「ألكسندر صامويل فون دويتشلان يُعلن أمام الجميع أن أوفيليا قد شربت الشاي المسموم معه.」
كانت هذه دعوى بأن السم لم يتناوله وحده.
لقد كانت كلمات أطلقها لحماية أوفيليا.
لكن وبشكل مدهش، بدأت القصة تنحرف في اتجاه غريب.
النبلاء الذين كان قد ترسخ في أذهانهم بالفعل أنها “جاسوسة”.
ما لفت أنظارهم لم يكن سوى الدوق لويد الذي بينما كان الجميع يعودون مسرعين إلى القصر الإمبراطوري عند سماعهم خبر استيقاظ الإمبراطور، آثر هو أن يرجع بصمت إلى إقطاعيته.
وقد ادّعى أنه لم يسمع بالخبر، لكن الناس حملوا الأمر على محمل آخر.
أليس هو مستحضر أرواح الماء، المتخصص في الشفاء؟
ألا يحتمل أن يكون هو متواطئًا مع تلك الجاسوسة؟
ربما جعل الإمبراطور يشرب السم دون شك، ثم ساعدها على الهرب.
ثم إن الدوق لويد سبق له زيارة مملكة هيليبور من قبل، أليس كذلك؟
وفوق ذلك، فإن دوقيته متاخمة لمملكة هيليبور، فليس عسيرًا عليه أن يلتقي بها سرًّا.
إذن، فهل تكون الجاسوس الحقيقي مجرد امرأة مثل أوفيليا؟
‘هكذا إذن بدأت تهمة الخيانة.’
راحت إيزابيلا تقرأ بسرعة ما يأتي بعد ذلك.
التوتر بين الدوق لويد والقصر الإمبراطوري أخذ يشتد شيئًا فشيئًا.
كان الدوق يظن أن هذه مجرد شائعة سخيفة ستزول سريعًا، فلم يتخذ أي إجراء حازم.
وكان ذلك التهاون خطأً.
الإمبراطور الذي أخذ الشك يزداد في نفسه تجاه الدوق، شعر بخيانة مريرة.
وعندما حاول الدوق متأخرًا أن يزيل هذا الالتباس، أعرض عنه الإمبراطور.
كتب الدوق عدة رسائل وأرسل مبعوثين، لكن الإمبراطور كان يمزق الرسائل بلا رحمة ويطرد الرسل.
لقد كان الدوق لويد حتى ذلك الوقت موضع ثقة عميقة من الإمبراطور، حتى أن بقية النبلاء كانوا يغبطونه على تلك الحظوة.
كانا صديقين لا يفترقان.
ولهذا، فإن موقف الإمبراطور هذا لم يربك الدوق وحده، بل أربك النبلاء كافة.
‘هذا لا يشبه الإمبراطور.’
ذلك كان رأي الجميع، لكن لم يجرؤ أحد على النطق به.
فلا أحد يستطيع الدفاع علنًا عن شخص يُظن أنه خان الإمبراطور.
وهكذا تعمّق الصدع بينهما، وفي النهاية في السنة 706 من التقويم الإمبراطوري، وقع الحادث.
***
“أخيرًا، جلالتك قبلت بلقائي.”
“لا أريد سماع كلمة واحدة تخرج من فمك أيها الوغد!”
كان الإمبراطور رغم أنه وافق على اللقاء، قاسيًا على نحو يثير الدهشة.
وقد بدا وكأنه نفسه لا يصدق ما يقوله، وهو يقطب جبينه كما لو كان يعاني صداعًا شديدًا.
وكانت هناك امرأة تمسح برفق على شعره وتضع حبة عنب في فمه.
“مولاي، إن كنت متعب للغاية، فليس ثمة حاجة لإجهاد نفسك.”
من كانت تهمس بذلك، قائلة إنه لا داعي للحديث مع الدوق، لم تكن سوى الإمبراطورة.
فنظر إليها اادوق لويد بوجه بارد قاسٍ.
“كنت أتوقع حديثًا على انفراد، لكن يظهر أنني كنت مخطئًا.”
“ومن يدري أي هراء قد تتفوه به!”
“أتراني من أولئك الذين يحجمون عن الكلام لمجرد وجود جلالة الإمبراطورة؟”
أطلق الدوق تنهيدة صغيرة على كلمات الإمبراطور.
“أنت تعلم أكثر من أي شخص أنني لست من هذا الطراز.”
كان في نبرته صدق يائس جعل الإمبراطور يطلق أنينًا.
ربما شعر أن كلماته أصابته في مقتل، أو لعل الصداع فاجأه من جديد.
منذ أن تناول السم مع أوفيليا وانهار، والإمبراطور يعاني من صداع مبرح.
أحيانًا كان يصل به الألم إلى حد فقدان الوعي.
كان وعيه يغيب، ثم يصحو ليجد نفسه في مكان آخر، يقوم بأمور أخرى لا يذكر عنها شيئًا.
ذاكرته في تلك الفترات كانت تتبخر.
وقد كان يخشى حالته هذه، ولا يستطيع أن يبوح بها لأحد لأنه إمبراطور.
فقط الإمبراطورة لاحظت حالته، ومدت له يدها.
كانت دائمًا ترافقه وتكمل له الفجوات التي لا يتذكرها.
وقد ظن الناس بعد حادثة أوفيليا أن العلاقة بين الزوجين توثقت أكثر، بينما الحقيقة أن الإمبراطور لم يجد من يعتمد عليه سوى الإمبراطورة.
ولم يكن بمقدوره أن يبوح بعقله المترنح لأي شخص آخر، خوفًا من أن يُستغل ذلك ضده.
“حسنًا إذن. سواء كانت جلالة الإمبراطورة هنا أم لا، فسأقول ما جئت لأقوله.”
قال الدوق بوجه فيه مسحة يأس.
“أوفيليا ماتت.”
“…..!”
“قبل ست سنوات، بعد أن شربت السم مع جلالتك، ظلت تعاني حتى ماتت قبل عامين.”
ارتعشت نظرات الإمبراطور، واشتد صداعه فجأة، كأن عقله يحاول الصمود أمام شيء ما.
“مهلاً، هذا يعني……!”
“أجل.”
قطع الدوق كلامه قبل أن يتمه.
وبلمح البصر، رمق الإمبراطورة بنظرة حادة.
لحسن الحظ، كانت منشغلة بالنظر إلى الإمبراطور، فلم تلحظ نظرة الدوق.
فأضاف بصوت خافت:
“أنت أكثر من يعرف ما الذي فقدته.”
“آه……! آآخ…….”
ارتجفت أصابعه وهو يطلق تنهيدة، ثم أمسك رأسه بألم من شدة الصداع.
فتدخلت الإمبراطورة تسأله بغضب:
“مهلاً، أتقصد أنك كنت على علم بمصير تلك المرأة ولم تخبرنا؟”
لكن الدوق حنى رأسه قليلًا وقال:
“سأوضح ذلك لجلالتك في وقت آخر. أنا لم آتِ إلى هنا إلا لأقابل جلالته.”
كانت كلماته فظة، لكن الجميع في الإمبراطورية يعلمون أن هذه طبيعته.
شعرت الإمبراطورة بالاستياء، لكنها لم تستطع أن تُظهر غضبها.
فعاد الدوق ببرود ينظر إلى الإمبراطور وأضاف:
“وأمر آخر… أنت تتعرض للاستغلال.”
“ماذا……؟”
“أتظن أن ذلك الصداع مجرد أثرٍ من السم؟”
ارتجف وجه الإمبراطور من كلمات الدوق لويد، واضطرب بريق عيني الإمبراطورة.
“أنا أقول إن هناك من ألقى عليك تعويذة.”
“ماذا تقول……!”
ركز الدوق بصره على الإمبراطور، فلم يرَ ارتجاف عيني الإمبراطورة.
“هراء لا يصدق!”
لم يكن أمامه إلا صديقه الإمبراطور الغارق في ضيق صدره.
“إنها ليست كذبة…….”
“أأنت تحاول الافتراء عليّ الآن؟!”
“أنت واقع تحت لعنة روحية يا أليك، أيها العنيد اللعين!”
كان الدوق لويد قد كبح نفسه طويلًا، لكنه في النهاية تفجر غضبًا.
رفع صوته في وجه صديقه القديم الذي يضيق صدره بتصرفاته.
مزج بين لقب وشتيمة لا يجرؤ عليها إلا صديق مقرب.
لقد كان موقفًا فظًا بلا شك، لكن لما في كلامه من خطورة، لم يجرؤ أحد على مؤاخذته.
لم يكن في القاعة سوى الإمبراطور والدوق لويد والإمبراطورة واثنين من الكتبة، ومع ذلك لم ينبس أحد بكلمة.
“الدوق ينطق بأمر جلل حقًا.”
كانت الإمبراطورة أول من كسر الصمت.
“أوووه…….”
“مولاي، لا تصغِ إلى كلماته. إنه لا يزيدك إلا وجع رأس بكلام فارغ.”
كانت تضغط على صدغَي الإمبراطور الموجوع وتمسح ظهره وهي تقدم له ثمرة أخرى.
“الأفضل أن تُعاقَب هذه الوقاحة التي تتفوه بأباطيل.”
همست في أذنه.
“من المؤكد أنه يحاول إثارة البلبلة ليخفي صلاته بمملكة هيليبور.”
“هاه، أما ترين أن قولك هذا صادم يا مولاتي؟”
“الزم حدودك أيها الدوق!”
تبادلت الإمبراطورة والدوق كلمات حادة.
لكن الإمبراطور الذي كاد رأسه يتشقق من الصداع، لم يسمعها.
“جيرميان، أنت…….”
نظر الإمبراطور إلى صديقه الذي يتفوه بما لا يُعقل، وارتسمت على وجهه إبتسامة من الألم.
صرخة الدوق الصادقة.
الأصوات التي تطن في أذنه.
وعقله الغارق في ضباب كثيف.
كل ذلك اختلط، فمزّق دماغه تمزيقًا.
“أليك! تماسَك! أنت لست ضعيفًا لهذه الدرجة!”
“مولاي.”
وبينما كان الدوق ينطق، داعبت أذنه همسة الإمبراطورة.
وضعت في فمه ثمرة صغيرة من العنب.
ثم……
دق!
خفق قلبه كطبلة مدوية.
“اقضِ عليه. إن كانت روحك حقيقية، فبوسعك معاقبته هنا الآن.”
ومع همسها، انفجرت نار من أطراف أصابعه.
لقد استُدعيت روحه النارية.
“م-ما هذا……!”
ارتبك الإمبراطور.
صحيح أنه عانى مؤخرًا من صداع واضطراب، لكن لم يكن عاجزًا عن السيطرة على روحه.
على الأقل، كان يظن ذلك.
“كوااااا!”
“كييييي!”
جنّت أرواحه وبدأت تهتاج.
إنه روحاني من المستوى الأعلى، بل أعظم روحاني في عصره.
أربعة من إيفريت خاصته صرخوا، فأحرقوا وحطموا كل ما أمامهم.
ثم انضمت إليهم إغنيس وكاسا.
وكانت النتيجة أفظع من ثورة فيلق كامل من فرسان القصر.
“تبًّا، اللعنة! إيلايم!!”
تفجرت شتيمة من فم الدوق لويد وهو يستدعي أرواحه.
لكن العدد لم يكن كافيًا.
وقوته لم تكفِ.
هذه لم تكن إيفريت المعتادة.
“كوااااع-!”
وكأنها لا تستطيع احتواء قوتها، راحت تفرغها بهستيريا.
وكانت أربعة منها دفعة واحدة.
لم يكن بوسع اثنين من إيلايم أن يصدوا ذلك.
“أليك! أفق يا رجل!”
هربت الإمبراطورة والآخرون من المكان.
لكن الدوق لم يستطع أن يرحل.
“لماذا الأرواح…… أووه، رأسي……! آآآخ……!”
إنه صديقه.
من تقاسم معه أعماق قلبه، ومن كان عزيزًا عليه كأسرته.
أحمق نعم، لكنه عزيز.
كان يعلم أنه مثل كل إمبراطور، قد عاش حياة وحيدة.
لذلك لم يقدر على تركه ومغادرة المكان.
“اللعنة! وزّع قوتك! هذه ثورة أرواح!”
صرخ، لكن صوته لم يبلغ صديقًا متأرجح العقل.
النار راحت تشتد وتكبر.
تتضخم بلا نهاية.
أحاطت بالغرفة التي كانوا فيها، ثم بالقصر كله.
وابتلعت حتى أولئك الذين لم يتمكنوا من الفرار.
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات