انزلقت السيارة عبر الطريق المظلم، حيث كان الظلام الكثيف يبتلع كل شيء، كأنها تسبح في بحر من الحبر. بالنسبة لشخص يُفترض أنه شرب، كان أداء الرجل في القيادة مدهشًا. كان يدير عجلة القيادة بسلاسة، دون أن ينحرف عن المسار ولو للحظة، مُظهرًا مهارة تفوقت على ليليانا، التي لم تتناول قطرة كحول. الطريق، الخالي من أضواء الشوارع، كان يمتد إلى ما لا نهاية، مما جعل ليليانا تشعر بالقلق من فكرة الوصول إلى فندق غامض لا تعرف مكانه.
‘لا أعرف إذا كان الذهاب إلى فندق فكرة جيدة…’ فكرت، وهي تحدق في الظلام من خلال النافذة.
كان صوت الموسيقى يملأ السيارة، يخفف من توتر الصمت بينهما. الرجل كان يهمس مع كلمات الأغنية، بينما ليليانا تتظاهر بالانشغال بالنظر إلى الخارج، محاولة تجنب أي محادثة غير ضرورية.
“ما عملكِ؟ هل يمكنني السؤال؟”
جاء سؤاله المفاجئ كالصاعقة، فأبعدت ليليانا ذقنها عن النافذة واستدارت نحوه ببطء.
‘الآن يسأل؟ بعد كل هذا الوقت دون حتى معرفة اسمي؟’ فكرت، لكنها أجابت بهدوء: “أغني في حانة.”
“تغنين؟”.
أصدر صوتًا خافتًا من أنفه، كأنه غير متأثر. سرعان ما انتقل إلى موضوع آخر.
“بالمناسبة، يبدو أنكِ جئتِ من مكان بعيد. من أين أنتِ؟”.
“من جيليجان. ليست بعيدة جدًا عن ديمرسيي.”
“ديمريسي؟”.
صوته هذه المرة كان مختلفًا، أكثر حدة. لمحت ليليانا بريقًا غريبًا في عينيه الضيقتين، لكنه اختفى بسرعة.
“مكان جميل للعيش.”
ضحك بخفة، لكن نبرته بدت ساخرة. لم تستطع ليليانا تحديد إذا كان يقصد المديح أم السخرية، لكنها شعرت أنه يحاول استفزازها.
“ضيفة سيلفانو من ديمرسي…” غمغم وهو يواصل الغناء بهدوء.
ابتلعت ليليانا ريقها، وشعرت بالتوتر يتسلل إليها. أمسكت بيدها بقوة، محاولة الحفاظ على هدوئها. فجأة، استدار الرجل نحوها.
“بالمناسبة…”.
“نعم؟”.
ارتفعت زاوية فمه في ابتسامة ماكرة: “أعتذر حقًا، لكن بعد تلك البيرة، أشعر أنني سأنفجر. هل يمكنني التوقف للحظة؟”.
شعرت ليليانا بقشعريرة. كان حدسها يخبرها أن هذا ليس مجرد طلب عادي. ‘ها قد جاءت اللحظة التي يكشف فيها عن نواياه الحقيقية،’ فكرت، وهي تشعر بالخوف يتسرب إلى عروقها.
لكنها، رغم ذلك، حافظت على رباطة جأشها وقالت: “تفضل، افعل ما تريد.”
تجاهلت نظرته المستمتعة وضحكته الخافتة. توقفت السيارة على جانب الطريق المهجور، وخرج الرجل بعد أن قال:”انتظري لحظة.”
‘ماذا يخطط؟’ تساءلت ليليانا، وهي تنظر من النافذة إلى ظله وهو يشق طريقه عبر الأعشاب الطويلة. توقف فجأة، وبدأ يعبث بحزامه كما لو كان ينوي التبول. أنزلت ليليانا رأسها بسرعة، محرجة من الموقف.
لكي تتجنب أي صوت محرج، مدت يدها بسرعة لترفع صوت الموسيقى.
– أنا آسفة، آسفة جدًا لأنني كنتُ غبية. لم أكن أعرف أن الحب يمكن أن يكون قاسيًا.🎤
كانت أغنية أنا اسفة لبريندا لي تملأ السيارة، لكن لحنها الحلو كان يتناقض بشكل صارخ مع التوتر الذي شعرت به، كما لو كان ينذر بعاصفة قادمة. عضت ليليانا شفتيها، محاولة السيطرة على أعصابها.
فجأة، طق! هز صوت قوي السيارة، مقاطعًا الأغنية. صرخت ليليانا برعب: “كياااه!”.
كان المشهد مخيفًا لدرجة جعلت قلبها يكاد يتوقف. الرجل، الذي كان يقف في الأعشاب قبل لحظات، كان الآن يقف أمام غطاء محرك السيارة، يضع يديه عليه، ووجهه مضاء بضوء المصابيح الأمامية بشكل يشبه مشهدًا من فيلم رعب. شحب وجهها، مرآة لوجهه الأبيض المرعب.
اقترب الرجل من نافذة الراكب، وهو يبتسم كأنه يستمتع برد فعلها.
“كيف يمكن لشخص أن يكون بهذا الخوف؟ ألم تري أشياء أكثر رعبًا في حياتك؟”.
حتى وسط ذعرها، شعرت ليليانا أن هناك شيئًا غريبًا في كلامه. ‘أشياء أكثر رعبًا؟ ماذا يعني؟’ هل كان يلمح إلى عملها في الحانة، أم أن هناك معنى أعمق؟.
‘ماذا تحاول قوله؟’ فكرت، وهي تحاول استيعاب كلامه. بينما كانت غارقة في أفكارها، وصل الرجل إلى جانب السيارة، متكئًا على الهيكل وهو يعبث بجيوبه.
تانك!
رن صوت مألوف – صوت ولاعة زيبو التي سمعتها عندما التقته لأول مرة. نظرت إلى النافذة، ورأت يده تمسك بسيجارة مشتعلة.
“افتحي النافذة. الهواء هنا رائع. لا تجدين مثل هذا النقاء في المدينة.”
كان صوته يحمل نبرة مرحة، لكن ليليانا شعرت أن الدخان سيكون الشيء الوحيد الذي سيملأ رئتيها. لكنها، رغم ذلك، فتحت النافذة بهدوء. هبت ريح باردة، ممزوجة برائحة التبغ الكريهة، ومد الرجل يده فجأة عبر النافذة.
“سيجارة؟”.
دفعته ليليا برفق.
“لا، شكرًا. أنا لا أدخن.”
ضحك بخفة، لكن ضحكته بدت ساخرة.: “كفي عن التظاهر وكوني نفسكِ. ألا تعتقدين أننا تجاوزنا مرحلة المجاملات؟”.
“ماذا؟ أي تظاهر؟”.
“هل هي حقًا غبية إلى هذا الحد؟”.
اقترب أكثر، متكئًا على إطار النافذة، ونظر إليها بنظرات فاحصة. رائحة الدخان امتزجت بنظراته المزعجة، فعبست ليليانا ولوحت بيدها لتبعد الدخان.
لم تستطع تحمل سخريته أكثر، فانفجرت:”ماذا تحاول قوله؟ أنك سيلفانو جياكوني؟”.
كان محقًا. لم يخبرها واين (في الحياة الأولى) عن مظهر سيلفانو، فقط عن سمعته. حدقت ليليانا فيه بنظرة حادة، وهو يواصل تدخين سيجارته بلا مبالاة.
‘وقح!’ فكرت. مدت يدها فجأة، وأمسكت بخصلة من شعره، وجذبته نحوها، وهمست: “لم تكن ماهرًا في الكذب. هل كنتَ تظن أنني لن ألاحظ؟ كان يجب أن تخفي غسول استحمامك في الحمام!”.
“ماذا؟”.
“رائحته تملأ المكان!”.
كانت وجوههما قريبة جدًا، لدرجة أن أنفاسهما اختلطت. اتسعت عينا سيلفانو للحظة، ثم استرخى وابتسم بنعاس.
“انزلي.”
“ماذا؟”.
جاء أمره حادًا ومتغطرسًا، مما جعل ليليانا تشعر بالذهول. سرعان ما تحول وجهه إلى قناع بارد، كأنه شخص آخر.
“انزلي. لا تجعليني أفقد أعصابي.”
تراجع، واختفى ظله المهدد، لكن ليليانا شعرت أن الخطر الحقيقي قد بدأ للتو. فتحت الباب بيد مرتجفة، وخطت خطوة على الأعشاب الطويلة.
‘ها قد جاءت اللحظة،’ فكرت. عندما لم تكن قد كشفت هويته، كان التوتر محتملاً. لكن الآن، بعد أن نطقت اسمه، شعرت بالحقيقة تضغط على صدرها كحجر ثقيل.
أمسكت بياقتها، تحمي نفسها من البرد القارس. وقف سيلفانو، يعطيها ظهره، وهو يواجه الريح.
– الحب أعمى، وكنتُ أعمى لدرجة أنني لم أرَ… . 🎤
كان يغني مع الأغنية المنبعثة من السيارة، يتمايل برشاقة. رائحة الكحول بدت وكأنها تنبعث منه، لكنها كانت متأكدة أنه لم يكن مخمورًا.
عندما اقترب صوت خطواته، ألقى عقب السيجارة بعيدًا واستدار نحوها.
“ماذا تفعلين؟”.
كان صوته هادئًا بشكل مخيف.
“ألم يكن لدينا وقت كافٍ لاستكشاف بعضنا؟ حان الوقت لتفعلي شيئًا. أخرجي مسدسًا، أو شيئًا من هذا القبيل.”
‘مسدس؟’.
جفلت ليليانا، ممسكة بياقتها.
“أي مسدس؟”.
“هل ستستمرين في التظاهر؟ حسنًا، هل تفضلين الأسلوب القديم؟ سكين؟ أم لا يعجبكِ ذلك أيضًا؟”.
كانت عيناها الخضراوان ترتعشان بالحيرة. لم تستطع فهم طريقة تفكيره. لماذا يفترض أنها جاءت للقتال؟ هل يعتقد أنها عدوة من ماضيه؟.
“لا أعرف لماذا تفكر بهذه الطريقة، لكنني لم آتِ لأقاتل!”.
“إذن؟ لماذا أرسلكِ أولئك العجائز الضعفاء؟”.
ضحك بسخرية وهو يقترب. تراجعت ليليانا، تحاول التفكير بسرعة. ‘العجائز؟ هل يقصد لجنة المافيا؟’.
لكن قبل أن تستطيع الرد، اقترب سيلفانو بسرعة، وتحركت يده بسرعة مذهلة.
“آه!”.
شعرت بقوة يده، وفجأة انقلبت رؤيتها رأسًا على عقب. قبل أن تدرك، كانت ملقاة على الأرض، ورأسها يصطدم بالتراب. ألم حاد اجتاحها، وأغلقت عينيها بقوة.
عندما فتحتهما، كان وجهه أمامها مباشرة، ينظر إليها من الأعلى. كانت ذراعيها مثبتتين فوق رأسها، وجسدها عاجز عن الحركة.
“آه… آه…”.
ارتجفت شفتاها من الخوف. نظر إليها سيلفانو بعينين متفاجئتين، ثم رفع حاجبًا.
“ما هذا؟ أنتِ أضعف من سمكة صغيرة!”.
~~~
لقطات سيلفانو وليليانا تضحكني مدري ليه، من المفترض تكون رعب وتوتر بس انا أضحك
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 18"