كان هناك أصلًا الكثير من الأجساد الملقاة أرضًا غير أولئك السحرة السود، ومع ذلك قالت الإمبراطورة إن القرابين لا تكفي؟
“بأي شيء تجنين من استدعاء الشيطان؟”
“السلام… لقلبي، لعلّي أقول.”
“بموت الجميع؟”
“موت الجميع؟ يا لها من كلمة مخيفة. لا، لم يمت سوى قلة مختارة من بين الجموع الكثيرة، قدّموا أنفسهم قرابين. فكّري بالأمر كأنها تضحية بالقليل في سبيل الكثير.”
حدّقت لويسا في الإمبراطورة التي تلقي بكلمات قاسية بصوت رائق، ثم ابتسمت ببرود.
“ثم تتربعين أنتِ فوق الباقين، أليس كذلك؟”
رغم ابتسامتها، لم تفُتها تلك اللحظة العابرة حين اضطرب بريق عيني الإمبراطورة قليلًا.
‘أأنتِ خائفة أيضًا؟’
خائفة من أن يخلّ الشيطان بعهده.
لا تدري ما الذي عقدت معه بالضبط، لكن الطرف الآخر شيطان… ومن ذا الذي يثق به؟ لا بد أن الإمبراطورة هي الأخرى يساورها القلق.
“إنه ابنٌ كره العيش في ظلّ ملك الجحيم، فأراد أن يصنع جحيمه الخاص. أفتظنين أن كل ما يريده هو استعادة قوته فحسب؟”
“…جحيمه الخاص؟” تمتمت الإمبراطورة.
“بعد أن يستعيد قوته، لن يبقى له ما يريده منكِ.”
“لا، لن يستطيع كسر العقد. عليه أن يجعلني أسيطر على هذا العالم.”
“ستسيطرين، نعم… لكن لوقت قصير جدًا.”
“…..!”
“أهذه فقط شروط العقد؟! تبذلين كل هذا وتخاطرين لأجل شرط بالغ الهشاشة.”
تنفست لويسا بضيق، وأشارت بيدها خلف ظهرها لآندي.
شعرت باقتراب خطواته أكثر.
“وجدنا نائب القائد. كان هنا.”
هنا؟!
سرعان ما جالت عيناها المكان.
‘هناك!’
عند الزاوية اليسرى، رأت فارسًا يرتدي زيّ الفرسان المقدسين ملقى على الأرض ينزف دمًا.
لا شك أنه نائب القائد، غير أنّ المشكلة أنه كان في الجهة المقابلة لهم تمامًا.
“سنحاول التقدّم بحذر… آنستي، لا تجازفي…”
“ولو كان العقد واهيًا، فما الحيلة.”
كلمات آندي المتهدّجة غرقَت وسط تلاوة السحرة السود، لكنه صمت فجأة.
التفت هو ولويسا معًا نحو الإمبراطورة.
كانوا ينوون استغلال ترددها لينقذوا نائب القائد، لكن ملامحها غدت جامدة، وابتسمت ببرود.
“ذلك كان خياري الوحيد. أما أن أبقى دُمية لوالدي وألحس أقدامهم طَوال عمري، أو أعيش للحظة واحدة فوقهم.”
“ولو على حساب كل هذه الأرواح؟”
“إنهم يفعلون ذلك برغبتهم. مجرد متعطّشين يتمنون مجيء ملك الشياطين ليمنحهم قوة أعظم.”
“ليسوا وحدهم، أليس كذلك؟”
“آه… اكتشفتِ ذلك؟ أم أنكِ تختبرينني فحسب؟”
ابتسمت الإمبراطورة بغمزة وهي تضع يدها على شفتيها.
كانت تبدو كزهرة ورد حمراء، لكن محاطة بدماء تسيل، فبدا المشهد مثيرًا للغثيان.
“حتى لو عرفتِ مسبقًا فلا بأس. ستكتشفين الحقيقة عندما تصعدين للأعلى على أية حال.”
وأشارت إلى السماء بحركة كسولة.
“لقد قدّمتُ قرابين لسنوات. لم يقتصر الأمر على هذه الإمبراطورية، بل جلبت من دول أخرى أيضًا لأتمّ الشروط. أحيانًا شعرتُ أني أربي طفلاً حقًا. استعادة قوته كانت عسيرة، وكم استنزفني تهدئته كلما ثارت نزواته.”
“هاه…” تنفست لويسا بمرارة.
“والآن لم يتبقّ إلا القليل. سيكون التسلط ممتعًا لو تحقق، لكن الذين رغبت أكثر أن أجعلهم يدينون لي قد أرسلتهم منذ زمن إلى السماء. لذلك لم يبقَ عندي أسف كبير.”
“إذن… توقفي هنا. اجعلي انتقامكِ الشخصي يكفيكِ.”
“لو كان يكفيني لما وصلتُ إلى هنا.”
ابتسمت الإمبراطورة ابتسامة مشروخة، ورفعت ذراعيها.
“لقد ماطلتِ بما يكفي. حاولتِ كسب الوقت لإنقاذ ذلك الفارس، لكن… لم يفلح.”
اتسعت عينا لويسا فجأة.
أخذ يتصاعد دخان أحمر من أجساد السحرة السود متجمعًا حول الإمبراطورة، ثم تمدّد متجهًا ببطء نحو مكان نائب القائد.
“……!”
كان فارسان قد اقتربا منه خفية، لكن بالكاد وصلا إلى جواره.
أرادوا إخراجه في سرية، إلا أنّ الإمبراطورة كانت ترصدهم منذ البداية.
أدركت لويسا أنها لم تُستغل إلا كوسيلة للعبتها، ولم يغضبها ذلك بقدر ما آلمها أنها لم تنجح في انتزاع نائب القائد في تلك الثواني.
“ابتعدوا!”
جمعت لويسا طاقة مقدسة في يديها، وأطلقتها على أقرب السحرة.
شهقات ارتجت في المكان، واضطربت وضعيات بعضهم، فتلاشى جزء من الدخان الأحمر.
لكنها لم تتوقف. بل استعملت خاتمها الأثري لتفرغ شرارة كهربائية صوب الإمبراطورة نفسها.
تشقق الجو بضجيج صاعق، وتطاير برق حولها.
ارتجّ المكان بصوت تَزَزْزْ وتطايرت شرارات تشبه البرق حول جسد الإمبراطورة. لكن سرعان ما ظهر درع ضبابي بلون أحمر قاتم يحيط بجسدها، فامتص الهجوم وأبطله كأن شيئًا لم يكن.
«ἐπισχύω, κακοπαθέω ἐπακολουθέω εἶναι!»
زمّت الإمبراطورة حاجبيها، ثم رفعت طرف شفتيها بابتسامة متوحّشة وهي تردّد التعويذة.
ارتفعت أصوات الترديد من أفواه السحرة السود، تتضخم مع كل لحظة حتى دوّى صداها في كل أرجاء الكهف، يرتدّ كالصدى ويخترق الآذان بلا رحمة. كان الصوت يزداد خشونة وإزعاجًا حتى صار من المستحيل احتماله.
وحين التفتت، رأت الفرسان واحدًا تلو الآخر يسقطون راكعين أرضًا.
“تماسكوا! لا تنصتوا!”
كانت تعلم أنّ صوتها ربما لا يصل إليهم، لكنها لم تستطع التوقف عن الصراخ.
كان واقفًا هناك متوهّجًا بضوء الشمس وممسكًا بسيف يفيض بهالة مقدسة.
سقف الكهف بدا وكأنه اختُرق بقوة خارقة، والحجارة المتناثرة دلّت على أثر الضربة.
وفي الجهة المقابلة، ارتطمت هيكلية ضخمة بالحائط الجانبي.
تساقط الغبار والأنقاض في كل مكان، وكأن نيزكًا هبط للتوّ.
“……تبا، إلى الآن لم يكتمل بعد؟ ما الذي تفعلينه بحق الجحيم؟!”
خرج صوت متكسّر غاضب يتخلله اللعن والشتائم.
ومع صوت الصخور المتساقطة، نهض ساينف من بين الركام، وكل حركة له رافقها فرقعة عظام تثير القشعريرة.
وجه الإمبراطورة الذي كان يفيض بالثقة حتى لحظة، شحب فجأة.
“لا تزال لم تكتمل تعويذتي للتحرير بعد…….”
“اقتلوهم فورًا! ألا ترين حالي الآن؟ هه… هااه… كيف يجرؤ مجرد إنسان تافه على…!”
زمجر سابنف وتقدم بخطوات ثقيلة نحوها.
تراجعت الإمبراطورة بخوف ظاهر، هي التي لم تكن تزعزعها الظروف من قبل، وردّت بصوت مرتجف:
“سيكتمل حالًا… فقط بعض الوقت!”
“هل ترغبين أن تكوني أول من يموت؟”
في لحظة، اندفع ساينف بسرعة جنونية حتى أمسك برقبتها بيد واحدة وضغط عليها.
لمع بريق شرس في عينيه، وكان منظره وحده كفيلًا بأن يجمد الدم في العروق.
لويسا بلا وعي خطت خطوة إلى الوراء، لكن سرعان ما شعرت بذراع قوية تطوّق خصرها وتحميها.
التفتت بذهول.
“هل أنتِ بخير؟”
كان رافاييل.
وجهه لم يكن بخير تمامًا، فقد كان ينزف من جبينه الأيسر، ما دلّ على المعركة العنيفة التي خاضها ضد ساينف.
“دمك…….”
“لا تقلقي. مجرد خدش لا أكثر.”
فتحت لويسا فمها لتقول شيئًا، لكنها توقفت حين اجتاحها إحساس مختلف… إحساس مهيب.
أدركت أن جسده يفيض الآن بقدرة مقدسة هائلة لم يسبق أن شعرت بمثلها من قبل.
كان يتوهّج بحرارة تكاد تحرق من شدّتها، وكأنه شمس حقيقية.
وكانت هذه القوة تنتقل إلى لويسا أيضًا، حتى أنها شعرت بتضخم الطاقة المقدسة داخل جسدها تدريجيًا.
لقد كانت أكثر مما يمكنها تحمّله. لدرجة أن لويسا انفجرت بطاقة مقدسة عبر جسدها دون أن تشعر.
كاانغ─! غمر ضوء أبيض ساطع الكهف بالكامل.
****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 117"