حتى لو كان هذا أسوأ حظٍّ لك، فقد كانت بالنسبة لي ليلتي الأولى.
لكن دون ذرّة من حماسٍ من العروس الجديدة، كانت كلوديل فقط تتجمّد خوفًا.
‘ماذا لو اعتقد أنني قذرة؟’
أمسكت أصابعها النحيلة على ثوب النوم الرقيق كأجنحة اليعسوب العاجزة.
…على الرغم من أنها تعرف جيدًا أن الندوب المتبقية على جسدها لا يمكن إخفاؤها حتى النهاية.
“كلوديل.”
في تلك اللحظة، ناداها صوتٌ هادئ.
“آه…”
تصلّبت كلوديل من المفاجأة ورفعت عينيها لتنظر إليه.
كان رجلًا بملامح جميلة كأنها صُنعت بإتقانٍ من قِبَل الإله.
شعرٌ أسودٌ كالليل، وعينان زرقاوتان نبيلتان تميّزان عائلة دوق فالديمار.
راينهارد فون فالديمار.
زوجها الثالث، الذي تزوّجته اليوم.
لا إراديًا، احمرّت وجنتا كلوديل قليلًا.
‘لم ينادِني ‘آنسة دوتريش’… بل قال ‘كلوديل’.’
نادى باسمها فقط.
لكنها مع ذلك شعرت بسعادةٍ لا يمكن كبتُها.
كأنه لم يعد يرسم حدودًا بينها وبين عائلة دوتريش الجشعة.
في الجانب الآخر، أطلق راينهارد تنهيدةً قصيرة، وكأنه فسّر صمتها بطريقةٍ ما.
“إذا كنتِ لا ترغبين، فلا بأس. لن أجبركِ.”
“سعادتك…”
“سواء أمضينا الليلة معًا أم لا، فأنتِ سيدة فالديمار.”
في تلك اللحظة، ارتجفت عينا كلوديل.
نظر راينهارد في عينيها الزرقاوين، اللتين كانتا تتلألآن كبحيرة أُلقي فيها حصى.
ثم دق راينهارد المسمار مؤكّدًا.
“هذه الحقيقة لن تتغيّر.”
في تلك اللحظة، شعرت كلوديل بثقلٍ في صدرها.
“أنتَ … حقًا لا تتغير.”
الرجل الذي منحها الدفء لأوّل مرّةٍ في حياتها، بعد أن عاشت كالثلج المُداس تحت التلال.
الرجل الذي كان لطيفًا دون توقّف…
الرجل الذي أنقذها في النهاية …
لذلك، استجمعت كلوديل شجاعتها.
“لا بأس…”
ارتخت أصابعها التي كانت تمسك بثوبها.
ابتلعت ريقها الجاف وجلست بحذرٍ على السرير.
“إذن…”
أمسك راينهارد بياقتها برفق.
“أعذريني.”
خفضت كلوديل أنفاسها لا شعوريًا.
أصابعه الصلبة والخشنة، تلك التي تميّز مَن يحمل سيفًا لفترةٍ طويلة.
لكنها كانت أيدٍ دافئة.
‘سيكون الأمر على ما يرام.’
حاولت كلوديل مواساة نفسها.
في حياتها السابقة، قبل العودة الزمنية، كان هذا الرجل قد رأى الندوب على جسدها.
في ذلك الوقت، بدلًا من إهانتها أو الغضب لكونه مضطرًّا لقبول امرأةٍ معيوبةٍ كزوجةٍ له…
قبّلها بحنانٍ فوق تلك الندوب.
نعم، لقد فعل ذلك بالتأكيد آنذاك.
لكن…
‘هل سيفعل الشيء نفسه الآن؟’
استولى عليها خوفٌ غير عقلاني.
في المرّة الأولى التي رأى فيها راينهارد الندوب، كانا قد أمضيا نصف عامٍ كزوجين.
كانت قد نمت بينهما مشاعر الحُب تقريبًا.
لكن الآن لم الأمر كذلك.
لقد التقيا لأوّل مرّةٍ اليوم.
لذلك،بالنسبة لراينهارد، لم يكن زواجه منها سوى إهانة.
لم يكن لديه أيّ سببٍ ليُكنّ أدنى عاطفةٍ لكلوديل …
‘يـ يجب أن أدفعه بعيدًا الآن …’
في تلك اللحظة، بينما كانت كلوديل تغرق في الارتباك وتعض على أسنانها. انزلق ثوب النوم الذي كان يحيط كتفيها الرقيقتين.
ووش. سقط ثوب النوم على الأرض ككيس.
وكشف جسدها الأبيض الناصع العاري.
في تلك اللحظة.
“هذا…”
استعاد راينهارد، الذي تجلّت لحظةٌ من الصدمة على وجهه، هدوئه بسرعة.
لكن كلوديل قد رأتها بالفعل.
المشاعر التي اختلطت في عينيه البنفسجيتين…
شفقةٌ وتعاطف.
وحتى غضبٌ خفيٌّ تجاه هذا الشيء القاسي.
[هيرمان رويال تشيرينجن فلاندر]
تحت صدرها، كان هناك اسمٌ منقوشٌ بوضوحٍ كوشم.
اسم الملك.
لن يلاحظه أحد عندما ترتدي الملابس …
لكن لكي يكون واضحًا لأيّ شخصٍ قد تخلط كلوديل جسدها معه..
كطفلٍ يكتب اسمه على دميةٍ عزيزةٍ عليه، بإصراره الذي حدّد به الموقع بدقّةٍ ونقشه بحبرٍ أسود قاتم.
“…!”
لم تستطع كلوديل تحمل الخزي، فانكمشت على نفسها.
ماذا أفعل؟
لو احتقرني راينهارد نفسه أيضًا …
لكن تحرّك بشكلٍ مختلفٍ تمامًا عما توقّعته كلوديل.
“آه…؟”
فتحت عينيها على اتساعهما.
لمست أصابعه الدافئة الطويلة برفقٍ الجزء المحفور عليه اسم الملك.
” …. لا بد أن هذا كان مؤلمًا.”
كان الصوت الذي لطالما كان حازمًا يرتجف قليلًا في هذه اللحظة.
“د- دوق …”
تلعثمت كلوديل وهي تناديه.
امتدّت حرارة جسده الدافئة على الندوب التي تركها الملك.
داعبتها يداه الحنونتان كما لو كانتا تواسيانها.
“لابد أنكِ عانيتِ كثيرًا.”
ما إن نطق راينهارد بتلك الكلمات حتى اختفى التوتر من جسد كلوديل فجأة.
رفع راينهارد نظره إلى كلوديل. لا ازدراء، ولا احتقار، ولا أيّ مشاعر سلبية.
فقط عينان بنفسجيتان جميلتان تنظران إليها كما هي.
نظرةٌ مستقيمةٌ أحبّتها بجنون.
‘ماذا أفعل…؟’
لم تستطع كبح المشاعر المتدفقة، فعضّت شفتها السفلى.
‘أشعر برغبةٍ في البكاء …’
لم يُلحّ راينهارد عليها.
فقط انتظر كلوديل بصمت.
بعد تردّدٍ طويل، أحاطت كلوديل عنقه بحذر.
احتضنها بذراعيه القويتين، كما لو كان ينتظر هذه اللحظة.
اجتاح جسدها، الذي كان باردًا، حرارةً دفعةً واحدة.
“آه، همم … د- دوق…”
وهكذا، بينما كان يحتضنها تحت دفء جسد راينهارد …
تذكرت كلوديل الماضي الذي لم يعد موجودًا.
قبل عودتها.
عندما كانت دمية الملك وعشيقته…
وفي النهاية، عندما أنقذها راينهارد.
***
عندما كانت كلوديل في العاشرة من عمرها، داعب والدها الكونت دوتريش على رأس ابنته وقال.
“ستصبحين يوماً ما أجمل زهرةٍ في فلاندر.”
حدّقت عيناه الزرقاوتان المحمرّتان بالدم بحرارةٍ غريبةٍ في ابنته الصغيرة.
لم تكن نظرة أبٍ لابنته، بل كنظرة تاجرٍ يقيّم سلعةً ثمينة.
كيف يمكنه بيع هذه السلعة بأعلى سعر؟
كانت نظرته خبيثة، كما لو كان يفكر في مثل هذه الأمور.
عندما شعرت كلوديل بإحساسٍ غريبٍ بيده الجليدية تلامس عمودها الفقري، ارتعشت كتفيها لا شعوريًا. في الوقت نفسه، تابع الفيكونت دوتريش حديثه بصوتٍ خافت.
“لو كنتُ أملككِ، لكنتُ أستطيع رفع عائلتنا من جديد.”
ابتلعت كلوديل ريقها بجفاف.
بصرف النظر عن الشعور القوي بعدم الارتياح الذي شعرت به تجاه والدها.
أصبح وجه أبيها الآن لطيفًا، على عكس ما كان عليه عندما كان يشرب الكحول ويصرخ دائمًا.
وكانت كلوديل سعيدةً لأن والدها لم يكن غاضبًا.
“ستبذلين جهدكِ من أجلي، أليس كذلك؟”
“نعم، أبي.”
عندما أومأت برأسها، ابتسم لها والدها لأوّل مرّة.
“أحبكِ، ابنتي.”
مجرّد ابتسامةٍ صغيرة.
لكن كلوديل كانت تتوق حتى إلى ذلك الدفء العابر. في كلّ مرّة كانت تنظر إلى وجه والدها، كانت قلقةً من أن تصبح هدفًا لغضبه اليوم.
كان العيش كلّ يومٍ كمَن يمشي على جليد رقيق مرهقًا.
‘لا أريد أن أعيش هكذا بعد الآن.’
لذلك، بذلت طلوديل قصارى جهدها لتلبية توقعاته.
“على السيدة أن تمشي برشاقة في أيّ موقف.”
تدرّبت على المشي بأناقة، بارتداء أحذيةٍ بكعبٍ عالٍ طوال اليوم.
لكن الأحذية غير المريحة جعلت كعوبها تتآكل وتتقرّح، وينزف منها الدم.
“أبي، هل يمكنني الراحة اليوم؟”
لم تستطع كلوديل تحمّل الأمر، فتوسلت إلى والدها.
صفعة!
صفع الفيكونت دوتريش خد ابنته وهي تئنّ من الألم.
ترنّح جسدها النحيل وسقط بعيدًا.
“آه….”
تأوّهت كلوديل بخفوت.
لقد كانت ضربته قويةٍ لدرجة أن بصرها أصبح مشوّشًا.
بالكاد استطاعت كلوديل، التي كانت تزحف على الأرض كحشرةٍ لفترةٍ طويلة، رفع رأسها.
“آه، أ-أبي.”
امتلأت عيناها الزرقاوتان بالخوف.
ومع ذلك، حدّق بها الكونت بشراسة.
“كيف ستجذبين انتباه جلالته هكذا؟!”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 1"
بداية رائعة… انا متحمسة… ارجو رفع المزيد