─────────────────────
🪻الفصل السابع🪻
─────────────────────
في اللحظة التي خطا فيها تيفلون هارتر على درجات غرفة التعذيب، اختفت الابتسامة الهادئة التي كانت تعلو وجهه فجأة. لم ينتبه الجنود الذين تبعوه إلى ذلك.
من خلفه، كانوا يهزءون به كخائن لوطنه، لكنهم كانوا يحملون تجاهه مزيجًا من الإعجاب والرهبة، ممزوجًا بخوف عميق. قبل أن يفر تيفلون هارتر إلى فالين، كانوا يصلون كي لا يواجهوه في مهمة ما، ثم ينفذون خططهم.
فوق ذلك، كانت مهارته لا تُضاهى. كأعداء قاتلوه بشراسة، كانوا يعترفون بهذا الأمر بكل رضى.
وعلاوة على ذلك، لم يكن تيفلون هارتر قائدًا صعب المراس. لم يصدر أوامر غير ضرورية، وكان دائمًا يحكم على الأوضاع ببرود ويتنبأ بالمستقبل بدقة. لم يكن كالضباط الذين يسيئون إلى جنودهم ويمارسون العنف حسب مزاجهم. كان يمتلك الطابع العسكري الذي يحترمه الجميع.
ألم يثبت ذلك في الحادثة الأخيرة؟ رغم عصيانهم لأوامره، عفا تيفلون هارتر عن خطيئتهم بأناقة. كان قلقهم من بقايا عاطفة الزمالة تجاه زميلته القديمة لا أساس له، فقد كان تصرفه واضحًا وسريعًا.
كانوا مقتنعين تمامًا بأن الأمر انتهى عند هذا الحد.
عندما خرج تيفلون هارتر من الغرفة التحتية التي تضم غرفة التعذيب ودخل غرفة الاجتماعات المجاورة، أمسك بتلابيب أحد الجنود الذين تبعوه. وقف الجنود المذهولون أمام الباب المغلق، يراقبون المشهد بذهول.
دفع تيفلون الجندي إلى الحائط، ضاغطًا على رقبته بذراعه كمن يخنقه. وهو ينظر إلى وجه الجندي المحمر بسرعة، عادت إلى ذهنه صورة تلك المرأة. روزيتا فرهين. المرأة التي كانت مستلقية على الأرض، أزرار قميصها ممزقة، جسدها ملطخ بالدماء، تتلوى بيأس.
لو تأخرتُ قليلاً، ماذا كان سيحدث؟ كلما استغرق في هذا التفكير المزعج، ازدادت قوته.
“سيدي… الرائد…”
نظر تيفلون إلى الجندي العاجز عن دفعه، ثم رمى بنظره إلى جندي آخر. تقدم الجندي الذي أشار إليه مترددًا. أومأ تيفلون برأسه ليقترب، فخطا الجندي نحوه متعثرًا.
عندما اقترب، أرخى تيفلون ذراعه. انهار الجندي، الذي كان يلهث عاجزًا عن التنفس، على الأرض. داس تيفلون على معصم الجندي، ومد يده ليمسك بتلابيب الجندي الآخر، دافعًا إياه إلى الحائط حتى احمر وجهه كالنار.
“لقد عصيتم أوامر قائدكم. المادة الرابعة من الفصل الخامس في قانون فالين العسكري: من يعصي أوامر قائده يتحملُ العقوبة المناسبة.”
نطق تيفلون بكل كلمة ببطء، مذكرًا إياهم بالقانون مباشرة.
“لكنكم فعلتم ذلك من أجلي ومن أجل الرائد كابون، أليس كذلك؟ من أجل قادتكم. هل أنا محقّ؟”
“نعم، هذا صحيح.”
“صحيح، سيدي الرائد!”
تكلم الجندي المخنوق والآخر الذي يرتجف من ألم معصمه المسحوقِ بيأس. ابتسم تيفلون بلطف، كمن يمدح كلبًا وفيًا، وأزال يديه وقدمه عنهما. انهار الجنديان على الأرض، يلهثان بصعوبة.
“سأدعُ هذا الأمر يمر هذه المرة. لكن لا تعصوا أوامري مجددًا.”
توقفت عيناه الباردتان على الجنود الواقفين عند الباب كأنها مسامير. أجابوه بانحناءات متسرعة. أومأ تيفلون برأسه باختصار، ثم فتح الباب. ظل الجندي الذي كان يضغط على روزيتا فرهين والآخر الذي داس على يدها يتوسلان بالغفران، منتحبين، حتى غادر تيفلون غرفة الاجتماعات.
* * *
عندما يضعف الجسد والروح، يميل الإنسان بسهولة إلى استذكار الماضي السعيد. لم تكن روزيتا استثناءً. عادت إلى ذكريات أيام تدريبها في الجيش، تتسلل إلى وعيها الضبابي. في زاوية من تلك الذكريات، وقفت فتاة شابة، لا تزال غير معتادة على زيها العسكري، تبتسم. كانت تلك الفتاة روزيتا فرهين. لمست شارة الكتف التي شعرت بثقلها كرسالة عظيمة، ودخلت إلى الثكنة العسكرية.
لو رأت أمي هذا المظهر الفخور، لكانت سعيدة جدًا. لربما كانت أكثر مني فرحًا.
كلما شعرت روزيتا بفراغ والديها، اشتعلت فيها رغبة جامحة وطموح للنجاح. أرادت أن تصبح جندية فخورة في جيش نياميت. لتنتقم من الأمة التي تسببت في مقتل والدها، الذي جُند وسيق إلى ساحة المعركة. لتحقق حلم أمها بعالم خالٍ من الحروب. ولأجل نجاحها الشخصي. هكذا كانت أحلام روزيتا.
تفوقت بدرجات ممتازة، متجاوزة الضباط النبلاء بسهولة. كانت الأولى بين زملائها التي اختيرت لتصبح عضوًا في وحدة النخبة. كانت المعارك التي تتطلب المخاطرة بالحياة هي الدافع لنمو روزيتا.
أحبّت روزيتا زملاءها في الوحدة الخاصة، التي ضمت أفضل العناصر في الجيش. كيف يمكن أن تكره رفاقًا يتحدون بروح واحدة، يهتمون ببعضهم ويخوضون المهمات معًا؟ كان بينهم من يتشاجرون أحيانًا حول تفسير أوامر القادة، لكنهم في اللحظات الحرجة كانوا يضعون سلامة بعضهم فوق كل شيء.
التقت روزيتا بأحد كبارها، الذي سبقها بمرتبتين، بعد عام من انضمامها إلى وحدة النخبة. كان رجلاً رائعًا. لم يكن هناك من لا يعرفه، سواء من زملائه أو من سبقوه أو تبعوه.
تيفلون هارتر. الرجل الذي يحظى بثقة جيش نياميت.
كان ذلك الضابط الشاب، الذي وصل إلى تلك المرتبة بمهارته وحدها، قدوة وأسطورة بالنسبة لروزيتا. عندما أصبحت في فريقه لتنفيذ المهمات، كانت ترتجف من الإثارة لدرجة أنها لم تنم ليلاً. مع مرور الوقت، ومع كل لحظة تخطت فيها الحياة والموت، نما إعجابها به أكثر. كان تيفلون هارتر، عن قرب، تجسيدًا للجندي الذي حلمت أن تكونه.
قلدته في كل شيء وتعلمت منه. كانت مصممة على أن تصبح الرفيقة التي يثق بها ويستند إليها.
أثمرت جهودها، إذ كان تيفلون هارتر يسمح لها دائمًا بحضور مناقشات تخطيط المهمات. كان شعورها بالتقدير من قدوتها، وإعجابها الذي لم تستطع إخفاءه، كبيرًا لدرجة أن زملاءها لاحظوه.
‘ليس عبثًا أن يطلقوا عليكِ تيفلون هارتر النسائية. التدريب ليوم واحد لن يقتلكِ، لكنكِ لا تزالين ملتزمة بتدريب الفجر الذي تلقيته عند الالتحاق! قاسية، قاسية جدًا!’
‘لا أحد يركض في ميدان التدريب من الرابعة فجرًا سواكِ وهارتر الأكبر.’
‘لمَ لا تعترفين بحبكِ لقدوتكِ العظيم؟ ربما يهرب هارتر مذعورًا!’
تذكرت وجوه زملائها وهم يضحكون ويمزحون، ثم اختفت الذكرى بسرعة. تيفلون هارتر النسائية. كان ذلك مصدر فخر يومًا، لكنه الآن أقسى إهانة. ضحكت روزيتا بسخرية واستمرت في استحضار الماضي.
عندما علمت بخيانة تيفلون هارتر. خائن؟ في البداية، رفضت روزيتا تصديق ذلك. لكن زملاءها أجمعوا على القول: تيفلون هارتر خان. إنه خائن.
زعمت روزيتا أنه ربما كان ينفذ مهمة سرية، لكن حجتها لم تلقَ قبولاً. عادةً ما يتم إرسال فريق من اثنين للمهمات، لكنه اخترق معسكر العدو بمفرده، مما اعتُبر تصرفًا متهورًا.
ثم كان قراره بالاستسلام. خيار لا يمكن تفسيره إلا بالخيانة. قُتل قائدهم في قصف سابق، فلم يعد هناك طريقة لتأكيد خيانة تيفلون هارتر.
بعد عامين، أصبحت خيانته واضحة. لم يقدم تقريرًا واحدًا. هل مات؟ سرعان ما تبدد هذا القلق. بدأت شهادات زملاء رأوا تيفلون هارتر تتوالى.
‘اللعنة! ذلك الخائن حاول إطلاق النار على رأسي!’
‘الرصاصة التي اخترقت كتفي كانت منه. تيفلون هارتر، ذلك الخائن الوغد!’
‘مجنون! كيف يمكن أن ينضم إلى فالين من بين كل الأعداء؟ إلى أولئك الذين يتربصون بنا ليسرقوا أرضنا! كيف يحني رأسه لهم، وهو عضو في وحدة النخبة؟’
لم تستطع روزيتا التخلي عن الأمل رغم تكرار هذه الأقوال المروعة. بحثت عن زملاء ادعوا أنهم رأوا تيفلون هارتر. كانت شهاداتهم تشير إلى إجابة واحدة.
تيفلون هارتر خان وطنه.
‘ألم تخطئ في رؤيته؟ كان هارتر الأكبر يهتم بك وبي أكثر من غيرنا.’
أمسكت روزيتا يد زميل جريح مستلقٍ على سرير المستشفى، تسأله بنظرات متوسلة.
‘استفيقي يا روزي! توقفي عن هذا! أردتُ مثلكِ أن أثق به حتى النهاية. لكن هذه هي النتيجة. هل هناك دليل أوضح من حالتي الآن؟’
‘هل أنت متأكد أنه أطلق النار عليك؟ كانت لحظة عصيبة. ربما أخطأت…’
‘عصيتُ أوامر القائد وذهبت للبحث عنه بنفسي، فكانت هذه النتيجة! لن أستطيع حمل السلاح مجددًا. لقد حطم ذلك الوغد كتفي!’
‘لكن…’
‘كدتُ أموت! كنتُ سأُقتل على يد ذلك الخائن!’
حتى تلك اللحظة، تمسكت روزيتا بأمل ضئيل بحماقة. تمنّت أن يأتي أحدهم بأخبار مختلفة. أن يعود هارتر الأكبر إلى الجيش معلنًا أنه كان في مهمة سرية. تمنت لو أن كلّ هذا مجرد كابوس.
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 7"