استمتعوا
هناكَ شيءٌ أخبرتني بهِ أُمّي التي كانتْ تُديرُ شركاتٍ تجاريةً ضخمةً.
“يوستيا الحبيبةُ، الحياةُ مُخادعةٌ، وإذا حاولتِ ان تعيشيها بسهولةٍ فستعيشينها بصعوبةٍ أكبرَ.”
“هل هو مثلُ ان أُمّيَ حاولتْ توفيرَ الضرائبِ فضُربَتْ بسببِ التهربِ الضريبيِ؟”
“……ذلكَ كانَ فشلاً في التخطيطِ الضريبيِ فحسبْ. لقد تشبّثَ أولئكَ الأوغادُ في مصلحةِ الضرائبِ بجملةِ لائحةٍ مُعلّقةٍ كالأغبياءِ…… ولكنْ انسَيْ انكِ سمعتِ ذلكَ.”
آه، ليسَ هذا هو المقصودُ.
“لكنْ هناكَ قانونٌ غيرُ مكتوبٍ يمنعُ الحياةَ من ان تُصبحَ أكثرَ صعوبةً.”
“ما هو؟”
قالتْ أُمّي وهي تبتسمُ كأشعةِ الشمسِ.
“إذا صفعَكَ الخصمُ على خدِّكَ، فردَّها بكسرِ جمجمتِهِ.”
حتى لا يُفكّرَ في صفعِكَ مرةً أخرى.
قالتْ انَّ قلبَ الإنسانِ مثلُ صفحةِ ورقةٍ بيضاءَ، فإذا تطايرَ عليها حبرٌ، فإنهُ ينتشرُ على الدوامِ.
مثلَما انني تغافلتُ عن صفعةِ مارينا الأولى، فصفعتْني ثلاثَ مراتٍ إضافيةً هذهِ المرةِ.
لهذا السببِ أنا……
“هل تُطبِقينَ على أسنانِكِ بقوّةٍ؟”
“ماذا؟”
“قد تَعَضّينَ على لسانِكِ.”
عندئذٍ، أمسكتُ بياقةِ قميصِها وألقيتُها على الأرضِ.
باااخ!
انبطحَتْ مارينا على الأرضِ وهي تُجهشُ بالبكاءِ.
حدّقتُ بمارينا وهي تهربُ باكيةً ومنتحبةً.
***
يبدو انَّ التهديدَ قد نجحَ، فهربتْ مُتسرّعةً دونَ ان تُناديَ على أيِّ أحدٍ.
تمتمتُ وانا أجمعُ الواجباتِ المُتناثرةَ.
“انهُ ابتزازٌ……”
“ربما.”
“……!”
ذُعرتُ واستدرتُ.
كانَ نائبُ القائد يقفُ مُكتّفَ الذراعينِ يُراقبُني.
وقفتُ مُنتصبةً على الفورِ وأحنيتُ رأسي.
“مرحباً بكَ.”
“أنا بخيرٌ، لكنْ لا أظنُّكِ كذلكَ.”
“ماذا تعني؟”
“هل تظنينَ انكِ ستكونينَ سالمةً بعدَ ان ألقيتِ بابنةِ أختِ الإقطاعيِ أرضاً؟”
هل شاهدَ ذلكَ؟
من أينَ شاهدَ؟
بينما كنتُ أبتلعُ ريقي، تقدّمَ نحوي ببطءٍ.
“هل سيُفيدُكِ الأمرُ إذا قلتُ لكِ انني كنتُ أُراقبُ ابنةَ أختِ الإقطاعيِ قبلكِ؟”
“……هل كنتَ تعلمُ باستدعائِها لساحرِ الذهبِي؟”
“لا يوجدُ شيءٌ في هذهِ القلعةِ أجهلُهُ.”
خرجَتْ مني صيحةُ إعجابٍ دونَ قصدٍ.
لقد كانَ يتوقّعُ من البدايةِ انَّ مارينا ستُحضِرُ ساحرَ ذهبِي الى القلعةِ وكانَ يُراقبُها.
انها حقاً قدرةٌ تليقُ بالذراعِ الأيمنِ للقائد.
“هل أنتِ شخصٌ بغيضُ الطباعِ يستخفُّ بابنةِ أختِ الإقطاعيِ لأنها حظيتْ برضايَ؟”
سألَ نائبُ القائد، فأملتُ رأسي جانباً.
“لا.”
“إذاً ما هي ثقتُكِ التي جعلتكِ تُلقينَ بابنةِ أختِ الإقطاعيِ أرضاً؟ يبدو انكِ تعلمينَ انَّ إحضارَ ساحرِ ذهبِي لا يمكنُ ان يكونَ مادةً للابتزازِ.”
“أجلْ، لأنني لا أملكُ دليلاً.”
الساحرُ الذهبِي قد هربَ.
لذلكَ، أنا لا أملكُ أيَّ دليلٍ لإدانةِ مارينا.
“لكنَّ الآنسةَ مارينا لن تفكرَ في ذلكَ الحدِّ.”
“لِمَ؟”
“لو كانتْ شخصاً يُفكّرُ الى ذلكَ الحدِّ، لما كانتْ لِتخافَ في المقامِ الأولِ.”
“……”
“وحتى لو أخبرها أحدُهم انَّ وضعي غيرُ مُواتٍ، فلن تتمكّنَ من الذهابِ والوشايةِ بي لدى الإقطاعيِ. لأنَّ الآنسةَ مارينا أيضاً لا تملكُ دليلاً على انني ألقيتُها أرضاً.”
حدّقَ بي نائبُ القائد طويلاً.
ثم في النهايةِ……
بِفف! (صوتُ ضحكةٍ خافتةٍ)
خرجتْ من بينِ أسنانِهِ ضحكةٌ مكتومةٌ.
“هذا هو الجوابُ الصحيحُ.”
“لكنْ ألا يجبُ ان تُبلِغَ القائد سريعاً بأنَّ ساحرَاً يتخصصُ في غسلِ الدماغِ قد أتى الى هذهِ القلعةِ؟”
هناكَ ثلاثةُ أعضاءٍ من فرقة النخبة في هذهِ القلعةِ. القائد ونائبُهُ وانتونيو.
لقد سمعتُ انَّ بقيةَ فرقة النخبة يقومونَ بأعمالٍ أخرى في الخارجِ.
‘إذاً، الشخصُ الذي تُريدُ مارينا غسلَ دماغِهِ هو شخصٌ واحدٌ.’
القائد.
لقد استخدمتْ كلَّ وسيلةٍ لتُصبحَ ابنتَهُ بالتبنّيِ.
مرّرَ نائبُ القائد يدَهُ على رأسِهِ وتنهّدَ.
“لا يجبُ ان نُبلِغَ القائد.”
“لماذا……؟”
“لأنَّ الشخصَ الذي كانتْ ابنةُ أختِ الإقطاعيِ تُريدُ غسلَ دماغِهِ هو أنا.”
ما هذا الذي يقولُهُ؟
لماذا تُريدُ غسلَ دماغِ نائبِ القائد وتتركُ القائد؟
‘يا لَلعجبِ.’
تشابكتِ الألغازُ في رأسي.
نائبُ القائد هو من يُقرّرُ من ستكونُ ابنةُ القائد بالتبنّيِ.
هذا يعني انَّ نفوذَهُ هائلٌ الى ذلكَ الحدِّ.
‘انتظرْ لحظةً. إذاً……’
نظرتُ الى نائبِ القائد بتفحُّصٍ مُتسرّعٍ.
عندما كنتُ أتفقّدُهُ بدقةٍ، من وجهِهِ الى أسفلِ قدمِهِ، تَوَجَّسَ نائبُ القائد.
“……ماذا تفعلينَ؟”
“ألم تظهرْ لديكَ أيُّ بُقعٍ؟ هل تشعرُ بتوعُّكٍ؟ فالساحرُ الذهبِي لا يحتاجُ دائماً الى التلامسِ لرميِ التعويذةِ. يمكنُهُم ان يُسمّموكَ عبرَ رائحةٍ.”
إنَّ تعويذةَ القائد قويةٌ مثلَ تعويذةِ الإمبراطورِ التي يُديرُها أبراجُ السحرةِ والكهنةُ معاً.
بالطبعِ، الأعضاءُ الآخرونَ من فرقة النخبة أقوياءُ جداً، لكنَّ القائد كانَ مختلفاً عنهم.
إذا كانوا يستهدفونَ نائبَ القائد، فربما نجحوا في ذلكَ.
“هل يمكنُني ان أرفعَ غُرّتَكَ؟ يجبُ ان أتأكدَ من عدمِ وجودِ بقعةٍ على جبهتِكَ……”
“ما نوعُ من الفتيات تكونين؟”
أبعدَ نائبُ القائد يدي وتراجعَ خطوةً.
وقالَ بتعبيرٍ مُحرجٍ.
“أعلمُ انني كنتُ قاسياً جدّاً عليكِ عندما رأيتُكِ أولَ مرةٍ. ولكنْ لماذا……”
“……؟”
“إذا كنتُ بتلكَ القسوةِ، لكانَ من المفترضِ بكِ ان تتجنّبيني. لماذا أنتِ قلقةٌ عليَّ الى هذا الحدِّ؟”
ماذا؟
لم أكنْ قلقةً على نائبِ القائد بقدرِ ما كنتُ قلقةً على مُستقبلي.
تخيّلْ انَّ نائبَ القائد يُغسَلُ دماغُهُ ويختارُ مارينا كابنةٍ مُتبنّاةٍ فجأةً.
سأُطردُ من قبلِ مارينا على الفورِ.
كنتُ على وشكِ ان أقولَ انَّ الأمرَ ليسَ كذلكَ، لكنَّ نائبَ القائد فتحَ فمَهُ أولاً.
“كوني طيبةَ القلبِ الى حدٍّ معقولٍ. لا تُربكي الناسَ.”
وبعدَ ان قالَ ذلكَ، انطلقَ نائبُ القائد بخطواتٍ واسعةٍ.
“……؟”
أردتُ ان أقولَ انني كنتُ قلقةً على وضعي الخاصِ.
لكنَّ نائبَ القائد كانَ قد غادرَ المكانَ بالفعلِ.
***
حدّقَ نائبُ القائد في الأوراقِ الموضوعةِ على المكتبِ.
كانتِ الأوراقُ التي تبلّلتْ بالماءِ ثم جُفّفتْ بمهارةٍ قابلةً للقراءةِ بسهولةٍ.
صحيحٌ.
كانتْ تلكَ هي واجباتُ الأعضاءِ، بما فيهم انتونيو، التي أُعطيتْ من قبلِ يوستيا، والتي كتبوها وهم يبلّلونَ أقلامَهم بريقِهم.
“انها تعملُ بجودةٍ…… بجودةٍ مُفرِطةٍ.”
تمتمَ نائبُ القائد، فعبسَ العضوُ الذي يعملُ كمُساعدٍ لهُ باستغرابٍ.
“ماذا تقولُ يا سيدي؟”
“هذهِ الواجباتُ.”
“آه. لقد تحسّنوا كثيراً.”
ابتسمَ العضوُ بهدوءٍ.
باستثناءِ القائد، فإنَّ الأعضاءَ الستةَ من فرقة النخبة يقودُ كلٌّ منهم وحدتَهُ الخاصةَ.
ولحسنِ الحظِ، فإنَّ الأعضاءَ في الوحدةِ يُشبهونَ قادتَهم في الميولِ.
والذينَ يحرسونَ القلعةَ حالياً هم وحدةُ انتونيو.
قوتُهم الهجوميةُ تُنافسُ الأقوى بينَ الوحداتِ الستِّ.
لكنَّ المشكلةَ كانتْ……
‘انهم ضعفاءُ جداً في استخدامِ العقلِ.’
كانَ سببُ إبقاءِ نائبِ القائد لوحدةِ انتونيو الى جانبِهِ هو قلقُهُ بشأنِ هذا الجانبِ.
نظرَ العضوُ الى الخطِ المُتعرّجِ في واجباتِ وحدةِ انتونيو وقالَ.
“لقد أصبحوا قادرينَ على كتابةِ اليومياتِ أيضاً. الوحدةُ بأكملِها استفادتْ كثيراً.”
“هل هذا هو كلُّ ما تراهُ؟”
“نعم؟”
عندَ التدقيقِ في المحتوى، ظهرَ شيءٌ آخرُ.
[شخصٌ مُريبٌ يقتربُ من بوابةِ القلعةِ]
[انتونيو أخذَ لحمَ عشاءِ الأيامِ الثلاثةِ خاصّتي، لن أترُكَهُ]
“……!”
ارتعدَ العضوُ ونظرَ الى نائبِ القائد.
“أليسَ هذا معلوماتٍ عن داخلِ القلعةِ؟”
وحدةُ انتونيو مسؤولةٌ عن حراسةِ القلعةِ.
بهذهِ اليومياتِ، استطاعتْ يوستيا جمعَ المعلوماتِ.
تصلّبَ وجهُ العضوِ.
“ماذا قد تُفكّرُ بهِ؟”
“لقد وضّحتْ هدفَ التعليمِ. ما أتوقّعُهُ من وحدةِ انتونيو هو التقاريرُ فحسبْ.”
وهذا يُؤدّي دورَ التقريرِ بشكلٍ كافٍ.
“ألا يمكنُ ان تُسرّبَ المعلوماتِ الى أطرافٍ أخرى؟”
“إنها تُقدّمُ لي تقريرَ الإنجازِ كلَّ أسبوعٍ. لو كانتْ تنوي تسريبَ المعلوماتِ، لما فعلتْ ذلكَ.”
“يا لها من فتاةٍ مُدهشةٍ……”
“ليسَ هذا فحسبْ.”
نقرَ نائبُ القائد بمفصلِ إصبعِهِ على يوميةِ أحدِ الأعضاءِ.
[انتونيو أخذَ لحمَ عشاءِ الأيامِ الثلاثةِ خاصّتي، لن أترُكَهُ]
اليوميةُ الشاكيةُ التي قرأها للتوِّ.
ضَيّقَ العضوُ حاجبيهِ.
“هل يُمكنُ ان تكونَ حصصُ طعامِ وحدةِ انتونيو ناقصةً؟”
“هذا يعني أيضاً انَّ إقطاعيَ سان ميغيل كانَ يختلسُ أموالَ تشغيلِ الثكناتِ.”
وذلكَ عن طريقِ تقليلِ المكوّناتِ المُكلفةِ مثلِ اللحومِ.
نائبُ القائد لم يكُنْ ليَبخلَ بالمالِ على طعامِ الأعضاءِ.
على الرغمِ من انهم لا يأكلونَ بترفِ العائلاتِ النبيلةِ الكبيرةِ، الا انهُ ضمنَ إدراجَ اللحومِ مرةً واحدةً يومياً من أجلِ نموِّ العضلاتِ ومكافأةِ المهمةِ وغيرِها.
الأعضاءُ الذينَ لم يكونوا على علمٍ بأفكارِ نائبِ القائد لم يكونوا ليُفكروا في شيءٍ.
لكنَّ يوستيا لاحظتْ الفرقَ.
لاحظتْ انَّ طعامَ الأعضاءِ تحتَ إمرةِ نائبِ القائد كانَ مُختلفاً عن طعامِ وحدةِ انتونيو.
‘لكنْ رفعُ شكوى على شيءٍ غيرِ مؤكدٍ سيُؤدّي الى موقفٍ حرجٍ.’
لذلكَ، إذا كانتْ حصةُ الطعامِ هي المشكلةَ حقاً، فقد استخدمتِ اليوميات كوسيلةٍ ليتمكّنَ نائبُ القائد من اكتشافِ الأمرِ.
تنهّدَ العضوُ مُعجباً.
“ذكاءٌ لا يُوصفُ……”
لكنَّ الشخصَ الشديدَ الذكاءِ من الصعبِ ان يُستخدَمَ، لأنَّ الخسارةَ تكونُ فادحةً عندَما يخونُ.
‘لذلكَ، هل يُفكّرُ في طردِها؟’
عندما نظرَ العضوُ اليهِ بحذرٍ، عبسَ نائبُ القائد بانفعالٍ.
“لكنها أيضاً طيبةُ القلبِ.”
“……نعم؟”
تنهّدَ نائبُ القائد بعمقٍ.
يوستيا من عائلةِ ماركيزِ أندريس.
على الرغمِ من انها طُرِدَتْ، الا انها قد تعودُ إذا استدعاها والدُها.
أيُّ أحمقٍ سيتخلّى عن مكانةِ ابنةِ نبيلٍ عظيمٍ؟
ولكنْ……
‘انني أطمعُ بها.’
تنهّدَ نائبُ القائد.
***
بعدَ بضعةِ أيامٍ.
ابتسمتُ بارتياحٍ وانا أنظرُ الى قائمةِ الطعامِ في مطعمِ الثكناتِ.
يبدو انَّ نائبَ القائد قد اتخذَ إجراءً فورياً بعدَ رؤيةِ واجباتِ الأعضاءِ.
وبسببِ هذا الأمرِ، شعرَ أعضاءُ وحدةِ انتونيو بالسعادةِ الغامرةِ، بالطبعِ.
“بما اننا اجتهدنا في الواجباتِ، فاللحمُ يأتي كلَّ يومٍ حقاً.”
“هذا ما قلتُهُ لكَ. ثِقْ بالمُعلّمةِ الصغيرةِ فحسبْ.”
‘انهم أناسٌ طيّبونَ.’
ابتسمتُ بأُلفةٍ وانا أُقاسمُهم حصّتي من اللحمِ، بينما كانَ الأعضاءُ يتشابكونَ على قطعةٍ واحدةٍ.
لكنْ كانَ هناكَ شيءٌ غريبٌ.
‘لماذا هما اثنانِ فحسبْ يتشابكانِ؟’
عادةً ما يكونونَ ثلاثةً حولَ القطعةِ.
وبالتفكيرِ في الأمرِ، أحدهم غائبٌ.
سألتُ بتعبيرٍ مُستغربٍ.
“أينَ تشارلي؟”
“ستأتي قريباً. ذهبَت لتُحضِرَ الفتياتِ.”
“الفتياتِ؟”
“أجلْ. قيلَ انَّ أولئكَ الفتياتِ سيخضَعنَ لاختبارٍ اليومَ.”
اختبارٌ؟
وللفتياتِ فقط؟
فكرتُ في الأمرِ قليلاً ثم وجدتُ الجوابَ.
‘لا بُدَّ انَّ اختبارَ تبنّيِ ابنةِ القائد سيُجرى اليومَ.’
القائد يُريدُ ابنةً مُتبنّاةً للتسللِ الى إيسغاروت.
السببُ في اتخاذِهِ ابنةً بدلاً من ابنٍ هو عدمُ التسبُّبِ في مشاكلَ لخلافةِ الوريثِ.
فالإمبراطوريةُ ما زالتْ تُفضّلُ توريثَ الابنِ الأكبرِ، الا في حالاتٍ خاصةٍ.
ولكنْ في تلكَ اللحظةِ.
“سيّد انتونيو!”
اندفعَ أحدُ الأعضاءِ الى المطعمِ.
قالَ العضوُ لانتونيو بوجهٍ شاحبٍ.
“لقد تمَّ القبضُ على تشارلي!”
تصلّبَتْ وجوهُ انتونيو وبقيةِ الأعضاءِ.
نهضَ انتونيو بسرعةٍ وألقى أدواتِ المائدةِ.
“ما هذا الهراءُ. لماذا تشارلي؟”
“قيلَ انَّ الفتياتِ اللواتي كانَت تُرافقهنَّ قد اُختُطِفنَ دونَ ان يتركْنَ أثراً، وتمَّ القبضُ على تشارلي بتهمةِ ذلكَ من قبلِ فيكونتِ سان ميغيل.”
“……!”
تجَمّدَ جوُّ المطعمِ على الفورِ.
‘هذا مستحيلٌ.’
لم يحدثْ شيءٌ كهذا في اللعبةِ الأصليةِ.
وصلتِ الفتياتُ الى القلعةِ بأمانٍ وخضَعنَ للاختبارِ.
وتمَّ اختيارُ فتاةٍ أخرى بدلاً من مارينا.
‘ولكنْ لماذا فجأةً؟’
اندفعَ انتونيو خارجَ المطعمِ على الفورِ.
تبعناهُ أنا وبقيةُ الأعضاءِ بسرعةٍ.
في ساحةِ قلعةِ سان ميغيل.
كانَ المكانُ يعجُّ بالناسِ بالفعلِ حيثُ تمَّ القبضُ على تشارلي.
كانَت تشارلي مُلقيه على الأرضِ وقد تمَّ السيطرةُ عليهِا.
وكانَ فيكونتُ سان ميغيل ومارينا ينظرانِ اليهِا.
صاحَ انتونيو.
“تشارلي!”
“قائدي……”
نظرَت تشارلي الى انتونيو بوجهٍ شاحبٍ.
بردتْ تعابيرُ انتونيو عندما رأى وجهَهُا.
كانتْ شفتُهُا مُتمزّقةً وخدُّهُا مُتورّماً.
فتحَ فيكونتُ سان ميغيل الذي كانَ مُكتّفَ اليدينِ فمَهُ.
“لم يكُنْ هناكَ مفرٌّ من ذلكَ. لأنها لم تكُنْ لتفتحَ فمَهُا بسهولةٍ.”
بهذا القولِ، أدركتُ.
لم يكُنْ سببُ إصابةِ تشارلي هو معركةً خلالَ المُرافقةِ.
بل لقد فعلَ بهِا فيكونتُ سان ميغيل هذا.
كانتْ تعابيرُ جميعِ أعضاءِ وحدةِ انتونيو شديدةَ البأسِ.
برزتْ عروقُ قبضةِ انتونيو.
“أنتَ……”
في تلكَ اللحظةِ.
“تراجعْ.”
اجتازَتْ مجموعةٌ أخرى الحشدَ ووصلتْ.
كانوا نائبَ القائد وأعضاءَ وحدتِهِ.
على الرغمِ من ظهورِ نائبِ القائد، الا انَّ حدّةَ انتونيو لم تخفتْ.
في اللحظةِ التي كانَ فيها انتونيو على وشكِ الاندفاعِ للأمامِ.
اعترضَ نائبُ القائد طريقَ انتونيو بسرعةٍ.
“ابتعدْ.”
“هذهِ قلعةُ الإقطاعيةِ. لا يمكنكَ ان تلمسَ الإقطاعيَ.”
لم يكُنْ هناكَ أعضاءٌ فحسبْ في هذا المكانِ، بل موظفونَ آخرونَ أيضاً.
بالنسبةِ للآخرينَ، فإنَّ انتونيو هو فارسُ الإقطاعيِ.
فارسٌ مُنصَّبٌ أمامَ الجميعِ إذا مدَّ يدَهُ الى سيّدِهِ في العلنِ، سيُعدُّ هذا خيانةً وسيُعاقَبُ بالإعدامِ حتماً.
كانَ الإقطاعيُ يهدفُ الى ذلكَ منذُ البدايةِ عندما جمعَ الناسَ.
ارتفعَ فمُ الإقطاعيِ بابتسامةٍ جانبيةٍ.
“قيلَ انَّ الفتياتِ اختفينَ دونَ أثرٍ في لحظةِ غفلةٍ. أنا لا أستطيعُ التصديقَ.”
عندَ هذا، ردَّ انتونيو بضراوةٍ.
“هل تُريدُ ان تقولَ انَّ تشارلي باعَت الفتياتِ؟”
“هذا ما يجبُ ان نحقّقَ فيهِ. ولكنْ ما هذا الموقفُ؟ موعدُ وصولِ الأمراءِ يقتربُ، ولا يوجدُ فتياتٌ لإجراءِ الاختبارِ.”
تظاهرَ الإقطاعيُ بانهُ في ورطةٍ.
لكنَّ مارينا التي تقفُ خلفَهُ كانتْ مُختلفةً. كانتْ تبتسمُ بغطرسةٍ بالغةٍ.
في وجهِ ردِّ الفعلِ هذا، تأكدتُ.
‘لقد دبّرَتْ الأمرَ خوفاً من ان تُختارَ فتاةٌ أخرى بدلاً منها في اختبارِ تبنّيِ ابنةِ القائد.’
وألقتْ اللائمةَ على تشارلي من وحدةِ انتونيو.
لتجعلَ تشارلي تقولُ ما يُريدُهُ الإقطاعيُ تحتَ التعذيبِ.
من المحتملِ ان تشيرَ الى انتونيو.
‘إذا حدثَ ذلكَ، فلن يستطيعَ نائبُ القائد مُعارضةَ تبنّيِ مارينا كابنةٍ، حتى لحمايةِ انتونيو.’
نظرَ غيرُ الأعضاءِ الى بعضِهم البعضِ مُستغربينَ.
“اختبارٌ؟ أيُّ اختبارٍ؟”
“هل سيتمُّ اختيارُ فتاةٍ لإرسالِها كمُرافقةٍ للأمراءِ؟”
بينما كانَ الناسُ مُضطربينَ، كانَ تعبيرُ نائبِ القائد شديدَ البرودةِ.
لا بُدَّ انهُ يُخمّنُ مُخطَّطَ الإقطاعيِ.
هزَّ الإقطاعيُ كتفَهُ.
“لا يمكنُ تجنُّبُ الأمرِ. مارينا، أنتِ المرشحةُ الوحيدةُ، لذا يجبُ ان تستعدّي للذهابِ الى إيسغاروت.”
“سأبذلُ قصارى جهدي لأنَّ المسؤوليةَ جسيمةٌ.”
ضحكتْ مارينا بخفّةٍ ونظرتْ اليَّ.
لكنني لم أُعِرْها انتباهاً، بل اقتربتُ من تشارلي.
“أيتها المُعلّمةُ الصغيرةُ……”
كانَت تشارلي فتاة طيّبة.
كانَت من بينِ الفتياتِ القليلاتِ في وحدةِ انتونيو.
وفي مثلِ سِنّي أيضاً.
لذا كانتْ تهتمُ بي كثيراً.
“كانَ عليَّ الذهابُ الى السوقِ فاشتريتُها، قد لا تكونُ ذوقَ سيّداتِ النبلاءِ، لكنها تبدو جميلةً في عيني…… إيه! لا يهمُّ. خُذيها أيتها المُعلّمةُ الصغيرةُ.”
قالتْ بخجلٍ انني أحتاجُ الى دبّوسِ شعرٍ جميلٍ لأنني أرتدي فستاناً جميلاً.
وقالتْ انها سعيدةٌ لأنني أُعلّمُها الكتابةَ.
لففتُ منديلَ يدي حولَ خدِّ تشارلي المَجروحِ وفتحتُ فمي.
“يمكنُ ان نُجريَ الاختبارَ.”
عندَ هذا، أطلقتْ مارينا ضحكةَ استخفافٍ.
“لا يوجدُ مُرشّحونَ، فكيفَ سيكونُ هناكَ اختبارٌ. تنحّي جانباً، فهذا ليسَ مكانَكِ لتتدخّلي.”
“هناكَ مُرشّحةٌ.”
“……ماذا؟”
سألَ فيكونتُ سان ميغيل هذهِ المرةَ.
نظرتُ اليهِ مُباشرةً.
“شخصٌ ذو ولادةٍ نبيلةٍ بما يكفي ليُتّخذَ ابنةً، وتلقّى التعليمَ الكافيَ لتُصبحَ مُرافقة للأميرِ.”
حَبسَ كلُّ من كانَ في الساحةِ أنفاسَهُ بذهولٍ.
لقد فهموا ما أعنيهِ.
وتابعت وتبعاً لتوقعاتِهم.
“سأكونُ أنا المُرشّحةَ.”
حدّقَ بي انتونيو ونائبُ القائد في صدمةٍ.
وكانَ على وجهِ انتونيو تعبيرٌ فخور.
أما نائبُ القائد……
“أنا، لورينزو وورث، أُرشّحُ يوستيا من عائلةِ أندريس كمُرشّحةٍ.”
أعلنَها بصوتٍ عالٍ.
نظرتُ الى الإقطاعيِ ومارينا وفكّرتُ.
‘لقد انضممتُ الى اختبارِ تبنّيِ ابنةِ القائد.’
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة. شاد.
~~~~~~
End of the chapter
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات