ما إن أمسكت بيده حتى وقعت عيناها على الضماد الملفوف حول معصمه، فاتسعت دهشة.
“هل أصبتَ كثيرًا؟ ما الذي جرى؟”
انطلقت تسأله متلاحقة الكلمات.
“هل كنتَ تتألم؟ أهو بسببي لأني طلبت منك الخروج؟”
“بيلا، اهدئي.”
هدّأها بسرعة وهو يراها تدور في مكانها بقلق شديد.
“لم يكن سوى التفاف بسيط وأنا أتدرب بالسيف.”
“أمتأكد أنه مجرد التواء؟ ليس كسرًا أو شيئًا أخطر؟”
“لقد عالجتني أونديني بالفعل. الضماد هذا ليس إلا لأن السكرتير بالغ في ردّة فعله، فلم أستطع رفضه.”
“حقًّا؟”
سألت إيزابيلا بصوت متهدّج كأنها هي من أصيب، لا هو.
وكانت في نظر ثيو شديدة الجمال حتى في تلك اللحظة، فما لبث أن ضحك بخفوت.
“أتريدين أن أخلع الضماد لأريكِ؟”
“لا! لا، أبقه كما هو. لقد أحسن السكرتير صنعًا، فلا أحد يدري، الأفضل أن تبقيه ملفوفًا.”
راحت تكرر كلامها بإصرار وهي تلمس بحذر معصمه المضمّد.
ثم تمتمت بصوت يفيض بالندم:
“لو علمت أنك مصاب لما أصريتُ على عنادي هذا اليوم…”
خفضت رأسها وأسندت جبينها إلى صدره.
“آسفة لما فعلته هذا الصباح، حين صدَدتُك.”
ارتجف كتف ثيو من وقع اعتذارها، إذ لم يتوقع أن تكون هي من تبادر إلى ذكر تلك الحادثة.
ولم يمنحه الوقت لطرح سؤال، إذ تابعت قائلة:
“في الحقيقة… كنت أتهيأ للقاء بكِ لأعتذر كما يجب، لذلك رتبتُ كل شيء وكأنها نزهة صغيرة.”
اتسعت عينا ثيو من الدهشة، وأراد أن يرى وجهها، غير أنه لم يرَ سوى مؤخرة رأسها المستندة إلى صدره.
وأكملت بصوت خفيض:
“لكن عندما جئت فجأة، ارتبكتُ كثيرًا فاختبأت… أليس هذا غباءً؟”
كان صوتها حزينًا لدرجة أنه بدت وكأنها تودّ أن تبتلعها الأرض.
“كنتُ قد عزمتُ أن أعتذر متى رأيتك، لكني انشغلت بخطتي، وفي النهاية لم أفعل سوى أن أزيدك حزنًا…”
رغم انكسار صوتها، وجدها ثيو غاية في الجمال، فأمسك بكتفيها برفق وأبعدها قليلًا، ثم رفع ذقنها ليجبرها على النظر إليه.
“لا بأس.”
همس مبتسمًا، لكنّها أخرجت شفتها السفلى باعتراض.
“لا تقل لا بأس وأنا أعلم أنك لست بخير. إن كنت حزينًا قل إنك حزين. وإن لم يعجبك شيء قل إنه لا يعجبك. وإن كنت غاضبًا فأخبرني. أنا غبية بعض الشيء فلا أفهم إلا إن قلتَ لي.”
“كاذبة.”
قالها بنبرة مازحة، رغم أن صوتها كان جادًا حين تحدثت.
“أنتِ تعرفين ما يدور بذهني حتى وإن لم أبح به.”
“…..”
لم تستطع أن تجادله، لأنه كان محقًا.
خشية أن يكون مزاحه قد بدا ثقيلًا، استدرك قائلًا:
“صحيح أنني ارتبكت هذا الصباح. لقد خفتُ أن تكوني لا تريدين حتى رؤية وجهي.”
أخبرها بما في صدره بصدق، كما كانت تريد.
لم يكن الأمر سهلًا، لكنه وجد في سؤالها جرأةً دفعته للاعتراف.
“لكن الآن… لم يعد الأمر كذلك.”
مسح برفق على خدها وأردف:
“صدقيني. أعلم الآن أن الأمر لم يكن كذلك.”
كرر تطمينها كي يبدد قلقها.
ومع ذلك لم تفارق الكآبة ملامحها، وهو يعلم أن ذلك من شعورها بالذنب.
فأمسك بيدها وسألها:
“قلتِ إنك كنتِ تجهزين للقاء؟”
“نعم.”
“إذن ما كان يقوله أخي عن لقاء عاجل…؟”
“أنا من طلب منه ذلك. أردت أن يفرغ وقتك فلا تنشغل بشيء آخر.”
“آه… إذن دعوة الغداء غدًا لم تكن من أخي، بل منكِ أنتِ.”
“بالضبط.”
ضحك ثيو بخفة.
فقد أدرك الآن سبب التفاف أخيه وكلامه الموارب وكأن الأمر ليس خطيرًا، مع أنه كان يخفي شيئًا آخر.
“ألم يزعجك الأمر؟ لم أقصد خداعك… أو ربما فعلت بطريقة ما.”
تلعثمت وعضّت شفتها السفلى بخجل، لكن ثيو قطع عليها ترددها:
“لا تقلقي. لم يزعجني ذلك.”
ثم جذبها قليلًا باتجاه النافورة:
“إذا، ماذا أعددتِ؟ أريني.”
“حسنًا! اتبعني!”
عادت إليها حيويتها المعهودة، وأمسكت بيده تقوده.
***
الفصل الجانبي 5. كأن كل شيء قد فشل، لكنه لم يفشل
أول مكان قصده الاثنان كان مقهًى صغيرًا.
ولأن الوقت الذي التقيا فيه كان قد تجاوز الظهيرة بكثير، افترضت إيزابيلا أن ثيو تناول غداءه بالفعل، ولهذا اختارت المقهى.
‘اذهبي أولًا إلى فرع المقهى السحري الثاني. لقد طلبتُ أن يُفرغوا الطابق العلوي.’
كان ذلك جزءًا من تعليمات كاساندرا التي طلبت منها أن تماطل قليلًا هناك بينما تجهز هي بقية الترتيبات.
ولأن المقهى ملك لنقابة التجارة باتوكا، لم يكن من الصعب على كاساندرا بصفتها صاحبة النقابه أن تُخلي طابقًا كاملًا.
غير أن إيزابيلا ما إن وصلت إلى المقهى حتى أدركت أنها ارتكبت خطأً.
*****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 152"