استمتعوا
تجَمَّدَ وجهُ فيكونتِ سان ميغيل.
أما وحدةُ أنتونيو فكانوا مُتحمّسينَ يُعانقونَ بعضَهم البعضَ ويُطلقونَ هتافاتِ الفرحِ.
سألَ العضوُ من وحدةِ نائبِ القائد بوجهٍ مُتحمّسٍ.
“ماذا حدثَ؟”
“المُعلّمةُ الصغيرةُ كانتْ خَبيرةً في تشويهِ المعلوماتِ.”
قالَ أنتونيو وهو يبتسمُ بمكرٍ، فاندهشَ العضوُ من وحدةِ نائبِ القائد.
“يا لهُ من شيءٍ عظيمٍ! ولكنْ كيفَ تتبّعتْ الآنسةَ مارينا؟”
“لم تتتبّعْها. لقد انتظرتْها.”
قالَ نائبُ القائد.
بينما كانَ الآخرونَ يُراقبونَ مارينا، كانَ نائبُ القائد يُراقبُ يوستيا.
لأنَّ مسارَ حركتِها كانَ مُثيراً للشبهةِ.
‘لقد تحرّكتْ عبرَ النهرِ.’
استقلّتْ قارباً صغيراً عندَ منبعِ النهرِ وانتقلتْ الى النهاية دفعةً واحدةً.
كانتْ أسرعَ من الخيولِ بسببِ تيارِ النهرِ السريعِ.
ولكنْ لماذا يستقلُّ فريقُ بحثٍ عن فتياتٍ مُختطفاتٍ النهرَ؟
وبينما كانَ يُراقبُ هذا السلوكِ المُريبِ، انطلقتْ مارينا الى جبلِ الزانِ.
في تلكَ اللحظةِ أدركَ.
كانَ هدفُ يوستيا هو مدخلُ جبلِ الزانِ عندَ نهاية النهرِ.
وصعدتْ شجرةً وانتظرتْ قبلَ وصولِ مارينا.
اندفعتْ مارينا مُذعورةً ظناً منها انَّ هنالك خطبَ قد وقعَ، وانَّ الإقطاعيَ نقلَ الفتياتِ الى مكانٍ آخرَ.
وبعدَ اختفائِهم.
زحفتْ يوستيا ببطءٍ من الشجرةِ وقفزتْ على الأرضِ.
ركضَ إليها أعضاءُ وحدتِها الذينَ كانوا مُختبئينَ في كلِّ مكانٍ مُتكتّمينَ.
[كيفَ عرفتِ انَّ علينا المجيءَ الى هنا؟]
[صحيحٌ. عندما كنتُ في القاربِ، ظننتُ انَّ المُعلّمةَ الصغيرةَ قد تخلّتْ عن الاختبارِ.]
قالتْ يوستيا بوجهٍ غيرِ مُبالٍ.
[إذا كانَ لا بُدَّ من إلقاءِ اللومِ في الاختطافِ على أحدٍ، أليسَ مُخالفاً للمنطقِ ان يُلقى على قريةِ المُزارعينَ الرحّلِ؟]
[أوه؟]
[نعم؟]
بدأتْ يوستيا تعدُّ على أصابعِها واحداً تلوَ الآخرِ.
[لا يمكنُ جَرُّ قوةٍ خارجيةٍ. وإلا فقد تندلعُ حربٌ إقطاعيةٌ. وأكبرُ ثروةٍ لسان ميغيل هي المناجمُ، لذا فهم لا يُريدونَ لمسَ قريةِ العمّالِ. إذاً، لم يبقَ سوى قريةِ المُزارعينَ الرحّلِ.]
“……!”
“……!!”
فُغِرتْ أفواهُ أعضاءِ وحدةِ أنتونيو.
وأبدى أعضاءُ وحدةِ نائبِ القائد إعجابَهم.
ألم يقلْ أحدُ الأتباعِ.
“هذا يُوضّحُ انَّ الآنسةَ مارينا لديها نظرةٌ شاملةٌ للوضعِ.”
لكنَّ الشخصَ الذي لديهِ نظرةٌ شاملةٌ كانَ شخصاً آخرَ.
كانَ وجهُ فيكونتِ سان ميغيل شاحباً بشدةٍ.
وكانَ الأتباعُ يتذمّرونَ بهمسٍ وهم يُراقبونَ تعبيرَهُ.
أما نائبُ القائد فكانَ……
“نائبَ القائد؟”
لم يستطعْ ان يُبعِدَ عينيهِ عن يوستيا في مرآةِ السحرِ.
ضحكَ أنتونيو ساخراً من أنفِهِ.
“هل أصبحتْ نفيسةً في عينيكَ الآنَ؟”
“من قالَ انَّ تلكَ الطفلةَ لم تكُنْ نفيسةً؟”
الطرفُ الذي وُضِعَ في الميزانِ معَ تلكَ الطفلةِ كانَ أنتونيو.
زميلٌ رافقَهُ عبرَ الخطِّ الرفيعِ الذي يفصلُ الحياةَ عن الموتِ.
من الطبيعيِ ان يُقدّمَ أنتونيو على تلكَ الطفلةِ التي هي غريبةٌ فحسبْ.
لذا، حتى لو عادَ بهِ الزمنُ، لاختارَ أنتونيو.
لكنَّ هذا لا يعني انها لم تكُنْ نفيسةً.
[إذاً، لنذهبْ الآنَ.]
[الى قريةِ المُزارعينَ الرحّلِ؟]
[لا. الواديِ الجافِ أسفلَها.]
[لماذا الواديِ الجافِ؟]
[إذا وجدَ المُزارعونَ الرحّلُ فتياتٍ نبيلاتٍ مثلَ هؤلاءِ، فسيُحاولونَ اختطافَهنَّ ومُطالبةَ فديةٍ على الفورِ. ومن الأفضلِ إخفاؤُهنَّ في الواديِ الجافِ لضمانِ ان يبقينَ في حالةٍ جيّدةٍ حتى انتهاءِ الاختبارِ.]
كيفَ لا يمكنُ ان تكونَ فتاةٌ كهذهِ نفيسةً؟
انطلقتُ أنا وفريقُ البحثِ الى الواديِ الجافِ في جبلِ الزانِ.
كانَ علينا الإسراعُ.
‘إذا عادَ فريقُ بحثِ مارينا الى هنا، فقد يقعُ اشتباكٌ.’
بالطبعِ، سنفوزُ نحنُ.
حتى لو أرفقَ فيكونتُ سان ميغيل أفضلَ الجنودِ بمارينا، فإنَّ هؤلاءِ هم أعضاءُ نقابة الاغتيال، علاوةً على ذلكَ، هم من وحدةِ أنتونيو الأكثرِ ضراوةً بينَ نقابة الاغتيال.
‘لكنَّ هذا في حالةِ مُبارزةِ سبعةٍ مقابلَ سبعةٍ.’
لا بُدَّ انَّ الخاطفينَ الأصليينَ قريبونَ أيضاً.
لن يتمكّنوا من المُشاركةِ بشكلٍ علنيٍ، لكنْ هناكَ احتمالٌ ان يُقدّموا دعماً سرياً لوحدةِ مارينا.
‘لذلكَ، يجبُ ان أمنعَ الخاطفينَ وفريقَ بحثِ مارينا من الاتحادِ.’
تسّلقنا الجبلَ دونِ توقّفٍ.
في الواديِ الجافِ الذي وصلنا اليهِ، كانَ هناكَ……
“أيتها المُعلّمةُ الصغيرةُ، انها هناكَ!”
عربةٌ كبيرةٌ مُلقاةٌ بمفردِها.
كانتْ وحدَها حقاً.
لا يوجدُ أيُّ شخصٍ يحرُسُ المنطقةَ.
‘كيفَ يتركونَ العربةَ مُلقاةً هكذا؟’
على الرغمِ من انها بعيدةٌ عن قريةِ المُزارعينَ الرحّلِ، فماذا لو عثرَ عليها أيُّ شخصٍ بالصدفةِ؟
‘انهُ مُريبٌ.’
في اللحظةِ التي توقّفتُ فيها لأُفكّرَ.
بدأَ الأعضاءُ يندفعونَ نحو العربةِ.
في تلكَ اللحظةِ أضاءَ عقلي ببريقٍ.
‘لايمكن.’
“انتظروا أيها الرفاقُ!”
في اللحظةِ التي أبعدتُ فيها فريقَ البحثِ.
دَوِيٌّ!
وقعَ انفجارٌ هائلٌ.
ارتعدَ أعضاءُ فريقِ البحثِ الذينَ كانوا مُستغربينَ من إمساكي بهم وتراجعوا.
لحسنِ الحظِ، بفضلِ إيقافي لهم في الوقتِ المُناسبِ، لم يتعرّضْ أحدٌ للانفجارِ.
أبعدتُ أعضاءَ فريقِ البحثِ وأمسكتُ بحجرٍ من مكانٍ قريبٍ.
وعندما قذفتُهُ بقوةٍ……
بووم!
“……!”
تجَمّدتْ تعابيرُ أعضاءِ فريقِ البحثِ.
نظرتُ الى الأداةِ السحريةِ للبثِّ التي كانتْ تُحلّقُ بالقربِ من وحدتِنا بتعبيرٍ غيرِ راضٍ.
“يا لَه من وغد……”
توقّعَ فيكونتُ سان ميغيل انني سأكونُ أولَ من يصلُ الى الفتياتِ، لذا دبّرَ الأمرَ.
زرعَ أدواتٍ حولَ العربةِ.
وبما انني قد لعبتُ هذهِ اللعبةَ، فأنا أعرفُ ما هي تلكَ الأدواتُ.
طُعم الاحمق.
فخٌّ مزروعٌ.
ينفجرُ بأدنى تلامسٍ.
على الرغمِ من انَّ هذا عنصرٌ يُستخدمُ في مراحلِ اللعبةِ المُبكرةِ، الا انَّ قوةَ الانفجارِ ليستْ قويةً بشكلٍ خاصٍ.
لكنَّ الخطأَ البسيطَ قد يُؤدّي الى سلسلةِ انفجاراتٍ في المنطقةِ المليئةِ بالطُعم الاحمق.
عندئذٍ قد تتطايرُ العربةُ.
“اللعنه. ماذا نفعلُ؟”
كانَ أعضاءُ فريقِ البحثِ ينظرونَ اليَّ بوجوهٍ متوترةٍ.
يجبُ إنقاذُ الفتياتِ، لكنَّ الوصولَ إليهنَّ مستحيلٌ بوجودِ طيورِ الأبلهِ.
إذا كانَ الأمرُ كذلكَ، فسنظلُّ هنا نُزيلُ طيورَ الأبلهِ حتى وصولِ وحدةِ مارينا.
تنهّدتُ بعمقٍ.
“لا مفرَّ من ذلكَ.”
“صحيحٌ، سيستغرقُ الأمرُ وقتاً طويلاً، لكنْ لا يوجدُ خيارٌ سوى التحرّكِ ببطءٍ وإزالةِ الألغامِ واحداً تلوَ الآخرِ……”
“علينا ان نُفجّرَها كلَّها.”
“أوه؟”
“نعم؟”
“ماذا؟”
نظرَ اليَّ أعضاءُ فريقِ البحثِ بتعبيرٍ يقولُ. ‘هل سمعتُ ذلكَ خطأً؟’.
جلستُ على الأرضِ بهدوءٍ والتقطتُ الحصى.
“……؟”
“……؟”
نظرَ اليَّ أعضاءُ فريقِ البحثِ بذهولٍ.
لكنني حقاً نهضتُ وأنا أحملُ بينَ ذراعيَّ حفنةً من الحصى.
وشرعتُ في قذفِ الحصى نحو العربةِ.
لا، كنتُ على وشكِ القذفِ.
……لو لم يظهرْ رجالٌ مُلثّمونَ من أعلى الواديِ الجافِ في رُعبٍ.
“مهلاً، انتظري!”
“توقّفي!”
ظهرَ الخاطفونَ بوجوهٍ شاحبةٍ.
خوفاً من ان أُفجّرَ جميعَ طيورِ الأبلهِ وأقتُلَ الفتياتِ.
‘لن يقتلوهُنَّ.’
لا بُدَّ انَّ فيكونتَ سان ميغيل قد أمرَهم بشدةٍ بعدمِ قتلِهنَّ.
ماذا سيحدثُ إذا قُتلتْ كلُّ هؤلاءِ النبيلاتِ؟
ستتدخلُ السلطةُ المركزيةُ للتحقيقِ في الأمرِ.
وهذا يعني انَّ فيكونتَ سان ميغيل سيصلُ الى نقطةٍ لا يمكنُهُ فيها التعاملُ معَ الوضعِ.
وكما توقّعتُ، ظهرَ الخاطفونَ مُسرعينَ وصاحوا.
“هل تنوين قتلَ الفتياتِ؟”
“أيها الوحوشُ البشعةُ!”
وبّخَ المُلثّمونَ وحدتَنا.
كانَ أعضاءُ فريقِ البحثِ ينظرونَ إليهم بدهشةٍ.
في مرآةِ السحرِ، أطلقَ أعضاءُ وحدةِ يوستيا ضحكاتٍ مُتوتّرةً.
وكانَ الذينَ يُشاهدونَ البثَّ مُذهولينَ بالمثلِ.
قالَ العضوُ من وحدةِ نائبِ القائد.
“الخاطفونَ يُلقونَ علينا اللومَ……”
لكنْ في تلكَ اللحظةِ.
صاحتْ يوستيا.
[إذا لم تنزلوا، سأُفجّرُها!]
فكانَ ردُّ الخاطفينَ……
[اهْدئي، اهْدئي!]
“……”
“……”
نظرَ أعضاءُ وحدةِ نائبِ القائد الى بعضِهم البعضِ.
إذاً…… المُلثّمونَ هم الخاطفونَ، أليسَ كذلكَ؟
كانَ المُلثّمونَ في حيرةٍ.
هل يجبُ عليهم النزولُ حقاً؟
نظرَ الذينَ بدوا وكأنهم أتباعٌ الى قائِدِهم في الوسطِ.
وفي اللحظةِ التي كانوا على وشكِ ان يسألوهُ عمّا يجبُ فعلُهُ، كانتْ يوستيا أسرعَ.
بووم!
ألقتْ بحجرٍ مُتعمّدةً وفجّرتْ واحداً من الطعمُ الاحمق.
[سأنزلُ الآنَ.]
بووم!
[قلتُ سأنزلُ!]
استمرَّ أعضاءُ وحدةِ نائبِ القائد الذينَ كانوا يُراقبونَ البثَّ في صمتِهم.
الطرفُ الذي يبدو أكثرَ ضراوةً لم يكُنْ الخاطفينَ، بل من جاءَ لإنقاذِ الفتياتِ المُختطفاتِ.
لم يعرفوا لماذا تغيّرتْ الأدوارُ.
قفزَ المُلثّمونَ من فوقِ الجرفِ.
ارتطامٍ!
وبعدَ ان وطأتْ أقدامُهم أرضَ الواديِ الجافِ، حملَ كلُّ واحدٍ منهم سلاحاً في يدهِ.
فؤوسٌ بحجمِ الجسمِ.
مقاليعُ.
أقواسٌ حديديةٌ بأسهمٍ تشبهُ الأسياخَ الطويلةَ، بدلاً من السهامِ.
انتفضَ عضوُ وحدةِ نائبِ القائد عندما رأى الأسلحةَ.
“أليستْ هذهِ أنيابَ الضبابِ؟”
ردَّ أنتونيو على ذلكَ القولِ.
“كانَ يجبُ ان أعرفَ ذلكَ من قفزاتِهم. ما زالَ كلبُ العينِ هذا حيّاً.”
تجَمّدَ العضوُ من وحدةِ نائبِ القائد.
أنيابُ الضبابِ.
فرقةُ مرتزقةٍ ذاعَ صيتُها في الماضي.
مُكوّنةٌ من أصحابِ المهاراتِ الذينَ فرّوا من السجنِ الكبيرِ في الشمالِ.
وأنيابُ الضبابِ يزيدُ عددُهم عن الثلاثينَ بسهولةٍ.
هل يمكنُ لسبعةِ أعضاءٍ ان ينتصروا؟
قالَ العضوُ من وحدةِ نائبِ القائد.
“الآنسةُ يوستيا في خطرٍ، حتى لو لم تكُنِ الفتياتُ كذلكَ. ولن تتدخلَ السلطةُ المركزيةُ لأنها ليستْ نبيلةً. والأهمُ من ذلكَ……”
ألقى العضوُ من وحدةِ نائبِ القائد نظرةً خاطفةً على فيكونتِ سان ميغيل.
كانَ تعبيرُ الإقطاعيِ مُرضياً وهو ينظرُ الى مرآةِ السحرِ.
‘إذا ماتتْ بشكلٍ مؤسفٍ أثناءَ الاختبارِ، فسيصبحُ الفوزُ من نصيبِ مارينا بشكلٍ طبيعيٍ.’
نهضَ أنتونيو من مقعدِهِ.
وكانَ السيفُ في يدِهِ.
فسألَ نائبُ القائد.
“هل تنوي الذهابَ الى جبلِ الزانِ؟”
“المُعلّمةُ الصغيرةُ خاضتْ الاختبارَ من أجلي ومن أجلِ تشارلي.”
“وإذاً؟”
“إذا كانتْ المُعلّمةُ الصغيرةُ حيّةً حتى وصولي، سأُعيدُها سالمةً، وإذا ماتتْ، سأُبيدُ أولئكَ الأوغادَ وفيكونتَ سان ميغيل وفاءً لجَميلِها.”
نظرَ أنتونيو الى نائبِ القائد بوجهٍ باردٍ.
وقالَ وهو يمضغُ الكلماتِ.
“على عكسِ شخصٍ ما يعرفُ فقط إجراءَ الحساباتِ، أنا شخصٌ يعرفُ الجميلَ.”
“يا لَكِ من أحمقٍ.”
“كفى حديثاً.”
أشرقتْ نظرةُ قاتلةٌ في عيني أنتونيو.
سارعَ أعضاءُ وحدةِ نائبِ القائد الى وضعِ أيديهم على أسلحتِهم.
في هذهِ الأثناءِ، نهضَ أعضاءُ وحدةِ أنتونيو بسرعةٍ.
تجمّدَ الآخرونَ الذينَ كانوا يُراقبونَ مرآةَ السحرِ بسببِ هذا الاضطرابِ المُفاجئِ.
“ماذا……”
“ما الأمرُ؟”
عندما احتَدَّ الجوُّ بينَ وحدةِ نائبِ القائد ووحدةِ أنتونيو، ابتسمَ فيكونتُ سان ميغيل ساخراً.
فمن مصلحتِهِ ان تكونَ العلاقةُ بينَ الوحدتينِ متوتّرةً.
وإذا تخلّصَتْ أنيابُ الضبابِ من تلكَ الفتاةِ اللعينةِ، فسيحصلُ على كلِّ ما يُريدُهُ.
في تلكَ اللحظةِ، فتحَ نائبُ القائد فمَهُ مرةً أخرى.
“لا حاجةَ للذهابِ، اجلسْ.”
“……ماذا؟”
عبسَ أنتونيو وكأنهُ يسألُ عن المغزى، فأشارَ نائبُ القائد الى مرآةِ السحرِ.
تحوّلتْ أنظارُ الناسِ مرةً أخرى الى مرآةِ السحرِ.
وفي المرآةِ كانَ……
[ماذا، ما هذا؟]
دَوِيٌّ!
[آه!]
كانَ أنيابُ الضبابِ يتساقطونَ بلا حيلةٍ.
[من جهتِكَ. دَحْرِجْهُ.]
بمجردِ ان أمرَتْ يوستيا، دفعَ الضخمُ من فريقِ البحثِ ثلاثةَ أو أربعةَ من أنيابِ الضبابِ دفعةً واحدةً.
[شمالٌ غربيٌ مترانِ. اِرْمِ.]
عندما ألقى عضوٌ آخرُ من فريقِ البحثِ حجراً نحو الجهةِ التي أمرَتْ بها يوستيا.
بووم!
“ما، ما هذا……!”
“ما هذا بِحقِّ……!”
كانتْ يوستيا وكأنها تعرفُ الموقعَ الدقيقَ للمُتفجّراتِ.
يدفعُ فريقُ البحثِ الخصومَ جانباً، وتُفجّرُ يوستيا المُتفجّراتِ.
تساقطَ أنيابُ الضبابِ أفواجاً دفعةً واحدةً.
بل وكانتْ تُحدثُ الانفجاراتِ في مواقعَ مُتقنةٍ حتى لا تتأثّرَ العربةُ.
كانَ أنتونيو مُصعوقاً.
“ماذا حدثَ؟”
“تلكَ المُتفجّراتُ هي على الأرجحِ الطُعم الاحمق.”
“انهُ شيءٌ كاللغمِ. لا بُدَّ انهُ مُدفونٌ ومُغطّى بالترابِ، فكيفَ تحدّدُ موقعَهُ……”
“لا بُدَّ انها تَعرفُ طريقةَ البحثِ عن الطُعم الاحمق.”
“طريقةُ البحثِ……؟”
الأساسُ في البحثِ عن الطُعم الاحمق هو استخدامُ جاذبيتِهِ الداخليةِ.
ورمالُ الواديِ الجافِ تحتوي على كميةٍ كبيرةٍ من برادةِ الحديدِ.
ماذا يحدثُ عندَما يجتمعُ المغناطيسُ والرمالُ التي تحتوي على برادةِ الحديدِ؟
تنجذبُ برادةُ الحديدِ وتتشقّقُ الرمالُ قليلاً.
‘لكنَّ هذا فرقٌ طفيفٌ.’
موهبتُها تكمنُ في قدرتِها على رؤيةِ ذلكَ.
بالإضافةِ الى معرفتِها بعناصرَ مثلِ الطُعم الاحمق.
عندما شُرِحَ الأمرُ، ضحكَ أنتونيو وبقيةُ الأعضاءِ ضحكةً مُرتبكةً.
“ماذا تكونُ المُعلّمةُ الصغيرةُ بالضبطِ؟”
ابتسمَ نائبُ القائد بمكرٍ وعقدَ ساقيهِ.
“لا أدري. ربما نسألُها عندما تعودُ.”
لقد كانَ خوضُ هذهِ الطفلةِ للاختبارِ حظّاً غيرَ مُتوقّعٍ.
كانَ وجهُ فيكونتِ سان ميغيل يزدادُ شُحوباً باستمرارٍ.
نفضتُ يديَّ وانا أنظرُ الى أنيابِ الضبابِ المُلقينَ على الأرضِ.
‘جيدٌ. جميعُهم خارجُ المعركةِ.’
إذاً الآنَ……
اقتربتُ من الرجلِ ذي العينِ الواحدةِ الذي بدا وكأنهُ القائدُ.
وبدأتُ أبحثُ في جيبِهِ بشكلٍ عشوائيٍ.
“ما، ما هذا الذي تفعلينَهُ……!”
على الرغمِ من سقوطِهِ، لا يزالُ لديهِ قوةٌ للصراخِ كقائدٍ.
لكنني لم أُعِرْهُ انتباهاً وتفحّصتُ الجيبَ الداخليَ.
“وَجَدتُهُ.”
مفتاحُ إلغاءِ تفعيلِ الطُعم الاحمق.
كنتُ أعلمُ انهم سيُعِدّونَ مفتاحاً عندما يضعونَ الكثيرَ من الأفخاخِ المدفونةِ كهذهِ لإلغاءِ تفعيلِها لاحقاً.
ضغطتُ على مفتاحِ إلغاءِ التفعيلِ.
ثم ألقيتُ حجراً نحو المكانِ الذي كانَ الرملُ فيهِ محفوراً قليلاً.
‘نعم، هادئٌ.’
لقد تمَّ إلغاءُ تفعيلِ جميعِ الطُعوم الحمقاء.
سألَ العضوُ من فريقِ البحثِ الذي كانَ يُقيّدُ عصابةَ أنيابِ الضبابِ بالحبالِ.
“هل انتهينا؟”
“نعم. لنذهبْ الى العربةِ الآنَ.”
توجّهنا الى العربةِ بعدَ ان سيطرنا على جميعِ أفرادِ أنيابِ الضبابِ.
عندما أومأتُ برأسي، فتحَ أحدُ أعضاءِ فريقِ البحثِ البابَ.
وماذا رأينا……
“أُممم……”
“أُممم. أُمم.”
فتياتٌ مُكمَّماتٌ.
كنَّ ينظرنَ إلينا بعيونٍ دامعةٍ.
هؤلاءِ هنَّ الفتياتُ النبيلاتُ اللاتي كانَ من المُقرّرِ مُشاركتُهنَّ في الاختبارِ.
سارعتُ الى إزالةِ الكِماماتِ وقلتُ.
“هل أنتُنَّ بخيرٍ؟”
نظرتِ الفتياتُ الى بعضِهنَّ البعضِ بتردّدٍ.
قالَ أعضاءُ فريقِ البحثِ بتعبيرٍ حزينٍ.
“لا بُدَّ انهنَّ يشكّكنَ فينا أيضاً. هذا طبيعيٌ بعدَ ان تمَّ اختطافُهنَّ.”
“كونوا مُطمئنينَ. نحنُ من القلعةِ. انظرنَ الى شعارِ سان ميغيل هنا.”
لكنَّ الفتياتِ تجَمّدنَ ولم يعرفنَ ما يجبُ فعلُهُ.
أزلتُ كِماماتِ الفتياتِ الأخرياتِ واحدةً تلوَ الأخرى، ثم ركعتُ.
“مرحباً بكِ، أيتها الآنسةُ نيكولا.”
انتفضتْ الفتاةُ ذاتُ الشعرِ الأحمرِ.
ابتسمتُ بابتسامةٍ واسعةٍ.
“قد لا تَعرفينَني، لكني أعرفُكِ.”
أعرفُها جيداً جداً.
لأنها كانتِ الشخصَ الذي نجحَ في الاختبارِ في القصةِ الأصليةِ وأصبحَ الابنةَ المُتبنّاةَ للقائد.
نظرتُ الى يدي الفتاةِ ذاتِ الشعرِ الأحمرِ، نيكولا.
كانتْ مشدودةً بإحكامٍ.
“كيفَ لشخصٍ مثلكِ ان يتورّطَ……”
عندما تمتمتُ بذلكَ، أدارَتْ نيكولا رأسَها بسرعةٍ.
“التورّطُ في جريمةٍ هو مثلُ كارثةٍ. من الحماقةِ توبيخُ الضحيةِ لعدمِ حذرِها.”
“صحيحٌ. إذا كنتُنَّ حقاً ضحايا.”
عندَ قولي هذا، نظرَ أعضاءُ فريقِ البحثِ إليَّ بتعبيرٍ مُستغربٍ.
“ماذا؟”
“ماذا تقصدينَ بذلكَ، أيتها المُعلّمةُ الصغيرةُ؟”
على عكسِ أعضاءِ فريقِ البحثِ الحائرينَ، كانتْ وجوهُ الفتياتِ مُتجَمّدةً بشدّةٍ.
تمتمتُ بهدوءٍ.
“لم يتمَّ اختطافُكنَّ. بل تبعْتُنَّ الخاطفينَ بإرادتِكنَّ.”
وحدّقتُ في الأداةِ السحريةِ للبثِّ العائمةِ في الهواءِ.
لا، بل في فيكونتِ سان ميغيل الذي كانَ خلفَها.
“أليسَ كذلكَ ايها إقطاعيُ؟”
في قاعةِ البثِّ في سان ميغيل.
“ما هذا الذي تقولُهُ؟ هل تورّطَ الإقطاعيُ في هذا الأمرِ؟”
نظرَ الأتباعُ الى الإقطاعيِ بوجوهٍ جامدةٍ.
ارتعدَ الإقطاعيُ ودفعَ الأتباعَ خارجاً.
“لو سمحتم، ابتعدوا قليلاً.”
“لا، الابتعادُ ليسَ المُشكلةَ. يجبُ عليكَ ان تُفسّرَ هذا الوضعَ……!”
“في وقتٍ لاحقٍ! سأُفسّرُ لكم في وقتٍ لاحقٍ.”
“ايها إقطاعيُ!”
استخدمَ الإقطاعيُ جنودَهُ الخاصينَ المُختبئينَ بينَ الجنودِ لطردِ الأتباعِ.
نظرَ الإقطاعيُ الى نائبِ القائد بوجهٍ شاحبٍ.
“تلكَ الفتاةُ التي افتَرَتْ على الإقطاعيِ يجبُ ان تُعاقَبَ.”
“فكرْ في الاعتذارِ الذي ستقدِّمُهُ للأتباعِ المطرودينَ.”
ابتسمَ نائبُ القائد بابتسامةٍ راقيةٍ.
ضحكَ أنتونيو ساخراً.
“إذا كانَ الاعتذارُ مُفيداً.”
كزَّ فيكونتُ سان ميغيل على أسنانهِ.
في تلكَ الأثناءِ، في الغرفةِ المُظلمةِ التي حجبتْ الستائرُ ضوءَها.
رفعَ رجلٌ يجلسُ وحدَهُ وينظرُ الى مرآةِ السحرِ كأسَهُ.
كانَ سائلٌ أحمرُ داكنٌ يَدورُ بخفّةٍ في الكأسِ الذي يُمسِكُهُ بأصابعِهِ الطويلةِ والمُستقيمةِ.
[أليسَ كذلكَ ايها إقطاعيُ؟]
توقّفتْ نظرةُ الرجلِ للحظةٍ على وجهِ يوستيا في مرآةِ السحرِ.
تمتمَ الرجلُ.
“انها جيّدةٌ.”
انبعثَ تقييمٌ غيرُ مُتوقّعٍ من بينِ شفتيهِ المُحدّدتينِ بشكلٍ جميلٍ.
كانَ غيرَ مُتوقّعٍ حقاً.
خاصةً بالنسبةِ لذلكَ الرجلِ، آسلان، قائد نقابة الاغتيال.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة. شاد.
~~~~~~
End of the chapter
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات