‘آه.’
أخيرًا استعادت كلوديل وعيها قليلًا.
في هذه اللحظة، لم يكن بينهما سوى علاقةٍ عابرةٍ تبادلا فيها بضع كلمات.
‘بالتأكيد سأبدو غريبة.’
عضّت كلوديل شفتيها بقوّة.
كدليلٍ على ذلك، كان فرسان فالديمار يحدّقون بها بذهول.
ربما بسبب سلوكها الغريب.
“أ-أنا آسفة.”
احمرّت وجنتا كلوديل فجأة.
لحسن الحظ أن الحجاب كان يغطّي وجهها، وإلا لكانت قد كشفت تعابير وجهها المضطربة بالكامل.
لو أخطأت لظهرت تعابير وجهها الفوضوية بوضوح.
“لقد فوجئت … لذا تصرّفتُ هكذا.”
“حسنًا، قد يحدث هذا.”
لحسن الحظ، لم يستفسر راينهاردت كثيرًا عن هذا الأمر.
“إذن، هاجمت الخادمة السيدة؟”
سأل راينهاردت، الذي سمع القصة كاملةً من الفارس، كلوديل وهو يعبس.
“هل يمكن إقامة حفل الزفاف كما هو مقرّر؟”
“ماذا؟”
ارتبكت كلوديل قليلًا.
“لابدّ أنكِ قد فوجئتِ.”
“… سيدي الدوق.”
“لا أمانع في تأجيل حفل الزفاف. شخصكِ أهم من ذلك.”
في تلك اللحظة، انقبض قلب كلوديل.
بالنسبة لراينهاردت، كانت هي مجرّد قيدٍ فرضه الملك عليه.
زواجٌ مُذِل.
إهانةٌ لفالديمار.
ومع ذلك…
‘ما زلتَ لطيفًا كما كنت.’
لذلك هزّت كلوديل رأسها رفضًا.
“لا، لا بأس.”
كانت كلوديل على درايةٍ جيدةٍ بالإشاعات عنها.
عشيقة الملك.
غاويةٌ تخلّصت من زوجين بسبب توقها لحبّ الملك.
في زيجاتها الثلاث السابقة حتى الآن، لم تُلَبّ رغباتها على الإطلاق.
كان هذا هو تصوّر العامة.
إذا أُلغي حفل الزفاف بهذه الطريقة.
‘سأُلحق العار بسمعة فالديمار.’
بغض النظر عن مقدار التفسيرات التي قد تُقدَّم حول حادثة غريت، فإن الإشاعات سوف تنتشر كما تشاء.
… تمامًا كما حدث في الماضي قبل العودة.
كما كان لديها رغبةٌ شخصيةٌ أيضًا.
“أريد… إقامة الحفل.”
أحمرّت وجنتا كلوديل دون أن تدرك.
في الماضي، بسبب محاولة الانتحار، لم يتمكّنوا من إقامة حفل الزفاف.
لكن الآن…
‘أريد أن أصبح زوجة الدوق رسميًا أمام الجميع.’
بالطبع، على المدى الطويل، كان على كلوديل أن تغادر منزل الدوق.
لقد استخدمها هيرمان كذريعةٍ لاتهام عائلة الدوق بالتخطيط للتمرد.
لم يكن من الممكن أن تترك كلوديل وصمة عارها على فالديمار المجيدة.
لكن الآن، كانت زيجتها من راينهاردت قيد التنفيذ بالفعل.
إذا تم تأجيل حفل الزفاف هنا، فسوف يُلصَق براينهاردت عارٌ جديد.
العروس قد رفضت الزواج منه.
حتى لو لم يكن هذا صحيحًا، فإن الناس سوف ينظرون إليه نظراتٍ سلبية.
لذلك…
‘أعتقد أنه لا بأس في أن أكون أنانيةً إلى هذا الحد.’
من أجل الدوق.
ومن أجلي أنا أيضًا…
حدّق راينهاردت بكلوديل بنظرةٍ غامضة.
ثم…
“حسنًا.”
أومأ برأسه بهدوء، ثم مدّ يده لكلوديل.
“لنذهب إذن. لم يتبقَّ الكثير من الوقت.”
كانت هذه من آداب الرجل الذي يراقق السيدة.
‘لم أكن أعلم أنني سأمسكُ بهذه اليد مرّةً أخرى…’
حدّقت كلوديل بذهولٍ في اليد الممدودة لها، ثم وضعت يدها بحذرٍ فوقها.
كانت دافئة.
* * *
‘… لم أكن أعتقد أنني سأقف حقًا في قاعة الزفاف.’
نظرت كلوديل حولها بشعورٍ غريب.
كان حفل زفاف دوق ودوقة فالديمار يقام تقليديًا في قاعة الشمس، أكبر وأفخم قاعةٍ في قلعة الدوق.
هيكلٌ ذو سقفٍ مرتفعٍ نموذجيٍّ للشمال، مع ضوءٍ ملوّنٍ يتدفّق عبر الزّجاج الملون.
شمعداناتٌ فضيّةٌ فاخرة، وزهورٌ طازجةٌ متّفتحةٌ رغم فصل الشتاء.
وحتى تمثال الآلهة بابتسامةٍ رقيقة.
بينما كانت تتأمّل هذا المشهد الخيالي، شعرت كلوديل بضيقٍ في صدرها بسبب الشعور بالذنب.
‘في الحياة السابقة … كان قد تم إزالة هذه القاعة الجميلة بحلول الآن.’
بسبب محاولة الانتحار التي قامت بها كلوديل.
ذهب الجهد والوقت الذي استغرقته زينة هذه القاعة سُدًى.
“…..”
“…..”
من ناحيةٍ أخرى، على الرغم من أن هذا كان اليوم الذي تستقبل فيه فالديمار سيدةٌ جديدة، كان الجو باردًا ومتجمدًا.
لم يرحّب أيٌّ من الضيوف في القاعة بكلوديل.
‘لا بأس.’
قامت كلوديل بفرد ظهرها بقوّة.
على الرغم من أن هذا الزواج جعلها العار الوحيد لراينهاردت، مع ذلك.
‘الدوق لا يزال حيًّا أمام عيني.’
لم تحترق قلعة فالديمار بعد.
وكان راينهاردت ينظر إليها بوجهٍ نظيفٍ دون أيّ جروح.
جعلت هذه الحقيقة وحدها كلوديل سعيدةً للغاية.
على الرغم من أن الحياة الأولى انتهت بمأساة…
‘لن أسمح لمستقبلٍ كهذا أن يعود مرّةً أخرى.’
شدّت قبضتها على باقةٍ من زهور الزنبق.
‘سوف أغيّره بأيّ طريقة.’
في نفس الوقت، افتتح الكاهن الرئيسي الذي كان يرأس حفل الزفاف فمه بصوتٍ جليل.
“راينهاردت فون فالديمار.”
“نعم.”
“هل تتعهّد بأن تتّخذ كلوديل دوتريش زوجةً لك، وأن تظلّ وفيًّا لها بإخلاصٍ وحبٍّ طوال حياتك؟”
ابتلعت كلوديل لعابها الجاف دون أن تدرك.
بدت اللحظة التي انفتحت فيها شفتا راينهاردت وكأنها أبدية.
ثم…
“نعم.”
أجاب راينهاردت بهدوء.
“هاه…”
أطلقت كلوديل تنهّدًا من الارتياح بينما زال التوتر.
ثم التفت الكاهن الرئيسي إلى كلوديل.
“كلوديل دوتريش.”
“نعم.”
قامت كلوديل بتصويب وضعيتها وأجابت.
“هل تتعهّدين بأن تتّخذي راينهاردت فون فالديمار زوجًا لكِ، وأن تظلّي وفيّةً له بإخلاصٍ وحبٍّ طوال حياتكِ؟”
“نعم.”
لحسن الحظ، كان صوتها هادئًا بعض الشيء، على الرغم من مظهرها المتجمّد.
“الآن، ليتبادل الزوجان خواتم الزواج.”
قدّم المساعد خاتمي الزواج على وسادةٍ من الحرير.
التقط راينهاردت الخاتم بوجهٍ غير مبالي، ثم تحدّث باحترامٍ نحو كلوديل.
“السيدة دوترايش، يدكِ.”
“…..”
بذلت كلوديل جهدًا لكي لا ترتعش بينما مدّت يدها.
على إصبعها النحيل، انعكس ضوءٌ ساطعٌ من خاتم الماس الشفاف.
بعد ذلك…
وضعت كلوديل أيضًا خاتم الزواج في إصبع راينهاردت.
ارتعدت عيناهت الزرقاء قليلًا.
‘يا إلهي، أتشارك خاتم الزواج مع الدوق.’
كان الأمر كالحلم.
كان قلبها ينبض كالمجنون.
‘ماذا أفعل، أعتقد أن الدوق يمكنه سماع دقات قلبي …’
لكن لا يزال هناك جزءٌ أخيرٌ من حفل الزفاف.
نظر الكاهن الرئيسي إلى كلوديل وراينهاردت بالتناوب.
“الآن، لتتبادلا قبلة القسم.”
تقدّم راينهاردت خطوةً نحو كلوديل.
عندما رفع الحجاب شبه الشفاف، ظهر وجه كلوديل التي كانت تحدّق به بنظراتٍ خاطفة.
صمت راينهاردت للحظة.
“…..”
عينان زرقاوان عميقتان كالبحيرة.
شعرٌ فضيٌّ يذكّره بسهولٍ ثلجيةٍ نقيّةٍ لم يطأها أحد.
بدت كلوديل وكأنها روح شتاءٍ ضلّت طريقها إلى عالم البشر.
‘أستطيع أن أفهم لماذا هيرمان مهووسٌ بهذه المرأة إلى هذا الحد.’
هذا الشعور الغامض الذي يجعلها تبدو وكأنها يمكن أن تغادر هذا العالم في أيّ لحظةٍ دون تردّد.
ربما لهذا السبب، كان لدى كلوديل شيءٌ يجعل الناس يشعرون بالقلق الغريب.
‘يكفي، هذه أفكارٌ غير ضرورية.’
بينما كان يلوم نفسه في داخله، انحنى راينهاردت نحوها.
عندما التقط شفتيها الورديتين، انفرجت شفتاها الصغيرتان الشبيهتان بالبتلات قليلاً.
النفس الذي جاء من خلالها…
كان حلوًا بشكلٍ غريب.
في نفس الوقت، أعلن الكاهن الرئيسي.
“وهكذا، أمام الآلهة، أُعلِن أنكما أصبحتما زوجين.”
* * *
بعد انتهاء حفل الزفاف وكل الطقوس المرتبطة به،
دخل الزوجان الجديدان -دوق ودوقة فالديمار- غرفة النوم معًا.
كانا قد قضيا ليلتهما الأولى معًا.
نظر راينهاردت إلى كلوديل، التي كانت نائمةً وكأنها قد أغمي عليها، بنظرةٍ معقدة.
‘بالطبع، لابد أنها متعبةٌ جدًا اليوم.’
مدّ راينهاردت يده وداعب شعر كلوديل المبعثر.
لقد هاجمت الخادمة كلوديل بخنجر.
على الرغم من أنها بالتأكيد كانت مصدومةً جدًا، إلّا أنها أصرّت على إقامة حفل الزفاف.
في الواقع، لابد أن كلوديل نفسها كانت على علمٍ بسمعتها السيئة.
لذلك…
‘لابد أنها أجبرت نفسها.’
تذكّر راينهاردت فجأةً المرّة الأولى التي ناقش فيها موضوع الزواج مع كلوديل.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 8"