تبعثرت تسريحة شعري الأنيقة في لحظة، وامتلأ فستاني بالأوساخ. لم أتحقق بعد، لكنني أظن أنّ إكسسواراتي، حتى هي، قد خُدشت على الأرجح.
لحسن الحظ، أنني تركت حقيبتي في قاعة الحفل قبل خروجي، وإلا لكانت قد تلفت هي الأخرى.
وبما أنني كنت أعلم أن روبليت لم يفعل ذلك عن قصد، اكتفيت بزفرة صغيرة، وهممت بالنهوض فورًا.
لكن روبليت، الذي استعاد وعيه قبلي، ضغط على ظهري ليثبتني على الأرض ويمنعني من النهوض، ثم وقف أمامي وكأنه يحاول حمايتي.
“…لماذا هو صغير هكذا؟”
تمتم بحذر، وصوته مشحون بالريبة.
ويبدو أن ظهور روبليت المفاجئ قد أفزع التنين الصغير، إذ لم يفعل شيئًا سوى أن رمش بعينيه في الهواء، بلا أي رد فعل يُذكر.
“أبعد يدك، دعني أنهض.”
أزحت يد روبليت التي كانت تضغط عليّ، ثم وضعت كلتا يديّ على الأرض ورفعت جذعي قائلةً:
“إنه ليس خطيرًا.”
“ماذا؟”
تساءل روبليت، مندهشًا من نبرتي الواثقة، وكأنني أعرف جيدًا ما أفعل.
في هذه الأثناء، أخذ التنين الصغير يحدّق في روبليت بنظراتٍ شرسة، ثم أطلق صرخة طويلة نحو السماء.
— بييييييييب—!
ثم أخذ نفسًا عميقًا.
لا، لا تفعل!
“لا تفعل ذلك، أرجوك!”
بدا واضحًا من وقفته أنه يستعد لنفث نيرانه، فأسرعت وألقيت بنفسي بينه وبين روبليت، باسطةً ذراعيّ.
وبينما كنت أفعل ذلك، وجّهت تحذيرًا لروبليت، الذي كان يهمّ بالتحرك مجددًا:
“ابقَ مكانك!”
توقف روبليت متجمّدًا في مكانه.
كان من حسن الحظ أن حمل الأسلحة ممنوع داخل قاعة الحفل، وإلا لكان قد استل سيفه بالفعل.
كان التنين الصغير قد نفخ وجنتيه وبطنه استعدادًا لنفث اللهب، وكان على وشك أن يفعل، حين ناديته:
“يا صاحب السمو.”
— …بيييبب.
فزع التنين الصغير من ندائي، وسارع إلى كتم أنفاسه، مما جعله يُصاب بحازوقة. وعادت وجنتاه وبطنه المنتفختان إلى حجمهما الطبيعي فورًا.
لكن يبدو أنه لم يتمكن من كتم كل ما في داخله، إذ خرج لهب صغير من بين شفتيه المفتوحتين. وعندها، ارتجف روبليت مجددًا.
أرجوك، فقط ابقَ ساكنًا.
بسطت ذراعيّ مرة أخرى، حاميةً روبليت بجسدي بالكامل.
“تعال إليّ.”
— بييييك…
أطلق التنين الصغير أنينًا خافتًا، ورفرف بجناحيه الصغيرين محلّقًا نحوي.
شعرت بتوتر عضلات روبليت خلفي، لكنه بدا وكأنه تذكّر تحذيري، فظلّ واقفًا دون حراك.
وما هي إلا لحظات، حتى استقرّ التنين الصغير بلطف بين ذراعيّ.
أخيرًا…
الحمد لله.
تنهدت بعمق داخلي، وبدأت أُملّس على وجنته بأصابعي، بينما هو يخرخر كالقطط راضيًا. وردًا على ذلك، أخذ يداعب خدي بإحدى وجنتيه الصغيرتين في دلال.
وبينما كان يشاهد هذا المشهد الحميم بيننا، همس روبليت بدهشة:
“ما… هذا؟”
“روبليت.”
بعد أن تمكنتُ من تهدئة التنين الشرير، حان الوقت الآن لمواجهته.
استدرت بحذر، مشحونةً باليقظة، مركّزة ذهني تحسّبًا لفتح المتاهة في أي لحظة، إن لزم الأمر.
عائلة “جاستس” وُجدت لهدف واحد فقط: القضاء على التنين الشرير.
بل إنّ بعض أسلافهم قد استخدموا قدراتهم المميتة للموت مع تنين شرير عاد للحياة، في سبيل القضاء عليه.
لذلك، كانت كراهيتهم للتنين الشرير أضعاف ما يكنّه أمثالهم من النبلاء المؤسّسين، كعائلتي “لابرينث” و”بوريتينا”.
في الرواية الأصلية أيضًا، انتهى الأمر بروبليت إلى أن يكون العدو الأخير، لأنه لم يفوّت فرصة لمحاولة قتل رينوس حين بدأ يتحوّل إلى تنين شرير.
لذا، إن ساءت الأمور، قد أُضطر إلى القتال ضد روبليت.
وبرغم أنني لا أرغب في أن نصبح أعداء — لا يزال بيننا شيءٌ من الود — فإنني لا أستطيع التغاضي عن رغبته في إيذاء رينوس.
كان روبليت يحدّق بي بصمت، بعينيه الداكنتين المليئتين بالغموض، قبل أن يفتح شفتيه أخيرًا:
“اشرحي.”
“ماذا؟”
لم أستوعب ما يقصده، فأملتُ رأسي، وحينها شرع يوضّح كلامه بنظراتٍ معقّدة ونبرةٍ أكثر تفصيلًا:
“يبدو أنك كنتِ تعلمين منذ البداية أن التنين الشرير على هذه الحال. فسّري لي ذلك… بطريقة أستطيع فهمها.”
عند سماعي تلك الكلمات، لم أستطع إلا أن أشكك في ما سمعته أذناي.
هل هذا حقًا نفس الشخص الذي، في الرواية الأصلية، كان يزمجر كلما رأى رينوس، مُصرًّا على قتله فورًا؟
وووش—
هبت نسمة شتوية باردة، محدثة خشخشة مخيفة بين الأشجار، لكن على عكس هذا الجو الكئيب، انبثق في داخلي خيط ضعيف من الأمل.
ربما، لن أُضطر للقتال ضد روبليت.
ثم تمالكت نفسي وبدأت أشرح له الحقيقة:
“جلالته… لا يزال يحتفظ بعقله.”
“لا يبدو كذلك.”
قال روبليت، وهو يوجّه نظراته إلى “بييك”، الذي كان متدلّيًا على ذراعي، يتصرّف بدلالٍ طفولي كعادته.
كان يمضغ ذراعي بأسنانه الصغيرة بطريقةٍ أشبه باللهو، دون أن يستخدم مخالبه أو يظهر عدائية. لكنها تصرفات لا يمكن اعتبارها عقلانية، حتى إنني شعرت بالحرج، واحمرّ وجهي قليلًا.
يُقال إنّ الحيوانات تهدأ إذا غُطيت أعينها، أليس كذلك؟
مددت يدي لتغطية عيني “بييك” في إشارةٍ له أن يتوقّف، ثم أجبت:
“هذه حالة استثنائية. في العادة، هو ليس خطيرًا أبدًا. لا يؤذي أحدًا.”
عند سماع ذلك، خفَض روبليت بصره، صامتًا.
بدا وكأنه غارقٌ في التفكير، ثم رفع نظره إليّ مجددًا بعينين يشوبهما الشك، وسأل:
“لا تقولي إن الحيوان الذي أحضرتِه معكِ في مهرجان نجمة الصيف… كان هو؟”
“بلى.”
أجبت من دون أيّ تردّد.
“ذلك كان سمو وليّ العهد.”
“إذاً، لم يكن محجوزًا في القصر بسبب لعنة التنين كما زُعم…”
“بل لأنه كان قد تحوّل بالفعل. خلال فترة بقاء قمر الياقوت في السماء، لا يستطيع العودة إلى هيئته البشرية، حتى مع تناول الدواء.”
وعندما بدا أن روبليت على وشك الاعتراض، سارعتُ بالشرح قبله:
“لكن الأمر مختلف الآن. حصلنا على أداة سحرية من برج السحر تساعده على السيطرة على قوة التنين. لم يعد بحاجة إلى الدواء كي يعود إلى طبيعته.”
صحيح أن ما حدث الآن كان نتيجة تأثير الإيستالوت، لكن متى ما زال تأثيره، سيستعيد سموه وعيه، وسيعود إلى هيئته البشرية على الفور.
وقد أخبرني جيرالد أن تأثير الإيستالوت، ما لم يُتناول بشكل دائم، لن يدوم أكثر من ساعة واحدة.
“هذا…”
بدا روبليت مرتبكًا، ثم تخلّى عن لا مبالاته المعتادة وسأل بنبرة مستعجلة:
“إذًا… دوق أبشلكتي أيضًا؟ هل هو أيضًا على صلة بالتنين الشرير؟”
“فكّر في ماهية قدرة الدوق.”
لم يكن هناك جدوى من قول الحقيقة كاملة — فسوف تُمحى من ذاكرته بفعل السحر على أي حال. لذا، فضّلت التلميح بدلاً من التصريح.
ومع ذلك، أدرك روبليت الأمر فورًا، وتصلّبت ملامحه.
أخذ يلمس جبهته ويتمتم:
“إذن، مثلما ظننت… ذلك الرجل في ذلك الوقت كان هو أيضًا…”
“في ذلك الوقت؟”
“لا، لا شيء.”
أنكر بسرعة ثم التزم الصمت.
وسرعان ما خيّم بيننا صمتٌ ثقيل.
لم يقطعه سوى صريرٍ خافت يتسلل بين الحين والآخر، يحاول أن يبدد الأجواء الثقيلة التي بدأت تتشكل.
وبملامحٍ مرتبكة، حدّق روبليت مطولًا في التنين الصغير المتعلّق بي بشدة.
وفقًا لتقاليد عائلته، كان عليه أن يهاجم فورًا، لكنه كان يدرك أنني سأمنعه، ولهذا بدا مترددًا وغير قادر على اتخاذ أي خطوة.
وبعد لحظةٍ طويلة من التفكير، أطلق روبليت زفرة عميقة.
خفض بصره قليلاً، ثم فتح فاه ببطء:
“الآن فقط فهمت لماذا كانت ردة فعلك بتلك الطريقة عندما قيل إن رسالة قد نزلت في المعبد.”
ثم رفع نظره إليّ مباشرة.
في تلك اللحظة، سقط ضوء القمر الأحمر على وجهه، فبدت عيناه البنفسجيتان الهادئتان وكأنهما قد اكتسبتا مسحة أرجوانية مائلة إلى الحمرة.
قال بنبرة بدت وكأنها محاولة لإقناعي:
“لكن… لا يزال تنينًا شريرًا.”
“قبل أن يكون تنينًا شريرًا، هو وليّ العهد.”
رددت عليه فورًا بنبرةٍ حاسمة.
“ما حدث الآن بسبب الدواء، لكنه في العادة يستطيع التواصل باستخدام ريشة وورقة.”
“…دواء؟”
“أظن أن تيرييل هي من أعطاه إياه. يُدعى إيستالوت، وهي عشبة تُفقد المرء صوابه وتجعله خاضعًا. لحسن الحظ، أعطيته الترياق فورًا، لذا لم يفقد عقله إلا لفترة قصيرة.”
عند سماع تأثير تلك العشبة، التي من الواضح أنها محرّمة، خيّمت برودة على ملامح روبليت.
قطّب جبينه ثم تمتم:
“لا تقولي لي… أن هذا ما كان يقصده الأمير الثاني…”
“الأمير الثاني؟”
“الأمير الثاني—”
توقّف روبليت فجأة عن الحديث.
رمق رينوس، الذي لم يستعد وعيه بعد، بنظرةٍ خاطفة، ثم أطلق زفرة خفيفة وأشاح بوجهه.
“قال إنه سيحوّل ولي العهد إلى تنين شرير علنًا أمام الجميع، ثم يستخدم ذلك الـ ‘تي-شيء ما’ لتطهيره.”
“قال لك ذلك؟ ولماذا؟”
لم يكن غبيًا ليفشي أمرًا كهذا، فلماذا فعل؟
نظرتُ إليه بعينين تملؤهما الريبة، فأضاف روبليت موضحًا:
“ربما كان يخشى أن أستل سيفي قبل أن تتم عملية التطهير. على كل حال، يبدو أن هذا أمر يجب أن يسمعه سموه أيضًا… لذا، فلنؤجل الحديث الآن. لديّ أسئلة كثيرة أودّ طرحها أيضًا.”
أنهى روبليت حديثه بنبرةٍ تنطوي على معنى عميق، ثم استدار.
ظلّ واقفًا للحظة، ينظر إلى القمر الأحمر، ثم أطلق تنهيدةً صغيرة، وبدأ يسير باتجاه قاعة الاحتفال.
أما أنا، فظللت أحدّق في ظهره طويلًا، وقد بدا لي في تلك اللحظة وكأنّ شيئًا من الحزن يعتريه.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
باقي 41 فصل ونخلص ✧◝(⁰▿⁰)◜✧
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 140"