* * *
في اليوم التالي،
غادر راينهاردت غرفة النوم مبكرًا.
“أعتذر، لدي الكثير من الأعمال المتراكمة …”
رغم أنه كان يشعور بالذنب وهو يغادر.
“لا بأس.”
هزّت كلوديل رأسها بابتسامة.
بصفته دوق فالديمار، كان من الطبيعي أن يكون لديه العديد من المهام التي تتطلّب اهتمامه.
ربما كانت الأوراق التي يحتاج إلى توقيعها ومعالجتها مكدّسةً مثل الجبال بعد حفل الزفاف.
ومع ذلك، لم ينسَ راينهاردت الاهتمام بكلوديل.
“أنا هي الخادمة بينيلوبي التي ستعتني بكِ من اليوم، سيدتي.”
انحنت خادمةٌ شابةٌ أمام كلوديل.
كانت فتاةً ذات مظهرٍ لطيفٍ مع نمشٍ خفيفٍ على وجهها الطفولي.
“……”
شعرت كلوديل بشعورٍ غريبٍ وأطلقت نظرةً طويلةً على بينيلوبي. لقد شعرت بالفعل أن الأمور مختلفةٌ عن الماضي.
في حياتها السابقة، كانت جريت تلتصق بها أينما ذهبت، لذا لم تكن هناك حاجةٌ لخادمةٍ جديدة.
لكن الآن…
“سيدتي؟”
“آه، حسنًا.”
نهضت كلوديل بعد أن استجمعت أفكارها.
“أودّ الاستحمام أولًا.”
“بالطبع، سيدتي.”
أرشدتها بينيلوبي بسرعةٍ إلى الحمام المتّصل بغرفة النوم.
شعرت كلوديل بالارتياح في داخلها.
‘ياللراحة، يبدو أنها لا تنفر مني تمامًا.’
رغم أن ظِلّ كونها عشيقة الملك ما زال يخيّم حولها، إلّا أن معاملتها كانت أكثر لطفًا بكثيرٍ مقارنةً بحياتها السابقة عندما حاولت الانتحار.
توك.
انفتح باب الحمام.
امتلأ المكان بالبخار الساخن، كما لو أن الماء قد سُخِّن مسبقًا.
“لدينا زيت استحمامٍ برائحة الورد والحمضيات، أيّهما تفضّلين، سيدتي؟”
“برائحة الحمضيات، من فضلكِ.”
“حسنًا.”
عندما أضافت الزين، امتلأ الهواء برائحةٍ منعشة.
بعد أن تحقّقت بينيلوبي من درجة حرارة الماء، مدّت يدها بشكلٍ طبيعيٍّ نحو ملابس نوم كلوديل.
“إذن، دعيني أساعدكِ على خلع…”
“لا داعي.”
تراجعت كلوديل على الفور وهي تمسك بياقة قميص نومها غريزيًا بإحكام.
نظرت إليها بينيلوبي بذهول.
“سيدتي؟”
“……”
عضّت كلوديل اللحم داخل فمها بقوّة.
كان اسم الملك منقوشًا بوضوحٍ على جسدها.
كانت هذه الندبة آخر ما تريد أن يراه أيّ أحد.
“لا أحتاج لمزيدٍ من المساعدة، يمكنكِ المغادرة الآن.”
“ماذا؟ لكن…”
“بسرعة.”
كانت كلوديل حاسمة.
“حـ حسنًا، إذا احتجتِ أيّ شيء، رجاءً دقّي الجرس.”
غادرت بينيلوبي مع تعبيرٍ مرتبكٍ على وجهها.
بعد أن بقيت وحدها، خلعت كلوديل ملابسها ببطء.
حفيف.
سقطت ملابس النوم على الأرض مثل جلدٍ ميت.
حدقت كلوديل بنظرةٍ فارغةٍ إلى اسم هيرمان المحفور أسفل صدرها في المرآة.
‘إذا كنتُ قد عدتُ حقًا إلى الماضي…’
عندما أغلقت عينيها، ظهرت أمامها صورة قصر فالديمار المحترق بوضوح.
دفء يد راينهاردت الذي كان يلمس خدها.
وصوته، يأمرها بالبقاء على قيد الحياة.
‘دوق…’
لذلك، قرّرت كلوديل أن تعيش هذه الحياة من أجل راينهاردت فقط.
من أجله.
… كانت مستعدةً لفعل أيّ شيء.
* * *
“هل سمعتِ؟”
تردّدت كلوديل وهي على وشك الخروج بعد انتهاء الاستحمام.
كانت بينيلوبي تنتظر خارجًا وتتحدّث مع خادمةٍ أخرى مرّت بالصدفة.
“إنها جريت، الخادمة التي حاولت قتل السيدة! إنها فوضى عارمة!”
“فوضى؟ ماذا تقصدين؟”
“يبدو أنها واثقةٌ تمامًا أنها لن تُعاقب أبدًا!”
أكملت الخادمة الأخرى، التي كانت أوّل مَن تحدّث، حديثها بنظرة اشمئزاز.
“إنها تطالب بمقابلة السيدة على الفور!!”
“يا إلهي، هل هذا صحيح؟”
“نعم! جديٍّا، إنها لا تعرف مكانها…”
في تلك اللحظة، أظلمت عينا كلوديل.
إذا وصلت الشائعات حتى إلى الخادمات في الغرف الداخلية، فمن الواضح أن فظائع جريت كانت شديدة.
“بينيلوبي.”
تقدمت كلوديل خطوةً ونادت خادمتها.
“سـ سيدتي؟!”
ارتعبت الخادمتان والتفتتا إليها مثل عصافير مُبللة بالماء.
في نفس الوقت، كتمتا أنفاسهما لا إراديًّا.
‘يا إلهي…’
شعرها الفضي، المبلّل بسبب التجفيف السريع، مبعثرٌ على كتفيها.
وجنتاها الورديتان من حرارة الماء.
حدّقت عيناها الزرقاوان الناعستان والمسترخية باهتمامٍ في الخادمتين.
بالطبع، اعتقدت الخادمتان منذ اللحظة الأولى التي رأتا فيها كلوديل أنها كانت أجمل امرأةٍ في العالم.
والسبب في انطباعهما السلبي الغريب عنها هو افتقارها للحيوية التي عادةً ما تصاحب الكائنات الحية.
كانت تشبه لوحةً فنيةً أكثر من إنسانٍ حي.
لكن الآن …
“سيدتي، شعركِ لا يزال مبلّلًا! ماذا لو أصبتِ بنزلة برد…”
استعادت بينيلوب وعيها فجأة، وهرعت إلى جانب كلوديل.
“لا بأس.”
هزّت كلوديل رأسها وأمالت نظرها إلى الأعلى. كانت نظرتها باردة بشكلٍ غريب.
“بالمناسبة، هل قالت جريت إنها تريد مقابلتي؟”
* * *
لم تكن الخادمات مخطئات.
رغم أنها كانت محبوسةً في زنزانةٍ تحت الأرض دون أيّ ضوء، إلا أن روح جريت المعنوية لم تنكسر.
“ما الذي تفكّرين فيه، آنستي؟”
حدّقت جريت في كلوديل، وعيناها تتجوّلان بسرعة.
“سيغضب الفيكونت بالتأكيد! ألا تشعرين بالقلق؟”
“نعم.”
في تلك اللحظة، شكّت جريت في سمعها.
لكن كلوديل ظلّت هادئة.
“وأيضًا، لقبكِ خاطئ.”
“ماذا؟”
“يجب أن تناديني دوقة فالديمار، وليس آنستي.”
“……”
راقبت جريت كلوديل دون وعي بعينين مليئتين بالحذر.
اختفت سلوكها الرقيق المعتادة، وبدا وجهها الجميل بلا تعابير.
“جريت، هل تعرفين عادات ما قبل تنفيذ حكم الإعدام؟”
“إ-إعدام؟ عن ماذا تتحدّين فجأة؟”
حاولت جريت، وقد غلبها الخوف فجأة، أن تبدو هادئةً وسألتها بحدّة.
“عادةً، يُمنح المحكوم عليه فرصةً واحدةً لطلب الرحمة ضمن حدود المعقول.”
ابتسمت كلوديل ابتسامةً لطيفة.
كانت مثل ابتسامة قديسة.
“لهذا السبب أتيتُ إلى هنا.”
“ماذا؟”
“ألم تقولي إنكِ تريدين مقابلتي؟”
شعرت جريت بقشعريرةٍ تسري في عمودها الفقري.
هذا يعني…
… أنها الآن محكومٌ عليها بالإعدام.
“أ-أي كلام هذا؟ هل ستُعدمينني حقًا؟”
“هذا صحيح.”
أومأت كلوديل برأسها بهدوء.
“هل تظنين حقًا أنني سأتغاضى عن محاولة اغتيال دوقة فالديمار؟”
“اغتيال؟ لقد حاولة الآنسة الانتحار…!”
“حسنًا، جريت، مهما حاولتِ الإدعاء بأنها محاولة انتحار، ما الفائدة من ذلك؟”
اتسعت ابتسامة كلوديل.
كانت مثل وردةٍ سامة، جميلةٌ لكنها قاتلة.
“لا أحد سيصدقكِ.”
“مـ من المستحيل أن يسمح الفيكونت بحدوث ذلك!”
صرخت جريت، وحلقها محتقنٌ بالغضب.
“سيبرِّئُني بالتأكيد، سينقذني!”
حدّقت كلوديل في جريت.
كانت جريت عيني أبيها وآذانه.
كانت تُبلغ والدها بكلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.
في حياتها السابقة، عاشت كلوديل في يأس، خائفةً ومعتمدةً بشكلٍ كاملٍ على جريت.
خشيت أن تصل أخبارٌ سيئةٌ إلى آذان أبيها، خشيت أن يخيب ظنّه بها.
لكن الآن…
“هل تعتقدين ذلك حقًا؟”
كان سؤال كلوديل بسيطًا وهادئًا.
“ذلك الرجل البارد الذي باع ابنته الوحيدة من أجل الثروة والمجد. هل تعتقدين حقًا أنه سينقذ خادمة؟”
“……”
أصابتها كلمات كلوديل في مقتل.
تجمّدت غريت، التي كانت تكافح، في مكانها.
“إذا كنتِ تعتقدين ذلك حقًا…”
اخترق صوت كلوديل الساخر طبلة أذن جريت.
“أنتِ حقًا ساذجة، جريت.”
لمعت شرارةٌ من الغضب في عيني جريت.
“هل تعتقدين أنني سأبقى صامتة؟!”
صرخت وهي تصرّ على أسنانها.
“سأشهد
أن الفيكونت دوتريش أمرني بقتل الآنسة بنفسه!”
“حقًا؟”
لكن كلوديل ظلّت غير مبالية.
“نعم! أتظنين أنني لا أستطيع؟!”
صرخت جريت بغضب، في وجه كلوديل، مرّةً أخرى.
“حتى لو مِتُّ، فلن يكون الفيكونت آمنًا …”
“افعلِي ما تشائين.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"