لذا، قررت أتراجع عن خطتها التي كانت تهدف إلى إذلاله — على الأقل في الوقت الراهن.
لكن أليس لم تُظهر شيئًا من ذلك. عادت إلى ملامحها الحادّة المعتادة، وانطلقت توبّخه ببرود:
“ما الذي أخّرك؟ أترى أنه من المقبول أن تُبقيني في الانتظار هكذا، وأنت مجرد عامي؟”
بغضّ النظر عن ظروفه الخاصة، لا يزال جيرالد مجرد عاميٍّ قد نُبذ من عائلته.
وبالطبع، لم يكن بإمكانها أن تعلن عن خطبتها فورًا لمثل هذا الشخص، فقد خطّطت لاستغلال مناسبة اليوم التي تستقطب أنظار المجتمع الراقي، لتمهّد الطريق تدريجيًّا لهذا الارتباط.
وبما أنه وصل متأخرًا بالفعل، قدّم جيرالد اعتذارًا مباشرًا:
“أعتذر، لقد طرأ أمرٌ عاجل فجأة…”
وأثناء حديثه، قدّم لها الهدية التي كان قد أعدّها مسبقًا. فتحتها بدافع الفضول، لتكتشف أنها حجر تدفئة محدود الإصدار، كانت شركة لومينوس قد أطلقته مؤخرًا.
كانت قد حاولت الحصول على واحدة منها سرًّا عندما أُعلن عنها، لكنها فشلت. وها هو الآن يهديها إياها.
“يا إلهي…”
شعرت أليس بقلبها يخفق بتأثّر. كيف عرف أنني رغبتُ بها بشدّة؟!
وفي هذه الأثناء، بدا الكونت إيسيت، الذي حضر برفقة جيرالد، مذهولًا من الألفة الواضحة بين الاثنين.
ثم ما لبث أن استفاق من ذهوله إثر تعليق أليس المتعجرف:
“كونت، سأصطحب هذا الرجل معي اليوم.”
“…ماذا؟”
تصطحبه إلى أين؟ تساءل الكونت إيسيت بارتباك.
لكن أليس كانت قد مدّت يدها بالفعل نحو جيرالد بحركةٍ أنيقة، وكأنها تدعوه لمرافقتها.
“سيكون من دواعي شرفي أن أرافقكِ يا آنستي.”
رفع جيرالد يدها إلى شفتيه وقام بطباعة قبلة خفيفة على ظاهر كفّها. حتى هذه الحركة المتقنة أعجبت أليس كثيرًا.
وهكذا، ترك الاثنان الكونت إيسيت خلفهما وتوجّها إلى داخل الساحة.
بارتباك، نادى الكونت جيرالد على عجل:
“انتظر، جيرالد… لحظة فقط!”
توقف جيرالد واستدار لينظر إليه.
أما أليس، فنظرت إلى الكونت بنظرة باردةٍ ضجرة، وكأن وجوده ليس أكثر من مصدر إزعاج. وظلّت يدها مستندة بثقة إلى ذراع جيرالد.
ومن كان يراهما لظنّ أنهما ثنائيٌّ مقرّب.
ازداد ارتباك الكونت إيسيت وبدأ يتمتم بتلعثم:
“لِ-لماذا ترافق الآنسة أليس جيرالد؟”
كان من المؤكد أن وجود علاقة بين جيرالد ونبيلة من الطبقة العليا يُعد أمرًا جيدًا. فذلك وحده قد يساعد في إنعاش عائلة إيسيت من السقوط.
لكن الوضع الحالي كان مختلفًا تمامًا.
فالعلاقة التي بدت بين أليس وجيرالد لم تكن مجرّد تواصلٍ سياسي، بل أقرب إلى علاقة إعجابٍ متبادل بين رجل وامرأة.
وإن تطوّرت الأمور بينهما، فستكون عائلة إيسيت هي الخاسرة الأكبر.
فأليس، بكبريائها، لن تقبل أبدًا الانضمام إلى عائلة إيسيت. وهذا يعني أن جيرالد سينتقل إلى عائلة تشيريش كزوجٍ لابنتهم.
وفي تلك الحالة، سيكون مصير عائلة الكونت إيسيت مهددًا بالانهيار.
كان الكونت قد بدأ مؤخرًا بالاعتماد على جيرالد لإدارة شؤون مالية، وخطّط لجعله وريثًا فعليًّا عبر تزويجه من رايلا.
لكن يبدو أن ذلك المخطّط على وشك الانهيار.
منظر الكونت في حالة الذعر تلك، رسم ابتسامة رضا على شفتي أليس — لا سيّما بعد أن كرهته منذ حادثة روبينا. وبالمقابل، بدأت تُعجب بجيرالد أكثر فأكثر.
نظرت إلى الكونت بازدراء وسألته:
“هل من مشكلة ما؟”
نظرتها المتعالية تلك، وكأنها لا ترى فيه حتى كنبيلٍ مساوٍ لها، أحرجت الكونت وأثارت حنقه.
لكن بما أنها ابنة شقيق الملكة وتُعدّ من كبار النبلاء، أخفى ما في قلبه وأجابها بتلعثم:
“لا، الأمر فقط أن جيرالد كان من المفترض أن يُخطب لابنتي رايلا—”
“خِطبة؟ تقصد تلك المهزلة التي انتهت بكارثة في قصر الياقوت؟ ما هذا، جيرالد؟ ألم تقل إنك تحبني؟ هل ما زلت لم تنسها بعد؟”
“بالطبع لا، لا يوجد في قلبي سواكِ يا آنستي.”
ثم كرر إيماءة تقبيل يدها مرةً أخرى. وعلى الرغم من أن التمثيلية كانت مرتجلة، إلا أن التناغم بينهما كان رائعًا بشكلٍ مدهش.
وقد أعجبها ذلك أيضًا… كثيرًا.
بعد أن عقدت العزم على شراء زيّ أنيق لجيرالد فور انتهاء المباراة اليوم، رمقت أليس الكونت إيسيت بنظرةٍ متعجرفة.
“أرأيت؟ قال إنني الوحيدة.”
“……”
شُلّ لسان الكونت إيسيت، ولم يستطع التفوّه بكلمة واحدة من وقع الخيانة المفاجئة.
نظرت إليه أليس بنظرةٍ تنمّ عن الشفقة والاحتقار، ثم استدارت بحدّة ومضت نحو ساحة المباراة برفقة جيرالد، دون أن تلقي عليه نظرةً أخرى.
أما الكونت، فلم يسعه سوى أن يحدّق بذهول في الاثنين، شاعرًا كمن طارد هدفًا ضاع منه في اللحظة الأخيرة.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
“وااااه—!”
“ووااااااااه—!”
هتافات الجماهير دوّت في أرجاء المدرّج.
حتى أنا، التي لم أكن مشاركةً في المباراة، شعرت بالحماس الشديد من حرارة الأجواء.
توجّهت إلى غرفة الاستعدادات لأشجّع رينوس، الذي كان يجري تفقدًا أخيرًا قبل انطلاق المباراة.
كان وجهي محمرًّا قليلًا بفعل التوتر والحماسة، أما هو، فبدت ملامحه هادئة كالثلج.
غير أنه، وما إن وقعت عيناه عليّ، حتى ذاب ذلك الجمود عن ملامحه، وانبثقت منه ابتسامة دافئة كالشمس، تبعث البهجة في كل من يراها.
كنت أحب هذه التحية منه. إنها تعني أنني، في عينيه، أبدو جميلة دائمًا.
ضحكت بخجل وقلت:
“شكرًا لك. وأنت أيضًا تبدو رائعًا كالعادة. هل حلمتَ بأحلام جميلة البارحة؟”
“نعم، رأيتكِ في الحلم.”
“وماذا كنت أفعل في حلمك؟”
“كنّا نتبادل القُبَل.”
في تلك اللحظة، احمرّ وجهي على الفور. كيف يمكنه قول شيء كهذا بهذا القدر من البساطة؟
أطرقت برأسي خجلًا، وبدأت أعبث بخصلات شعري، بينما تابع رينوس كلامه بلطف، وكأن شيئًا لم يكن، وكأن قلبي لا يكاد يثبت في مكانه.
“وأنتِ؟ هل حلمتِ حُلمًا جميلًا؟”
“هذا سرّ، ولن أخبرك به!”
في الحقيقة، أنا أيضًا حلمت بأنني أقبّله… تحت قوس زفاف تزيّنه الزهور البيضاء النقيّة، وكأننا في عالمٍ من الخيال.
يُقال إن العشّاق يتشابهون، ويبدو أن هذا ينطبق حتى على أحلامنا.
لكنني خجلتُ من قول الحقيقة، فاكتفيت بالابتسام وعبثت بخصلات شعري.
اقترب رينوس مني، ووضع قبلة خفيفة على جبيني بلطف، ثم أسند جبينه إلى جبيني وهمس:
“شكرًا لأنكِ جئتِ. اليوم… سأفعل مثلما قلتِ لي تمامًا.”
كنت قد شاركته خطتي مسبقًا، وكعادته، لم يطرح أيّ أسئلة، بل وافق فورًا.
ثم، وبينما كان يبتعد عني قليلًا، قال شيئًا لم أكن أتوقّعه:
“وبالمقابل…”
“بالمقابل؟”
“هل لي أن أقبّلكِ؟”
ثم ابتسم ابتسامةً عذبة، جعلت عينيه تتقوّسان بنعومة، حتى خُيّل إليّ للحظة أن الذي يقف أمامي لم يكن وليّ العهد، بل ثعلبًا لطيفًا في هيئة بشر. يا إلهي…
بادلته الابتسامة وأجبت برقة:
“طبعًا.”
وما إن أغمضتُ عينيّ، حتى شعرت بلمسةٍ ناعمة تغمر شفتيّ برقة.
وفي تلك اللحظة، بادلته القبلة ذاتها.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
“كيااااااه! سمو الأمير الثاني!”
“لا بد أن تفوز هذا العام مثلما فعلت العام الماضي!”
حين دخل شيد إلى ساحة المباراة، ألقى نظرة متفحّصة على الجماهير التي تهتف باسمه.
وربما بسبب الظهور النادر لوليّ العهد، كانت الساحة هذا العام أكثر ازدحامًا من أيّ وقتٍ مضى.
لكن، رغم ذلك، لم يكن عدد الذين يهتفون باسم شيد قد ازداد كثيرًا.
في الواقع، كان عددهم قد انخفض مقارنةً بالعام الماضي.
“صاحب السمو، وليّ العهد!”
“انظر إلى هنا، أرجوك!”
وكل ذلك كان بفضل شقيقه اللعين.
رمق شيد خصمه الواقف أمامه بنظرةٍ حادّة.
رينوس، كعادته، كان يبادله التحديق بتلك النظرة الباردة الخالية من المشاعر التي اعتادها منه.
لكن تلك النظرة المتغطرسة ستنتهي اليوم.
فحالما يتحوّل وليّ العهد إلى التنين الشرير، سيُعدّ تهديدًا خطيرًا للإمبراطورية، أما هو، شيد، فسيُعرف كبطل الإمبراطورية الذي خاطر بحياته لصدّ ذلك الوحش.
مرّر شيد طرف لسانه على شفتَيه السفليّتَين ببطء. فكرة الاستيلاء على كل ما يملكه شقيقه جعلت دماغه يضجّ بالإثارة.
“سنبدأ الآن.”
بصوتٍ متردّد، أعلن الحكم بداية النزال، وقد بدا عليه التوتّر أمام المواجهة غير المسبوقة بين وليّ العهد والأمير الثاني.
رفع يده المرتجفة نحو السماء، وبعد لحظات، انطلق دويّ رصاصة، مُعلنًا بداية النزال.
لكن، بدل أن يبدأ الهجوم فورًا، تمهّل شيد وأخذ يراقب رينوس بعينٍ حذرة.
رغم أنه لم يرغب في الاعتراف بذلك، فإن مهارات رينوس في المبارزة كانت تفوقه بكثير. لا، لو أردنا قول الحقيقة كاملة، فشيد لم يكن يملك موهبة في المبارزة من الأساس.
حتى فوزه في العام الماضي لم يكن حقيقيًّا، فقد وصل إلى النهائيات دون أن يخوض معارك تُذكر، بفضل المنشطات التي استخدمها ضد خصومه، بينما كان وصوله إلى هذه المرحلة هذا العام بفضل الرشوة والضغط السياسي على المشاركين.
عليّ أن أُماطل حتى يتحوّل إلى التنين الشرير.
حافظ شيد على مسافةٍ مدروسة بينه وبين خصمه، مستعدًّا لتفادي أي هجوم مفاجئ.
لكن، مهما طال الانتظار، لم يتحرّك رينوس.
كان يمسك سيفه كما لو أنه فقد كلّ رغبة في القتال، وقد بدا كمن ينتظر من خصمه أن يوجّه له الضربة الأولى.
استمرّت هذه المواجهة الغريبة لأكثر من عشر دقائق.
وبدأ الجمهور، غير المعتاد على هذا البطء، يشعر بالضجر والريبة.
“ما الذي يحدث…؟”
“ألم تبدأ المباراة بعد؟”
“لكننا سمعنا صوت الطلق قبل قليل، أليس كذلك؟”
امتلأت المدرّجات بهمهمات النبلاء والعامة على حدٍّ سواء. لكن الحكم، الذي كان من المفترض أن يدير مجريات المباراة، لم يجرؤ على التدخّل ما دام الطرفان من العائلة الإمبراطورية.
وشيد بدوره شعر أن هناك شيئًا غير طبيعي.
ما الذي ينتظره؟
بل الأهم من ذلك—
لماذا لم يتحوّل بعد؟
بحسب ما قاله البابا، فقد كان من المفترض أن يبدأ بالتحوّل الآن تقريبًا…
“أ-أعذراني، ولكن… هل يمكن أن تبدأا القتال؟”
وبعد مرور وقتٍ طويل دون أيّ حركة تُذكر، اضطر الحكم أخيرًا أن يتحدّث، بشجاعةٍ جمعها بصعوبة.
عندها فقط شدّ رينوس قبضته على سيفه. أدرك شيد أن الهجوم قادم، فتصلّب وجهه على الفور.
ذلك البابا الأحمق!
كان قد أدرك منذ لحظة عجزه عن تحرير “بيوريتينا” أنه غير جدير بالثقة، لكنه لم يتوقّع أن يرتكب خطأً جديدًا بهذه السرعة. فما يحمله على عنقه ليس رأسًا، بل قطعة زينة!
على أيّ حال، لقد حان وقت تفعيل الخطة البديلة.
ممتدحًا نفسه على حسن استعداده، حرّك شيد يده الممسكة بالسيف في اتجاهٍ غريب، متظاهرًا بأنه يُرخي عضلاته، وكانت تلك إشارة سرّية أرسلها إلى تابعه المختبئ وسط الحشود.
وفور أن التقط التابع الإشارة،
مزّق اللفافة السحرية التي تلقّاها من شيد.
ثم، بعد لحظات—
“آااااه!”
“ما الذي يحدث؟!”
“ا…انظروا إلى وجه الأمير الثاني… إنه مغطًى بالحراشف!”
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 148"