الفائز في مؤتمر المبارزة كان الفارس ذو الأصل العامي، جيريك.
حين رفع الرجل الضخم ذو الشعر البني المربوط سيفه عاليًا، دوى من المدرجات هتافٌ كالرعد.
ثم صعد جيريك ببطء نحو المنصة. و كان الكاهن الأكبر قد نهض مستعدًا لمنحه البركة، لكن خطواته اتجهت إلى الجهة المعاكسة تمامًا.
“سيدي، ما الذي تفعله الآن….”
رغم محاولات الجنود المرافقين لثنيه، واصل السير بخطواتٍ ثابتة إلى زاوية المنصة. وتحديدًا إلى حيث كانت ميلودي جالسة.
وما إن بلغ أمامها حتى جثا على ركبتيه وخفض رأسه بعمق.
“بفضل علاجكِ تمكنت من إنهاء المباراة بسلام والفوز بالشرف.”
كان مشهدًا لم يتوقعه أحد.
غرق المكان الذي كان يعج بالصخب في سكونٍ متجمد. أن يمنح المجد لمن ينتظر حكم المعبد؟! حتى آنا وضعت يدها على فمها لشدّة المفاجأة.
الكاهن الأكبر احمر وجهه كالجمرة وظل عاجزًا عن الحراك.
حتى ميلودي، التي اعتادت الصمود بهدوء تحت سيل من النظرات القاسية، اضطربت قليلًا. فلم تظن أنه سيتجه نحوها.
طال الصمت كلما خبت الضوضاء. وفي النهاية نهضت ميلودي ومدت يدها إلى جيريك بارتباك.
“آه……أهنئكَ على الفوز.”
“شكرًا جزيلاً.”
ألقى جيريك جبينه على ظاهر يدها ثم نهض ببطء. بعد ذلك اتجه نحو الكاهن الأكبر.
“أطلب بركة المعبد.”
استقبله الكاهن الأكبر بوجهٍ متجمد. و تمتم بصوت منخفض كمن يعضّ على كلماته.
“لم يكفك أن تنحني لتلك الآثمة حتى تشكرها؟! هل يمكن أن تدنس هذا المقام المجيد ببركة خائنة؟”
“هي من عالجت ساقي. ولا أظن أن توجيه شكري أمام المعبد أمرٌ مخزٍ.”
انغرزت نظرة الكاهن الحادة فيه كالخنجر.
“بهذا القدر من الحماقة، لا تستحق أن تكون فارس جلالته.”
كان من المعتاد أن ينضم الفائز في مؤتمر المبارزة إلى فرسان البلاط الإمبراطوري. وبنبرة أشبه بالتهديد ارتعش حاجبا جيريك. ثم منح الكاهن الأكبر بركته وتراجع.
التالي الذي تقدم كان رايون. رمق جيريك من الأعلا وتمتم باستياء.
“إن حصلت على لقبِ فلن يكون بوسعكَ أن تخدم عاميًا سيدًا لكَ. لذا من الأفضل أن تطوي قلبكَ بما أنكَ عبرت عن امتنانك.”
لم يفكر جيريك قط في أن يخدم سيدًا من العامة. و رفع بوجهٍ حائر نظره إلى ولي العهد، فما كان من رايون إلا أن هز كتفيه وأكمل.
“آمل أن يمتلئ قلبكَ من الآن فصاعدًا لا بعاطفة بل بولاءٍ خالص للإمبراطورية.”
وأخيرًا جاء دور الإمبراطور الذي منح جيريك اللقب وسلّمه السيف.
في اللحظة التي أمسك فيها جيريك بسيف الإمبراطور، شهقت ميلودي متألمةً وهي تمسك صدرها وتتنفس بصعوبة.
‘ما الذي وضعوه في الماء بحق……’
حين ابتلعت ريقها أحست بطعم دمٍ مالح. و التفتت فرأت الكاهن الأكبر يبادلها النظرات بابتسامة خبيثة.
وكما توقعت، شعر ديونيس بشيءٍ مريب عند رؤية ذلك الوجه فالتفت نحوها وهمّ بالتحرك. لكن ميلودي هزت رأسها نافية.
“لن تتمكني من الصمود طويلًا.”
قال الكاهن الأكبر ذلك بصوت خافت لا يسمعه سواها وهو يغادر المنصة مارًّا بها.
لم تجبه ميلودي، بل أسرعت وحادت برأسها لتبصق في منديلها. و كانت كتلةً متجمعة من حجر الشفق الأزرق.
فخفضت بصرها إلى الأداة السحرية على شكل خاتم في إصبعها. كانت تعمل على إبطال الطاقة المقدسة في الماء وجمع مكونات حجر الشفق المطحون إلى كتلة. أشبه بآلة إبطال للقوة المقدّسة.
‘صنعتها بنفس الطريقة التي تُصنع بها آلات إبطال السحر.’
غير أنها جعلتها تمتص القوة المقدسة بدلًا من السحر.
لكن كمية حجر الشفق الأزرق الممزوج بالماء كانت كبيرةً لدرجة أنها شعرت وكأنها ابتلعت شظايا زجاج صغيرة. فبدا فمها ممزقًا من الداخل.
ومع ذلك لم يهمها. فالكاهن الأكبر لم يتوقع أن يقع في فخ تدبيره هو.
ثم بدأت التعاويذ التي تختتم احتفالات تأسيس الإمبراطورية.
صعد الكهنة واحدًا تلو الآخر إلى المذبح القائم أمام المنصة. وبينما كانوا يرددون التعاويذ، امتلأت السماء مجددًا بفراشات مضيئة من القوة المقدّسة.
تأملت ميلودي الضوء الذي حط عليها ومدت يدها بهدوء.
حين لامسها النور، شعرت بالألم يهدأ تدريجيًا.
كان الكاهن الأكبر يظن أن تعرّضها للقوة المقدّسة سيُسرّع مرضها، لكن العكس كان هو الصحيح. كان النور لا يؤذيها بل يشفيها.
فأطلق الكاهن الأكبر نحوها عمدًا عددًا أكبر من الفراشات. وكلما فعل، ازدادت ميلودي امتنانًا وهي تحتضن الضوء.
لكن فجأة، الكاهن الأكبر، الواقف في مركز المذبح يردد التعاويذ، أسكت فاه. ارتسم الارتباك على وجهه الشاحب. وأخذ الكهنة من حوله يرمقونه بقلق.
‘هل بدأ الأمر أخيرًا؟’
ثبتت ميلودي بصرها عليه أيضًا وقد توقف عن الترديد. و كان على وجهه المليء بالتجاعيد بقعٌ حمراء تظهر شيئًا فشيئًا.
“ما ذاك؟! الكاهن الأكبر……هناك شيءٌ ما على وجهه….”
ارتاب سيريل من همهمة الكهنة، فانعكس وجهه في ماء المذبح المقدس. وكانت هناك بقعٌ حمراء تنتشر في أنحاء وجهه.
“كـ.…كيف….هذا….! لماذا يحدث هذا لي.…!”
رمش غير مصدقٍ مرات عدة، لكن البقع التي نبتت على وجهه لم تزد إلا وضوحًا.
لحسن الحظ لم يلحظها حتى الآن سوى الكهنة. فأسرع يغطي وجهه بكمه وهو يلوّح بيديه ليبعد فراشات الضوء المتساقطة من حوله.
عندها نهضت ميلودي التي كانت تراقب المشهد بصمت.
“يبدو أن برهان الكذب قد انكشف للملأ.”
في السكون دوى صوتها العذب حتى أسفل المنصة. و وجهها الأبيض الخالي من شائبة بدا جليًا.
“برهان؟ أي برهانٍ تعنين؟”
سأل أحدهم وسط الضجة، فتقدمت ميلودي نحو الكاهن الأكبر. وقد ارتبك الكهنة لدرجة أنهم لم يفكروا حتى في اعتراضها.
وصلت أمامه فأمسكت بيده وجذبته بعنف إلى الأسفل.
“ها هو ذا، البرهان.”
ارتجفت شفتا سيريل غضبًا.
“ما الذي فعلتِه بي؟! أتجرئين على فعل هذا بنائب المعبد……وتظنين أنكِ ستفلتين؟!”
“من عاقبكَ ليست أنا، بل السماء. ألم تكن أنتَ من قال ذلك؟”
“ذلك……!”
عجز عن إتمام عبارته، إذ ابتلعت الجلبة أصواتهم.
“إنها وصمة! وصمة المذنب!”
“لماذا على وجه الكاهن الأكبر وصمة……!”
“انتظروا، أليست مطابقةً تمامًا لما رأيناه أمس عند مرضى الحمى الملعونة؟!”
علت شهقاتٌ متفرقة هنا وهناك. و خاف النبلاء الجالسون على المنصة.
إذ كان الاثنان واقفين في قلب الضوء، بدت الفوارق بين الكاهن الأكبر وميلودي جلية. فانتفض الكاهن تحت سيل النظرات ونفض يدها محاولًا النزول عن المذبح.
“آه! يا صاحب القداسة، وجهكَ……!”
“اخرس!”
“أيعني هذا أن المذنب المذكور هو أنتَ يا صاحب القداسة؟!”
“أي نبوءةٍ وأي هراء! تلك خرافة بادت منذ زمن بعيد، ألا تفهمون؟!”
“لكن الوصمة……!”
“قلت اخرسوا!”
امتلأ المذبح بالفوضى والشكوك في لحظة. ودفع الكاهن الأكبر الكهنة من حوله محاولًا الهرب مترنحًا من المنصة.
“أتفرّ من الحكم إذاً؟”
سألت ميلودي، فجاء جوابه شتائم سوقية بدل الرد. وقد اختفت مهابة مظهره القديم تمامًا.
وفي تلك اللحظة اعترضه الفرسان المقدسون بلباسهم الأبيض. وحين عرف وجه من يقف أمامه، بدا على الكاهن ارتياحٌ وهو يتكلم.
“يا سيد أهفين، خذني فورًا من هنا-”
“قيّدوا المذنب!”
و أصدر أهوين أمره الحاسم بصوتٍ مقتطع.
______________________________
ييسسسسسس اذا مسكوا ذاه يخلص الحاد الروايه ✨✨✨✨✨
الحين خلصت المشاكل شرايس يامؤلفة تركزين على ميلودي وديونيس؟ خلي ميلودي تطيح ويركض لها ديونيس ويحس الدنيا مظلمه لين تفتح عيونها ويعرف انه مايقدر يعيش بدونها ويعترفون ويتزوجون ونشوف العيال😘
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات