استمتعوا
عند سفح أحد الجبال في الشمال.
كان هذا المكان المسمى بالمحطة، موضعًا نُصِبت فيه أجهزة النقل التي تُدعى البوابات، فكان بحق كمثل المحطة.
في محيط المحطة، كان الجيش الإمبراطوري منهمكًا في إعداد المخيم.
وقد وصلتُ إلى ذلك المكان في أوج فترة الاختبارات التجريبية…
“أوه، يوستيا!”
فاستقبلني العقيد لاغوني بحفاوة بالغة.
“مرحبا أيها العقيد. أشكرك على دعوتك إياي.”
“إن وجودك في الشمال لَحَظٌّ عظيم لي.”
لم يكن العقيد لاغوني يعلم أني كنت في الشمال.
إذ تبادلنا الرسائل عبر المنطقة الوسطى لإحدى القوافل التجارية.
كنت أتلقى الرسائل وأرسلها حين تعبر القافلة الشمال إلى البلدان الأخرى، بينما كان العقيد لاغوني يبعث إليّ رسائله عبر الحمام الزاجل.
“يؤسفني أن أقول هذا فور وصولك، لكن لديّ طلبٌ أرجوه منك.”
“طلب؟”
‘حين أتأمل الأمر، ثمة غرابة في هذا.’
لم يكن ليطلبني بهذا الإلحاح في العادة، لكنه هذه المرة توسّل إليّ أن آتي حتمًا.
مع أنه يُحب طعامي حبًا جمًا، إلا أنه ليس من يطلب مني إعداد الطعام حتى لو اضطر لاستدعائي من حراسة الأمير.
كان معروفًا بحزمه الشديد في العمل.
ولذلك استطاع أن يطأ عتبة النخبة في حرس العائلة الإمبراطورية.
أومأ العقيد لاغوني برأسه بوجهٍ جادّ.
“يوستيا، هل يمكنك أن تتكفلي بوجبات طعام سمو الأمير؟”
“سمو الأمير؟”
توقعتُ أن يطلب مني إعداد طعام العقيد لاغوني أو الجنود.
لكن أميرًا إمبراطوريًا؟
لم يكن إعداد طعام العائلة الإمبراطورية أمرًا يستطيعه أي أحد.
يجب أن يكون الطاهي قد اجتاز الفحص الصارم للقصر الإمبراطوري، كما يتعين أن تخضع قائمة الطعام لمراجعة اختصاصيي التغذية في القصر.
حين بدت على وجهي علامات الحيرة، التفت العقيد لاغوني يتفحص المكان حوله ثم همس لي.
“سمو الأمير الرابع مصابٌ بجنون الارتياب.”
جنون الارتياب.
كانت تلك تسمية للمرض النفسي.
حين اتسعت عيناي، أومأ العقيد لاغوني برأسه ثم واصل حديثه.
“سمو الأمير الرابع يرفض أن يضع أي طعام في فمه، مُدّعيًا أن أحدهم سيسممه.”
“يا للهول…”
“أرجوك، ساعديني. ألم تُعيدي القوة في الماضي للجنود الذين كانوا يعانون من أمراض نفسية؟”
إذن لهذا السبب طلبني العقيد بذلك الإلحاح.
لو انهار الأمير أثناء الحراسة، سيقع كل اللوم على العقيد لاغوني.
“همم…”
ترددتُ لحظة.
‘سيكون الأمر صعبًا، لكنه يستحق المحاولة.’
إذ يتعين عليّ على أي حال التقرب من الأمير لأصبح مرافقة شخصية.
ما لبثتُ أن أومأتُ برأسي.
استنار وجه العقيد.
“أشكركِ من صميم قلبي. سأبذل قصارى جهدي كي لا يلحظ الأمراء الآخرون وجودك هنا.”
“…الأمراء الآخرون؟”
بالطبع لم يكن الأمير الرابع قد أتى وحيدًا.
فمن البداية كان من المقرر أن يأتي أمراء متعددون.
لكن لم يكن ثمة في هذه الرحلة إلى الشمال أميرٌ يستوجب إخفاء هويتي عنه…
‘لا يُعقل.’
نظرتُ إلى العقيد لاغوني مذعورة.
قال بتعبير محرج.
“ثمة أمراء قد يُسببون لكِ بعض الانزعاج.”
ما هذا الكلام؟
في اللعبة الأصلية، أتى أمراء لم تكن لهم صلة بي قط…!
* * *
المطبخ المؤقت في الخيمة.
وقفتُ مرتدية المئزر محدقة في لوح التقطيع وأنا أفكر.
‘هل عليّ الهرب الآن؟’
الواقع يتطور في اتجاه مختلف تمامًا عن قصة اللعبة.
عدد الأمراء الذين أتوا في هذه الرحلة الشمالية ثلاثة.
الأمير الثاني لوتشيانو.
الأمير الرابع آين.
الأمير الخامس غاسبار.
‘التشكيلة مهولة…’
باستثناء الأمير الرابع آين، لم يكن الأمير الثاني والخامس مقررين أصلاً.
والأدهى أن كليهما يُسبب لي حرجًا بالغًا.
الأمير الخامس غاسبار هو الأخ الشقيق للأمير الأول الذي كان حبي الأول وخطيبي.
أما الأمير الثاني…
‘لا تفكري في الأمر. على أي حال، لا يمكنك الهرب.’
هززتُ رأسي بشدة.
إن هربتُ من هنا، فلن أستطيع أن أصبح مرافقة شخصية.
وحينها لن أتمكن من الذهاب إلى قصر إسغارلوت، ولن أستطيع تدبير لقاء بين الدوق والقائد.
كلما نجح التغيير في الأحداث، كلما أصبح مستقبلي أكثر أمانًا.
تنهدتُ بعمق وشددتُ رباط المئزر بإحكام.
‘الأولوية هي أن أصبح مرافقة شخصية. أما الأمراء المحرجون… فسأتجنبهم قدر الإمكان.’
بعد أن رتبتُ أفكاري هكذا، غسلتُ يديّ أولاً.
وحين هممتُ بالطهي…
“هل أنتِ الفتاة التي أتى بها العقيد لاغوني من الخارج؟”
اقترب مني رجلٌ ضخم الجثة يبلغ طوله مترين على ما يبدو، يقود أناسًا يرتدون زي الطهاة.
من قبعة الطاهي التي يرتديها، بدا أن الرجل ذا المترين هو طاهٍ أيضًا.
انحنيتُ برأسي.
“نعم. اسمي يوستيا.”
حدّق بي الرجل ذو المترين وذراعاه متشابكتان.
“ما الحيلة التي استعملتِها؟”
“عفوًا؟”
“أي خدعة دبّرتِها لتسحري العقيد لاغوني، هذا ما أعنيه.”
“آه… الزلابية.”
“ماذا؟”
“يُحب العقيد زلابيتي. عملتُ في قسم الإمداد من قبل، ومنذ ذلك الحين وهو يُحب طعامي…”
بينما كنتُ أجيب على سؤاله…
كنس الرجل ذو المترين الوعاء ولوح التقطيع اللذين أمامي وقذف بهما أرضًا.
صَلنْ! صَلْصَلْ─!
تدحرجت أدوات الطهي على الأرض مُصدرةً أصواتًا حادة.
“هل بدوتُ لكِ وكأني أمزح؟”
حدّق بي الرجل ذو المترين بعينين جاحظتين.
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفاه الطهاة الذين كانوا يحدقون بي من خلفه.
إذن تلك الأقوال لم تكن أسئلة من البداية.
لقد أتوا ليُفرّغوا غضبهم فيّ لأنهم لا يجرؤون على التذمر للعقيد.
أرادوا أن يتفرجوا على فتاة حائرة تُعاني من التنمر.
ولو انفجرتُ بالبكاء وهربتُ، لأمكنهم حتى أن يُلحقوا العار بالعقيد لاغوني الذي أحضرني.
جلستُ على ركبتيّ وجمعتُ أدوات الطهي بصمت.
قال الرجل ذو المترين بضحكة ساخرة.
“سأسأل مجددًا. كيف سحرتِ العقيد؟”
“قلتُ لك إنه أُعجب بطعامي.”
أجبتُ هكذا وأنا أضع الأدوات على الطاولة.
عبس الرجل الضخم ذو المترين بشدة.
انفجر الطهاة المتفرجون بضحكات استهزاء.
“انظروا إلى هذه!”
“ليست فتاة عادية. انظروا كيف تفتح عينيها على اتساعهما.”
استفز الطهاة الرجل ذا المترين بسخريتهم.
تقدم نحوي الرجل وهو يدوس الأرض بقوة ثم دفعني.
“لا أدري كم أحسنتِ إغواء العقيد لاغوني، لكن هذا ليس مكانًا يجرؤ شخص مثلك على دخوله.”
“…”
“إن كان الأمر يتعلق بوجبات سمو الأمير، فمن الواجب أن نُعدها نحن المؤهلين.”
“…”
“لا تفكري في انتهاز فرصة الآخرين، بل اغربي عن وجهي حالاً.”
انتهاز فرصة الآخرين.
يبدو أن هذه النقطة هي ما أغضبهم أكثر.
كانت الرحلة الشمالية مهمة شاقة. ولو كان الطاهي الذي أُوكلت إليه هذه المهمة، فلا بد أنه من المرتبة الدنيا في مطبخ القصر.
لذا أرادوا استغلال هذه الفرصة للظهور بمظهر حسن أمام الأمراء، لكني فجأة تدحرجتُ إلى هنا فثار غضبهم.
حين بقيتُ صامتة، رفع الرجل ذو المترين يده الضخمة كغطاء القدر.
“ألا تسمعين ما أقول!”
‘أيريد حتى أن يضربني؟’
إذن لا خيار لي.
ظن الطهاة أني أُصبتُ بالرعب فابتسموا ابتسامات عريضة، لكني…
“أيها العقيد! أيها العقيد لاغوني!”
“…!”
“…!!”
صرختُ داعية العقيد فجأة.
“عنفٌ في المطبخ المؤقت! أنا مذعورة حتى الموت! الطهاة… أووه!”
انقضّ الطهاة مذعورين وأغلقوا فمي.
يبدو أنهم لم يتوقعوا مثل هذا التصرف فأُصيبوا بصدمة بالغة.
“ما، ما الذي تفعلينه!”
ما الذي أفعله؟ أوشي بهم بالطبع.
يبدو أن الطهاة ظنوا أني سأُصاب بالرعب وأضيع حين يتصرفون هكذا، لكن للأسف كانوا مخطئين.
أنا من طُردتُ من آندريس وقمتُ بكل أنواع الأعمال.
لقد واجهتُ مواقف أسوأ من هذا بكثير.
وأدركتُ حقيقة واحدة.
إن تحملتُ وصبرتُ، فلن أصبح سوى دمية لطيفة لتفريغ التوتر.
كانت قاعدتي هي استغلال كل ما يمكنني استغلاله إلى أقصى حد.
التصق بي الطهاة بوجوه شاحبة، لكن الأوان قد فات.
إذ انطلق العقيد لاغوني الذي كان ينتظر الزلابية بفارغ الصبر كالرصاصة.
“ما هذه الأفعال الشنيعة!”
“أيـ، أيها العقيد…”
انكمش الرجل الضخم ذو المترين تمامًا.
* * *
ما تلا ذلك كان متوقعًا.
اقتحم العقيد لاغوني المكان نافثًا من أنفه، وتلقى الرجل الضخم والطهاة توبيخًا شديدًا من العقيد.
“أيُعقل أن من نالوا شارة القصر يتمردون على قرارٍ اتُّخذ من أجل سلامة سمو الأمير، مُعمين بشهواتهم الشخصية؟”
لم ينبس الرجل ذو المترين ببنت شفة.
‘لأنه في كل مرة حاول فيها الاعتذار بكلمات عدة، لم يحصد سوى الصراخ.’
“كل ما قلته هو بضع نصائح أساءت تلك الفتاة فهمها…”
“دعني أسمع تلك النصائح أنا أيضًا.”
“أعترف أن الأجواء كانت عنيفة بعض الشيء بدافع القلق على سمو الأمير…”
“دعني أرى أنا أيضًا كيف كانت تلك الأجواء العنيفة.”
“نحن هنا بموجب تفويض مباشر من العائلة الإمبراطورية، فحتى لو كنت أيها العقيد، لا يمكنك أن تعاقبنا كما يحلو لك…”
“سأُبلغ القصر الإمبراطوري فورًا أنكم العاجزون الذين تسببتم في امتناع سمو الأمير الرابع عن الطعام خمسة أيام متوالية.”
ضربة قاضية من العقيد لاغوني الذي كان يحدق بعينين جاحظتين مع كل كلمة ينطقها.
وفي النهاية، تعلقوا بأذيال سرواله متوسلين الصفح.
بينما كانت صيحات الطهاة المتألمة تشكل موسيقى خلفية، رفعتُ رأسي من طاولة الإعداد.
“أيها العقيد.”
نظر إليّ العقيد لاغوني الذي أنهك أرواح الطهاة بنظرة حانية.
“نعم، يا يوستيا الغالية. هل تحتاجين شيئًا للطهي؟”
“كلا. لقد أنهيتُ الطهي للتو. هل تودون تذوقه؟”
عندها، هرع نحوي العقيد لاغوني ومساعدوه الذين كانوا يحدقون بعيون جاحظة من خلفه.
“التذوق من نصيبي…!”
“الطعام ساخن. سيكون أمرًا جسيمًا لو احترق لسان القائد. الأمور الخطرة من اختصاصي…”
“كفّوا عن المكائد واغربوا عن وجهي.”
الرتبة سلاح، وفي النهاية، كان العقيد من استحوذ على التذوق.
التهم العقيد حساء النورونغجي الساخن كأنه يختفي في طرفة عين، ثم تلوى جسده أنينًا وكأن سقف حلقه قد احترق.
ومع ذلك، سرعان ما رفع إبهامه عاليًا.
‘رائع، اكتمل التذوق.’
إذن حان الوقت الآن لمقابلة الأمير الرابع الذي يُقال إنه يعاني من جنون الارتياب.
حملتُ صينية الطعام وتوجهتُ نحو الخيمة التي يُقيم فيها الأمير الرابع آين.
‘المرة الأولى التي أرى فيها الأمير الرابع آين.’
حتى حين كنتُ انسة آندريس، لم أرَ منه حتى خصلة شعر واحدة.
كان ثمة عددٌ لا بأس به من أفراد العائلة الإمبراطورية الذين يتجنبون الظهور العلني، لذا لم أعتبر الأمر غريبًا بشكل خاص.
علاوة على أنه كان أميرًا لا تُحيط به شائعات خاصة، فلم أكن أعلم أنه يختبئ بسبب جنون الارتياب.
وصلتُ إلى الخيمة وفتحتُ فمي.
بل، حاولتُ أن أفتحه.
“فأين إذن تلك كرة التعقب اللعينة، يا أخي الأكبر؟”
لولا أن صوتًا غاضبًا دوّى، تبِعته حركةُ جسدٍ يُطرَح أرضًا، لما أدركتُ ما يحدث.
لكنّني ما إن سمعتُ الصوت، حتى عرفته على الفور.
‘إنه الطائش!’
أعني الأمير الخامس غاسبار.
من الواضح من هو الشخص الذي قد يناديه غاسبار بـ’أخي الأكبر’.
وهذا المكان هو خيمة الأمير آين.
‘الشخص المتدحرج هو الأمير آين.’
أي أن أميرين يتشاجران جسديًا في هذه اللحظة.
رغم علمي أن الأمير آين يتعرض للإيذاء من غاسبار، لم أستطع الدخول بسهولة.
كان غاسبار معروفًا بوحشيته.
وقد رأيتُ بعينيّ ذات مرة نبيلًا يُطعَن في عينه بسكّين طعام أمامه دون تردّد.
كان إنسانًا لا يعرف الكبح ولا التفكير.
حتى لو دخلتُ لإيقافه، سأتعرض للأذى مع الأمير آين دون أن أقدم أي فائدة.
‘يجب أن أُحضر شخصًا آخر.’
لكن لم أستطع الاعتماد على العقيد لاغوني كما فعلتُ مع الطهاة.
فهو لم يكن في مرتبة تُخوّله إيقاف غاسبار.
‘إذن ما تبقى…’
“هل تريدين مساعدة؟”
كدتُ أقفز في الهواء من الصوت الذي جاء من خلفي.
استدرتُ مسرعة.
رجلٌ يرتدي رداءً بقلنسوة كان ينظر إليّ.
شعرٌ فضي متلألئ.
عيون حادة الملامح تتوهج فيها حدقتان حمراوان بهدوء.
أنفٌ متوازن بمثالية مطلقة.
شفتان تتباهيان بخطوط انسيابية رشيقة.
جسدٌ بنسب تجعله يبدو كتمثال كرّس له عبقريٌّ حياته، أو كأنه ليس كائنًا من هذا العالم.
باستثناء القائد أسلان، لا يوجد رجل آخر يخطف الأنفاس بهذا الروعة.
ومع ذلك، تجمدتُ متصلبة كمن يواجه الموت.
“…سمو الأمير لوتشيانو.”
الأمير الثاني لوتشيانو.
كان هو.
انحنيتُ على الفور.
“أتشرف بمقابلة سموك.”
سقط صوتٌ منخفض من فوق رأسي.
“هل تحتاجين مساعدة؟”
“…يبدو أن الوضع داخل الخيمة خطير. ربما ينتظر سمو الأمير آين مساعدة أخيه الأكبر…”
“أنا سألتُكِ.”
“أنا…”
“خطيبة أخي السابقة التي أعاقتني في كل خطوة.”
“…!”
انتهى الأمر.
في الداخل، أميران يتضاربان، وأمامي ملاك الموت.
أجل، الشخص المحرج بقدر وحشية غاسبار هو بالضبط هذا الأمير الثاني لوتشيانو.
لوتشيانو هو الخصم الأعظم للأمير الأول.
كلّفني أبي بإعاقة هذا الأمير لوتشيانو، قائلاً إنه لدعم خطيبي.
يوستيا الماضية الحمقاء التي ظنت أنه يجب عليها أن تشرب السم لو أمرها أبيها، أعاقت لوتشيانو بجد واجتهاد.
ونجحت في ذلك مرات عديدة.
لذا، بالنسبة لـلوتشيانو، أنا كـالعدو اللدود.
نظرتُ خلسة نحو الخيمة وقلت.
“أم… هل لو أوضحتُ أني الآن مجرد بطاطا مغبرة طُردت من عائلتها، فقد يخفّ حنقك قليلاً…؟”
“مستحيل. خطيبة أخي التي حولت حملة إبادة القبائل الأجنبية التي خضتُها بحياتي إلى إنجاز أخي الأكبر.”
“هل يمكنك أن تأخذ بعين الاعتبار أنني رغم كل تلك الجهود المضنية، نُبذتُ كالقمامة في النهاية…؟”
“حسنًا. ماذا عن ذكرى خطيبة أخي التي سرقت سيف الإمبراطور المؤسس الذي كان جلالة الإمبراطور سيمنحه لي وقدمته لأخي الأكبر؟”
“لو قلتُ إنني أرغب بشدة في ضرب نفسي الجاهلة في ذلك الوقت، وأنني مستعدة حتى لتلقي صفعة إن أردت…؟”
“هل بدوتُ لكِ كمجنون يضرب النساء؟”
“بالطبع لا. لكن هل تعلم بالصدفة أن ثمة عاقًا للوالدين في الداخل يضرب أخاه الأكبر وليس امرأة…؟”
الوضع أصبح ملحًا حقًا الآن.
لقد سمعتُ صوت ارتطام آخر للتو.
“أعتذر حقًا، وأعلم جيدًا أني ارتكبتُ جرمًا يستحق الموت، لكن دعنا نؤجل ثأرنا إلى وقت لاحق، بل، سآتي إليك الليلة وأُقدم لك عنقي…!”
لو أصاب الأمير آين مكروه، ستحل كارثة.
ستنتهي الرحلة الشمالية فورًا، وحينها ستتلاشى فرصتي في أن أصبح مرافقة شخصية وأُدبر لقاءً بين دوق إسغارلوت والقائد.
والأهم من ذلك، لن أستطيع النوم قريرة العين.
بينما كنتُ أتحدث بعجلة…
شرينغ─.
من داخل الخيمة، سمعتُ صوت سيف يُسحب من غمده.
لو وصل الأمر إلى سفك الدماء بالسيوف، لن يكون هناك أي وقت للتأخير.
حين كنتُ على وشك الاندفاع داخل الخيمة…
“هذا دَيْنٌ يا يوستيا.”
ماذا؟
بدا لوتشيانو وهو يمر بجانبي وكأنه يتحرك ببطء.
وحين وصل إلى الستارة المعلقة بدلاً من الباب على الخيمة…
تششش─!
مع صوت ألواح تتشقق، انهارت الخيمة نصف انهيار.
كان السيف في يد لوتشيانو قد قطع الدعامة الرئيسية للخيمة في ضربة واحدة.
هبت ريح عاتية.
تطايرت الخيمة التي كانت خيمة، وانكشفت أشكال الأميرين اللذين كانا بالداخل.
الأمير الجالس على الأرض هو الأمير الرابع آين الذي يُقال إنه يعاني من جنون الارتياب.
والأمير الذي يُشهر سيفه نحوه هو الأمير الخامس غاسبار.
حين رأى غاسبار لوتشيانو واقفًا بتبجح أمام الخيمة، انفجر بضحكة ساخرة.
“ليس موسم الصيف، ومع ذلك الحشرات تعج في كل مكان، يا أخي.”
“لا تُحقّر نفسك أكثر من اللازم يا غاسبار.”
كان عليّ الهرب منذ قليل، أليس كذلك؟
الفوضى على وشك الحدوث.
—يتبع.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
– تَـرجّمـة. شاد.
~~~~~~
End of the chapter
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
التعليقات لهذا الفصل " 16"
الصراحة توقعت الأمير الثاني فعلا يضربها بس اوك طلع شوي رجال على الاقل (احسه ممكن يكون طرف ثالث )
يوستيا وهي تواجه المشاكل غصبا عنها :