[الأصل عندي محفوظ، وما هذا سوى نسخة منه. فإن حلّ بي ما لا يُحمد عقباه، فليكن هذا الذخر الأخير الذي أتركه لأجل الغد.]
رسالة مظلمة، توحي وكأن الكاتب يستشعر أن ما قد يحدث له ليس ببعيد.
[أعرف ما يدور في ذهنك الآن. لكن تظاهر بالجهل.]
كانت لهجة تدل على أن أورلاندو حتمًا سيحاول التدخل، وهو يثنيه عن ذلك.
[أنت تدرك جيدًا أن للحقيقة توقيتًا.]
فالحقيقة مهما بلغت عظمتها يجب أن تُقال في لحظتها المناسبة، وفي بيئة مؤاتية.
أما حين يتقاذف الجميع الشكوك والاتهامات، فلن يصدق أحد الحقيقة حتى لو صاح بها المرء بأعلى صوته.
بل قد تُقلب الحقيقة نفسها كذبًا.
إن توقيت الحقيقة لا يقل أهمية عن الحقيقة ذاتها.
[يجب ألّا يحدث شيء… لن يحدث شيء.]
كانت جملة أخيرة لطمأنة القارئ… بل وكأنها لطمأنة الكاتب نفسه.
[ومع ذلك، أوصيك يا أورلاندو.
ما من أحد ألجأ إليه غيرك في هذا الأمر… سامحني.]
رسالة تحمل دفء المودّة، كُتبت كنداء من صديق بعيد.
وكان كاتبها ليس سوى…
[جيرميان.]
جيرميان كرونوس فان لويد.
لم يضع ختم العائلة، ولم يوقّع باسمه كاملاً، بل ترك مجرد اسم وحسب.
وكأنه شيء لا ينبغي أن يُسجَّل رسميًا.
أعادت أندريا طي الرسالة، ووضعتها داخل الظرف وأخفتها في عمق الخزنة.
“لويد…”
بدأت حدسًا يراودها.
لقد كانوا يعرفون شيئًا.
وكان ذلك الشيء مسجّلًا في هذه الأداة السحرية.
الأداة قديمة جدًا حتى صار الصوت مشوشًا، لكن ما خُزِّن بداخلها لا شك أنه على قدر عظيم من الأهمية.
وربما كان السبب في إبادة عائلة لويد.
فالأصوات المسجَّلة فيها لم تكن إلا صوت الدوق لويد نفسه… والإمبراطورة.
ومثل هذا الشيء لا بد أن يطفو إلى السطح مجددًا في المستقبل القريب.
“الإمبراطورة… هيليبور… لويد.”
كانت تحركات مملكة هيليبور مريبة، وكأنها تستعد للحرب مجددًا.
ووفقًا للعيون والآذان التي زرعتهم في المملكة، كان الجميع يتحدث همسًا: الملك سقط طريحًا، حالته حرجة، ويوشك على الموت.
والأدهى من ذلك أن ولي العهد هيليبور قد اختفى.
في ظرف عصيب كهذا، حيث كان الأولى توطيد الشؤون الداخلية، كيف يُعقَل أن يختفي الأمير؟ ومع ذلك لم يُكشف شيء للعالم الخارجي.
هذا لا يخرج عن احتمالين:
إما أن القصر الملكي أصبح في قبضة الأمير نفسه،
وإما أن المملكة فوضى عارمة بحيث تعجز حتى عن كشف هذه الحقيقة للخارج.
لكن أندريا تعرف أن الأمير يفتقر إلى القيادة، والحكمة، بل وحتى إلى ضبط النفس.
فمن المحال أن يستولي على الحكم.
إذن… لم يبق إلا احتمال واحد:
“إنها قنبلة على وشك الانفجار.”
ومتى انفجرت، فلن يسلم من شظاياها حتى الإمبراطورية.
لم تكن تملك يقينًا قاطعًا، لكن كل الخيوط المتشابكة كانت تهمس لها بأن الأمر كذلك.
“ذلك الرجل… أنا أعرفه جيدًا. لم يكن ليفعل هذا أبداً.”
تذكرت فجأة كلمات قالها لها زوجها ذات يوم.
“فما الذي كنتَ تعلمه إذن؟”
شعرت بالضيق.
ومع ذلك لم تُقدِم على إعادة شحن الأداة السحرية بالقوة السحرية، لسببين:
الأول، أن الأمر يستلزم الاستعانة بساحر. وكان في بيتها ساحر معتمد، لكن من يضمن ألّا يتسرب الكلام؟
هذه القضية ابتلعت عائلة لويد، بل ربما لم يستطع زوجها نفسه تحمّلها فاختار الصمت.
ولهذا السبب، لم تُخبر حتى داليان أقرب الناس ثقة إليها بوجود الأداة.
أما السبب الثاني، فهو أنها لم تكن واثقة من قدرتها على احتمال ما قد تسمعه.
صحيح أن صورتها أمام الناس امرأة صلبة، يظنّون أن طعنها لا يُسيل دمًا، لكنها في الحقيقة كانت تتكئ بكل قوتها على أكتافها لتمنع سقوط بيت ماركيز ماكا الآيل للانهيار.
وحتى تستطيع ذلك، ما كان أمامها سوى أن تقسو على نفسها وتتحمّل ما لا يُطاق.
لكن… حتى هي لها حدود.
ولهذا لم تكن تريد في أعماقها أن تعرف حقيقة ذلك التسجيل.
لم تكن تريد أن تتحملها.
“الحقيقة ستطفو يومًا ما.”
لكنها لن تكون اليوم.
ابتسمت أندريا ابتسامةً متعبة، وأعادت الأداة إلى مكانها في الخزنة.
وفي تلك الليلة، حملت أثقال كتفيها المثقلة، وتوجهت إلى الفراش.
راحتها الوحيدة كانت رجاءً صامتًا أن يكون الغد يومًا أخف وطأة.
***
لقد قام زملاء ثيو الذين عرفوا كل شيء عنه، ببذل أقصى ما لديهم في مواقعهم الخاصة.
ومن جهة أخرى، تصرفوا بطريقة عادية جدًا، كما لو لم يحدث شيء.
فلم يكن هناك حاجة لأن يظهروا فجأة بمظهر جاد يجذب انتباه الناس ويثير الشكوك.
تمكّن ثيو وإيزابيلا أخيرًا من الاستمتاع بموعد طويل، بينما كانت كاساندر مشغولة بحماس بمشروع تجاري جديد.
أما جوشوا، فظل كما هو دائمًا، هادئًا وغير معروف ما الذي يفعله، بينما شارك ليكاردو بنشاط في اللقاءات الاجتماعية.
يبدو أن كل شيء كان هادئًا وسليمًا.
إلا شخصًا واحدًا فقط.
“اللعنة… ماذا أفعل؟”
حاول إدوارد إخفاء قلقه بمضغ أظافره، لكنه لم يستطع التخلص من شعور التوتر الذي اجتاح جسده بالكامل.
“عائلة الدوق لويد؟ أليس هذا أمرًا هائلًا؟”
كان عبدًا لمملكة هيليبور، ومع ذلك كان قد سمع عن عائلة لويد.
قبل عشرين عامًا، عندما زارت الإمبراطورية المملكة، كان جميع العبيد في القصر في حالة ذهول.
وأكثر ما أغضب الأمير والملك آنذاك كان انتصار مستحضر الارواح الإمبراطوري على الساحر الملكي في معركة بين السحرة والروحانيين، وكان المنتصر هو الدوق لويد.
ويذكر أيضًا كيف طلب الإمبراطور من الملك تقديم عبدة معينة كهدية، ما أثار دهشة الجميع.
كان إدوارد حينها يبلغ من العمر تسع سنوات فقط، لكن تلك الحادثة كانت مشهورة بين العبيد، فتحدثوا عنها كثيرًا.
في النهاية، لم تتح للعبدة فرصة للحرية، وأُحرقت، لكن قصتها بقيت متداولة بين الناس.
وبعد سنوات، بدأت الشائعات تنتشر بأنها نجت وهربت إلى الإمبراطورية، ففكر إدوارد:
“إذن يمكن الهروب من هنا. سأفعل ذلك مثلها يومًا ما.”
وأثناء الحرب، نجح بالفعل.
عندما وصل القتال إلى الحداد الذي كان يعمل فيه، وكل الناس يفرون، اختبأ إدوارد بعمق.
دُمرت القرية التي كان فيها، وتمكّن من كسر أغلاله بين أدوات السحر والأسلحة المتناثرة حوله.
وأزال العلامة المحروقة على وجهه باستخدام حجر ساخن.
وخلع ثيابه الممزقة، وارتدى ملابس جنود الإمبراطورية الذين قضوا.
لكن لم يكن من السهل عليه الانغماس بين جنود الإمبراطورية، فقد كان خائفًا أن يُكشف أمره كعبد هارب.
لو اكتشفوا أنه ليس منهم، فسيظل تحت التمييز، وربما يُعاد إلى جنود المملكة.
في تلك اللحظة، تذكر إدوارد الجوهرة المتناثرة في القصر المختبئ.
اختار أغلى خاتم، وارتداه في خنصره، ليبدو كدليل على النسب الجيد إن سأله أحد.
ثم دخل بين الجنود بسلاسة، رغم أنه لم يتعلم القتال بالسيف رسميًا، لكن خبرته في الحداد تزيد عن عشر سنوات.
فالحدادون يعلمون صناعة الأسلحة وفحصها، وكان جسده قويًا، ويعرف كيف يلوّح بالسيف.
وبعد انتهاء المعركة، وعندما عاد لتلقي العلاج، حصل على مساعدات مؤقتة وتلقى مكانه بين الجنود.
“اليوم نجوت بطريقة ما… حسنًا يا صديقي، ما اسمك؟”
سأله أحد جنود الإمبراطورية، ولكن إدوارد لم يكن له اسم.
فتح فمه وأخرج الاسم الأكثر نبلاً وفخامة الذي تذكره:
“إدوارد.”
“هاها، اسم رائع! سررت بمقابلتك.”
ومن ذلك اليوم أصبح جزءًا من الإمبراطورية، هادئًا، بلا أنظار، يعيش في أركانها البعيدة.
لكن على غير توقعه، ارتبط بنبلاء ماكا وصار إلى هنا.
لم يندم على ذلك، فقد كانت كل اللحظات معهم ثمينة.
لكن الواقع كان قاسيًا جدًا.
‘لن يقبلوني أبدًا.’
جيل المستقبل الذي سيقود عائلة ماكا، الأقرب إلى ولي العهد.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 100"