شعرت وكأن جسدها يندفع للأمام، وإذا بالأعشاب تقترب بسرعةٍ من عينيها.
“آه!”
وفي اللحظة التي مالت فيها تمامًا نحو العشب، كان ديونيس قد طوق خصرها بذراعيه بإحكام. وهكذا سقطت ميلودي في حضنه وسقطا معاً فوق المرج.
كانت متأكدةً أنها ارتطمت بشيء، لكن الغريب أنها لم تشعر بالألم.
ثم رفعت نصف جسدها، فإذا بديونيس ممدّد تحتها، وعيناه الحمراء القاتمة المليئة بالليل تحدّقان فيها عن قرب.
“يا دوق.”
لم تنهض ميلودي، بل وضعت يديها على الأرض تحيطان بوجهه. يينما تلاقت نظراتهما على مسافة أنفاسهما.
“هل يمكنني لمسكَ؟”
وكانت تلك آخر ذكرى لميلودي.
***
في اليوم التالي، أدركت ميلودي الحقيقة.
“الشيء الوحيد الذي جنيته من الشرب بغباء……هو صداع الثمالة.”
“هل أنتِ بخير؟”
“رأسي سينفجر. آنّا، وأنتِ؟ بخير؟”
“أنا لم أشرب كثيرًا.”
كان ذلك كذبًا. فقد رأت ميلودي بأمّ عينها آنّا تشرب من كأس بحجم بطيخة مرات عدة.
ضيّقت عينيها تنظر إليها، فما كان من آنّا إلا أن تخلّصت من الموقف بسعال مصطنع ونهضت.
“أتريدين ماءً؟ أم حساءً؟”
“الماء أفضل. الحساء……لا أظن أنني أستطيع أكله.”
“كنت أتوقع هذا.”
“لكن، آنّا……لم يحدث شيءٌ البارحة، صحيح؟”
ألقت آنّا عليها نظرةً غامضة عند سؤالها.
“لماذا؟ هل فعلتِ شيئًا؟”
فتوترت ميلودي خشية أن تكون ارتكبت خطأ فادحًا، لكن آنّا انفجرت ضاحكة،
“في الحقيقة، لا أعلم. خرجتُ لأجلب ماءً، وعندما عدتِ كنتِ قد عدتِ مع الدوق.”
“أنا؟”
سألت بدهشة، وفجأة بدأت الذكريات تتسرب.
“احملني.”
تذكرت نفسها وهي تمد ذراعيها نحوه بدلال، ووجه ديونيس المتفاجئ.
فهزت رأسها محاولةً طرد بقايا الذكرى، لكن لم يكن لذلك أي جدوى.
“هل يمكنني لمسكَ؟”
ثم تذكرت كيف سقطت فوقه بعدما أنقذها من السقوط، وهي فوق جسده تحاول الثبات.
فتمتمت لا إراديًا،
“يا إلهي……”
ولم يكن ذلك فقط. فقد ارتعشت رموشه الطويلة الكثيفة، فما كان منها إلا أن مدت يدها تلامس عينيه.
ثم لامست أنفه الحاد، وحتى……شفتاه، التي بدت حمراء جدًا.
‘لا بد أنه لم يحدث شيءٌ آخر……أليس كذلك؟’
وبينما تضطرب أفكارها، ازداد شعورها بالغثيان بسبب صداع الثمالة.
فاتكأت ميلودي إلى جذع شجرة ورفعت بصرها نحو السماء. و راحت تتحرك بحثًا عن وضع مريح، لكن فجأة، سقط من جيبها قفازٌ وحيد.
“ما هذا؟”
حدّقت ميلودي في القفاز المطرز. الذي كان مصنوعًا من جلد فاخر ويبدو غالي الثمن.
“هل هو خاصٌ بديونيس؟”
لكن لم يكن من الممكن أن يخلع قفازه أبدًا، فهو يمقت أن يلامس شيءٌ يديه العاريتين.
وفجأة عادت إلى ذهنها صورتها وهي تنتزع قفازه بالقوة.
“حقًا، لقد فعلتُ كل تلك الحماقات.”
توقفت عن التفكير، مستسلمةً للصداع الموجع وهي مستلقيةٌ بلا حراك، حينها، دوى فوق رأسها صوتٌ مألوف.
“الجو بارد، أأنتِ بالخارج؟”
كان ذلك أهفين.
“لستُ بخير.”
“يدكِ.”
مد أهفين يده مباشرة. فاعتدلت ميلودي في جلستها،
“هل تستطيع القوة المقدسة أن تشفي من صداع الكحول أيضًا؟”
“بالطبع.”
“حقًا؟”
“فالكحول سمّ، ويمكن علاجه بطريقة إزالة السموم.”
“سمّ إذاً……لا عجب أنه أنهكني.”
وضعت ميلودي يدها برفق فوق يده.
“يبدو أن السماء قد أرسلتكَ إليّ يا سيد أهفين.”
أن تُعالج من صداع الكحول بالقوة المقدسة الغالية الثمن……لم يكن ذلك سوى ترف نادر.
وبينما يمد فيها قوته، سألها،
“لم أتوقع أن ترافقينا في الحملة. هل كنتِ تنوين هذا منذ البداية؟”
“لا.”
لم تكن تنوي الانضمام للحملة.
في البداية، كانت تفكر فقط أن تبلغ فرسان المعبد ليوقفوا الحاجز، ثم تحبس نفسها في معملها.
لكن خروج ديونيس إلى الحرب لم يتغير. وذلك يعني أن إصابته في المستقبل لم تتغير هي الأخرى.
و ميلودي أرادت أن تغير ذلك المستقبل.
“هكذا سارت الأمور لا أكثر.”
وراحت عيناها من غير قصد تتجهان نحو خيمة ديونيس.
وبينما كانت غارقةً في أفكارها، أيقظها صوت أهفين مجددًا.
“لا بد أن الرحلة غير مألوفة لكِ. ألا تجدينها شاقة؟”
“لم أعد أطيق ركوب العربة. و لم أدرك من قبل كم هي ثمينةٌ الأرض الصلبة تحت الأقدام. عندما نعود، سأصنع عربةً لا تهتز أبدًا. طبعًا بعد أن أحصل على إذن الدوق.”
فأومأ أهفين كأنه تفهّم الأمر.
“إن كان الأمر مرهقًا جدًا، فربما يجدر بكِ تجربة ركوب الخيل.”
“لم أجرب ركوب الخيل ولو مرةً واحدة.”
“إذاً-”
كان يوشك أن يتكلم حينها، قاطعته ميلودي على عجل.
“لحظة، المعذرة.”
جذبت كمّه بخفة، ومع ذلك انساق جسده الضخم دون مقاومة.
لم يكن الأمر بعيدًا عنهم فاستطاعت رؤية خيمة ديونيس تُفتح، وخرج منها الكهنة.
لكن بينهم وجهٌ لم تره من قبل. شعرٌ أسود مشدود إلى أعلى بعقدة واحدة، وملامح جميلة كدمية خزفية.
حتى من بعيد، كان جمالها يلفت النظر بشكل استثنائي.
لم تلتقِ بها يومًا، لكن ميلودي أيقنت فورًا أن تلك المرأة هي بطلة الرواية، “ليهيلين”.
‘يا للجمال……!’
وما هي إلا لحظات حتى خرج ديونيس من الخيمة. و قال الكهنة بضع كلمات ثم انصرفوا أولًا، بينما تبعته ليهيلين بخطواتٍ سريعة.
ميلودي، وبمحض غريزة، كتمت أنفاسها وشدت ذراع آهفين أكثر نحوها. فانحنى الرجل الضخم صامتًا، مطويّ الجسد بجوارها.
شَعَرُه لامس خدها بدغدغةٍ خفيفة، لكن ما صرف انتباهها كان المشهد أمامها.
المسافة بين الاثنين كانت تضيق أكثر فأكثر. حتى انقبض صدرها بانزعاج مؤلم.
“ما الأمر؟”
“شش……اصمت، لا تتحرك.”
همست ميلودي بذلك.
ركبة أهفين كانت تلامس ركبتيها بين حين وآخر، لكنها لم تأبه، فكل حواسها كانت مشدودةً لما تسمعه خلف العمود.
__________________________
نو بلييز لاتشبكينهم اهااااااع
المهم اهفين بعد يامازوخي لاتصدق نفسه ترا مستعملتك جدار بلا 😘
المهم ابيها تتذكر وش وت وهي سكرانه😭
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 48"