“…..بجريمة ازدراء القداسة فقد زعمت أن المعبد يكذب.”
“أنا لم أزدَرِ القداسة أبدًا!”
تقدمت ميلودي إلى الأمام.
“كيف يمكن أن يُظن بي ارتكاب فعل شنيع كهذا؟ ألتمس من سموكَ أن تمنحني فرصة التوضيح أمامكَ.”
فنظر إليها رايون وكأنه لا يفهم ما تقول.
“وكيف ستفسرين ذلك؟”
“سمعت أن الوباء بدأ من جهاز تنقية الماء السحري. سأشرب من ذلك الماء، هنا أمام الجميع. إن أصبت بالمرض فستنكشف الحقيقة، أليس كذلك؟”
ساد الصمت فجأة. وآلاف العيون مسلطةٌ عليها.
ثم أفاق أحد الكهنة من ذهوله وصرخ.
“إنها حيلةٌ خبيثة! لا شك أنها مكيدة لإهانة المعبد عبر التظاهر بجهاز لا عيب فيه!”
“إذن، ماذا لو استعملنا الجهاز الذي صادره المعبد سابقًا؟”
قالت ميلودي ذلك وهي تصفق بيديها، فتصلبت ملامح الكاهن. وحاول الكاهن مسن إخفاء ارتباكه بسعال متكلف.
“هَهْم، ذلك الأمر قد..… “
“أعني الجهاز الذي تزعمون أنكم تفحصونه بدقة من أجل المصابين بمرض التحجر السحري.”
قاطعتهم ميلودي بحدّة.
لم يكن ممكنًا أنهم يحققون فيه حقًا. لكنهم أيضًا لا يستطيعون الاعتراف بأنهم لم يفعلوا. فتبادل الكهنة النظرات القلقة بوجوه مضطربة.
“…..حسنًا، ليكن.”
بعد طول تردد نطق أحد الكهنة بالموافقة.
لم يكن اقتراحها ضارًا لهم كثيرًا في الأصل. فلو مرضت بالفعل، ستثبت كل الشبهات حول الأداة السحرية.
“إذاً فليُحسم الأمر هنا غدًا.”
بإعلان رايون قبضت ميلودي يدها بقوة.
‘لم يتبق سوى خطوة واحدة.’
حينها سينكشف كل شيء.
***
المعبد المقدس في القصر الإمبراطوري.
تحت قبة مرتفعة كانت مئات الشموع تتماوج. وفي وسط القاعة التمثال المنحوت من رخام أبيض ناصع، عند قدميه بركةٌ ضحلة من الماء المقدس. وكان الكهنة قد غمسوا أقدامهم فيها وانشغلوا.
راقب ديونيس المشهد بوجهٍ جامد. رغم الألم الذي كان يتدفق إلى جسده بسبب القوة المقدسة، إلا أن ملامحه لم تتزعزع قيد أنملة.
كحّ-
وبعد أن التقط أنفاسه تحدث الإمبراطور الجالس أمامه.
“الكاهن الأكبر جاء لزيارتي.”
“إلى القصر يا جلالتك؟”
لم يكن أحدٌ ليجرؤ على قطع طقوس الإمبراطور إلا لأمر جلل. فلابد أن الأمر ليس بسيطًا.
كان الإمبراطور ينقر بأصابعه بخفة على ذراع كرسيه.
“قال أن المعبد كان سبب الوباء.”
أيعترف بحادثة حجر الشفق الأزرق؟
ارتسمت التجاعيد على جبين ديونيس إثر المفاجأة.
“يبدو أن رايون كشف الأمر أولًا. فأرادوا استباق الضجة والتحرك قبل فوات الأوان.”
لقد أدرك المعبد أن سرهم قد انكشف. وظنوا أنهم بحاجةٍ إلى قوة الإمبراطور للتغطية عليه.
تمامًا كما أرادت ميلودي أن تبلغ الإمبراطور بنفس الأمر.
لكن يبدو أن الإمبراطور كان ينوي مد يده إلى المعبد.
“في مقابل كتمان السر، عرضوا أن يدعموا رايون.”
تخللت ابتسامةٌ خفيفة وسط نوبة سعال متتالية.
لم يكن غريبًا أن يبدو راضيًا، فالمعبد، صداعه طويل الأمد، قد بادر أخيرًا. وربما كان هذا أفضل ورقةٍ يمكنهم أن يطرحوها.
“أتدري ما الذي جنيته من جلوسي على العرش لعشر سنوات؟ هذا المرض فقط. أولئك الذين لا يكفون عن التذمر لم يتوقفوا يومًا. رايون بحاجة إلى حليف يشاركه الحمل، إلى شخص قوي بما يكفي لإسكات أفواههم.”
الإمبراطور لم يكن يملك قاعدة دعم، فقضى فترة حكمه كلها مراقبًا مترقبًا لنظراتهم، متأرجحًا تحت نفوذهم.
ولذا رغب طويلًا في توطيد العلاقة مع المعبد، لكن المعبد لم يقبل يومًا بأي صفقة. ولم يمد يده الآن إلا بعدما انكشفوا.
غير أنه لا يُدرى ما الذي قد يختبئ وراء تلك اليد أيضًا.
كان عرضًا مريبًا، لكن الإمبراطور بدا غير آبه للتفكير أبعد من ذلك.
“فما السبب الذي استدعيتني من أجله يا جلالتك؟ يبدو أن الحديث مع المعبد قد انتهى بالفعل.”
ضيّقت الإمبراطور عينيه.
“إنهم ينوون اتخاذ الأداة السحرية ذريعة. وسمعت أن صانعة الأدوات السحرية التي تحت جناحكَ متورطةٌ في الأمر.”
طَق-
تحطم جهاز إبطال السحر بين يدي ديونيس. فنفض شظاياه برفق ليُخفي الرماد.
“إن كان المقصود صنع علاج لسمو ولي العهد، نعم…..هذا صحيح.”
“لقد أفادت رايون، لكن لا مفر. سأستغل وجودها لتصفية صانعي الأدوات السحرية. سندفعها للاعتراف بأنها من صنعت السم الذي أثار الوباء.”
أخفض ديونيس رأسه ليُخفي قسوة عينيه.
“سمعت أنكَ أحضرتها إلى الحفل، لكن أعلم أن لذلك معنى معدومًا. فأنت لست سوى سيفي. وما كان لك أن تشعر بأي شيء.”
قال الإمبراطور ذلك ببرود. وكأن مشاعر ديونيس في الأساس لا تساوي النظر إليها. فالإمبراطور لم يرَ فيه سوى أداة، وما كان في الأمر جديدًا.
“إبقاؤكَ حيًا لا لشيء إلا لأنكَ ابن أختي.”
حينها خطر ببال ديونيس أن الإمبراطور قد أحب أمه يومًا. لكنه كلما كبر أدرك أن الإمبراطور إنما كان يطمع فقط في قوتها.
ومع ذلك أطاع كلامه. لأنه لو ترك القصر الآن وتخلى حتى عن اسم “فالكاراس” الممهور به، لشعر وكأنه سيتحول حقًا إلى وحش.
عاش كما يجرّه التيار. أيّامٌ بلا إحساس، وألمه لم يلبث أن صار غضبًا، وحياته بلا غاية.
ومع ذلك، لم تراوده قط رغيةٌ في الموت. كانت مجرد حياة ممدودة على هذا النحو.
بين نوبات السعال المتواصلة، ركّز على الإمبراطور عينيه،
“إن ما فعله المعبد باستعمال حجر الشفق الأزرق لإحداث الوباء كان فعلًا مقصودًا. لقد أُصيب مئات من رعايا الإمبراطورية بالمرض.”
“لكنه أمرٌ انتهى بالفعل. وما جدوى البحث عن السبب الآن؟”
تابع الإمبراطور كلامه.
“إنها تضحيةٌ من أجل الإمبراطورية. لا تختلف عن الموت في الحرب. حتى موتهم شرف.”
ابتسم ديونيس ابتسامة ساخرة بدل الجواب. فما عاد يُدرى من هو الوحش في هذه القصة.
“قد يرفض سمو ولي العهد أن يتحالف مع المعبد، يا جلالتك. فهو يشعر بفخر كبير لتوصله إلى حل هذه القضية. أتظن أنه سيقبل أن يمد يده إلى الجُناة؟”
“لا تقلق بشأن ولي العهد. فما هذا الإنجاز التافه إلا لا شيء مقارنةً بما سيقدمه المعبد.”
أحقًا كذلك؟
بلع ديونيس مرارة كلماته.
ما ازدرَاه الإمبراطور باعتباره تافهًا، كان عنده أثمن من أن يستبدل بشيء.
في الليلة الماضية، في طريق العودة إلى القصر بعد لقائه بويْني.
‘لقد انكشفتُ أمامها.’
داخل العربة الخارجة من القصر تحدثت ميلودي. كان يحدق في يدها طويلًا ثم رفع نظره إلى وجهها.
هل أدركت أنني أريد أن ألمسها؟
إن كان الأمر كذلك، فقد كان إدراكًا بطيئًا حقًا.
ميلودي لم تكن تكترث بمعظم الأمور. لذلك مدت يدها بلا تردد حين طلب رايون مصافحتها. لكنه لاحقًا مسح بيده الموضع الذي طبع رايون شفتيه عليه، غير أن النفور لم يزل عالقًا.
ولكي يمسحه مرة أخرى، مد يده إلى جيبه يبحث عن منديل، ثم تذكر أنه تركه في قاعة الحفل، فأنزل يده.
“لا تتهرب. لماذا لم تخبرني أنكَ تتألم؟”
وعندما نظر إلى معصمه أخيرًا، رأى الأداة السحرية المحطمة وقد فقدت مفعولها. كان لبّها قد صار مسحوقًا منذ وقت طويل.
“لعلك لا تدرك بنفسك، لكن التغيير واضح. خصوصًا هنا.”
قالت ميلودي ذلك وهي تشير بإصبعها إلى ما بين حاجبيها.
“الجروح على جسدكَ تعترف بألمها، لكن لماذا تصمت عمّا يؤلمكَ حقًا؟”
عيناها نصف المغمضتين، وملامحها تلك، جعلت قلبه ينبض بعنف لا يمكنها أن تتخيله.
أكان رايون قد سأله إن كان قادرًا على التحمل؟ لقد كان مستعدًا لفعل أي شيء ما دام بإمكانه إبقاءها إلى جانبه.
حتى وإن كان الثمن أن يتخلى عن الإمبراطورية التي بنتها أمه، وعن سبب وجود دمه هو نفسه.
انقلب لسانه ببطء داخل فمه.
التخلي كان سهلًا للغاية.
“سأطيع الأوامر.”
وما إن انحنى حتى ارتسمت على وجه الإمبراطور ابتسامة رضا.
______________________
ويت يمكن ديونيس بيخلي كل شي وراه ويطق ورا ميلودي في فصل المقدمه؟ توه يقول التخلي سهل
ليته قبل لايروح يصفق الامبراطور الزفت ذاه
المهم بمناسبة اليوم الوطني السعودي 95 عنه ذاه الفصل 95 ههاهاهاعاهاهاهاها💚🇸🇦🇸🇦
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 95"