“هل كان احتجازكَ للسحرة في المعبد أيضًا من أجل هذا؟ لتخفي هذا الوحش؟”
كانت الدائرة السحرية المنقوشة على جسد الوحش تحوي قوةً هائلة من الطاقة المقدسة، ولهذا اختلّ توازن العالم. ورغم الاتهام الصريح، ظلّ القديس ينظر إلى الوحش بعينين مفعمتين بالولع والرغبة.
“لقد نالوا جزاء خطاياهم فحسب. جريمتهم هي إغواء القديس وإفساده، وجريمتهم في جلب الوحوش إلى هذا العالم.”
شعرت ميلودي بأن معدتها تنقلب من الغثيان.
“كل هذا أنتَ من فعله! أنتَ من صنع هذا الشيء المقيت وكسرت توازن العالم! أنتَ من استدعى الوحوش!”
“لولا تلك القوة لما حدث شيء من هذا.”
وقبل أن ترد عليه بأن هذا أيضًا خطؤه، دوّى فجأة ضجيجٌ في المكان. صرير حديد وسلاسل تُجرّ على الأرض، وبابٌ يُفتح، ثم دُفع عددٌ من الناس إلى الداخل على يد الجنود.
كانوا صنّاع الأدوات السحرية.
“ويني؟ بيلي؟ هل أنتما بخير؟”
“همف!”
حبست ويني شهقةً مرعوبة بين أسنانها، ولحسن الحظ لم تبدُ عليها جروح، و يبدو أنهم لم يؤذوها بعد. فعضّت ميلودي شفتها الملطخة بالدم بقوة حتى كادت تنزف أكثر.
‘لماذا…..حتى هؤلاء؟’
لم تفهم سبب جلب القديس لصنّاع الأدوات السحرية، فالوحش بدا شبه مكتملٍ بالفعل. ومع ذلك، عاد بصر القديس من الصناع إلى ميلودي.
“لا تقلقي، أنا لستُ قاتلًا، بل قديسًا. أصدقاؤكِ سيكونون بخير…..إن تجلت القداسة فحسب.”
ابتسم القديس ابتسامةً غامضة، وحرك إصبعه بخفة.
“طبعًا، إن تعاونتِ معي.”
انعكست في عينيه نظرةٌ متحمسة، كمن وجد أخيرًا قطعة الأحجية الأخيرة التي كان يبحث عنها.
خلع الجنود القيود عن الصناع، فأمسكوا مطارقهم وبدأوا في صنع مشاعلٍ جدارية، والمشهد بدا مريعًا في غرابته.
“الحاجز بدأ بالانهيار بالفعل، وسيصبح سقوط الإمبراطورية كلها مسألة وقت. ألا تريدين إنقاذ الناس؟”
“فتستدعي القداسة داخل جسد هذا الوحش؟!”
“لأطهّر العالم بالنور.”
“إذا اختفى الظلام، سينهار توازن العالم بالكامل!”
“وإن امتلأ النور كليًا، فسيُبنى التوازن من جديد في نظامٍ أسمى.”
حتى لو كان هذا ممكنًا، فسوف يموت السحرة جميعًا.
لم يكن بوسعها السماح بحدوث ذلك. و كان لابد من إيقافه مهما كلف الأمر.
“لن أسمح لك بذلك.”
في تلك اللحظة، تمتم القديس بتعويذةٍ صغيرة.
“آااخ!”
فرفعت ويني مطرقتها فجأة وضربت يدها بها! كان الرعب يملأ عينيها، وجسدها يتحرك وكأنه لا يطيع إرادتها.
حينها لاحظت ميلودي سوارًا فضيًا حول معصمها، يشبه تمامًا الأساور التي يرتديها الكهنة الملقى بهم أرضًا.
‘هل هو أداةٌ سحرية تُجبر على الحركة؟’
“آااه!”
وقبل أن تكمل التفكير، هوت ويني بمطرقتها على يدها مرة أخرى.
“توقفي!”
فصاحت ميلودي.
“إن لم تبدئي العمل، فسيستمر أصدقاؤكِ بإيذاء أنفسهم. لن يموتوا، لكن الألم سيكون فظيعًا.”
“أنتَ مجنون!”
“لا تقلقي، عندما تتجلى القداسة ستلتئم كل الجراح الصغيرة. إن ظلّوا أحياءً حتى ذلك الحين.”
وفي النهاية، خطت ميلودي نحو الوحش بخطواتٍ مترددة، كأنها تُساق بالقوة.
النقوش كانت شبه مكتملة، والقليل فقط من التعديل سيجعل الكيان يستيقظ ويغمر العالم بقوةٍ مريعة.
أغمضت ميلودي عينيها ثم فتحتهما بصوتٍ مرتجف،
“القوة هنا غير كافية.”
فمال القديس برأسه قليلًا.
“غير كافية؟”
“نحتاج إلى نورٍ أقوى…..مثل ضوء شمس الظهيرة، ثم..…”
قبل أن تكمل، اتسعت ابتسامة القديس على وجهه حتى بدت كأنها شقٌّ مرعب.
“كما توقعت…..حقًا، أنتِ جديرة بلقب ابنة الكاهنة.”
في تلك اللحظة، التفّ معدنٌ بارد حول معصم ميلودي.
‘كما توقعت…..إنها أداةٌ سحرية.’
وقبل أن تتمكن حتى من التأكد من النقش السحري عليها، بدأ جسدها بالتحرك من تلقاء نفسه. بينما تسللت إلى أذنها نبرة القديس الهادئة.
“أنصحكِ ألا تفكري في فعل أي حماقة…..مع أن الأمر مستحيلٌ أساسًا.”
أصابع ميلودي أمسكت بالمطرقة رغماً عنها، وحين حاولت المقاومة شعرت وكأن خيوطًا خفية تشدّ عظامها من الداخل، تمنعها من أي حركةٍ حرة.
ثم دَوّى صوت ارتطامٍ عنيف — طاااخ!
ضربت المطرقة اللوح المعدني، وانبثق فوق النقش ضوءٌ خاطف رسم رموزًا جديدة.
كانت هي المعادلة المعدّلة التي حفظتها ميلودي في ذهنها. فارتجّ بصرها واهتزّت رؤيتها.
‘لا……لا يجب أن أُكمل الدائرة!’
طاااخ! طاااخ!
حاولت المقاومة بجنون، لكن النقش أخذ يكتمل شيئًا فشيئًا. فلم يعد جسدها ملكًا لها.
‘الأفضل أن أكسر يدي..…!’
وفي لحظة عابرة استعادت فيها وعيها، رفعت المطرقة بكل قوتها وضربت يدها.
“آه..…!”
كان الألم قاسيًا لدرجة أنها لم تستطع حتى الصراخ، لكن الجرح التأم فورًا تحت طاقة الوحش المنبعثة من جسده.
ثم خيّم السواد على عينيها، ويدها عادت تتحرك تلقائيًا لتُكمل النقش.
طااخ—
حاولت هذه المرة أن تفسد الدائرة ولو قليلًا، لكن القوة التي تتحكم بها شدّت معصمها بعنفٍ حتى شعرت وكأنه سينفصل عن ذراعها.
ثم رفعت المطرقة مجددًا وضربت يدها مرة أخرى.
“آااخ!”
“يا للحماقة التي تفعلينها.”
ضحك القديس ساخرًا، وتمتم بتعويذةٍ قصيرة فقطع وعيها تمامًا.
لكن فجأةً، اخترق الظلام ضوءٌ ساطع أعاد إليها وعيها لوهلة.
“آه..…؟”
شعرت بدفء عند أطراف أصابعها، و عندما التفتت، رأت رايون يحاول انتزاع المطرقة من يدها.
“تباً! جئتُ لأرى الوحش، فما الذي تفعلينه؟!”
“صاحب السمو…..ولي العهد؟”
استعادت وعيها للحظة، وصرخت بكل ما أوتيت من قوة:
“سموك! السوار..…!”
أدرك رايون ما تعنيه، وحاول نزع السوار من معصمها، لكنه كان محكمًا بشدة ولم يتحرك قيد أنملة.
“إنه لا يخرج! تباً!”
وفجأة، وُجّهت نصلات السيوف نحو عنقه. فالجنود الذين كانوا خلفه رفعوا سيوفهم ببطء واحدًا تلو الآخر.
“كيف تجرؤون! ألا تعرفون من أنا؟!”
صرخ غاضبًا، لكن أعين الجنود كانت زجاجية، تحدق في الفراغ بلا وعي.
لم يكن هناك إنسانٌ واحد غير خاضع لسيطرة القديس. فضحك القديس بخفة،
“كيف لا أعرف؟ أنتَ حفيد فالكاراس الذي اعتلى العرش بقوة المعبد..…نبيلٌ ضعيفٌ لا غير.”
“لقد وعدتَني أمام المعبد…..قلتَ أنني إن جلبتُ صنّاع الأدوات السحرية سأنال كل ما أرغب به!”
“بالطبع، ستحصل على العرش يا صاحب السمو.”
“لا، ما أريده…..هو هذه المرأة.”
صدّ رايون سيف أحد الجنود بحدّ سيفه، وضمّ ميلودي إلى صدره، محاولًا الانسحاب نحو المخرج. لكن القديس أشار برأسه بخفة.
“يا للأسف، صبركَ قصيرٌ جدًا.”
فاندفع الجنود يسدّون الطريق، وأحدهم هوى بسيفه نحو رايون دون تردد.
“آااخ!”
“سموك!”
لم يستطع تفادي الضربة؛ فانغرس السيف في كتفه بصوتٍ مريع مزّق اللحم. و خرّ رايون على ركبتيه تحت وطأة الألم.
حاول أن يسحق السوار الفضي الذي يقيّدها وهو يلهث من الألم.
“حين أرغب في امتلاككِ بهذا القدر…..فلا بد أنني أحبكِ.”
وفي تلك اللحظة، انغرس السيف أعمق في جسده، فانهار نصفه الأعلى، وتردّد صوت تكسر العظام، وتدفقت الدماء تغمر الأرض تحته.
و نظرت ميلودي إليه مذهولة، عاجزة عن التصديق.
“أغغ..…”
خرج أنينه الموجع من بين أسنانه، ويده التي كانت تشدّ على معصمها تراخت ببطء. وما إن فقد السيطرة حتى عادت يدها تتحرك قسرًا، تلتقط المطرقة لتكمل النقش الأخير.
فاقترب القديس مبتسمًا بخفة، وركل وجه رايون بطرف قدمه بلؤم. وبرغم ذلك، ظلّ رايون يحاول بكل ما تبقى له من قوة أن يمسك بكاحل ميلودي.
“حين ينتهي كل شيء، ستحصل عليها، فلماذا تصرّ على لعب دور البطل السخيف؟”
لكن رايون كان قد أخرج خنجرًا صغيرًا وغرسه في قدم القديس.
“آه!”
و ضحك القديس حتى اهتزّ كتفاه، وكأن الطعنة لم تؤلمه البتة. بينما لمع الجنون في عينيه.
“امرأةٌ واحدة قد تُلقي بإمبراطوريةٍ بأكملها إلى الهاوية. وما زلتَ تراها جديرةً بهذا؟”
“إمبراطوريةٌ لا تخصني؟ فلتسقط كما تشاء.”
قال ذلك وهو ينزف بغزارة، يمدّ يده المرتجفة نحو كاحلها دون توقف، بينما الأرض تحتهم تصطبغ بالدم القاني.
“توقف….أرجوكَ، توقف الآن..…”
هزّت ميلودي رأسها، والدموع تغمر وجهها. و لم تستطع حتى أن تمسحها، فجسدها عاد يتحرك قسرًا نحو النقش لتكمل الطلسم الأخير.
“آه، ما أحمق هذا الشعور المسمى حبًا…..يجعل المرء يواجه الموت نفسه بلا تردد.”
تمتم القديس وهو يلمس خدّ رايون، وما إن فعل حتى اسودّت البقعة التي لامسها. بينما تهادى صوت أنفاس رايون حتى صار همسًا واهيًا.
كان يموت أمام عينيها، بينما يداها تُكملان النقش الذي سيجلب نهاية العالم.
“آسفٌ…..على وعدي.…”
كانت كلماته الأخيرة قبل أن يخفت صوته تمامًا.
وعد بحماية الجميع…..و ظنّت أنه كلامٌ عابر، لكنه كان يحاول الوفاء به حتى آخر نفس.
“اتركه…..أترك الجميع!”
انفجرت صيحتها من أعماقها، صرخة ألمٍ ويأسٍ مزّقت سكون المعبد.
_________________________
يارب رايون يفطس
ذاه حمار مريض نفسي افهموها عاد انتم ترا قصدي القديس ورايون 🙂↕️
المهم للمره المليون ليه المؤلفه تحب ماتطلع ديونيس في اكثر اوقات ميلودي تبيه؟؟؟؟؟
Dana
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 135"