لسع الويسكي الحارق حنجرته ومريئه، حتى تمنّى لو تقيأه في الحال، لكنه لم يستطع.
وصلت الحرارة إلى معدته، فأحسّ جسده يلتهب، وأنفاسه تلهب صدره بطعم حارق.
“كح… كح.”
اختنق وهو يبتلع قطع الثلج، فسعل مرارًا حتى كاد صدره ينفجر، وزاد ضغطه على معدته.
“ألا تجد مذاقه رائعًا؟ إنه ويسكي أُهدي إليّ من مملكة هيليبور.”
قالها فايتشي بهدوء وهو يسكب كأسًا ثانية لكارتر، حين أعاد إليه الكأس الفارغ.
وملأه من جديد… حتى فاض.
“يا… مولاي…؟”
همس كارتر بصوت مرتجف، لكن فايتشي ابتسم بعينيه نصف إغماضة وقال بنبرة ناعمة:
“أردت أن أشاركك هذا الشراب النفيس… فأنت أعزّ عليّ من سواك.”
كانت كلماته رقيقة، لكنها محمّلة بأشواك صغيرة.
“نخبك.”
رفع فايتشي كأسه، لكن كأسه لم يحتوِ سوى القليل، بينما امتلأ كأس كارتر حتى حافّته.
ثم قرع كأسه بكأسه واحتسى رشفة صغيرة، وعيناه لا تفارقان عيني كارتر.
لم يستطع كارتر أن يرفض.
ارتجفت يداه وهو يفرغ الكأس الثاني، وأطلق شهقة مكتومة وهو يترنّح.
ارتفعت الخمرة إلى رأسه فدار به المكان، وكادت ساقاه تخذلانه.
لكنه تماسَك بصعوبة وقال:
“إن كان مولاي يبحث عن رفيق للشراب… فربما أجد لك مَن يسليك أكثر مني.”
كان صوته ملؤه التضرّع، كأن عقله يرفض الاستسلام رغم ثقل لسانه.
لكن فايتشي لوّح بيده رافضًا:
“لا حاجة… أنا أردت أن أحتسيه معك أنت بالذات.”
وكان في صوته دفء يقطر مودة، لكن كارتر علم أن تلك المودة لم تكن بريئة، بل أشبه بأغنية سيرين الساحرة التي تستدرج السفن إلى الهلاك على الصخور.
“كأس ثالثة؟”
“لا، كفاني….”
رفض كارتر على عجل، حتى بدا صوته أشبه برجاء يائس.
فابتسم فايتشي راضيًا وهو يراقبه يصارع لئلا ينهار، وكأنه وجد في ضعفه متعة.
“حسنًا يا كارتر. ألا تريد أن تقول لي شيئًا؟”
ارتجف كارتر للحظة، ثم هز رأسه نافيًا:
“…لا، يا مولاي.”
“حقًا؟ لا شيء؟”
لم يجب.
لكن السؤال كان يحمل نبرة من يعرف الحقيقة مسبقًا، ويطالب بجواب محدّد.
ابتلع كارتر ريقه بصعوبة، إذ بدا له وكأنه يبتلع مع الشراب ما تبقى من شجاعته.
“لا داعي للتفكير كثيرًا. أسألك إن كان لديك تظلّم… أو مطلب.”
“…لا، مولاي.”
قالها متماسكًا بصعوبة، بينما قبضته ترتجف من شدّة التوتر وهو يتشبّث بوعيه.
“هُمم… هكذا إذن؟”
رمقه فايتشي بنظرة طويلة، كأنه يزن إخلاصه.
وعلى الرغم من أنّ كارتر يترنّح ولا يكاد يملك قواه، ظلّ فمه مطبقًا بإصرار.
للحظة فكّر فايتشي أن يسقيه أكثر ليُضعفه تمامًا، لكنه عدل عن ذلك؛ فاعترافات تُنتزع في سُكرٍ كهذا لا يُوثق بها.
أما اليوم، فلم يكن الهدف سوى تذكير بسيط وتحذير خفي.
“إذن لا بأس.”
ملأ كأسه من جديد وأضاف بنبرة عابرة:
“تذكر حديثنا السابق؟ عن المنجم.”
“تقصد منجم بيت ماكا، يا مولاي؟”
“أجل، ذاك بالذات.”
جالت عيناه الكسولتان على وجه كارتر، ثم أردف:
“سأبدأ بتنفيذه. ما رأيك؟”
“أتّبع أوامرك، يا مولاي.”
أجاب كعادته بلا تردد، لكن فايتشي قرأ في عينيه أكثر مما قاله لسانه.
“جيد… إذن استعد.”
كانت تلك إشارة الانصراف، فانحنى كارتر ببطء، ثم أسرع متعثّرًا إلى خارج الغرفة.
وبإغلاق الباب، عادت السكينة الباردة إلى المكان.
ارتشف فايتشي رشفة صغيرة من كأسه وهو يتمتم:
“لقد رُميت النرد….”
لم يبقَ سوى انتظار النتيجة.
أيسلخ كلب الصيد في الماء المغلي؟
أم يُبقيه إلى جولات صيد أخرى؟
فذلك الكلب ما زال نافعًا بعد، والأفضل أن يظل على قيد الخدمة.
وانعكس وهج النار المشتعلة على عيني فايتشي الحمراء، فتألقت بوميض مخيف.
—
معليش على الغيبه بس جيوبي الانفيه أثرت في عيوني كمان وماقدرت اتحمل شاشه التاب
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 47"