كانت له علاقات متعدّدة، لا يُدرى أهي حبّ أم غير ذلك، لكن لم يكن له ولد.
قال وليّ العهد وهو يلتفت إلى الماركيزة مولان:
“ماركيزة مولان، لا أظنّكِ أردتِ أن تتفوّهي بسخافات لا معنى لها.”
ثمّ منحها مرّة أخرى حقّ الكلام:
“ما الذي أردتِ قوله؟”
أجابت الماركيزة:
“لقد تجاوزت الأمر لأنّه بدا لي غريبًا. وكما قلت قبل قليل، لم أسمع سوى كلمات قليلة متفرّقة، ولم تكن مترابطة بحيث يمكنني تخمين المعنى.”
‘إذًا تلك الكلمات المبعثرة تجمّعت لتشكّل معنى واحدًا بسببي.’
أدركت إيزابيلا أنّ من حسن فعلها أنّها سلّمت هذا الأمر الغريب إلى الماركيزة مولان.
قالت الماركيزة:
“غير أنّني الآن أشعر أنّ كلّ شيء بدأ يرتبط بخيط واحد.”
فسألها وليّ العهد:
“بخيط واحد؟”
إلحاح وليّ العهد عليها جعلها توضح أكثر:
“كنت أظنّ أنّ مستحضرة ارواح بيت ماكا كانت متحالفة مع أمير هيليبور. لكن بعد أن سمعت كلام سموّ وليّ العهد، تبيّن لي أنّ هذا كان سبب ارتباكي منذ البداية.”
الإمبراطور الملقى في فراشه كان يتجرّع السّم منذ زمن طويل.
مشهد وليّ العهد وهو يواجه الإمبراطورة بشأن ذلك، والإمبراطورة تتوسّل مؤكّدة براءتها…
لكن، هل كانت حقًّا بريئة؟
عندها أعادت ماركيزة مولان التفكير:
ذلك الصندوق الذي كان يُتبادَل…
“من كان يتواطأ مع الأمير هيلّيبور لم تكن مستحضرة الأرواح لبيت ماكا.”
ثمّ وجّهت بصرها نحو فايتشي.
لو كان الخائن هو فايتشي، لتوافقت كلّ الأمور حتى محاولة اغتيالها يومها لإسكاتها.
وآخر قطعة من اللغز: السبب الذي دفع فايتشي لفعل ذلك، ولماذا أقدمت الإمبراطورة على فعلتها.
كلّها استقرّت أخيرًا في ذهن الماركيزة مولان.
ما كانت إيزابيلا قد رأته سابقًا غير معقول، لكن منذ حضورها اليوم بدأ يبدو وكأنّه الحقيقة.
قال فايتشي بدهشة ممزوجة بالغضب:
“ماركيزة مولان، أتراكِ تشكّين بي؟! أيّ هراء هذا! ألست أنا من اكتشف أنّ تلك الصفقات المشبوهة تجري هناك وطلبت المساعدة؟ أم نسيتي ذلك يا ماركيزة؟”
كلّما ارتفع صوته، ازدادت نظرات الماركيزة برودة.
“ولأيّ سبب سأخون الإمبراطوريّة؟ تكلّم بما يعقل!”
وهي تصرخ غاضبة إذ همّ أحدهم بالهمس:
“ابن…”
ذلك الهمس الضعيف دوّى كالصاعقة.
ساد الصمت القاعة، حتى الأنفاس خمدت.
وكانت صاحبة الهمس بلا شكّ إيزابيلا.
حدّقت في فايتشي بوجه جامد كالجليد، ثمّ قالت بهدوء:
“بعد أن علمت مؤخرًا بشأن والدتي، بدأت أبحث في أمرها وأصلها أيضًا.”
أنصت الحاضرون كلّهم لها.
“وعرفت الكثير عن المملكة، وعن الزيارة التي جرت قبل عشرين عامًا، وأدركت أشياء ما كان ينبغي لي أن أدركها.”
اهتزّت نظرات الإمبراطورة.
لم يخطر لها هذا قطّ.
لم تترك في الإمبراطوريّة أيّ أثر، فقد أحكمت إخفاء كلّ الدلائل.
لكن المملكة؟ هل يمكن أن يكون ذلك الأمير المهمل قد تسبّب بفضح الأمر؟
لم تكن تدري ما الذي عثرت عليه إيزابيلا، فلم تستطع أن تجيب فورًا.
‘في الحقيقة… لم أجد شيئًا.’
كلّ هذا علمته في حياتها السابقة، لكنّها لن تشارك أحدًا بهذا.
قالت بنبرة حذرة:
“أسألك سؤالًا صريحًا يا مولاتي الإمبراطورة، هل سموّ الأمير حقًّا من سلالة جلالته؟”
صرخت الإمبراطورة بغضب عارم:
“كيف تجرئين على قول هذا الكلام الفاسد!”
ثمّ التفتت إلى وليّ العهد:
“يا سموّك! لا أستطيع أن أتحمّل هذه الإهانة أكثر! هؤلاء تعمّدوا افترائي! لقد تآمروا مع الأمير هيلّيبور، وبعد أن أساؤوا إليّ وأنا الإمبراطورة أمّكم، ها هم الآن يريدون النيل منّي ومن ابني!”
واندفع فايتشي هو الآخر يصرخ غاضبًا.
لكن في تلك اللحظة دوّى صوت رجل في القاعة عبر أداة سحريّة كان يحملها جوشوا:
“سأدعمه. فأنا أرى أنّ الإمبراطوريّة يجب أن تكون في يد الأمير فايتشي.”
صدر الصوت عن رجل في منتصف العمر.
“لأنّه يفهم مملكتنا، ويقبل السحر، ويقرّ بالعبوديّة، فهو أصلح من يكون للإمبراطوريّة…”
فإذا بإيزابيلا تقاطع الصوت ببرود:
“كفى تزيينًا للكلام.”
أدرك الجميع أنّها هي من قاطعه، فصوتها كان آخر ما سمعوه.
ثمّ جاء ما هو أدهى، إذ انكشف المتحدّث الحقيقي في اللحظة التالية:
“قلها صراحة يا أمير.”
أمير هيلّيبور.
تلا ذلك كلام جعل الجميع يذهلون:
“أريد أن أجعل ابني إمبراطورًا للإمبراطوريّة.”
كانت تلك الجملة تتردّد في ذهن للماركيزة مولان، فهي عين ما استنتجه قبل قليل:
‘الأمير هيلّيبور… يريد أن يجعل ابنه إمبراطورًا.’
فصرخ أحدهم:
“هذا كذب…!”
“هاهاهاها! نعم، هذا ما كنت أريده!”
أراد فايتشي أن يتكلم، لكن ضحكة عالية وقوية ملأت القاعة مجددًا.
“صحيح، كل ما قلتهِ صحيح. لا يمكن أن تكوني تجهلين ما كانت تعرفه تلك العبدة!”
ثم تتابعت كلمات الأمير هيلّيبور.
وعندما وصل إلى الجزء الذي يذكر فيه أنّ إيزابيلا هي ابنة أوفيليا إلادور، أطفأ جوشوا الأداة السحرية.
قال بهدوء:
“هذا تسجيل لما جرى في ذلك اليوم.”
لم يكن جوشوا قد اشترى من الساحر جهاز تشويش السحر فقط، بل اقتنى أجهزة أخرى أيضًا، وكان جهاز التسجيل هذا أحدها.
واستخدامه في ذلك اليوم في الغابة كان خطوة عبقرية.
ثم سلّمه إلى وليّ العهد عبر أحد الخدم.
“أقدّم خالص اعتذاري لعدم تقديمه في الحال.”
لقد تعمّد التأخير لأنّ الأمر كان على قدر كبير من الخطورة.
أخفى التسجيل عمدًا ليستخدمه حين تثار مسألة أصل فايتشي.
فلو سلّمه لوليّ العهد مسبقًا، ربما كان سيطويه ويمنع الفضيحة صونًا لسمعة الإمبراطورية.
لذلك ظلّ يخفيه منتظرًا اللحظة المناسبة، وها قد حانت.
قالت إيزابيلا وهي تنظر بثبات:
“يبدو أنّ والدتي كانت على علم بهذا الأمر أيضًا. لهذا ألصقت بها تهمة دسّ السّم؟”
صرخت الإمبراطورة وقد بدا الارتباك على ملامحها:
“أيّ كلام فارغ هذا! أتجرئين أن تقولي مثل هذا الكلام عن إمبراطورة الإمبراطورية؟!”
ثم استدارت نحو وليّ العهد:
“يا سموّك، إنّهم ينصبون لي فخًّا! هذا بلا شكّ ملفّق!”
وسارع فايتشي ليؤيّد كلامها محاولًا التخفيف من وقعه:
“أخي، هؤلاء تواطؤوا مع الأمير هيلّيبور وصنعوا هذا التمثيل! كلّه مجرّد مسرحية!”
كان يعلم أنّ التسجيل حقيقي، لكنّه ادّعى أنّه مجرّد تمثيل لإيقاعه والإمبراطورة في المصيدة.
سألت إيزابيلا ببرود:
“حقًّا لم تكوني تعرفين شيئًا؟”
ردّت الإمبراطورة غاضبة:
“وما الذي يمكن أن أعرفه؟ أيّتها الفتاة الحمقاء، أما تدركين كم هي عظيمة جريمتك لتجرّئيك على إذلال الأمير والإمبراطورة؟!”
وأثناء إنكارها المتواصل، أخرجت إيزابيلا ورقة صغيرة وقالت:
“إذن… لماذا التقيتِ الأمير هيلّيبور سرًّا؟”
ارتبكت الإمبراطورة:
“ماذا…؟!”
في الورقة كان مكتوبًا بخطّ سريع:
[الليلة في منتصف الليل. الجناح الملحق بقصر الإمبراطورة، الطابق الثاني. لا تجلب ذيولًا بلا داعٍ.]
كان الخطّ على عجل، لكن لا يخلو من لمسة رسمية.
سألت الإمبراطورة بحدة:
“ما هذا؟”
أجابت إيزابيلا بهدوء:
“يُقال إنّ هذه الورقة وُجدت في مكان إقامة الأمير هيلّيبور.”
عندها قطّبت الإمبراطورة جبينها وصاحت:
“كيف تجرّأتِ على دخول ذلك المكان؟!”
كان اعتراضها بعيدًا عن صلب الموضوع، فأجابت إيزابيلا ببرود:
“وجدته في كومة قمامة.”
صُدمت الإمبراطورة.
عندما تُنظّف الغرفة التي نزل بها الأمير، تُجمع القمامة في حاويات وتُرمى خارج القصر الملكي لتُحرق أو تُدفن.
وبما أنّها خرجت من القصر، فلم يكن غريبًا أن تعثر عليها إيزابيلا.
‘مع أنّني لم أجدها حقًّا في القمامة.’
فالذي عثر عليها كان الجاسوس الذي استولى على صندوق فايتشي.
كانت متنكّرة في زيّ وصيفة، وتطوّعت للمشاركة في تنظيف المكان الذي أقام فيه الأمير بعد مغادرته.
وكانت أول من دخل الغرفة، فبحثت في الموضع الذي ذكرته إيزابيلا وعثرت على الورقة.
‘في حياتي السابقة، كانت الإمبراطورة هي من نظّم التنظيف، فوجدت الورقة وأحرقتها بيدها.’
‘ذلك الأحمق لم يتعلّم قطّ أن يحرق الرسائل فور قراءتها.’
ولا تزال إيزابيلا تذكر وجه الإمبراطورة الغاضب وهي تلقي الورقة في المدفأة.
في الحقيقة، كان الأمير هيلّيبور ينوي حرقها، والدليل أنّ الورقة الحالية عليها آثار احتراق في بعض الزوايا.
لكنّ النار انطفأت قبل أن تلتهمها، لأنّه تركها تسقط تحت أحد الأدراج بعد إشعالها وغادر.
وفي هذه الحياة، عثرت عليها الجاسوسة قبل أن تصل الإمبراطورة.
قدّمت إيزابيلا الورقة إلى وليّ العهد قائلة:
“يمكنك التحقّق من الخطّ بنفسك.”
تسلّمها وليّ العهد وتغيّر وجهه، فجمُدَت ملامحه.
وقال ببرود:
“ما السبب الذي قد يدعو الإمبراطورة إلى لقاء الأمير هيلّيبور سرًّا؟ لا أجد جوابًا في ذهني.”
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام كملفات، وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات