيل في دومبلين.

كانت بيئةً فاخرةً للغاية بالنسبة لمعلمة. ابتلعت راشيل ريقها بصعوبة.

“غرفة كبيرة جدًا… ورائعة”.

“هذه الغرفة مُتاحة باستمرار للمعلمين الذين يأتون ويغادرون. لا تقلق، لقد انتهينا من التنظيف بدقة ورتبنا كل ما هو غير ضروري.”

“أرى…”

بما أن جميع المعلمين السابقين استخدموا هذه الغرفة، فقد كان من المقبول أن تقبلها راشيل بسعادة. استمعت بانتباه إلى شرح جوزفين بقلبٍ مُريح.

“يؤدي الباب الأيمن إلى حمام صغير. بجواره خزانة ملابس واسعة. ستأتي الخادمة في الموعد المحدد للتنظيف. إذا احتجتِ لأي شيء آخر، فأخبريني. هل أساعدكِ في حمل أمتعتكِ؟”.

“شكرًا لكِ، أنا بخير. ليس لديّ الكثير من الأمتعة.”

أومأت جوزفين برأسها ردًا على رفض راشيل المهذب.

“إذن، استريحي. سيكون العشاء جاهزًا حوالي الساعة السابعة، وسأأتي لمرافقتك.”

“شكرًا لكِ جوزفين.”

بعد مغادرة جوزفين، أصبحت راشيل أخيرًا وحيدة. لكن بدلًا من التسرع، أخذت وقتها في التطلع حولها. تساقطت أشعة الشمس كالستائر على ورق الجدران الأخضر ذي النقوش الكرمة. وتحته، تألق أثاث الماهوجني الفاخر، مُبرزًا حضوره.

غرفة نظيفة ومرتبة بشكل جيد مع إضاءة جيدة، مما ينبعث منها جو دافئ.

‘هذه حقا… غرفة رائعة!’

هرعت راشيل إلى نافذة الخليج الكبيرة في المقدمة. مع أنها كانت تكتفي بالغرف الصغيرة المظلمة، إلا أن الحرية التي توفرها الغرفة الرحبة كانت مُبهجة.

خلف النافذة الزجاجية النظيفة، امتدت حديقة الورود الحمراء الجميلة في القصر بشكلٍ جذاب. انتفخ قلب راشيل بقدر اتساع أزهار الورد الكبيرة.

‘بداية جيدة في كثير من النواحي.’

أبدت السيدة أوتيس لطفها، وكان الخدم الآخرون لطفاء. حتى أنها التقت بشخصٍ يمكن أن يصبح صديقًا جيدًا. لم تكن قد التقت بالأطفال بعد، لكن من المؤكد أنهم سيكونون بخير أيضًا.

عندما نظرت إلى حديقة القصص الخيالية من هذه الغرفة الرائعة، شعرت بشعور غامض بالتفاؤل بأن كل شيء سوف يسير بسلاسة.

‘كل شيء سوف يصبح جيدا.’

بعد أن طمأنت نفسها، بدأت راشيل في تفريغ حقيبتها بجدية. علّقت ملابسها في خزانة الملابس، ورتّبت الكتب القليلة التي أحضرتها على الرفّ بعناية. مع أنها لم تكن تملك الكثير من أغراضها الشخصية، إلا أن رفّ الكتب لم يبدُ فارغًا، إذ كان يضمّ أنواعًا مختلفة من الكتب.

هل هذه الكتب من القصر، أم تركها المعلمون السابقون الذين استخدموا هذه الغرفة؟ لم يكن مصدرها معروفًا، لكن وجود العديد من العناوين المثيرة للاهتمام أسعدها.

توقفت عملية تفريغ الأمتعة بسلاسة لفترة وجيزة عندما فتحت درج مكتبها لتنظيم مواد الكتابة الخاصة بها.

“ما هذا…”.

اتسعت عينا راشيل عند رؤية العنصر غير المتوقع الذي خرج من الدرج.

~~~

لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!

حسابي انستا:  roxana_roxcell

حسابي واتباد: black_dwarf_37_