لست مصابة بمرض عضال! [ 2 ]
تبدأ القصة الأصلية حين تعثر البطلة مصادفةً على فارسٍ مُقدّس تعرّض لهجومٍ من وحش، فتطهّر جسده من طاقة الشرّ.
وبما أنّه كان يوجد في المعبد كهنة يملكون قدرة الشفاء، لكن لم يكن هناك أحد يمتلك قدرة التطهير، فقد أعلن المعبد على الفور أنّه سيكرّمها بلقب “القديسة”، وكأنّه لن يفرّط في هذه القدرة العجيبة مهما كان، فصارت البطلة تُقيم في العاصمة بعد سلسلة من تلك الأحداث.
وهناك، تلتقي تباعًا بثلاثة رجال، الأمير الأول “رافاييل” قائد فرسان المعبد، والأمير الثاني “ساينف”، وأخيرًا “ديميان” شقيق لويسا الأكبر.
جميعهم يفتنون بالبطلة المشرقة كالشمس، وينجذبون إليها واحدًا تلو الآخر، ويتنافسون على نيل ودّها بشتّى الطرق.
لكن المشكلة كانت في لويسا التي أظهرت هوسًا منحرفًا بما لا تملكه، حتى قادها ذلك إلى الهلاك.
ومن الطبيعي أن يزدري رافاييل مثل هذه المرأة.
رَافاييلُ كان فارسًا مقدسًا. وعلى الرغم من أنَّ المعبدَ لا يمنعُ فرسانَه من الزواج، إلا أنه كان يطمحُ لأن يصبحَ كاردينالًا، ولذلك قررَ ذات يوم أن يقدّمَ نذرَ الولاء الكامل للحاكم، ليقطعَ بذلك كل صلته بالدنيا ومتعها.
لكن عندما علم الإمبراطور بشائعة حب لويسا لرافاييل، وكانت الفرصة مواتية له للإمساك برافاييل، وجد فيها ورقة رابحة تصبّ في مصلحته، فكان من الطبيعي أن يُلقي بطُعمِه.
قال لها:
“آنسة بليك، إذا كنتِ حقًّا تريدين رافاييل، أليس الزواج منه وملازمته العمر كلّه أفضل من الاكتفاء بالنظر إليه من بعيد؟”
فقالت مترددة:
“… زواج؟”
ابتسم وقال:
“يبدو أنّك تميلين للفكرة. ما رأيك؟ سأدفع الدوق بليك بقوّة لترتيب هذا الزواج، لكن عليكِ أنتِ أيضًا أن تبذلي جهدك لينال قبول العائلة.”
لويسا لم تتردّد لحظة، ولم تترك وسيلةً إلا استخدمتها.
ولمّا لم تُجْدِ الكلمات، لجأت إلى الإضراب عن الطعام، وحين لم ينفع ذلك أيضًا، أوغلت في التطرّف وأقدمت على إيذاء نفسها حتى أُصيب الدوق الجافّ الذهن بالذعر واضطر لقبول الأمر.
“ومن سخرية القدر أنّي تجسّدتُ في جسدها بعد حادثة إيذاء النفس تلك! لو أنّ تجسيدي حدث قبلها لاستيقظتُ في وقتٍ مبكر، ولما اضطررتُ إلى هذه الخطوبة المزعجة…’
لكن للأسف، حين فتحتُ عينيّ كان موعد الخطوبة قد تحدّد بعد شهر، ولم يعد بالإمكان التراجع.
لذا لم يبقَ أمامي إلا انتظار اللحظة التي يقع فيها رافاييل في حب البطلة الأصلية بعد ظهورها، ليطلب فسخ الخطوبة ويدفع تعويضًا ضخمًا لعائلة بليك.
‘أظنّ أنّ البطلة ستظهر بعد ثلاثة أشهر تقريبًا من الخطوبة، أليس كذلك؟’
مجرد التفكير بأنّ عليّ الانتظار بهدوء حتى ذلك الحين جعل صدري ينشرح قليلًا.
ورغم أنّ الإمبراطور الحذر اشترط ألّا يتأخّر الزواج مقابل أن ألتقي رافاييل مرتين أسبوعيًّا طيلة الأشهر الثلاثة، إلا أنّ الأمر يستحقّ التضحية في سبيل مستقبلٍ مريح بلا عمل.
وجهٌ جميل، ومكانة ابنة دوق بلا همٍّ مادي، وحياة يمكن قضاؤها في الكسل… بيئة مثالية!
‘ربّما كان الحاكم قد رقّ لحالي في حياتي السابقة وأعطاني فرصة.’
ففي حياتي الماضية، قاومتُ الظروف البائسة، ودرستُ ليل نهار حتى دخلتُ جامعة مرموقة، ثم حصلتُ على وظيفة في شركة كبرى بعد جهدٍ شاقّ.
لكن عائلتي لم تشعر إلا بالغيرة، وكانت تفكّر فقط في كيفيّة استغلالي؛ يصرخون بي قائلين “أما زلتِ تحاولين التظاهر بالذكاء؟ ألن تتوقّفي عن تحطيم معنويات شقيقك الوحيد؟” أو يطلبون منّي ترك الدراسة لجلب المال لأنهم لن يدفعوا رسوم الجامعة، وحتى بعد دخولي الشركة الكبرى طلبوا منّي ببساطة أن آخذ قرضًا لهم.
حقًّا، كانت حياتي بائسة، وإرادتي تنهار يومًا بعد يوم.
‘… لا فائدة من العيش بجدّ، الأفضل الاستمتاع وعدم الاكتراث بنظرات الناس.’
أغمضت لويسا عينيها ببرود ثم فتحتهما.
لقاء رافاييل من حين لآخر لم يكن مشكلة، بل يمكن اعتباره جولةً لتجربة المطاعم الفاخرة.
‘آه، لكن المشكلة الحقيقية ليست هنا…’
غاصت لويسا حتى ذقنها في الماء وهي تتكاسل.
‘الآن أشعر بالكسل الشديد… أريد فقط النوم في الحوض… متى سأخرج وأذهب إلى السرير؟’
وببطء رفعت جسدها المتكاسل وغادرت الحوض.
حين لامست برودة الهواء جسدها الدافئ، شعرت فجأة بشيء يتصاعد من داخلها.
تعثّرت للأمام وانحنت بغتةً ممسكةً بحافة الحوض بيد، وبالأخرى وضعت يدها على فمها، لكن…
تساقطت قطراتٌ لا يمكن منعها من بين أصابعها، تلطّخ الأرض باللون القرمزي القاني.
‘ما هذا…؟’
امتلأت عيناها البنفسجيتان بالذهول وهي تحدّق في الدم الأحمر.
‘أليس من المفترض ألّا يحدث هذا الآن؟’
***
ماري التي عثرت على لويسا فاقدة الوعي وسط بركة من الدماء، صرخة صرخت صرخة مزّقت سكون قصر الدوق.
“لقد… لقد تقيأتِ دمًا فيما يبدو!”
هرع الطبيب الخاص مسرعًا، وقد خطر بباله أولًا أن لويسا ربّما أقدمت على جرح نفسها مجددًا كما في المرة السابقة.
لكن حين شرحت ماري، التي كانت تمسح وجه لويسا بوجهٍ شاحب مرتجف، أنّ الدم تدفّق من فمها، أدرك الطبيب أنّ الأمر مختلف هذه المرة وأكثر خطورة.
“هل وُجدت أي زجاجة دواء بالقرب منها؟”
“زجاجة دواء؟ لا، فقط دم… وكمية هائلة منه!”
“همم… إذن، ماذا أكلت اليوم؟”
بدأت ماري تهز رأسها بعنف، ثم سردت بالتفصيل كل ما تناولته لويسا.
كان يوم خطوبتها، فكان طعامها أخفّ من المعتاد، ولهذا تذكرت كل شيء بوضوح.
“هذا مقلق… هل أبدت آنستنا أي شكوى أو شعرت بعدم راحة مؤخرًا؟”
“لا، منذ اليوم الذي استيقظت فيه بعد الحادثة وهي تتناول وجباتها بانتظام وتنام جيدًا. صحيح أنّ وقت نومها زاد قليلًا، لكن لا يتجاوز الساعتين زيادة عن المعتاد… هل يُعدّ ذلك مشكلة؟”
اليوم الذي استيقظت فيه… كان اليوم الرابع بعد أن شربت لويسا السم وفقدت وعيها.
ومنذ ذلك اليوم تغيّرت.
في البداية نظرت حولها بارتباك، ثم سرعان ما بدت وكأنها فقدت كل رغبة في الحياة، تمضي أيامها شاردة الذهن.
لم تستطع ماري تجاهل هذا التحوّل؛ فقد أصبحت لويسا التي كانت فيما مضى عصبية وحادّة الطباع، ساكنةً وخاملة.
وجهها بات بلا إرادة، وكأنها تتنفّس فقط لمجرّد أن الهواء يدخل رئتيها.
لم تعد تنفر من وجود أحد بجوارها كما في الماضي، بل قبلت ماري التي صارت تحوم حولها وكأن الأمر لا يعنيها، تتلقى خدمتها بلا اعتراض ولا مبالاة.
بل لعلّ الأمر أقرب إلى الاستسلام الكامل.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت كلمة “كسل” لازمةً على لسانها.
“مدة النوم تلك قد تكون مجرّد مرحلة تعافٍ، خاصة مع تأثير الخمول في الربيع.”
“أخشى أن تكون شعرتْ بسوء ولم ألاحظ… هل آنستنا بخير حقًّا؟ أيمكن أن تكون قد أخفت مرضها عنّا؟”
كانت ماري على وشك البكاء، لكن يديها لم تتوقفا عن ترتيب مظهر لويسا.
وبرغم مظهرها اللامبالي، كان من السهل إدراك دفء طبع لويسا واهتمامها الخفي بمن حولها، حتى في وقت قصير.
‘ماري، اشربي هذا.’
‘هاه؟ ما هذا؟’
‘شاي مفيد للزكام.’
‘… هل أنا مصابة بالزكام؟!’
‘لا أدري، لكنك كنتِ تسعلين باستمرار.’
ربما كانت ماري تظلمها في الماضي، متأثرةً بانطباعات وأفكار مسبقة، فلم ترَها على حقيقتها.
“في وضعنا الحالي لا يمكن الجزم بشيء، يجب أن تستفيق الآنسة أولًا لنعرف التشخيص بدقة.”
قال الطبيب ذلك وهو يبتلع ريقه بقلق، ثم ألقى نظرة إلى النافذة حيث انتفخ الستار بوضوح.
‘يا ترى… هل يختبئ السيد الصغير هناك منتظرًا من يكتشف أمره؟’
المشهد كان مريبًا لأي عين.
فقد اقتحم ديميان الغرفة فجأة، وبعد أن حدّق في وجه لويسا لبرهة، اختبأ خلف الستارة بلا مقدمات ولا حتى كلمة.
لم يستطع الطبيب تجاهل هذا المنظر الفاضح، وإن طلب منه ديميان التظاهر بعدم رؤيته، فقد كان وجوده في هذا الوضع محرجًا للغاية.
‘هل سيكون من الصواب إخفاء وجوده حتى بعد أن تفيق لويسا؟’
لكن قبل أن يحسم أمره، قطعت ماري مجال رؤيته بحركتها وكأنها تقول له “كفّ عن النظر”، فاستسلم الطبيب وأدار بصره إلى لويسا الممدّدة في صمت.
أما في الجانب الآخر، فهناك من وجد نفسه في مأزق حقيقي…
‘لقد تورّطتُ!’
كان هذا أول ما فكّرت به لويسا عندما استعادت وعيها.
‘لم يحن وقت تقيؤ الدم بعد…’
وفق تسلسل الأحداث الأصلي، كان يفترض أن يبدأ نزيفها بعد ظهور البطلة، حين يتزايد عدد الوحوش في المنطقة.
لا تعرف لمَ انحرف خط الزمن، لكن أولويتها الآن هي التعامل مع الأجواء المشحونة التي شعرت بها في الغرفة، حتى من دون أن تفتح عينيها.
‘آه… بدأ الإزعاج بالفعل…’
فكّرت في التظاهر بالنوم مجددًا، لكنها أيقنت أنّ ذلك سيعقّد الأمور أكثر، ففتحت عينيها بتثاقل بعد أن أخرجت صوتًا خافتًا من حلقها.
“… همم.”
“آنستي!”
قفزت ماري في ذعر وأسقطت المنشفة من يدها.
“هل أنتِ بخير؟ لقد فقدتِ وعيكِ! هل تذكرين ما حدث؟ لقد كان الدم يغطي الأرض… كنت خائفة جدًا من ألّا تفيقي… هيء هيء…”
بقيت لويسا تحدّق فيها، طرفاها يرمشان ببطء، وهي تشعر وكأنها تنظر إلى جرو صغير كان على وشك أن يفقد صاحبه.
—–
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب من بيلادونا، التي كانت تجلس ساكنة على السرير. وأمسك ذقنها بلمسةٍ خشنةٍ ورفع رأسها للأعلى. “كيف أجعلك تتحدّثين؟” “….” نظر إلى عينيها المرتجفتين، ركل لسانه وأرخى قبضته على ذقنها واستدار....مواصلة القراءة →
كيف ستجعل صوتي يخرج؟ “الشخص الذي أريد سماعه أكثر من غيره لا يفتح فمه.” “….” “لأن زوجتي تجلس دائمًا ساكنة.” تحرّك إسكاليون خطوةً ثقيلةً واقترب...
التعليقات لهذا الفصل " 2"