─────────────────────
🪻الفصل الثالث عشر🪻
─────────────────────
صرخت روزيتا بكل ما أوتيت من قوة، جسدها يتلوى في ألم. الحبال التي تقيّد أطرافها تحتك بجلدها فتُدميه، لكن الألم سرعان ما يتلاشى، تاركًا مكانه نشوة غريبة تملأ كيانها.
“هاهاها! أيها الوغد، هل تظن أنك ستبقى على قيد الحياة إلى الأبد؟ هل تعتقد أن قتلي سيُنهي كل شيء؟ لا تجعلني أضحك! هناك رفاقِ كثيرون يتربصون بكَ ليقتلوك. لقد أغضبت الكثيرين، فلن تموتَ موتةً هانئة في أواخر أيامك!”
ابتلعت روزيتا الدم الذي تفجر من حلقها، عيناها المحمرتان تخلّتا عن آخر ذرة من العقلانية.
“مُت! مُت! مُت! اختفِ من أمام عيني! مُت فقط!”
بينما كانت تلهث وتكافح لالتقاط أنفاسها، انسكبت كتلة دم من بين شفتيها، دمٌ سال ليُبلّل جسدها ويُلطّخ زيّ تيفلون الرسمي الواقف أمامها.
ضحكت روزيتا بصوت أعلى وهي ترى زيه العسكري الأبيض، المُحاكَ بألوان علم فالين، وقد تلطّخ بالدماء فبدت البقع أكثر وضوحًا. تسلّقت نظراتها ببطء حتى استقرت على وجهه.
ألا يملكُ هؤلاء الأوغاد مالًا لشراء مصباحٍ واحد؟
الضوء المتقطّع، الذي يومض وينطفئ، جعل وجهه يبدو غامضًا. أريد أن أراه بوضوح. أريد أن أحفر تعابير وجه تيفلون هارتر في عينيّ.
كأنما استجيبت أمنيتها، فجأة أضاء المصباح بقوة. وجهه، الملطّخ بقطرات الدم، كان ملفوفًا بعاطفة لا يمكن فهمها. هذا المشهد أرضاها جدًا. ضحكت روزيتا بنشوة، ثم انتابتها نوبة بكاء.
ضحكت لأنها سعيدة، وبكت لأنها تتألم. جسدها يعاني ألمًا لا يهدأ. هذا الألم الذي لا يخفّ أبدًا جعلها تبكي بحرقة.
هل كانت الدموع التي كبتتها طويلًا هي السبب؟ بمجرد أن انفجرت، لم تتوقف. كادت تفقد الوعي، لكنها عضّت على لسانها لتبقى صامدة. لم يعد لديها قوة لرفع رأسها، فتركته يتدلى.
لقد رأيتُ وجهه، لذا لم يعد لديّ أيّ ندم. استنفدت قوتها التي كانت تتمسك بها لتبقى واعية. في اللحظة التي أغمضت فيها عينيها، فُتحت أبواب القضبان الحديدية لغرفة التعذيب فجأة. صوت نقرة استياء وخطوات أحذية عسكرية تقترب ترددت في الأرجاء.
“سمعتُ ما يُقال في الأعلى، لكن هذه المرأة مجنونة تمامًا. لقد بذلتَ جهدًا، أيها الرائد هارتر.”
“ما زلتَ تشكُ بي وتراقبني؟”
“أراقبك؟ هذا محزن.”
“منذ متى وأنتَ هنا؟”
“لم يمضِ وقتِ طويل. بضع دقائق فقط. لم تلاحظ وجودي، فانتظرت. كنتُ فضوليًا لأعرف ما الذي تصرخ به هذه المرأة.”
نظر الجندي إلى المرأة التي كانت تصرخ كالمجنونة ثم سكتت فجأة كأنها ماتت، فارتجف جسده وفرك كتفيه. من بين كل من أُحضروا إلى هذه الغرفة، لم يكن هناك أحد مختلّ مثلها. هي الوحيدة، بحسب علمه.
أن تُظهر مثل هذه الجرأة في غرفة تعذيب العدو! لا شك أنها مجنونة تمامًا. تذكّر سمعة روزيتا فيرهين السيئة وهزّ رأسه. تخيّل رصاصتها تستهدف قلبه، فجفّت شفتاه.
“إن لم تكن هنا منذ وقت طويل، فلن تعرف. لم نستخلص شيئًا مفيدًا من فمِ الأسيرة.”
رفع تيفلون كأس الماء الموضوع على الطاولة إلى شفتيه، وهو ينظر إلى الجندي الذي نقر بلسانه.
“يبدو ذلك واضحًا. لقد قالت إننا لا نثقُ بك، أيها الرائد. لا تعر انتباهًا لثرثرة مجنونة. لكن، هذه مشكلة. لو فتحت فمها بسرعة، لتمكنا من وضع خطة.”
“هل وصلت أي معلوماتٍ استخباراتية؟”
“حتى الآن، لا شيء. يبدو أن هؤلاء الأوغاد تصرفوا من تلقاء أنفسهم. كانوا يختبرون الأمور بشأن إعادة الأراضي، فمن كان يتوقع أن يشنّوا هجومًا مفاجئًا؟”
أبعد تيفلون نظراته عن الجندي ووضع كأس الماء. توقف صوت الماء المتماوج، فأصبح صوت تنفس روزيتا المتقطّع أكثر وضوحًا. كانت منحنية الرأس، فلم يظهر وجهها بوضوح.
“جلبتُ تقريرًا يحتوي على تفاصيل الأضرار التي لحقت بنا والأحداث التي وقعت على الحدود منذ فجر اليوم. هل تريد الاطلاع عليه الآن؟”
أمسك تيفلون بالملف الذي قدّمه الجندي، ونظر إلى روزيتا قبل أن يبدأ بقراءة الأوراق بعناية، رغم أنها لم تحتوِ على معلومات ذات قيمة.
“هل تريد سيجارة؟”
فتح الجندي علبة السجائر وعرضها. مدّ الرائد هارتر، الذي بدا متعبًا، يده. عندما وضع السيجارة في فمه، أشعلها الجندي على الفور. وبينما يدخّن، ضرب تيفلون خدّ المرأة برفق بطرف السوط. فجأة، ضحكت المرأة بهدوء وتمتمت:
“لم تدخن، أليس كذلك؟ كنت تكره الرائحة، ألستَ من قال إنها كريهة؟”
“ما زلتِ لم تستعيدي رشدكِ.”
“هل تظنّ أنني جئتُ إلى هنا بعقلٍ سليم؟ جئتُ بنية واحدة، قتلكَ. هل تعتقدُ أنني، بعد أن عرفتُ بخيانتك، كنتُ سأظلّ عاقلةً طوال هذا الوقت؟”
“إن لم تتحدثي عن معلومات جيشكِ، فلمَ لا تصمتين؟ أم تريدين مساعدة؟”
“ابتعد! لا تلمس جسدي!”
كان هنا بأمرٍ من العقيد كايرام لمراقبة الحوار بين الرائد وهذه المرأة. لكن، ما الذي يمكن الإبلاغ عنه؟ مجرد امرأة مجنونة تُفرغ غضبها على الرائد.
عندما لامست يد الرائد خدها، هزّت رأسها برعب. لكنه لم يتراجع، بل أمسك بفكها بقوة وثبّتها.
“أغلقي فمكِ. صبري له حدود.”
لأول مرة، بدا وجه الرائد هارتر، الذي كان دائمًا هادئًا كأنه بلا حياة، متجهمًا بعدم الرضا. هذا أثار بعض الفضول. كان هناك شكٌّ بسبب علاقتهما القديمة.
لكن، عندما رأى المرأة تحاول البصق على وجه الرائد رغم مقاومتها، تبدّدت كل الشكوك. الرائد هارتر كان قد حصل على مكانته في جيش فالين بفضل تقديمه معلومات مفصلة عن قناصي جيش نياميت، وبالطبع، كانت هذه المرأة إحدى من خان.
‘رفقة؟ لا شيء من هذا القبيل.’
“أيها الرائد، لنخرج قليلًا. العقيد كايرام ينتظر.”
لم يعد هناك داعٍ لمراقبتهما، فمنع الجندي الرائد من إمساك السوط.
“اتركها وحدها. أخبر الحراس أن ينتظروا عند مدخل القبو. انتظرني حتى أعود. لا داعي لاستفزازها.”
“حسنًا، سأنقل الأمر فور صعودي.”
“جيد. اذهب.”
ودّعت روزيتا الرجلين اللذين كانا يغادران القضبان بتحية بريئة:
“آمل ألا أرى وجهكَ مجددًا. مُت يا تيفلون هارتر.”
“للأسف، لن أحقّق أمنيتكِ الآن. سنلتقي قريبًا.”
“آه، لمَ لا؟ ألا يمكنكَ قتلي الآن؟”
نظر إليها بسخرية، ثم أنهى الحوار بحركة خفيفة من ذقنه. حدّقت روزيتا في ظهره وهو يبتعد. عندما اختفى وتلاشى صوت خطواته خارج الباب، تدلّى رأسها بلا قوة.
إننالأسوأ. كل شيء مدمّر.
شعرت بالخزي من حالتها، لكنها لم تندم. حتى لو عادت بالزمن ساعات قليلة، ستختار روزيتا الخيار ذاته. لم يعد لديها أي تعلّق. كانت مستعدة لقبول الموت القادم.
كيف ستقتلني، إذن؟
هذا هو السؤال الوحيد الذي شغل بال روزيتا.
* * *
صعد تيفلون الدرج وهو ينظر إلى الأمام. تردد صوت خطواته المنتظمة في ممر القبو. الجنود الذين يحرسون مدخل القبو رفعوا التحية بحركات منضبطة. ردّ عليهم بإيماءة مقتضبة، ثم واصل خطواته الثابتة.
وصل إلى الأرض. ابتعد عن الفضاء المشبع برائحة دم روزيتا، لكن رائحة غرفة التعذيب ظلت عالقة في أنفه. رائحة الصدأ في القضبان، العفن المنبعث من الدم المتخثّر، رائحة العفن المائي… رائحة الموت.
شعر وكأن شوكة عالقة في حلقه، فخلع قبعته العسكرية. خفّف قبضته التي كانت مشدودة دون وعي، ورفع بصره الذي كان متدليًا قليلًا. عيناه، اللتان كانتا تعكسان الارتباك، عادتا إلى هدوئهما المعتاد.
“يا لها من ليلةٍ شاقة، أيها الرائد.”
الجنود الذين كانوا يتلصّصون عند مدخل القبو حيّوه بينما يسترقون النظرات إلى الخلف. توقف تيفلون، الذي كان متجهًا إلى مقر العقيد كايرام، للحظة. رجل قادم من الجهة المقابلة لاحظه ولوّح له.
“كيف كان الأمر؟”
سأل الرائد كابون بعينين تلمعان بحماس. تجعّد جبين تيفلون لرؤية وجهه المبتهج. الجنود الذين تبعوا كابون توقفوا على مسافة مناسبة، يسترقون النظرات إلى هناك.
─────────────────────
لا تنسوا الضغط على النجمة أسفل الفصل ⭐ وترك تعليق لطيف 💬✨
حســاب الواتبــــاد:
أساسي: Satora_g
احتياطي: Satora_v
انستــا: Satora_v
───────────────
قوة الأرواح والقلوب ذكر الله علاّم الغيوب 🌱:
– سُبْحَانَ اللَّه 🪻
- الحَمد لله 🪻
- لا إله إلا الله 🪻
- الله أكبر 🪻
- لا حَول و لا قوة إلا بالله 🪻
- أستغفِرُ الله الْعَلِيُّ الْعَظِيم وَأَتُوبُ إِلَيْهِ 🪻
– لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ 🪻
– الْلَّهُم صَلِّ وَسَلِم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد 🪻
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"