━━━●┉◯⊰┉ الفصل 21 ┉⊱◯┉●━━━
كانَ كايدن يَحملُ باقةَ زهورٍ في يده.
من الموقف، بدا أن روز هي من أعطته إياها.
لم تستطع رينا، لسبب ما، الاقتراب منهما بسهولة.
هل لأنهما بدَوَا متقاربين جدًا؟
أم…
شعرت رينا بنوع من الإزعاج وهي تنظر إلى روز.
كانت روز، التي اعتادت على تعابير الامتعاض أمامها، تبتسمُ بإشراقٍ الآن.
بدت كفتاةٍ خجولةٍ مع كايدن، مما جعل رينا تتسمَّر بدهشةٍ في مكانها.
ثم استنتجت رينا بسهولة سبب تصرفات روز الحادة تجاهها سابقًا.
‘إنها تحب كايدن.’
لم يكن انزعاجها من رينا بسبب كونها من العائلة الملكية فحسب بل لأنها تحب كايدن.
بما أن رينا حاولت التقرب من روز، شعرت بخيبة أمل قوية الآن عندما علمت بالحقيقة.
لم يخطر ببالها فكرة أن يكون لكايدن امرأة أخرى.
بالطبع، لم تشك في أن كايدن يبادل روز المشاعر.
ففي حياته السابقة، لم يتزوج أبدًا حتى النهاية.
لذا، كان من الواضح أنها مشاعر روز من طرف واحد.
ومع ذلك، شعرت رينا بعدم ارتياح.
ربما لأن كايدن بدا مرتاحًا جدًا مع روز.
كان من الطبيعي أن يكون أكثر راحة مع شخص يعرفه منذ زمن طويل مقارنة بها، لكنها أرادت لسبب ما مغادرة هذا المكان.
ترددت طويلًا دون أن تفهم سبب شعورها هذا.
أخيرًا، قررت رينا المغادرة بهدوء، لكن عندما همَّت بالعودة، سمعت صوت كايدن يناديها:
“رينا.”
فكرت في تجاهل النداء، لكنه ناداها مجددًا:
“رأيت كتفيكِ يرتجفان بدهشةٍ عندما ناديتك.”
لم يكن من المنطقي الهروب بعد أن قال ذلك.
توقفت رينا على مضض واستدارت.
رأت كايدن يعبس قليلًا.
نظر إليها للحظة، ثم اقترب بخطوات واسعة.
نظرت رينا إلى كايدن، ثم إلى روز ذات الوجه المتجهم الآن.
بدت روز التي كانت خلفهُ كمن يواجه زائرًا غير مرغوب فيه.
بينما كانت تراقب روز تتبعهُ على مضض، اقترب كايدن وقال:
“تجاهلتني عمدًا منذ قليل، أليس كذلك؟”
“لا، لم أفعل.”
حين حاولت رينا تجنب عينيه، مال كايدن برأسه ليجعلها تواجهه:
“يبدو أنكِ فعلتِ.”
“…”
“لماذا؟ هل تسببتِ في مشكلة أخرى؟ هذه المرة حريق أم فيضان؟”
رفعت رينا رأسها غاضبة بنبرته المرحة، لكن عينيها اتسعتا عندما رأت قربه منها.
لم يكترث كايدن، ونظر إليها بتعبير مليء بالمرح.
احمر وجه رينا، فتراجعت غريزيًا وقالت بنبرة حادة:
“هل أنا طفلة في نظرك؟”
رمقته بنظرة غاضبة، فضحك كايدن وقال:
“إذا تركتكِ وحدكِ، أشعر بالقلق، فأنتِ مثل الأطفال.”
“توقف عن معاملتي كطفلة.”
“حسنًا، حسنًا.”
رد كايدن بلا مبالاة، ثم ضحك بهدوء.
حتى هذا التصرف بدا كمعاملة طفولية، لكن رينا لم تجادله، بل وضعت يديها على وجنتيها لتبرد خديها المحمران.
“إذًا، لمَ تجنبتِني؟”
“بدوتَ مشغولًا.”
تمتمت رينا وهي تنظر إلى روز.
نظر كايدن إلى روز للحظة، ثم هزَّ كتفيه بقولهِ:
“إطلاقًا.”
في تلك الأثناء، كان وجه روز يتصلب وهي تراقب اللحظة الحميمة بينهما.
خصوصًا عندما نادى كايدن رينا باسمها، بدت روز مصدومة.
حيث قد استغرق الأمر وقتًا طويلًا
حتى ناداها كايدن باسمها.
شعرت بالغيرة من قربهما، رغم أنهما لم يلتقيا إلا لأيام في العاصمة.
لا تستطيع هي التحدث معه بحرية أمام الآخرين عكش رينا.
شعرت روز بقلق مفاجئ، فتدخلت بينهما:
“زهرة الفاوانيا سيكون عبيرها أجمل عندما تتفتح. إذا وضعتَها في غرفتك، ستساعدك على النوم.”
أكدت روز بطريقة غير مباشرة أنها هي من أعطته الزهور، لكن كايدن رد:
“حقًا؟”
ثم مد باقة الفاوانيا إلى رينا فور سماعه أنها تساعد على النوم:
“إذًا، من الأفضل أن توضع في غرفتكِ.”
“أنا؟”
“سيدي الدوق.”
نادت روز كايدن بنبرة لوم، مذهولةً مما فعله.
تلقت رينا الباقة بارتباك، تنظر تارة إلى كايدن وتارة إلى روز.
لم ينتبه كايدن للجو بينهم هم الثلاثة، وقال بلا مبالاة:
“رأيتكِ آخر مرة تعانين من الكوابيس. آمل أن تكون هذه مفيدة.”
“حسنًا، لكن…”
بينما كانت رينا تتحدثُ بتترددٍ، تدخلت روز باحتجاج خفيف:
“لكنني أعطيتها لكَ كهدية…”
“أليس الأمر متروكًا لمن تلقاها بفعل ما يريد بها؟ على أي حال، لا أحتاجها.”
<لا أحتاجها.>
عند سماع هذه الكلمات، تصدع وجه
روز الذي كان هادئًا.
لم تستطع كبح مشاعرها، فنظرت إلى رينا بغضب:
“حسنًا، لو علمتُ لأحضرتُ واحدة للأميرة أيضًا. كنتُ مهملة. سأضع هذه في غرفتي.”
“آه…”
انتزعت روز الباقة من يدي رينا وغادرت المكان
مسرعة.
نظرت رينا إلى روز وهي تبتعد، ثم وبخت كايدن:
“حتى لو كانت هدية، أليس قول ذلك أمامها قاسيًا بعض الشيء؟”
“لم أطلب الهدية أصلًا، فهل عليَّ أن أهتم بمثل هذه الأمور؟ من الأفضل إعطاؤها لمن يحتاجها.”
رد كايدن بلا مبالاة، فتحركت شفتا رينا دون صوت بدا وكأنها أرادت التحدث ثم توقفت.
يبدو دافئًا أحيانًا، لكنه في مثل هذه اللحظات يبدو باردًا جدًا.
نظر كايدن إلى رينا، التي بدت متجهمةً، وغير الموضوع:
“هل الشمال مكانٌ مريحٌ للعيش؟”
“لم أمكث هنا طويلًا بعد، لكنني أتأقلم. كل شيء جيد، باستثناء البرد.”
قالت ذلك وهي تفرك كتفيها من البرد، حينها خلع كايدن معطفه وأعطاهُ لها قائلًا:
“الممرات باردة، لذا ارتدي ملابس أكثر دفئًا.”
“ارتديت ما لديَّ، لكن يبدو أنني لم أعتد على برودة هذا المكان بعد. سأتأقلم تدريجيًا.”
“إن احتجتِ شيئًا، لا تعاني بمفردكِ، أخبريني أو أخبري بن.”
“آه، بالمناسبة.”
تذكرت رينا شيئًا فجأة وأضافت:
“هل يمكنني مقابلة مربية داليا على انفراد؟”
“السيدة ماري؟”
“نعم. أريد مناقشة أمر يتعلق بداليا. وإن أمكن، أود لقاء داليا بشكل دوري.”
“سمعت من إيدن أن داليا ظنتكِ أمها. إن كان ذلك هو السبب، لا داعي للقلق.”
“كلا، أريد فعل ذلك لأنني أرغب به.”
نظرت رينا إلى كايدن بوجه حازم.
كان يعلم أنها تصبح قوية عندما تظهر هذا التعبير، فانتظر كلامها التالي بفضول.
لذلك بعد قليل، قالت:
“عندما أرى داليا، أرى نفسي في الماضي.”
“حقًا؟ في أي جانب؟”
“فقط… إنها تكبت مشاعرها بمفردها، وهذا يؤلمني. إنها صغيرة جدًا وتحتاج الى الحب فقط. لكنها تهتم كثيرًا بمن حولها، مما يجعلني أشعر بالأسى.”
نظر كايدن إلى رينا، التي كانت تعبر عن رأيها بحذر، وبعمق.
لم يبدو أنها تتحدث لمجرد إثارة إعجابهِ أو ما شابه.
نظرتها، التي بدت وكأنها تنظر إلى مكانٍ بعيدٍ فارغٍ ليس هنا، عززت هذا الشعور داخل كايدن.
وبسبب هذا، وافق كايدن بحماس:
“كنتُ أنوي تعيين معلمة آداب جديدة لداليا قريبًا. يمكنكِ أنتِ القيام بذلك، رينا.”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
التعليقات لهذا الفصل " 21"