الآن، كل ما عليَّ فعله هو التسلّل سرًّا وملاحقة الدوق الأكبر بناءً على هذه المعلومات.
‘يمكن القول إنها مراقبة عن كثب.’
لحسن الحظ، جسد ليليان يتمتّع بموهبة ممتازة في إخفاء الأثر، كما يليق بجاسوسة. لدرجة أن رئيسة الخدم الحذرة لم تلاحظ حركتي على الإطلاق.
لكن المشكلة هي …
‘ليليان، يمكنكِ البدء من هنا.’
‘حين تنتهين، هل يمكنكِ مساعدتنا هنا أيضًا؟’
‘رئيسة الخدم قادمة!’
‘يا إلهي! أنهي لي هذا بسرعة، ليليان!’
‘ليليان-‘
الخادمة ليليان كانت مشغولة.
مشغولة جدًا، جدًا، جدًا!
مع تراكم الأعمال اليوميّة، كان من الصعب عليها القيام بعمل إضافيّ، بغض النظر عن مدى رغبتها في ذلك.
أفضل أوقات الفراغ التي يمكن أن تجدها كانت خلال فترات الاستراحة، وبعد الوجبات، وبعد الانتهاء من العمل؟
‘حتى هذا الأمر يتغيّر حسب سرعة إنهاء العمل—’
على أيّ حال، كان من الواضح أن هناك حاجة لبعض الأعمال التحضيريّة المسبقة لاستخدام هذه الأوقات القليلة إلى أقصى حدّ.
‘يجب أن أكون أسرع! أكثر كفاءة!’
في النهاية، بدأتُ بمشاركة نصائحي الخجولة والمخفية في التدبير المنزلي مع الجميع.
حسنًا، في الواقع، لم تكن شيئًا عظيمًا.
كانت على مستوى إخبارهنّ بأن استخدام صودا الخبز عند غسل الأطباق يزيل الزيت بشكل أفضل، أو أن استخدام الفرشاة لتنظيف زوايا عتبات النوافذ يجعل التنظيف أسهل.
لكن هذا وحده جعل سرعة العمل تزداد بشكل ملحوظ.
و …
“يا فتيات، ليليان يبدو أنها بدأت!”
“ركّزن جميعًا.”
“شاهدن وتعلّمن!”
أصبحتُ ‘حاكمة نفض الغبار’.
تاتاتاتاتاك-!
منفضتا الغبار اللتان تبدوان مثل مضرب التنس شقّتا طريقهما بلا هوادة عبر الإفراش.
حبستُ أنفاسي كي لا أستنشق الغبار ولوّحت بذراعيّ بلا توقّف. بسرعة ودقة فائقة.
ويك—
كان من الممكن أن يلتفّ اللحاف حول العصا عن طريق الخطأ، لكن ذلك لم يمثّل لي مشكلة كبيرة. لأنني أستطيع التناوب بين منفّضتي الغبار.
“واو، سريعة جدًا!”
“ليُّ الأصابع لا يُصدّق!”
“ما، ما هذا، هذه الفتاة؟”
أعجبت الخادمات اللواتي يعملن معي بالمنظر، بينما تفاجأ الخدم المارّون. شعرتُ بالفخر لسبب غير وجيه.
‘لا، لحظة واحدة.’
لكن هل هذا … صحيح؟
من المؤكد أنني بدأت لأجل المراقبة اللصيقة، فلماذا أشعر أنني أقوم بمزيد من العمل؟
شعرتُ باختناق للحظة. هل يجب أن أفعل كل هذا فقط لأرى وجه صاحب المنزل مرة واحدة؟ ما هذه الحياة!
“ليليان، هل يمكنكِ أن تفعلي هذه السجّادة أيضًا؟”
“لقد نفضناها مرة واحدة، لكنها تبدو غير كافية.”
“حسنًا، سآتي حالًا!”
… لا يزال يتعيّن عليَّ العمل.
في النهاية، لوّحت مرة أخرى بمنفضة الغبار باتجاه السجّادة.
في نفس الوقت—
أوقف رايموند خطاه للحظات وهو يمرّ في ممرّ الطابق الثاني.
“… الآن … يديها لا تُرَيان …”
“… لا أصدق كيف …؟”
سمع همهمات غير واضحة من خارج النافذة.
كان الجو صاخبًا بعض الشيء أكثر من المعتاد.
‘همم.’
نظر إلى خارج النافذة دون تفكير كبير. وسرعان ما لم يستطع إلا أن يبدو مندهشًا.
“ما الذي تفعله بحق الجحيم …؟”
خادمة ذات شعر بنيّ تنفض الغبار ببراعة بكلتا يديها.
الخدم الذين يعبّرون عن إعجابهم بها.
و تصفيق يدوّي بعد ذلك مباشرة.
‘لماذا …؟’
لم يستطع رايموند فهم هذا الموقف على الإطلاق.
في تلك اللحظة، سمع مساعده الذي كان يسير خلفه تمتمته وأجابه.
“يبدو أنها تنفض السجّاد.”
“هذا أعرفه.”
ضاقت حواجب رايموند بسبب الإجابة البديهيّة إلى حدّ يثير السخرية.
لكن ديلان، مساعده الذي رافق الدوق الأكبر في ساحات المعارك ذات يوم، لم يكترث. لقد اعتاد على ردّ فعل رئيسه هذا.
“آه.”
ثمّ أطلق تنهيدة مفاجئة كما لو تذكّر شيئًا ما.
“إنها تلك الخادمة التي تحدث عنها السيد بيتر.”
بيتر هو …
رئيس طهاة قصر الدوق الأكبر، الذي يعرفه رايموند جيدًا أيضًا.
كان ديلان، الذي لم يتلقَّ سوى حصص الإعاشة القتالية التي تشبه علف الحيوانات في ساحة المعركة، يميل إلى الهوس بالمأكولات الراقية. وصداقته الوثيقة مع رئيس الطهاة التي تجاوزت فارق السن كانت في نفس السياق.
على أيّ حال، إن كانت المعلومة صادرة من رئيس الطهاة، فلا بدّ أنها دقيقة وداخليّة إلى حدّ ما.
أومأ رايموند لديلان كما لو كان يطلب منه الاستمرار.
“كان يؤسفنا أنها لم تكن جيّدة في العمل بالرغم من أنها هادئة ومجتهدة، لكن مؤخرًا تطوّرت مهاراتها بشكل كبير.”
غسل الأطباق، التنظيف، الغسيل، وما إلى ذلك …
قدّم أمثلة لبعض الأعمال التي تقوم بها الخادمات عادةً.
“يبدو أنها قدّمت أيضًا الكثير من الأساليب الجديدة والمبتكرة في الأيام القليلة الماضية.”
“…”
“ماذا كانت … صودا الخبز؟ خميرة الخبز؟ أعتقد أنه قال شيئًا من هذا القبيل. حسنًا، أنا لا أفهم شيئًا في ذلك المجال.”
ضحك ديلان وهو يهز كتفه بمزاح لكن رئيسه لم يعد يستمع إليه بعد لحظة معينة.
‘فجأة، يعني …’
استمرّ كلام ديلان بينما كان الدوق الأكبر غارقًا في التفكير.
“السيد بيتر يبدو وكأنه يريد أن يحضرها إلى مطبخ …”
لقد طال الحديث مجدّدًا.
فتح رايموند فمه وكأنه يقطع كلامه ، “اكتشف الأمر.”
“نعم؟”
نظر ديلان إلى رئيسه بوجه حائر. فقال الدوق الأكبر وهو يقرع النافذة بإصبعه بخفّة: “اكتشف ما هي خطّتها.”
***
آه، جسدي يؤلمني.
بغض النظر عن مدى قوة جسد ليليان، لا يمكنها إلا أن تتعب عندما تعمل ضعفين أو ثلاثة أضعاف ما يعمله الآخرون.
‘بالإضافة إلى ذلك، لم يكن هناك أيّ مكسب اليوم أيضًا …’
باستثناء الثناء على نفض الغبار بشكل جيّد.
خرجت تنهيدة لا إرادية. على هذا النحو، سيكون من المستحيل اكتشاف أيّ شيء عن الدوق الأكبر حتى لو أُعطيتُ خمسة أشهر بدلًا من خمسة أيام.
تك—تك—
خطواتي كانت ثقيلة رغم أنني كنتُ في طريقي للعودة بعد الانتهاء من العمل. شعرتُ وكأنني أغادر وأنا أحمل على عاتقي الكثير من المهام التي لا أستطيع إنجازها.
بينما كنتُ أفكر بجدّية في مدى ملاءمة هذه المهنة لي.
“مساء الخير، الآنسة ليليان.”
ارتجفت!
تراجعتُ لا إراديًا. لكنني سرعان ما رمشتُ بعينيّ بغباء بعد أن تحققتُ من وجه الطرف الآخر.
“سيادة المساعد؟”
كنتُ قد رأيته عدة مرات أثناء مروري في المبنى الرئيسي.
مساعد الدوق الأكبر، السيد ديلان.
لم نتبادل التحية بشكل رسميّ، لكن مجرد ذكر الخادمات له جعل من السهل تحديد هويته.
“هذه هي المرة الأولى التي نتبادل فيها التحية بشكل رسميّ.”
“أجل، حقًا …”
لماذا نتبادل التحية رسميًا؟
منصب مساعد الدوق الأكبر ليس منصبًا شاغرًا أبدًا.
لماذا جاء هذا الشخص إليّ؟
ابتسمتُ بحرج وأخفيتُ حذري. ثمّ تابع ديلان المحادثة بشكل طبيعيّ.
“سمعت الكثير من السيد بيتر. قال إنكِ فتاة مجتهدة ومهذّبة للغاية.”
رئيس الطهاة؟
كنتُ أعلم أنه معجب بي، لكن التقييم كان أفضل مما توقعت.
“أعلم أنكِ أنهيتِ فترة الاختبار الآن للتوّ.”
“نعم، هذا صحيح.”
“بالنظر إلى ذلك، تبدو موهبتكِ كخادمة متميّزة جدًا. لدرجة أن السيد بيتر يطمع في ضمّك إلى فريق المطبخ.”
مجرد أن رئيس الطهاة نظر إليّ بإيجابيّة—
على عكس مخاوفي، استمرّت المحادثة بشكل ودّي. في هذه الأثناء، بدأ حذري يزول تدريجيًا.
“ولكن—”
أطال في كلامه، ثمّ نظر إليّ مباشرة وقال: “لماذا لم تظهر هذه الموهبة إلّا الآن؟”
“!!….”
“وبهذه المفاجأة؟”
بلع—
ابتلعتُ ريقي غريزيًا. لولا ذلك، لشعرتُ أن صرخة ستنطلق رغمًا عن إرادتي.
“هذا التغيير يبدو كبيرًا جدًا لاعتباره مجرد عملية اعتياد لشخص كان عمله ضعيفًا. سواء في المهارة أو الشخصية.”
“…”
“بما أنكِ تتصرّفين وكأنكِ شخص جديد تمامًا، لم يكن بإمكاني إلّا أن أتساءل.”
“…”
“ما هو السبب بالضبط؟”
دق—دق—دق—
كان قلبي المنكمش ينبض بشكل غير منتظم.
“في، في الحقيقة. ..”
انخفضت عيناي لا إراديًا.
شعرتُ وكأنه جاء وهو يعلم بالفعل كل شيء عن هويّة ليليان.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 7"