“هل يمكن أن يكون محتوى ذلك التوقع عن حبٍ بين كاهنةٍ وفارس مقدّس؟”
“نعم، صحيح. هل سمعتِ به من قبل؟”
ذلك كان محتوى الرواية <الأسرار الخفية لليهلين>.
“ويبدو أن فيها أيضًا قصةً عن العائلة الإمبراطورية. قيل أن جلالته غضب فأحرق مخطوطة التوقع الذي كتبها.”
رايون الذي كان يثير الشائعات بعلاقاته مع سيدات النبلاء. و تمرد ديونيس الذي انتهى بالفشل. إن كان ذلك التوقع يشبه الرواية التي قرأتها، فلن يكون من الغريب أن يثير سخط الإمبراطور.
وبينما كانت تفكر، سألها ديونيس،
“ما الأمر؟”
“أشعر وكأنني رأيت شيئًا مشابهًا من قبل.”
“أنتِ التي قرأتِ قصةً عن سائس الخيل وكونتيسة. هل كانت هناك أخرى غيرها؟”
ضاقتا عيناه بنظرةٍ ماكرة.
“متى قرأتُ ذلك؟!”
ابتسم ابتسامةً مشاغبة كصبي صغير.
“كان مطروحًا على أرض مكتبة القصر الإمبراطوري.”
“ظننته كتابًا عن الخيل فقرأته.”
“لكن يبدو أنكِ قرأته باهتمام أكبر مما يليق بكتاب عن الخيل. أليس كذلك؟”
لسانه مرّ ببطءٍ على شفتيه. وللحظة لمعت في ذهنها صورة ما جرى في العربة. فرفعت ميلودي يدها لتغطي وجهها المحمّر، ثم حولت نظرها نحو روهان.
“أين أستطيع أن أجد مخطوطة التوقع؟”
“جميع التوقعات الفاشلة محفوظةٌ في أرشيف المعبد.”
“المعبد….”
هل ما قرأته كان فعلًا مخطوطة توقّع؟
بعد ترددٍ قصير، فتحت ميلودي شفتيها.
“أريد أن أعرف ما إذا كانت ليهلين بخير.”
ذلك هو الأهم.
“سمعت أنها نُقلت إلى المصحّة على يد الكهنة، سأتأكد من الأمر.”
“أرجوكَ.”
غادر روهان مسرعًا، وتوجّه الاثنان إلى الحديقة.
وعندما رفعت بصرها، كان الشفق قد غطى السماء.
“هل يقلقكِ أمر تلك الفتاة إلى هذا الحد؟”
“أشعر أن كل هذا بدأ بسببي.”
خشيَت ميلودي أن تكون قد بدّلت مصيرها.
ليهلين، التي كانت في الرواية محبوبةً من الجميع، كيف انتهى بها الأمر متهمة بالقتل؟
“ليس بسببكِ، بل بسبب المعبد.”
صوته كان صلبًا لا يتزعزع.
“أنتِ فقط كشفتِ أخطاءهم. فلا داعي لتحملي شفقةً زائدة.”
أُضيئت المصابيح واحدًا تلو الآخر في الحديقة، تطرد الظلام. وفي ذلك الضوء الخافت، رفعت ميلودي بصرها إليه، فانعكست شمسٌ لم تغب بعد في عينيه الحمراوين.
“يمكنكِ أن تشفقي عليّ بدلًا من ذلك.”
“أتريد مني أن أراكَ مسكينًا يا دوق؟”
“إن كان لا بد أن تفكّري بأحدٍ غيركِ، فليكن بي أنا.”
قال ذلك وكأنه لا يريد أن تتقاسم قلبها مع أي أحد.
“أما زلتِ لا تخافين مني؟”
“ولماذا سأخافكَ الآن؟”
سكن الصمت قليلًا، وأغمض ديونيس عينيه ببطء.
“لقد قتلتُ إنسانًا. منذ أن حصلت على قوتي السحرية لأول مرة. كانت مربيتي.”
ارتسمت على وجهه ندوبٌ لم تختفي بعد.
“منذ ذلك اليوم، أصبح الجميع يخشونني. لكنكِ أنتِ……”
إذاً هذا كان سبب حذره كلما لمسني. إدراكٌ مفاجئ صاحبه ألمٌ داخلي.
أمام الوحوش لم يطرف له جفن، لكنه كان يخشى أن يؤذيني بمجرد لمسة.
“لابد أن ذلك كان مرعبًا.”
“!”
رفعت ميلودي يدها لتضم خده. بينما اهتز صدرها برجفة مؤلمة.
“ولابد أنكَ شعرت بالوحدة……طول تلك السنوات.”
“…….”
لمعت عيناه بدهشة، كمن يسمع كلماتٍ لم يتوقعها.
“حتى أنا، حين بلغت العشرين وفقدتُ أبي، شعرت أن العالم كله أظلم.”
ثم أحاطته ميلودي بذراعيها، و عانقت جسده القوي، فتصاعد خفقان القلب بينهما لا يُعرف إن كان قلبه أم قلبها.
“أما زال العالم مظلمًا الآن؟”
سأل بصوتٍ مخنوق يخرج من بين أسنانه. فرفعت ميلودي رأسها عنه ونظرت حولها.
بدا أن روهان قد وصل، وكان نباح كلبه يتردد. و في معملها أُضيئت الأنوار، وعلى ما يبدو كانت آنا تنتظرها.
فوق المكتب تراكمت أطباقٌ الحلوى التي أحضرها الخدم، وعند الصباح سيأتي غِرسون بأدواته التي أصلحها.
لم تشعر منذ زمنٍ أنها وحدها.
“لا، الآن……لا أشعر بالوحدة إطلاقًا.”
أحبت هذا المكان.
“وأنا كذلك.”
ابتسم، وقد كانت عيناه الحمراوان جميلتين كزهرة متفتحة.
‘أنا أحب هذا الرجل.’
و لم يكن ذلك إدراكًا جديدًا أو مفاجئًا.
***
في اليوم التالي، أُعلن رسميًا عن وفاة كبير الكهنة.
“يُقال أن الآنسة ليهلين بخير. ستحتاج إلى بعض الأيام الإضافية للعلاج، لكن حياتها ليست في خطر.”
في الصباح الباكر جاء روهان يحمل الخبر. وبعد مغادرته، توقفت ميلودي عن عملها على الأداة السحرية وغرقت في التفكير.
‘ما تبقى هو مخطوطة التوقع إذاً.’
أرادت أن تتأكد إن كانت الرواية التي قرأتها حقًا مخطوطة توقع. لكن بعد إلغاء قسم صناعة الأدوات السحرية، لم يعد لديها أي طريق لدخول المعبد. والتسلل كما في السابق لم يعد ممكنًا.
هل يمكن أن تطلب المساعدة من أهفين؟
مدت يدها إلى الورق لتكتب رسالة، لكنها ترددت.
“حتى السيد أهفين سيكون في موقفٍ حرج.”
ألم يكن المعبد يحرص أشد الحرص على إخفاء القديس؟ لا بد أن أهفين كذلك لن يختلف عنهم.
الورقة التي أمسكتها انكمشت بلا قوة بين يديها. وبينما هي غارقة في التفكير، سُمِع طرقٌ على الباب، ودخلت آنا تحمل معها رائحة طعام شهية أيقظت جسد ميلودي المتعب.
“يبدو أن المطر لن يتوقف.”
رفعت بصرها إلى النافذة، فامتلأ المشهد بالغيوم الكثيفة.
و لم تكن تدري أن المطر يهطل أصلًا.
“كبير الكهنة……لا، ذلك الوغد لن يُقام له جنازة. بل سيُحتفل بتنصيب كبير الكهنة الجديد في حفل ضخم.”
“أيعقل أن يقام حفل التنصيب بهذه السرعة؟”
“يقولون أن هذا المنصب لا يمكن أن يظل شاغرًا حتى ليوم واحد. والدوق أيضًا ذهب إلى المعبد للتحضير لذلك.”
أدارت ميلودي عينيها نحو جهاز إبطال السحر الذي أكملته عند الفجر.
هذه المرة، نقشت الدائرة السحرية بإتقان بلا خطأ. نظريًا كان كاملًا، وما تبقى سوى التجربة.
“أتدرين أين هو الدوق الآن؟”
“رأيته قبل قليل متجهًا نحو الإسطبل.”
كلمة “الإسطبل” أعادت إليها ذكرى القبلة في العربة.
لا، ربما لم يكن السبب المكان نفسه. فما إن يغفل عقلها حتى تعود إلى تلك اللحظة؛ و إحساس شفتيه المتكرر ما زال يطرق ذاكرتها حيًا نابضًا.
“لماذا الإسطبل بالذات.”
تمتمت ميلودي و كأنها تخرج زفرة، فضحكت آنا بخبث وخفضت صوتها.
“ربما لأن المكان ضيقْ، فزاد قربهما؟ الكونتيسة التي عاشت حياتها مرفهةً ستجد في ذلك شيئًا جديدًا يجذبها.”
“قد لا يكون المكان مهمًا أصلًا.”
“لو كانت تحب السائس فعلًا……ربما.”
حب؟! ابتلعت ميلودي ريقها بارتباك.
‘أظن أننا لم نصل إلى ذلك بعد……’
“إن وجدتُ كتابًا آخر، سأستعيره لكِ أيضًا يا ميلودي.”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات