الفصل 1
جلس سييون على ركبتيه.
يداه الخشنتان أمسكتا بمعصمي برفق.
خدُّه المبتلُّ بالدموع التصق براحة يدي.
“مع هذا التلهّف…… كيف تقولين إنَّه ليس حبًّا؟”
“جلالتكَ.”
“لا. آنِتِ، أرجوكِِ……أنا لا أقبلُ بذلكَ.”
وكأنَّه يحاول إسكاتي، مسح خدَّه براحة يدي.
كان يدركُ مسبقًا ما أودُّ قوله.
“إنْ كان لا بُدَّ أن تترُكيني كي تحصلي على السعادة.”
طبع سييون شفتيه على راحة يدي.
فأرَتجفت أطراف أصابعيَ.
شعرتُ بأنَّ أنفاسه تتسرّب بين خطوط كفّي.
وحين لاحظ ارتعاشي، قبض على معصمي بقوَّة أكبر.
في عينيه الحمراوين الغارقتين بالعاطفة، كان ينعكس وجهي المرتبكَ.
“إذًا، فأتمنى لكِ التعاسة.”
اعترافٌ يائس، أحاديّ الجانب.
لقد بصق أخيرًا صدقَه المطمور في أعماقه.
“آنِتُ، سأفعلُ أيَّ شيء تريدينه…….”
“…….”
“فقط لا تتركيني. أرجوكِِ.”
حاكم دوقيّة فيرناندي، الذي لم يَنحَنِ لأيّ شيء من قبل، انهار أمامي بسهولةٍ بالغة.
* * *
“إنْ كان هناك أيّ بندٍ ترغبين في تعديله، فقولي متى تشائين.”
ناولني كبيرُ الخدم ورقةً متينة.
وعلى جانبه وقف رجلٌ ذو ملامح باردة، يحدّق بي بثبات.
‘سيُثقَب وجهي من شدّة النظر.’
رفعت بصري نحوه، وما إن فعلت حتى تلاقت أعيننا.
عيناه الحمراوان بدتا كعيني دمية، لكن في هيئة رجل وسيم بشكل غير عادي.
أخفيت فمي بابتسامة متكلّفة.
لو سال لعابي على وجهه المتكامل هذا، فسيكون الأمر مُخزيًا.
مسحتُ فمي سريعًا بكمّي، ثم عدتُ أنظر إلى الورقة.
[يُلزِم سييون فيرناندي (المشار إليه فيما بعد بـ “الطرف الأوّل”) نفسهَ بالتعرفِ على دروس في فنّ العلاقات لـ آنيت جيرنياس (المشار إليها فيما بعد بـ “الطرف الثاني”) مدّة ستّة أشهر، على أن يدفع الطرف الأول الأجر الذي يرغب به الطرف الثاني.]
دروس في الحبّ.
الكلمة وحدها بدت غريبة وسط النصّ المكتوب بخطّ موحَّد.
‘أيُّ ابتلاءٍ هذا الذي وقعتُ فيه؟’
“أعني…… جلالتكَ، هل خطفتُني لأنّكَ أردتَ خوض علاقةٍ؟”
قطّب سييون حاجبيه عند سؤالي.
كان جماله أخّاذًا، كتمثالٍ ينبض بالحياة، لكن لا يجب أن أُفتن به.
إنَّه سييون فيرناندي، حاكم دوقيّة فيرناندي.
آخرُ وأخطرُ شريرٍ خفيّ في هذه الرواية.
“خطف؟”
تردّد صوته كهمسٍ قاتم.
ابتلعت ريقي دون وعي.
‘لو سمع أحدٌ، لظنّ أنّني أنا من خطفته!’
أردت أن أصرخ احتجاجًا، لكن شفتي لم تتحرّكا.
في الحقيقة، خفتُ.
كرامتي كآنِيت جيرنياس، التي لم تَخْشَ شيءً يومًا، قد تكسّرت.
قال كبير الخدم مفسِّرًا:
“يبدو أن التباسًا وقع أثناء مرافقة الآنسة آنِيت.
أحد الفرسان ضرب عنقها بيده حتى فقدت وعيها، فخُيّل إليها أنَّ الأمر خطف.”
‘أيُّ التباسٍ هذا؟ هذا خَطْفٌ صريح!’
حدّقتُ بغضب في كبير الخدم، فانحنى معتذرًا.
“نحن آسفون. ذلك الفارس نفسه يرغب في تقديم اعتذاره، فالتمسي بعض الصبر.”
أشحت وجهي بخجل، وأنا أحكّ جبيني.
ما الفائدة من لوم الفارس؟ لقد أطاع الأوامر فحسب.
“انتهى الأمر. لا داعي لإعادته.”
لكن سييون كان له رأي آخر.
“آنيت. إن أردتِ، أقطع له اليد التي ضربكِ بها…….”
“على أيّة حال! أنتَ…… تريدُ فقط علاقة، أليس كذلك؟ هاها…… رجلٌ وسيم مثلكَ، كيف لم تخض تجربة حبّ؟ هاها، هاها!”
أوقفتُ بضحكةٍ عصبيةٍ كلماته القاسية.
‘لا تجعل الرواية تُصنَّف 19+ بسببي!’
حاولت تغيير الموضوع.
فالغاية من الخطف مكتوبة في العقد: “دروس في الحبّ”.
لكن لا أظن أنّها رغبة سييون الحقيقية.
هو شخصٌ لا يعرف معنى مشاعر الآخرين، ولا يُريد فهمها.
رفعتُ العقد بيديَّ وتظاهرتُ بالتفكير.
‘عليَّ أن أشتري بعض الوقت.’
“أرغب أن أقرأ العقد بتأنٍّ قبل أن أوقّع. أيمكن أن تتركوني وحدي قليلًا؟”
‘وجودك أمامي خانق!’
لكنّي ابتلعت بقيّة الجملة.
لو نطقتُ بها، لما كان معصمي سالمًا.
“كما تشائين.”
أومأ برأسه بسهولة غير متوقّعة.
“سأتركك مع كبير الخدم في الغرفة المجاورة.”
أخفيت تنهيدةَ ارتياح، وغادرتُ مكتبه.
‘يُقال: حتى لو دخلتَ عرين النمر، ستنجو إن حافظتَ على هدوئكَ.
لكن، هل سينجو إنسانٌ أمام وحشٍ اسمه سييون؟’
على الرغم من تفاؤلي الزائف، خيالي رسم صورتي وأنا أفترَس بين يديه.
‘تبا، اللعنة.’
آنِيت جيرنياس شخصية من رواية كتبتُها.
رواية مظلمة، حيث تُقتَل آنِيت على يد البطل.
‘يا للأسف! كان عليّ أن أكتب رواية شفاءٍ مليئة بالكليشيهات، لا هذا البؤس.’
ندمتُ، لكن متأخّرًا.
غير أنّ قوانين روايات “الانتقال” واضحة.
لن أقبل بموتي بسهولة.
منذ أن تجسّدت في جسد آنِيت، قرّرت تغيير النوع إلى رومانسية خفيفة.
هوس؟ إلى القمامة!
حجز وسجن؟ إلى الجحيم!
كنت أعرف جميع شخصياتي جيدًا، وأستطيع تغيير مصائرهم.
حفظتُ حتى الشامات المخفيّة في جسد البطل.
وبفضل ذلك دفعتُ القصّة نحو النهاية السعيدة أسرع بثلاث سنوات من الأصل.
انتشرت شائعة أنني خبيرة استشارات زواجٍ عبقرية.
لكن لم أتوقّع أن يجلب لي ذلك المصيبة.
“سييون لم يكن من المفترض أن يظهر أصلاً.”
كنتُ أحتاج فقط أن أغادر الإمبراطورية لأعيش بهدوء.
لكن بدلًا من ذلك، اختُطِفت إلى دوقيّته.
سييون كان آخر عقبة خطّطتُ لها ليواجهها الأبطال.
لم أكتب تفاصيل شخصيّته بوضوح، بل تركتها غامضة.
فهو وجدَ ليكون مختلفًا عن الجميع.
ولم يكن في خططه أن يعرف الحبّ أصلًا.
حسب إعدادي، كان سيرى النساء كحجارة على قارعة الطريق.
‘آه، رأسي يؤلمني أكثر كلّما فكرت.’
هل أستطيع أصلًا رفض عرض حاكم الدوقية؟
أنا لستُ سوى ابنةِ أسرةٍ نبيلة منهارة.
‘تبا لهذا النظام الطبقي.’
طَرَقتُ جبيني بالمكتب.
لكن فجأة دوّى طَرقٌ على الباب.
كانوا قد منحوني وقتًا قصيرًا جدًا للتفكير.
“هل وقّعتِ؟”
فتحوا الباب قبل أن أجيب.
دخل سييون، وجهه ما زال بلا ملامح، لكن فاتن.
‘لو وخزتُ جلده الأبيض، هل سيبدو صلبًا كالرخام؟’
“نظيف.”
تمتم وهو يقترب منّي.
ألقى نظرة على العقد، ثم أمسك القلم، ووقّع اسمه.
[سييون فيرناندي.]
بخطّ أنيق ساحر.
“جلالتكَ…، الحقيقة أنّ شُهرتي مبالغ فيها.
أنا لستُ قادرة فعلًا على إنجاح علاقات الآخرين.”
“لا يهمّ. قد لا تعرفين الحبّ، لكن لديكِ قدرات أخرى.”
“ماذا؟”
أيّ منطقٍ هذا؟!
قلتُ إنّي لستُ مؤهلة، فأجاب بإصرارٍ غريب.
“ألستِ من وصفتِني بالوسيم؟ أم كان كذبًا؟”
“استخدام الوجه سلاحًا الآن…….”
“أم أنّ مظهري يجعلكِ ترغبين بلعني؟”
‘يا للجنون! في يومين يمكنهُ يحوّل الدوقية إلى حريم!’
كدت أنطقها، لكن سارعت بتغطية فمي.
نظر إليّ ببرود، لكن دون أيّ سخرية.
عيناه كانتا كهاويةٍ مظلمة، قادرة على ابتلاعي.
“أنت لا تملكين الرغبة في خوض علاقة، صحيح؟”
تمسّكتُ بعقلي قبل أن أنجرف.
يبدو أنّ الخطف لم يكن برغبته، بل من مبادرة كبير الخدم القَلِق من عُزوبيّته الأبدية.
لكنّي لم أصدّق أنّ سييون نفسه يرغب حقًّا في ذلك.
“لماذا تظنّين هكذا؟”
“……حدس؟”
‘لأنّني أنا مَن كتب شخصيتك!’
لكن لا يمكن قول ذلك.
“آنِيت.”
رفع وجهي بيده، واقترب حتى تلاقت أعيننا.
لم أستطع الهرب من نظراته الدامية.
“أنا أملك الإرادة الكاملة لأخوض علاقة معك.”
“لكن، هذه ليست علاقة…… بل دروس، دروس في الحبّ!”
اعترضتُ بصعوبة.
ترك ذقني، وابتعد قليلًا.
ثم رفع كتفيه وكأنّه لا يرى فرقًا.
أدركتُ حينها حقيقتين.
مهما كان وضعي الاجتماعي، لن أستطيع رفض هذا العقد.
وثانيًا…… أنّ وجهه النقيّ ذاك سيجعلني أُساق وراءه مرارًا.
“صحيح. ما الفرق؟”
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات