هل سمعتُ بشكل صحيح؟ أم أن الأعراض الجانبيّة تفاقمت حتى لم أعد أميّز بين الهلوسة والواقع؟
تجمّد كازان في مكانه في غرفة الاجتماعات وهو يراجع الأجندة. لحسن الحظ، قبل أن يطرح سؤالًا قد يبدو غريبًا، تابع الخادم بتعرّق: “بما أن جلالتك في اجتماع، أوصلتُها إلى غرفة الاستقبال، لكنها أصرت على مقابلتك فورًا …”
“سأذهب.”
“جلالتك!”
نهض كازان بسرعة وغادر غرفة الاجتماعات.
شعر بنظرات النبلاء المذهولة تحرق ظهره، لكنه كان منشغلاً بالخبر المفاجئ لدرجة أنه لم يشعر بشيء.
يساريس، التي لم تتواصل معه لما يقرب من ثلاث سنوات، جاءت فجأة؟ كان من الصعب تصديق ذلك، لكن قلبه كان يخفق بقوة.
يساريس، التي تميّز بين العمل والحياة الشخصيّة، تقاطع اجتماعًا لمقابلته؟ يبدو أن شيئًا كبيرًا قد حدث. لكن لا يهم.
بما أن الخادم أوصلها إلى غرفة الاستقبال، فهي ليست مصابة. على الأكثر، تحتاج إلى مساعدته بشكل عاجل.
فكرة رؤية يساريس بعد كل هذا الوقت جعلت دمه يتدفّق بعنف. ربما تكون هذه فرصة لتحسين علاقتهما.
ربما سامحته الآن. ربما يمكنه شراء بعض الوقت كثمن لمساعدتها. ربما تعود إلى أوزيفيا.
ربما، ربما … على عكس الهدوء المميت الذي كان يعيشه، انتفخت آمال كثيرة فجأة. مجرّد أن يساريس جاءت لرؤيته ، وتوقّع رؤيتها مجدّدًا، أعاد النور إلى عالمه الرماديّ.
بينما كان يهرع إلى غرفة الاستقبال، أدرك شيئًا غريبًا عندما اقترب من وجهته.
“ليس الطبيب، بل جلالة الإمبراطور هو المطلوب!”
“لكن جلالة الإمبراطورة…”
“ابتعد، إنه أمر! مهما طالت غيبتي، طالما يُطلق عليّ لقب الإمبراطورة …”
كانت الأصوات التي تتسرّب من غرفة الاستقبال عبر العزل الصوتي مقلقة. أدرك كازان أن الوضع أخطر مما توقّع، ففتح الباب بقوة دون تردّد.
“يساريس.”
لم ينسَ تحذيرها بعدم منادتها بالاسم المختصر. لكن الاسم الذي ناداه مراتٍ لا تُعدّ وحده انزلق من فمه دون وعي.
“كازان؟”
تذوّق نداءها المندهش ونظر إليها بهدوء. على الرغم من الوضع العاجل، شعر بأن الوقت يمرّ ببطء بشكل غريب.
لم تتغيّر يساريس كثيرًا مقارنةً بالسنوات التي لم يرها فيها. الشيء الوحيد الذي يشير إلى مرور الزمن هو الأجواء الناضجة التي أصبحت أكثر وضوحًا.
لكن، على عكس هدوئها ونعومتها السابقة، كانت الآن متوترة و مضطربة بشكل واضح. حتى أن عينيها كانتا حمراوين كما لو أنها بكت، مما يكشف عن حالتها النفسيّة الصعبة.
افترض كازان أن ذلك بسبب الكائن الذي تحمله في حضنها.
“طفلي … طفلنا ، أنقذه ، أرجوك”
طفلنا.
حفر كازان الكلمة في قلبه ونظر إلى الكائن الذي كانت يساريس تعتصره بيدين مرتجفتين.
ربما كان في الثالثة أو الرابعة من عمره. كان الطفل مغمض العينين، شاحب البشرة، والدم يتدفّق منه.
نعم ، شعر أسود. دليل واضح على كونه تينيلاث ، جعل كازان يفقد إحساسه بالواقع للحظة.
“أنجبتِ الثاني …”
متى؟ كيف؟
ما إن خطرت الأسئلة في ذهنه، حتى ظهرت الإجابة تلقائيًّا.
يبدو أن الليالي الأخيرة مع يساريس جعلتها حاملاً.
أنجبت وحدها في تلك القرية الجبليّة بعد مغادرة أوزيفيا.
بالنظر إلى عمر الطفل، كان الأمر مستحيلاً، لكن كازان عرف خصائص تينيلاث. هو نفسه كان قد نما بهذا الشكل في عمر السنتين، فلم يكن ذلك غريبًا.
بينما فهم كازان الوضع بسرعة، كانت يساريس، التي كان القلق ينضح منها، تعضّ شفتيها وتطلب بحرارة: “سأشرح كل شيء لاحقًا. الآن، أرجوك، لا تسأل شيئًا وأنقذ كاسيليا. لا أعرف الطريقة، لكن تينيلاث يستطيع، أليس كذلك؟ عندما سقطتَ معي من الجرف و أُصِبتَ …”
“اخرجوا جميعًا.”
قاطع كازان كلام يساريس وأمر الجميع بالخروج. لمنع تسرّب المعلومات الحسّاسة، فعّل أداة عزل صوتي إضافيّة في غرفة الاستقبال قبل أن يتكلّم: “كاسيليا، صحيح؟ لون عينيها؟”
“مثل عينيك، أحمر.”
“هل أيقظت الطفلة قدرات تينيلاث؟”
“لا أعرف بالضبط. لم أرَها تستخدم قدراتها من قبل. هل هناك طريقة لمعرفة ذلك؟”
“يمكننا التحقّق الآن.”
بدلاً من الشرح الطويل، أظهر كازان الأمر عمليًّا.
أخرج سكينًا كان يحمله دائمًا في جيبه، و جرح إصبعه دون تردّد ليُحدث جرحًا.
فاك-!
“!….”
قبل أن تتفاعل يساريس المذهولة، وضع كازان إصبعه الدامي في فم كاسيليا ، كأنه يتوقّع رد فعل معيّن.
لكن لم يحدث شيء.
“همم.”
“ماذا يعني هذا؟”
“يعني أنها لم توقظ قدراتها. لو كانت قد أيقظتها، لكانت تعافت.”
كان هذا سبب إخفاء معظم قوى تينيلاث، باستثناء عهد الدم.
يتعافى تينيلاث بشرب دم أحد أبناء جنسهم، لكن بالنسبة للآخرين، قد يبدو الدم كعلاج شامل، لذا يجب الحذر.
“إذا كان الشفاء يتطلّب شرب الدم، أليس من الممكن أنها لم تتعافَ لأنها فاقدة للوعي ولم تشرب؟”
“لا. عادةً، مجرّد وضع الدم في الفم يُحدث تأثيرًا بسيطًا على الأقل، لكن كاسيليا لم تتفاعل.”
هذه مشكلة.
عبس كازان وهو يفحص جرح الطفلة. كأنها سقطت من مكان مرتفع رأسًا، كان الجرح العميق واضحًا.
كان جرحًا قاتلاً قد يودي بحياة بالغ، وربما كان بقاء كاسيليا على قيد الحياة حتى الآن بسبب صلابة حياة تينيلاث.
“مؤسف. بهذا الحجم، حتى جرعات الشفاء لن تجدي نفعًا.”
“…”
ضغطت يساريس بذراعيها على كاسيليا بعد كلمات كازان التي كانت كحكم بالإعدام. رغم محاولاتها لعدم البكاء، أصبحت رؤيتها ضبابيّة.
جرعات الشفاء من الكيميائيين أو السحرة تسرّع فقط عملية الشفاء الذاتي. بسبب تحفيز التجدّد القسري، تترك آثارًا جانبيّة، ولا تستطيع علاج الجروح الدائمة.
لذا كانت إصابات الرأس الأصعب علاجًا.
حتى لو تجدّد الجلد الخارجي، فإن الضرر في الدماغ لا يُشفى، مما يؤدي غالبًا إلى إعاقة أو حالة نباتيّة، أو الأسوأ، الوفاة.
لهذا لجأت يساريس إلى تيبي، حارس البوابة ذو قدرة الانتقال الفضائيّ، لتصل إلى زوجها.
كازان تعافى من جروح لم تستطع الجرعات علاجها دون أي ندوب.
بما أن كاسيليا ورثت دم تينيلاث بقوة، رأت في ذلك أملًا، لكن عدم إيقاظ قدراتها جعل ذلك مستحيلاً. كان كأن السماء تنهار.
“إذا كانت المشكلة هي عدم إيقاظ القدرات…”
رفعت يساريس رموشها المرتجفة لتنظر إلى كازان.
“يمكن إيقاظها قسرًا، كما حدث معك.”
توقّف كازان للحظة. لم يكن لدى يساريس الوقت لفهم رد فعله الغامض.
بدلاً من ذلك، خرج من فمها طلب يشبه اللوم: “كاسيليا ابنتي، لكنها ابنتك أيضًا. هي ثمرة الليالي التي خدعتني و استغللتني فيها. بغض النظر عن العمليّة، أنا أحب كاسيليا. إذا كنتَ تملك أدنى شعور بالمسؤوليّة… ساعدني. لا أستطيع أن أفقد ابنتي هكذا…”
مع نهاية كلامها، كان صوتها المبلّل يرتجف بشدة.
تدفّقت الدموع التي كبحتها على خدّيها.
لم يكن يجب أن تطمئن لأن كاسيليا هادئة.
كيف كانت لتتوقّع أن تؤدي غفوة قصيرة إلى مثل هذه الكارثة؟ لو علمت أن كاسيليا، التي لا تزال تملك عقل طفلة رغم نمو جسدها السريع، ستقدم على شيء خطير، لما استرخَتْ لحظة.
… هل يمكنها طلب دم كازان؟ ماذا لو رفض مساعدة كاسيليا؟
إذا فقدت ابنتها هكذا …
بينما كانت الأفكار تملأ رأس يساريس بفوضى، اخترقها صوت هادئ: “هل يهمّكِ الثمن مهما كان؟”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات