دخلت يساريس و فنيسير مباشرة إلى غرفة نوم الإمبراطور، واستكملتا حديثهما أمام كازان الممدد كجثة هامدة.
“سيدتي الدوقة، دعيني أوضح مسبقًا أنني لا أعرف بالضبط كيف تعمل قوتي. كل ما أعرفه هو أن وجودي بجانب شخص ما يخفف من الآثار الجانبية، وإذا نزف دمي، يزداد تأثير ذلك. هذا كل شيء.”
“قدرة تملك تأثيرًا بمجرد الوجود! هذا مذهل حقًا”
“ليس أمرًا يُنظر إليه بإيجابية دائمًا. يجب أن نأخذ في الاعتبار احتمال فشلي في إزالة الآثار الجانبية لقوتكِ بشكل صحيح، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. هل وافق الدوق بليك فعلًا على هذه المغامرة؟”
“في الحقيقة، هو لا يعلم لماذا جئتُ لمقابلة جلالة الإمبراطورة. لذا، لا يمكن القول إنه وافق.”
“… لم تخبري الدوق بليك؟”
وهي مسألة تتعلق بحياتها؟
نظرت يساريس إلى فنيسير بدهشة، فغطت الأخيرة فمها وهي تضحك بخجل.
“شعرتُ أن تيمسيان سيرفض بالتأكيد لو عرف. ولم أرد الكشف عن قوتي أيضًا. على أي حال، تركتُ وصية، فلا داعي للقلق. المسؤولية عن هذا الأمر تقع على عاتقي بالكامل.”
“لكن، حتى لو …”
حتى لو كانت لدي قدرة التطهير، أليس هذا متهورًا جدًا؟ ماذا لو حدث خطأ ما؟
شعرت يساريس بالتردد والانزعاج، فتلعثمت في كلامها، لكن فنيسير ربتت على ذراعها بلطف كأنها تهدئها.
“حقًا، لا بأس، جلالة الإمبراطورة. سمعتُ أنه لا توجد طرق أخرى على الإطلاق، لذا يجب أن نجرب هذا على الأقل.”
“… لكن، لماذا تذهبين إلى هذا الحد، سيدتي الدوقة؟”
ما الدافع وراء استعدادها لتحمل مخاطر قد تؤدي إلى موتها؟
كان الجواب بسيطًا.
“لأنني سيدة عائلة بليك، وابنة موكيون.”
كلمات تحمل معانٍ عميقة، تكشف عن العلاقة الممتدة عبر أجيال بين العائلات الثلاث.
“قد لا تفهمين هذا، جلالة الإمبراطورة، لكن بالنسبة لي، هذا سبب كافٍ. ومع وجود شخص يملك قدرة التطهير بجانبي، يصبح الأمر يستحق التجربة. لقد حسبتُ احتمالات الفوز قبل المجيء.”
“إذا كان الأمر كذلك …”
اقتنعت يساريس أخيرًا، فأمسكت بيد فنيسير بقوة.
“لن أنسى هذا الجميل أبدًا، سيدتي الدوقة.”
“وما الذي فعلته؟ إنني أقوم بما يجب عليّ فعله فحسب.”
للاستفادة من قدرة التطهير، من الأفضل أن تكون الأيدي متلامسة.
أمسكت فنيسير بيد يساريس بينما وضعت يدها الأخرى على جبهة كازان.
“هل أنتِ جاهزة؟”
“لحظة واحدة. سأنزف دمي. هكذا سيتضاعف تأثير التطهير.”
تبع ذلك حركة صاخبة للحظات.
استخدمت يساريس دبوس زينة شعرها لجرح طرف إصبعيها، ثم أمسكت بيد فنيسير و يد كازان.
هل هذا كافٍ؟ هل سيضمن ذلك أمان الدوقة حقًا؟
لو كان كازان يحلم ، لكان ذلك رائعًا.
نظرت يساريس إلى الرجل النائم بهدوء بعينين قلقتين.
فكرة أن مصير الدوقة بليك، التي سارعت لمساعدته، تعتمد عليها جعلت كفيها تعرقان.
ربما كانت متوترة لأن هذه قد تكون الفرصة الأخيرة لإيقاظ كازان.
إذا فشل هذا، فلن يكون هناك وسيلة لإخراجه من السبات العميق، فتولد لديها شعور باليأس.
“سأبدأ الآن.”
“… حسنًا. أتمنى لكِ التوفيق، سيدتي الدوقة.”
أغلقت يساريس عينيها وأخذت نفسًا عميقًا لتخفي توترها، الذي كان أكبر من توتر فنيسير التي كانت على وشك الدخول إلى الحلم.
كل ما يمكنها فعله هو الانتظار، لذا يجب أن تودعها بمظهر هادئ من أجل من ستأتيه في الحلم …
“آه؟”
فجأة، انطلق صوت فنيسير المفعم بالدهشة.
وأدركت يساريس أن شيئًا ما قد حدث بشكل خاطئ.
فوووك-!
“……!”
شعرت يساريس بشيء يجذب وعيها بقوة، فصرخت.
ظنت أنها فتحت فمها وأصدرت صوتًا، لكن في الواقع، انهارت كدمية انقطع خيطها.
“جلالة الإمبراطورة!”
لم تصل صرخة فنيسير المذعورة ولا حركتها الصاخبة إلى أذني يساريس.
بدلاً من ذلك، ما وصل إلى حواسها هو …
“ما هذا؟”
عالم مكسور.
كانت للتو في غرفة الإمبراطور، لكن عندما فتحت عينيها، رأت عالمًا مشروخًا في كل مكان.
لم يكن الأمر مجرد زلزال.
السماء، الأرض، المباني، كل شيء كان مشروخًا كالزجاج المكسور.
حتى خلفية هذا العالم المحطم كانت غريبة.
كأنها مزيج من أنماط معمارية من بيرين و أوزيفيا، مما خلق تنافرًا غريبًا.
الألوان كانت بالأبيض والأسود.
لا توجد كائنات حية.
“… كازان.”
هذا عالمه.
أدركت يساريس ذلك غريزيًا واتجهت نحو القصر الإمبراطوري الذي رأته.
لا أعرف لماذا دخلتُ أنا بدلاً من موكيون إلى هنا، لكن طالما أنني متأكدة أن هذا حلم كازان، يجب أن ألتقي به وأتحدث إليه.
طقطقة-! طقطقة-!
عبرت أصوات كعب يساريس الفضاء الصامت.
وأثناء تجوالها بحثًا عن كازان، استحوذ عليها شعور غريب.
عالم مدمر.
هذه هي الكلمة التي تبادرت إلى ذهنها.
ليس فقط لأن العالم مشروخ كشبكة عنكبوت ، ولا لأنه خالٍ من أي كائن حي يتحرك.
كانت المباني هي الوحيدة التي تملأ المكان، دون أي أثر لوجود بشري.
مرت بغرف عديدة، لكنها لم تجد أي أدوات منزلية، أو مكونات طعام، أو ملابس، أو أي شيء. كل شيء كان فارغًا.
كأن أحدًا لم يكن موجودًا منذ البداية.
“…….”
بعد أن تأكدت أن غرفة كازان فارغة أيضًا، اتجهت يساريس نحو قصر الإمبراطورة.
وأثناء عبورها للمكان القاتم، أطلق فمها المغلق فجأة تنهيدة صغيرة.
“آه.”
في الطريق المؤدي إلى الحديقة، برز ضوء.
كان اللون الأول الذي رأته في عالم كازان الداخلي.
هناك. أنتَ في حديقتي.
ترددت يساريس للحظة دون سبب واضح، ثم قبضت قبضتها وتقدمت.
كلما اقتربت من وجهتها، استعاد العالم ألوانه تدريجيًا، في مشهد ساحر.
أصفر ، أخضر ، برتقالي ، أزرق ، وردي …
الربيع. كان الربيع هناك.
فوق حقل من الزهور ينبعث منه رائحة حلوة، كانت الفراشات الملونة تحلق.
تناثرت بتلات الزهور مع نسيم الريح، وتغنت الطيور بهدوء في تناغم.
السماء الشاسعة لم تكن مشروخة هنا.
كان هذا المكان الوحيد السليم في عالم كازان.
حديقة قصر بيرين في وسط قصر أوزيفيا الإمبراطوري.
و كان كازان مستلقيًا هناك.
… يحتضن يساريس النائمة نصف احتضان.
“…….”
فقدت يساريس الكلام للحظة.
كازان، الذي كان يعانق صورتها النائمة وهو نائم بدوره، بدا هادئًا للغاية لدرجة أنها لم تستطع الاقتراب بسهولة.
كان المشهد كلوحة فنية.
شعرت بالأسى خوفًا من أن تدخلها قد يكسر هذا الجمال.
لذا، لم تستطع يساريس إلا أن تتساءل.
… هل إيقاظه هو الخيار الصحيح حقًا؟
“أخيرًا جئتِ.”
“كازان.”
صوت كازان أيقظ يساريس، التي شعرت ببرودة في أطراف أصابعها.
فتح عينيه ببطء بعد أن ناداها، وأشار بنظرة إلى حضنه.
“سامحيني لأنني لم أنهض لاستقبالكِ. أنا الآن غير قادر على الحركة.”
كان يعني أن يُفهمها أنه لا يستطيع النهوض بسبب يساريس الأخرى النائمة في حضنه.
كان إيماؤه بلمس أذنها النائمة باليد الأخرى لئلا تستيقظ مليئًا بالحنان.
بالنسبة ليساريس التي تراقب هذا من منظور الغريب، كان الأمر مذهلاً ومحبطًا في آن واحد.
شعرت ببعض الاستياء أيضًا.
أنا الحقيقية.
… كبحت يساريس شعورًا غريبًا تصاعد فيها للحظة.
لم يكن هذا وقت هذا الحديث.
“لدي الكثير لأقوله … لكنك لا تبدو متفاجئًا برؤيتي. هل كنتَ تعلم أنني سآتي؟”
“آه، بل شعرتُ أنكِ تأخرتِ كثيرًا. أنتِ لستِ من النوع الذي سيتركني هكذا لفترة طويلة، أليس كذلك؟”
“أنا؟”
لم يكن هذا ما يقال لشخص تركه لسنوات ، فخرجت منها تساؤل تلقائي.
لم تعرف إن كان كازان لم ينتبه لارتباكها أم تجاهله، لكنه أجاب بلامبالاة.
“إذن، من غيركِ سيجرؤ على إزعاج راحتي؟”
تحركت شفتا يساريس، لكن رأسها كان فارغًا فلم تستطع الرد.
شعرت بالحيرة من كلامه، وتسلل إليها شعور بالذنب دون سبب واضح، فتوقفت، لكنه استمر.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات