وجال نظرها نحو الزاوية، حيث وُضعت الصناديق التي رتّبتها سلفًا.
“اليوم”، تمتمت ببرود.
خلال ساعات قليلة، ستتصدر العناوين في أرجاء المدينة.
قُبل طلب الدوق الأكبر بإبطال الزواج.
هذا الصباح هو الأخير لها في قصر بيهيرن.
استغرقت حزم أغراضها ساعة بالكاد.
فكلّ ما تملك لم يتجاوز صندوقَين صغيرين.
خفضت عينيها إلى يدها.
ببطء، سحبت خاتم الألماس ذي الثلاثة قراريط من إصبعها—الدليل الوحيد على زواجها من دانتي فيناشيرت.
ظلَّ أثرٌ أحمر مكانه.
دلكته مرّة، ثم نهضت.
اليوم انتهى دورها كدوقة كبرى.
—
مملكة بيرمارك.
في قلب بيهيرن—المدينة التي تُلقَّب بالعاصمة الثانية بعد آربيرن—كانت ساحة فسيحة تزيّنها نافورة عظيمة.
إلّا في ساعات الليل المتأخرة، كانت تضجّ بالحياة على الدوام.
وهناك، كان صبيّ صغير يحمل كومة صحف تكاد تفوق حجمه، يركض بين الحشود ويصيح بأعلى صوته:
“الجريدة! ابتاعوا الجريدة!”
جذب نداءُه الأنظار على الفور.
“أيها الغلام، هاتِ لي واحدة.”
“حالًا يا سيدي! بخمسة كرانغ!”
ما إن حصل أحدهم على نسخته، حتى تدافع الآخرون كالمدّ.
امرأة من السوق، رسّام مسنّ، مجموعة طلاب صغار—يتزاحمون ويتدافعون لنيل نصيبهم.
كانت صحف بيرمارك محبوبة لدى الجميع، من البسطاء إلى النبلاء.
أخبارها المثيرة كانت تسلية يومية.
لكن اليوم، كان الحماس في أوجه.
ارتفعت الأصوات، وتدافعوا حتى كادوا يتشاجرون.
تأمل أحد الرجال المشهد بعبوس، ثم هزّ كتفيه.
لقد كان يعرف السبب.
قبل أسابيع قليلة، تقدّم الدوق الأكبر فيناشيرت إلى محكمة بيهيرن بطلب إبطال زواجه.
فالطلاق وحده كان كافيًا لإحداث صدمة.
لكن الإبطال؟ في مملكة تُقدّس الزواج، كانت فضيحة مدوّية.
وعلى الصعيد السياسي، كانت العواقب هائلة.
فالإبطال أكّد مزاعم معارضيه: أنّ زواجه لم يكن سوى وسيلة لانتزاع اللقب.
وها هو العدد الجديد صدر.
والجميع يتلهّف لقراءته.
فتح الرجل صحيفته، ويداه ترتجفان من الترقّب.
—
تصفّح دانتي العناوين بفتور.
ثم، بضحكة حادة، ألقى الصحيفة جانبًا.
“لقد نجحوا في جعلي نفاية خالصة.
رغم أن الأسباب بقيت طيّ الكتمان.”
وقف عند النافذة ينفث الدخان.
سيجاره الخفيف لم يترك سوى أثر ضئيل، حملته نسمات الخريف الباردة.
كانت الأسابيع الماضية لا تُطاق—مناظرات لا تنتهي، إجراءات مملة، ووجوه كريهة.
وأخيرًا، بالأمس، ثُبّت قرار الإبطال.
وبالطبع، جرى الاتفاق على إبقاء أخطاء الدوقة بعيدة عن أعين العامة.
نفض دانتي رماد سيجاره بلا مبالاة.
“سَموّكُ”، قال صوت.
“اليوم بعد الظهر.”
“بعد الظهر؟” رفع حاجبيه نحو خادمه، والسيجار بين شفتيه.
“إنها سترحل اليوم.”
تردّد هدسون قليلًا، وهو يراقبه.
“آه.”
زفر دانتي، والدخان يتصاعد مع تنهيدته الجافة.
“فهمت. نسيت ذلك وسط كل هذه الفوضى.”
فمنذ تقديم العريضة، لم يقضِ وقتًا يُذكر في بيهيرن.
كانت استدعاءات التاج في آربيرن متواصلة، ورجال الأعمال يلتفون حوله كالغربان، يلتمسون استمرار رعايته.
الفولاذ، الأدوية، التجارة—كل الصناعات كانت تعتمد عليه.
وجميعهم خشوا أن يفقدوا ودّه.
ابتسم، أنيقًا كعادته، لكنه ردّ عليهم بسخرية لاذعة وإهانات جارحة.
سحب نفسًا جديدًا من سيجاره، والابتسامة لا تفارقه.
“هل أرافقها إذن؟ لعلّ ذلك يهدّئ من غضب العامة قليلًا.”
لم يُجب هدسون.
اكتفى بالانحناء.
نقر دانتي بلسانه.
كان وفيًّا، لكنه عنيد كالثيران في مثل هذه الأمور.
ساد الصمت.
وأخيرًا، سحق دانتي السيجار في المطفأة وقال:
“والترتيبات؟”
“الأموال المخصّصة لها أُودعت بالفعل في مصرف بيهيرن، باسم السيّدة مارغريت.”
كالعادة، لم يُخيّب الخادم ظنه. أومأ دانتي برضا.
ثم لوّح له بالانصراف.
انحنى الرجل وخرج بهدوء.
ساعِديني.
ولِمَ أفعل؟
ألا تعرف، أيها النبيل، معنى أنْ يُلزِم النبل صاحبه بالواجب؟
طفَت الذكرى دون استدعاء. ابتسم دانتي ساخرًا.
امرأة جريئة، تلك.
أن تجرؤ على التفوّه بهذا، وهي تدّعي أنها لا تعرفه.
غارقًا في خواطره، مدّ يده لسيجار جديد من علبته الذهبية.
وفجأة—
طَرق الباب. طَرق الباب.
اتجه بصره نحو المدخل.
لم يسبق لأحد أنْ ولج مكتبه من دون إذن—حتى هدسون.
ارتفع حاجباه.
لقد كان أمرًا نادرًا.
نادرًا للغاية.
“ادخُل.”
انفتح الباب ببطء.
وعند رؤية الشخص الذي ظهر، كاد دانتي أن ينفجر ضاحكًا بدهشة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 9"