━━━●┉◯⊰┉ الفصل 8 ┉⊱◯┉●━━━
عندَ عودةِ رينا منَ العشاءِ، وصلَتْها رسالةٌ منْ قلعةِ الدوقِ:
「سأزورُكِ صباحَ الغدِ.」
كانتِ الخطوطُ المكتوبةُ بعجلةٍ تعكسُ شخصيّةَ الدوقِ الصريحةَ.
بدتِ الرسالةُ، الخاليةُ منَ الزخارفِ والمباشرةُ، وكأنّها تُظهرُ رغبةً في التقرّبِ الصادق منها.
‘كما توقّعتُ، زارَ الإمبراطورَ أوّلًا مراعاةً لي.’
بالطبعِ، كانَ منَ الأفضلِ أنْ يتعاملَ هو معَ الإمبراطورِ بدلًا منْها.
معَ ذلكَ، لمْ تتوقّعْ هذا المستوى منَ التفكيرِ منه، فشعرتْ بالذهولِ.
بفضلِه، تركتْ انطباعًا قويًا لدى إخوتِها في العشاءِ.
لمْ تكنْ متأكّدةً إنْ كانَ هذا سيؤدّي إلى نتائجَ إيجابيّةٍ، لكنْ…
كتبتْ رينا ردًا يعبّرُ عنْ ترقّبِها للقاءِ الغدِ وسلّمتْه للخادمةِ.
في اليومِ التالي، وصلَ كايدِنْ.
تسبّبَ ظهورُ دوقِ كرينسيا المفاجئُ في اضطرابِ قصرِ الأميرةِ. قالتْ رينا، بينما صوتُها يرتجفُ:
“لمْ أتوقّعْ أنْ تأتي بنفسِكَ.”
ابتسمَ كايدِنْ كأنَّ السؤالَ تافهٌ:
“هلْ أتركُ خطيبتي في يدِ غيري؟”
ثمَّ قبّلَ ظهرَ يدِها بخفّةٍ وقالَ:
“لمْ نعدْ بحاجةٍ للقاءِ خفيةً، أليسَ كذلكَ؟ جئتُ لأنّني اشتقتُ إليكِ.”
احمرّتْ وجوهُ الخادماتِ منْ هذا التعبيرِ المباشرِ عنِ الحبِّ.
لكنْ، لمْ يكنْ أحدٌ مثل رينا، التي أصبحَ وجهُها أحمرَ كالتفّاحةِ، وهي على وشكِ الانفجارِ.
‘قلتُ إنّ علينا خداعَ الإمبراطورِ، لكنْ لمْ أقصدْ أنْ يبذلَ جهدًا كهذا…’
كانَ إرسالُ عربةٍ كافيًا لإظهارِ الاهتمامِ، لكنْ أنْ يأتي بنفسِه، وهو مشغولٌ؟
زيارتُه العلنيّةُ ستُبلّغُ إلى الإمبراطورِ قريبًا، وربما تعمّدَ ذلكَ.
بقيتْ رينا صامتةً، متجمّدةً، فاقتربَ الدوقُ وهمسَ:
“لما لا تُظهرينَ ردّةَ فعلٍ؟ أنا أبذلُ جهدًا هنا.”
أفاقتْ رينا منْ نبرتِه الحادّةِ، عكسَ لطفِه السابقِ، وقالتْ مبتسمةً:
“اشتقتُ إليكَ أيضًا.”
أمسكَ كايدِنْ بيدِها بلطفٍ وقادَها معهُ.
تخطّيا الخدمَ المتلصّصينَ وصعدا العربةَ، حيثُ تنهّدتْ رينا بعمقٍ. تأمّلَها كايدِنْ وقالَ:
“أينَ ذهبتْ جرأتُكِ عندما زرتِني ذاك اليوم؟”
انزعجتْ رينا منْ تعليقِه، الذي يوحي بأنّها خائفةٌ منْ أمرٍ تافهٍ:
“هلْ وضعنا هذا كذاكَ في قصرِكَ؟”
“لا أرى فرقًا كبيرًا.”
“لستُ معتادةً على استقبالِ الضيوفِ. لمْ يزرْ أحدٌ قصري منذُ سنواتٍ.”
نظرَ كايدِنْ إليْها ببطءٍ بعدَ إجابتِها الصادقةِ.
‘خلالَ السنواتِ الثلاثِ الماضيةِ، لا توجدُ سجلّاتٌ تذكرُ لنشاطاتِها العامّةِ.’
‘هلْ تعني أنّها عاشتْ منعزلةً؟’
‘لا، بلْ لمْ يزرْها أحدٌ، كما يحدثُ عادةً معَ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ التي بلا دعمٍ خارجيٍّ.’
تطابقتْ تقاريرُ بِنْ معَ كلامِها.
بعدَ اختفاءِ أخيْها، الذي كانَ دعامتَها، أصبحتْ كأنّها محتجزةٌ في قفصٍ.
كيفَ عاشتْ خلالَ هذهِ السنواتِ الثلاثِ؟
لمْ يكنْ يعلمُ بالضرورةِ، لكنْ زيارتَها لهُ لمْ تكنْ عفويّةً بلا فائدةٍ.
「أريدُ مغادرةَ هذا المكان.」
كانتْ عيناها، تعبّرانِ عنْ يأسٍ غامرٍ كأنّها تقولُ إنَّ أيَّ مكانٍ غيرَ هذا سيكفيها.
لهذا زارَ الإمبراطورَ وأدّى هذا العرضَ الرومانسي كما طلبت.
فوقَ ذلكَ، كما قالتْ، وصلَ رسولٌ يحملُ جلدَ غوريت.
ثبتتْ قدرتُها، فلمْ يعدْ هناكَ سببٌ لرفضِ عرضِها.
قرّرَ كايدِنْ مراقبةَ هذهِ الأميرةِ المريبةِ
والمثيرةِ أكثرَ عن كثب.
بالطبعِ، كانَ فضولُه نحوَها السببَ الأكبرَ.
كانَ التنانينُ متساهلينَ معَ مَنْ يثيرونَ اهتمامَهم، ولهذا استمتعَ كايدِنْ بالوضعِ.
“ستعتادينَ تدريجيًا. هذا المستوى منَ التمثيلِ ضروريٌّ لتجنّبِ شكوكِ الإمبراطورِ.”
“شكرًا. لمْ أتوقّعْ هذا القدرَ منَ الاهتمامِ.”
“بما أنّنا في قاربٍ واحدٍ، قرّرتُ معاملتَكِ كما يليقُ بكِ.”
“أو ربما لأنّكَ مهتمٌّ بموقعِ غوريت في موسمِ التكاثرِ؟ اكتشافُ جلدِه يعني أنّه أكملَ التزاوجَ.”
رفعَ كايدِنْ حاجبَه عندَ كلامِها العابرِ:
“لمْ تكنْ مُعاملتي لكِ بلطفٍ صفقةً أيضًا.”
بالطبعِ، لمْ يكنْ ذلكَ غائبًا عنها تمامًا، لكنْ زيارتَه لها كانتْ بدافعِ اللطفِ.
وفقًا لتقريرِ بِنْ، كانتْ رينا تُضايقُ بشكلٍ خفيٍّ منْ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريّةِ.
افترضَ أنَّ زيارتَه العلنيّةَ ستغير من معاملتِها بسوءٍ في العاصمةِ.
لكنْ رينا، التي لا تعلمُ نواياهُ، مالتْ رأسَها وسألتْ ببراءةٍ:
“أليسَ الأمرُ كذلكَ؟”
“لا.”
“لمَ؟”
ضاقَت عينا كايدِنْ بها وهي تسألُ عنِ السببِ، إذْ لمْ يكنْ منْ نوعِ مَنْ يشرحُ ويبررُ بالتفصيلِ:
“تصرّفتُ لأنّني أعتبرُكِ الآنَ حليفةً لي. ماذا أقولُ لكِ إنْ سألتِ لمَ هكذا؟”
“لمْ أقصدِ التدقيقَ. فقطْ، لستُ معتادةً على مثلِ هذا اللطفِ، فشعرتُ بالإحراجِ.”
أدركتْ رينا أنّها بالغتْ في ردِّها، فأدارتْ عينيْها.
في حياتِها السابقةِ، كانَ كايدِنْ يُظهرُ لها لطفًا غامضًا مماثلًا.
عندما لمْ تفهمْ، قالَ لها:
‘فعلتُ ذلكَ لأنّني شعرتُ أنني أريدُ فعلَ ذلك. إنْ لمْ تفهمي، فقطْ اقبليهِ.’
نبرتُه تلك التي تنمُّ عنْ انزعاجٍ منْ الأسئلةِ، كانتْ كما هي الآنَ.
كذلكَ، كانَ عدمُ فهمِها الكاملُ لإجابتِه
مشابهًا لوضعها الحالي.
ربما لهذا، كانتْ فضوليّةً تجاهَ كايدِنْ كرينسيا.
“ابدئي بالتأقلمِ منذُ الآنَ.”
“ماذا؟”
“أعني أنّكِ ستتلقّينَ مثلَ هذا اللطفِ كثيرًا منَ الآنَ فصاعدًا.”
توقّفتِ العربةُ عندَ انتهاءِ حديثِه.
نزلَ كايدِنْ أوّلًا ومدَّ يدَه.
تأمّلتْ رينا يدَه الكبيرةَ بحذرٍ، ثمَّ وضعتْ يدَها عليْها.
شعورٌ غريبٌ. كانتْ مجرّدَ إيماءةِ مرافقةٍ، لكنْ…
شعرتْ أنَّ فيهِ قوّةً تجعلُها تعتمدُ عليهِ، كصخرةٍ ضخمةٍ تُثبّتُ قدميْها عليها وسطَ الأمواجِ.
‘هذا الرجلُ حقًا لطيفٌ.’
كانَ، في الماضي والحاضرِ، شخصًا طيّبًا وقويًا يُظهرُ لها لطفًا خالصًا.
معَه، شعرتْ أنّها قدْ تهربُ منْ هذا القصرِ الجهنّميِّ بسهولةٍ.
وضعت رينا يدها فوق صدرَها، شعورٌ بالاضطرابِ يعتملُ في داخلَها، كأنَّ شيئًا ما يتصاعدُ منْ أعماقِها.
أمسكَ كايدِنْ يدَها الصغيرةَ بلطفٍ.
‘فقطْ، لستُ معتادةً على مثلِ هذا اللطفِ، فشعرتُ بالإحراجِ.’
كشفتْ كلماتُها العابرةُ عنْ وضعِها.
على الرغمِ منْ مكانتِها العاليةِ، لمْ تتمكّنْ منْ الاستمتاعِ بها.
هذا كانَ واقعُ الأميرةِ رينا.
رؤيةُ أميرةٍ تشكُّ حتّى في لطفٍ بسيطٍ كهذا جعلتْه يهتمُّ بها أكثرَ.
***
“أهلًا بكِ.”
حيّا بِنْ رينا بأدبٍ وقادَها إلى الأريكةِ في غرفةِ الأستقبال.
كانتِ المائدةُ مُعدّةً بصينيّةِ حلوياتٍ وشايٍ أحمرَ.
جذبتْ إكليراتٌ مزيّنةٌ بمختلفِ الإضافاتِ ومونت بلانك منَ الكستناءِ الحلوِ الأنظارَ.
كانَ الشايُ الأحمرُ، المُسخّنُ لدرجةٍ مثاليّةٍ، عطريًا للغايةِ.
جلستْ رينا مرتبكةً، ترتشفُ الشايَ، فسألَ كايدِنْ:
“ألا تحبّينَ الحلوياتِ؟”
“كلا، أحبُّها. فقطْ، كنتُ أفكّرُ ماذا أبدأُ بتناولِه.”
“لا تتردّدي، كُلي فقط.”
تحتَ إلحاحِ كايدِنْ، التقطتْ رينا شوكةً وقطّعتْ مونت بلانك، وضعتْها في فمِها.
“!”
لمعَتْ عيناها الزرقاوانِ الناعمتانِ.
ذابَ المونت بلانك في فمِها كالحريرِ.
𖣠··=·.·=❉=فقرة الشروحات𖣠··=·.·=❉=
『شرح: عن حلوى المونت بلانك والأكليرات المُزينة التي ورد ذكرها مع صينية الشاي الأحمر.』
【التوضيح: الأكليرات هي نوع من الحلوى الفرنسية تكون على شكل أصابع ومحشوّة بالكريمة ومغطّاة بالشوكولاتة أو غيرها.
__صورة لها:
وأما حلوى المونت بلانك فهذا اسم حلوى فرنسية أخرى مشهورة، تُحضّر عادةً باستخدام الكستناء (نوع من المكسرات) المهروس والمحلى.】
__صورة لها:
~•~•انتهى~•~•
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات