“ماذا؟”
اتسعت عينا جريت، ناسيةً حتى انفعالها السابق.
لطالما توسّلت كلوديل لحب أبيها.
حتى لو تظاهرت بالعصيان في الظاهر.
ظنّت أنه في حال تعرّضت العائلة لأذى، ستنحني وتستسلم في النهاية.
…لكن هذا الموقف البارد؟
“فالديمار كان ينوي من البداية أن يحمّل عائلة الفيكونت دوتريش المسؤولية.”
“مـ ماذا؟”
“أليس كذلك؟ أنتِ خادمة دوتريش، بينما أنا دوقة فالديمار التي هاجمتيها.”
هزّت كلوديل كتفيها بخفة.
“بغض النظر عن مدى دهاء أبي، لا يمكنه تجنّب المسؤولية تمامًا.”
“…هذا.”
“المسألة فقط هي حجم الثمن الذي سيدفعه أبي. و…”
نظرت كلوديل مباشرةً في عيني جريت وأكملت كلامها بوضوح.
“لقد تم تحديد ذلك الثمن بالفعل.”
في تلك اللحظة، شعرت جريت وكأن قلبها سقط فجأة.
“بغض النظر عن كم ستثرثرين، كلامكِ لن يؤثر أبدًا على قرار فالديمار.”
كما تشرق الشمس من الشرق وتغرب في الغرب، وكما تهطل الأمطار من السماء إلى الأرض.
كانت نبرتها هادئة وكأنها تتحدّث عن حقيقةٍ مطلقة.
“إذًا، وداعًا، جريت.”
في تلك اللحظة، مع هذه الكلمات، استدارت كلوديل بخفةٍ كالفراشة.
“لن أشيّعكِ. لا أظن أننا قريبتان إلى هذه الدرجة.”
“آ-آنسة؟ لا، دوقة! انتظري!”
زحفت جريت بسرعةٍ نحو القضبان الحديدية.
كلانغ، كلانغ، كلانغ!
بغض النظر عن كم هزّت القضبان التي تحجز طريقها، لم تلتفت كلوديل للوراء.
حدّقت جريت بها، وعيناها محتقنتان بالدم
“لـ لقد كنتُ مخطئة! أرجوكِ، أنقذيني، أرجوكِ!”
هزّت توسلٌ يائسٌ زنزانة السجن.
لكن لم يكن هناك مَن يجيب.
* * *
بعد ثلاثة أيام، نُفِّذ حكم الإعدام في جريت.
قُطِع راسها علنًا كتحذيرٍ لمَن يجرؤ على مهاجمة دوقة فالديمار.
لم تزُر كلوديل مكان الإعدام.
كما طالبت عائلة دوق فالديمار عائلة الفيكونت دوتريش بدفع تعويضاتٍ عن الحادث.
شمل ذلك حوالي 100,000 مارك كتعويض، ورسالة اعتذارٍ بخط اليد، وتسجيل التهمة في سجل النبلاء.
‘100,000 مارك…’
كان هذا يعادل ثمن قلعةٍ كاملة.
حتى لو كان الفيكونت دوتريش قد حصل على مبلغٍ كبيرٍ من بيع ابنته كعشيقةٍ للملك، فسيتعيّن عليه التخلّص من جزءٍ كبيرٍ من ممتلكاته الشخصية لتغطية هذا المبلغ.
‘بالإضافة إلى ذلك، تسجيل التهمة في سجل النبلاء…’
هذا يعني أن العار سيلاحق عائلة الفيكونت إلى الأبد، ما لم يسمح فالديمار بحذفها.
يبدو أن فالديمار كان مصمّمًا على هذا.
‘حسنًا، هذا شأن أبي.’
كانت كلوديل تفكّر بلامبالاة عندما…
طَق طَق.
دقّ الباب مرّتين خفيفتين.
“ادخل.”
“صباح الخير، سيدتي!”
دخلت بينيلوبي وسلّما رسالةً لكلوديل.
“هناك رسالةٌ لكِ.”
لي؟
أخذت كلوديل الرسالة دون تفكير، لكن تعابيرها تجمّدت فجأة.
لا عجب، فالاسم المكتوب على الظرف كان …
[الفيكونت دوتريش، ماكسيميليان دوتريش]
لأنه اسم والدها.
“هاه.”
يقولون أنه حتى النمر سيُهاجم عندما تَذكره.
أطلقت كلوديل تنهيدةً طويلةً من أعماق صدرها، ثم فتحت الرسالة بلا حماس.
[كلوديل، ماذا تفعلين بحق الإله؟
وصلت رسالة احتجاجٍ رسميةٍ من عائلة دوق فالديمار.
لا أفهم كيف تجرّأت جريت على محاولة اغتيالكِ فجأة.
لا تخبريني أنكِ تنوين حقًا انتزاع تعويضٍ من أبيكِ؟
علاوةً على ذلك، تسجيل التهمة في سجل النبلاء، إلى أيّ مدًى تنوين تشويه سمعة عائلتنا؟
يبدو أن دوق فالديمار قد أساء الفهم بشكلٍ خطير، لذا أود منكِ أن تقومي بتقديم تفسيرٍ مناسبٍ له.
إذًا أثق بأنكِ ستحلّيين هذه المشكلة بنجاح.
مع خالص التحيات.]
كانت الرسالة مختصرةً حتى بدون تحيات.
كان نفاد الصبر شديدًا لدرجة أن الخط غير واضحٍ وكأن الحروف ستنفصل عن الصفحة.
على الأقل كان لديه بعض الذكاء فلم يذكر شيئًا عن إجبارها على الانتحار.
ومع ذلك…
‘لا ذِكر لجريت هنا.’
ربما لم تكن جريت، أو أيّ شخصٍ مثلها، من شأنه.
ربما لم يرَ ذِكرها ضروريًا….
رغم أن جريت كانت تؤمن به إيمانًا راسخًا.
“…..”
شعرت كلوديل بمرارةٍ في فمها.
‘أريد إحراق هذه الرسالة الآن، لكن…’
لكنها قرّرت إخبار راينهاردت أولاً بأنها تلقّتها قبل التخلّص منها.
بالطبع، حتى لو تواصلت مع عائلة دوتريش، فهو لن يشك بها.
ومع ذلك، أرادت تجنّب أيّ سوء فهمٍ يمكن أن يحدث.
في تلك اللحظة، طُرِق الباب مرّةً أخرى.
طَق طَق.
دخل رجلٌ إلى الغرفة بخطواتٍ هادئة.
كان راينهاردت.
قفزت كلوديل واقفةً عند رؤيته.
“دوق.”
شعرت بينيلوبي ببعض الدهشة في داخلها.
أشرق وجه كلوديل، الذي كان بلا تعبيرٍ طوال الوقت، لحظة أن رأت راينهاردت.
كأن برعم زهرةٍ انفتح فجأة.
تألّقت عيناها كالنجوم، وامتلأ خديها باللون الوردي.
بدت كفتاةٍ وقعت في الحب لأوّل مرّة…
“كلوديل، هل تناولتِ الإفطار؟”
“نعم، والدوق؟”
“تناولتُ الطعام أيضًا.”
ابتسم راينهاردت لكلوديل، ثم لوّح إلى بينيلوبي.
كان يرغب منها أن تتنحّى جانبًا للحظة.
“إذن سآخذ إذنًا بالانصراف.”
بعد كلّ شيء، كانا متزوّجين حديثًا.
لابدّ أنهما يحتاجان لوقتٍ خاصٍّ بهما.
أومأت بينيلوبي برأسها بذكاءٍ وخرجت.
في نفس الوقت، وقعت عينا راينهاردت على الرسالة فوق المكتب.
“ما هذه الرسالة؟”
أظلم وجه كلوديل قليلاً.
“إنها رسالةٌ من والدي.”
أمسكت كلوديل الرسالة بكلتا يديها وعرضتها على راينهاردت باحترام وكما لو كان ليفحصها.
“بالطبع، ليس لدي أيّ نيّةٍ لإقناع الدوق بالتنازل لصالح عائلة دوتريش. لا تقلق بشأن ذلك. وأيضًا…”
لم تكمل كلوديل كلامها، وعضّت شفتها السفلية.
أصبح تعبير راينهاردت حزينًا بعض الشيء.
“لا يجب أن تطلعيني على مثل هذه الرسائل.”
“لكن…”
“بمجرّد النظر إلى طريقة تعاملكِ مع حادث الاغتيال هذا، شعرتُ بوضوحٍ بمدى إخلاص كلوديل لفالديمار.”
بعد أن طمأن راينهاردت كلوديل مرّةً أخرى، أخرج شيئًا من جيبه.
“والأهم من ذلك، كلوديل.”
وضع في يدها علبةً صغيرةً من المخمل بحجم راحة اليد.
“إنها هدية.”
ارتجفت عينا كلوديل قليلاً.
“ما هذا…؟”
بدا مألوفًا.
في حياتها السابقة كسيدة لفالديمار، عندما ورثت مجوهرات دوقة فالديمار السابقة، رأت هذا الشيء.
ابتسم راينهاردت ابتسامةً خفيفة.
“افتحيها.”
طقطقة
بأصابع مرتجفة، فتحت الغطاء.
سلسلةٌ من البلاتين، وفي وسطها قلادةٌ من الياقوت الأزرق اللامع.
“تميمة الحظ للعروس … شيءٌ جديد، شيءٌ قديم، شيءٌ مستعار، أو شيءٌ أزرق، أليس كذلك؟”
التقطت راينهاردت القلادة برفق، ووقف خلف كلوديل.
أصدرت السلسلة البلاتينية قعقعةً أمام عيني كلوديل.
“هذه هي القلادة التي كانت والدتي ترتديها.”
كان ملمس السلسلة وهي تستريح على عنقها واضحًا جدًا.
كليك.
أغلق مشبك القلادة.
كان ذلك الصوت الخافت عاليًا كالرعد في أذني كلوديل.
“إذن، مع هذه القلادة.”
دغدغ صوتٌ ممزوجٌ بالضحك أذن كلوديل.
“يمكننا تحقيق شرط الشيء القديم والأزرق، أليس كذلك؟”
عرفت كلوديل كم كانت هذه القلادة ثمينة لراينهاردت.
كان دوق ودوقة فالديمار السابقان، والدا راينهاردت، زوجين متحابّين جدًا.
بدلًا من الزيجات السياسية المعتادة بين النبلاء، كانا زواجًا نادرًا قائمًا على الحب.
لهذا، أثناء حياة الدوقة السابقة، كانت العلاقات بين العائلة المالكة وعائلة الدوق متقار
بةً جدًا.
لدرجة أن أميرةً أخرى من العائلة المالكة تزوجت من رجلٍ شمالي، بالإضافة إلى الدوقة السابقة.
وهذه القلادة…
‘كانت القلادة التي أهداها الدوق السابق لزوجته كهديةٍ بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لزواجهما.’
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"