كانت ساي على وشك السّؤال، لكنّها أحسّت بتغيّرٍ في الجوّ فجأة.
بنجامين وضع يدَه بجوار وجهها.
تَدَحرجَت كرةُ الكريستال على السّرير نتيجة الحركة المفاجئة. وراح بنجامين يُمرّر أصابعه بين خصلات شعرها المتناثرة. أطراف أصابعه الدّافئة لامست شحمة أذنها.
أنفاسُه اقتربت منها.
كان بوسعها أن تقول لا. ولو فعلت، لتوقّف بنجامين لا محالة.
لكنّها لم ترد ذلك.
ساي استسلمت للحرارة الّتي أحاطت بها، وأغلقت عينيها.
وفي تلك اللحظة، دقّ أحدهم الباب.
طَرق! طَرق! طَرق!
“صاحب السّموّ الدّوق، وصلت رسالةٌ عاجلة من العاصمة الإمبراطوريّة.”
كان صوت سليزر، مساعده. تنفّس بنجامين بتنهيدةٍ غير راضية، ثمّ التفت بصمتٍ من جديد نحو ساي.
كانت نيّته الواضحة أن يتجاهل الطّرق، لكن ساي رَبّتت على كتفِه برفق.
“إن كان الأمر عاجلًا، فالأفضل أن تسمعه أوّلًا.”
وحين ألحّت عليه، نهض بنجامين أخيرًا.
فتح الباب قليلًا، بالكاد.
تبادل بعض الكلمات القصيرة مع الرّجل الواقف بالخارج، ثمّ عاد إلى ساي وعلى وجهه شيءٌ من الأسف.
“لقد استدعوني إلى العاصمة. لا بدّ أن أذهب.”
“متى عليك أن تُغادر؟”
“حالما أُكمِل الاستعدادات. لن تريني لبعض الوقت.”
“كم سيستغرق الأمر؟”
سألت ساي، فأجابها بنجامين بنبرةٍ حاسمة.
“سأحرص على العودة خلال أسبوع.”
كانت أراضي دوقيّة ريفرستا تمتدّ من العاصمة حتّى الحدود الشرقيّة. ومع أنّ الدّوق يملك عدّة منازل قريبة من العاصمة، إلّا أنّ المنزل الّذي تقيم فيه ساي كان يبعد عنها قليلًا في الشّرق.
فقط الذّهاب إلى العاصمة يتطلّب وقتًا طويلًا.
“لا بأس إن لم تستطع الإسراع كثيرًا يا بنجامين. إن كان لديك ما يجب أن تُنجزه، فلا داعي للعجلة.”
“أفعلُ هذا لأنّني أُريد ذلك. لقد كنتُ كثيرًا ما أترك الأرض بسبب حملات القضاء على الوحوش، أمّا الآن، وقد استقرّ الوضع، فأُخطّط للبقاء فيها أكثر.”
كانت دوقيّة ريفرستا تَعمل بسلاسةٍ حتّى في غياب حاكمها، لكنّ هذا لا يعني أنَّ غيابه كان أمرًا جيّدًا.
وجودُ الدّوق وحده كان رمزًا مهمًّا.
‘كلامٌ منطقيّ.’
هزّت ساي رأسها بصمت.
“حسنًا، أتمنّى لك رحلةً موفّقة، بنجامين.”
ردّت ساي بهدوء، فتردّد بنجامين قليلًا ثمّ سَعَل سُعالًا مُصطنَعًا، كأنّ لديه ما يُريد قوله. فسألته ساي.
“ما الأمر؟”
“أنتِ لا تبدين متأثّرةً برحيلي…”
بصوته الجادّ ونبرته الرّصينة الّتي يصعب الاقتراب منها، قال كلماتٍ تشبه كلمات الأطفال. نظرت إليه ساي.
‘لطيف.’
فكّرت في الأمر فجأة، لكنّها أخفت شعورها وقالت بلهجةٍ تُواسيه:
“بالطّبع أنا متأثّرة. لكنّني أعلم أنّك مضطرٌّ للذّهاب. إن كانت هناك أمورٌ لا يمكن إنجازها إلّا بوجودك، فلابدّ من ذلك، أليس كذلك؟”
“إذًا، عندما أعود، سنُكمل ما لم نستطع إكماله اليوم.”
وقف بنجامين وهو يُلقي بكلماتٍ ذات أثر.
حين قال ذلك، استعادت ساي وعيها فجأة وتذكّرت ما كان يجري قبل قليل. لكنّ بنجامين كان قد اختفى سريعًا.
احمرّ وجهها خجلًا، ودفنت رأسها تحت الغطاء في الغرفة الخالية.
تَدحرجَت كرة الكريستال من جديد إلى داخل الغطاء، وظلّت تُومِض بريقًا هادئًا، غير عالمةٍ بما يدور في خاطر ساي.
****
في زاويةٍ منعزلة من الجناح الخارجيّ لقصر دوقيّة ريفرستا.
كانت الملابس النّظيفة مُعلّقة على حبال الغسيل الطويلة.
“كيف تجرؤ على إعطائي مثل هذا العمل!”
صرخت بيتي بصوتٍ ممتلئ بالغضب.
طاخ! سقطت كومة الغسيل على أرضيّة ساحة الغسيل محدثةً ضجّة.
انسدلت خُصلات شعرها الأحمر المتموّج المنفعل على جسدها المتحرّك بانفعال. كان من الأفضل أن تربط شعرها أثناء العمل، لكنّ بيتي لم تكن لتتخلّى عن جمالها.
نظرت إلى يديها.
أظافرُها الّتي كانت مصقولة ومُلوّنة قد تشقّقت وتضرّرت من العمل الشاقّ.
معاصمُها وأصابعها، الّتي كانت تتزيّن بألوانٍ من الجواهر، لم تَعد تحمل شيئًا الآن.
كانت بيتي خادمة، لكنّها ومنذ أن حصلت على بعض النّفوذ، لم تقُم بأيّ عملٍ شاقّ.
حين أدركت أنّ سيّدتها ساي ليست سوى لعبةٍ في يدها، صارت تستعمل العطور والمستحضرات الأفضل منها دائمًا.
ولم تكن تحتمل الآن ما آلت إليه حالها.
“كانوا يتملّقونني وينادونني بلقب ‘الخادمة الكريمة’، والآن يُعطونني هذه الأعمال الحقيرة؟”
كانت بيتي الخادمة الرئيسيّة الّتي جاءت مع ساي من منزل ألانترا.
شعرها الأحمر اللّامع، شفاهُها المُمتلئة، صدرُها البارز، والشّامة أسفل شفَتها… كانت ترى نفسها دومًا ساحرةً بما يكفي لجذب أيّ رجل.
وقد نالت ما تُريد.
فقد كانت الخليلة السّرّيّة للكونت ألانترا نفسه.
زوجة الكونت توفّيت منذ سنوات. وبناءً على طلبه، وبهدف الحفاظ على السّمعة، لم يُعلن الأمر، لكنّه احتضنها سرًّا لعدّة أعوام.
كانت تكره أن تُدعى خليلة. فكانت تُفضّل تسميتها حبيبة أو عشيقة.
كما كانت تُحاول نسيان أنّ علاقتها بالكونت بدأت حين كانت زوجته لا تزال حيّة.
لكنّها لم تكن تطمح لأن تُصبح الكونتيسة.
فقد كانت تعرف مكانتها وحدودها، كما كانت تدرك أنّ الكونت رجلٌ صارمٌ للغاية في اختياراته.
ثمّ إنّها، حين كانت شابّة ساذجة، أحبّت الكونت بصدق.
وكانت تُواسي نفسها بأنّها الأقرب إلى قلبه.
حين عيّنها الكونت خادمةً خاصّة لابنته ساي، وأمرها بمراقبتها، ضمّها إلى صدره وهمس لها:
“أنتِ أكثر من أثق بها، يا بيتي. تعلمين هذا، أليس كذلك؟”
ثم أضاف بلطفٍ ساحر:
“ناديني ويليام عندما نكون بمفردنا.”
حين سمح لها بمناداته باسمه، شعرت بسعادةٍ غامرة. أمام الآخرين، كان عليهما التزام الرّسميّة، لكنّها في عالمهما الخاص، كان ويليام رجلها.
ابنة زوجته الرّسميّة. تلك الّتي يُفرّق بينها وبين من يُحبّ.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"