في تلك اللحظة بالذات، كان هناك شيءٌ ما مخفيٌّ خلف الشجرة، يجذب انتباه رينوس، ويتوسل إليه بنبرةٍ يائسة:
“أرجوك… امنحني قلبك، يا صاحب السمو…”
لقد كان صوت تيرييل.
・ 。゚ ✧ : * . ☽ . * : ✧ ゚。 ・
لطالما حلمت تيرييل بهذا اليوم، اليوم الذي تُطعم فيه رينوس عشبةً توقعه في الحب.
ومنذ أن زال تأثير السحر، وأنكر الماركيز وجودها، أخذت تُلحّ وتُجادل قائلة: “يبدو أن والدي قد فقد ذاكرته”.
لكن مع وجود جهاز كشف النسب الخاص بسييلا، لم يكن هذا الادعاء سوى وسيلةٍ لكسب الوقت. وكانت بحاجة إلى ضربةٍ حاسمة.
عليّ أن أحصل على قوة السيّد نوكس في أسرع وقت ممكن…!
لذلك، استغلّت تيرييل شائعة تقول إن “السيّدة الصغيرة لابرينث تبحث عن نبيذٍ فاخر لتقدّمه في حفلة سنو وايت”، لتنسج خطّتها.
أنفقت في البداية كل ما تملكه من مصروفها على شراء زجاجة نبيذٍ نادرةٍ وفاخرة الجودة.
ثمّ قامت بطحن مسحوق الإيستالوت، الذي حصلت عليه من البارون ألفريد، حتى أصبح ناعمًا كالبودرة. بعد ذلك، ثقبت سدادة الزجاجة بثقبٍ صغير وخلطت المسحوق داخلها بعناية.
قيل إن له رائحةً غريبة، لكنها خفيفة للغاية، بحيث لا يلاحظها إلا من تعرّض لها مراتٍ عدّة. وطالما أنه ممزوجٌ بالنبيذ، فلن ينتبه أحد.
ولم يمض وقتٌ طويل حتى أُقيم حفل سنو وايت.
أحضرت تيرييل زجاجة النبيذ المخدّرة، بقلبٍ يرتجف، ثمّ سلّمتها لأحد خدم القاعة، الذي كانت قد دفعت له مسبقًا.
“لا بدّ أن يشربها سموّ وليّ العهد. قل له إن هذا النبيذ من النوع الذي تحبّه سييلا، فإن قلتَ ذلك، فسيذوقه من دون تردّد”.
أجاب الخادم بثقة:
“بالطبع، يا آنسة.”
لم يكن تقديم الهدايا لأصحاب السّلطة أمرًا غريبًا بين النبلاء، لذا وافق الخادم من دون تردّد.
ولم يخطر بباله قطّ أن شخصًا من طبقة النبلاء العليا قد يلجأ إلى تسميم النبيذ.
فمن يجرؤ على تقديم مشروبٍ مسمومٍ لوليّ العهد نفسه؟ ألن يُعدم فورًا؟
وبالطبع، كانت تيرييل تدرك تمامًا مدى خطورة ما أقدمت عليه.
لكنّها كانت تؤمن بأنّه إذا ما وقع صاحب السموّ في حبّها، فلن تكون هناك أيّ مشكلة.
أتمنى فقط… أن تسير الأمور كما خَطّطت لها.
راقبت تيرييل الخادم وهو يحمل زجاجة النبيذ، ثمّ اختبأت بسرعة خلف أحد أعمدة قاعة الحفل، لتتجنّب أنظار الحاضرين.
وبعينٍ تتابع بحذر، راقبت تحرّكات الخادم الذي اشترته، وتتبّعت مساره عن كثب.
انتظر الخادم اللحظة المناسبة ليقدّم النبيذ إلى رينوس، الذي كان قد انفصل عن سييلا، بينما كانت محاطة بالفتيات.
لكنّ رينوس رفض الكأس على الفور.
فقد كانت سييلا قد حذّرته من شرب أيّ شيء في مناسبةٍ عامّة كهذه، خاصةً أن تصرّفات تيرييل كانت تثير الريبة مؤخرًا.
ومع ذلك، عندما شمّ رينوس رائحة النبيذ، تجمّدت ملامحه فجأة، وما هي إلا لحظات حتى شحب وجهه تمامًا وغادر القاعة بسرعة.
عندها، ظنّت تيرييل بالخطأ أنّه شرب النبيذ، إذ مرّت مجموعة من النبلاء أمامها في تلك اللحظة بالذات، فحجبت عنها الرؤية.
أخيرًا!
قبضت تيرييل على طرف فستانها، واندفعت خلف رينوس بخُطىً سريعة.
أمّا رينوس، الذي لم يكن يعلم أن أحدًا يتبعه، فقد عبر حديقة القصر الشبيهة بالمتاهة بخُطًى متعجّلة.
كان وكأنّه يفرّ بعيدًا عن الأعين، متّجهًا إلى مكانٍ خفيّ ومنعزل.
إلى أين يمكن أن يكون ذاهبًا بهذه السرعة…؟
حبست تيرييل أنفاسها وهي تخطو بخفّة، تخشى أن تفقد أثره، فأسرعت خُطاها وكأنّها تركض.
ولأنّ ما يحدث كان ينبغي أن يُنفَّذ في سرّيةٍ تامّة، فقد كان الهدوء الذي يخيم على المكان يصبُّ في مصلحتها. ومع ذلك، أثار استغرابها أنّ رينوس لم يُبدِ أيّ نيّةٍ للتوقّف.
وما إن وقف في زاويةٍ مهجورة، حتى اعتبرت الفرصة قد حانت، فانطلقت نحوه، واختبأت خلف الشجرة، بدافعٍ غريزيّ، خشيةَ أن يراها أحد.
“يا صاحب السمو…”
كان رينوس يلهث، صدره يعلو ويهبط، ووجهه شاحب، ورأسه مطأطئ. ثم رفع عينيه إليها.
كانت حمرةٌ خفيفة تكسو عينيه، وكأنّها تنذر بخطر، وسوادٌ قاتم مائل إلى العتمة يتسلّل إلى شعره. ومع ذلك، لم تنتبه تيرييل لما يحدث بسبب الظلمة التي كانت تحيط بهما.
بل حتى لو كان المكان مضاءً، لما انتبهت إلى الأمر.
فهي الآن غارقة في مشاعر التأثّر، لأنّ رينوس، الذي لطالما عاملها وكأنّها غير مرئية، قد “لاحظها” أخيرًا.
تمامًا كما توقّعت… لا بدّ أنّ العشبة قد أثّرت فيه!
في نظر رينوس، لم تكن سوى شخصٍ ظهر فجأةً في مكانٍ ظنّه خاليًا، لكنّ تيرييل كانت واثقةً تمامًا من أنّ خطّتها قد نجحت.
“آهغ…”
رائحة عشبة الإيستالوت، وظهور تيرييل المفاجئ…
كان رينوس أصلًا يعاني من صعوبةٍ في السيطرة على جماح الطاقة الهائجة داخله بسبب قمر الياقوت، فكيف وقد تراكم عليه سيلٌ من الذكريات التي يتمنّى محوها؟ بدأ وعيه يتلاشى شيئًا فشيئًا.
قبض على صدره وهو يئنّ بألمٍ خافت.
أمّا تيرييل، فظنّت أنّ ما يحدث مجرّد أثرٍ جانبي ممّا ذكره لها البارون ألفريد – «تسارع ضربات القلب» – فتقدّمت منه خطوةً إضافية.
ثم جمعت يديها أمام صدرها، وهمست بتوسّل:
“أرجوك… امنحني قلبك، يا صاحب السمو…”
وما إن أنهت عبارتها، حتى انطلقت سييلا صارخة:
“يا صاحب السمو!”
تجمّدت تيرييل في مكانها من شدّة الصدمة، إذ لم تكن تتوقّع ظهور سييلا في تلك اللحظة. أما سييلا، فسارعت إلى دعم رينوس، الذي بدا على وشك الانهيار.
“هل أنتم بخير، يا صاحب السمو؟!”
“آنِسَتي…”
زفر رينوس نفسًا عميقًا بين ذراعي سييلا، ثم أمسك بذراعها بشدّة.
وبرزت الأوردة في ظاهر يده من قوّة قبضته، التي كانت كافية لقطع الدورة الدموية والتسبّب في ألمٍ بالغ، إلا أنّ سييلا لم تُبدِ أيّ ردّة فعل.
بل حدّقت بعينين مذهولتين في شعره، الذي بدأ يسوَدّ شيئًا فشيئًا، وفي عينيه اللتين توهّجتا بلونٍ أحمر غريب.
“أين أداتك السحرية؟! ألا تحملها معك؟!”
“…”
أغمض رينوس عينيه صامتًا، والعرق البارد يتصبّب من جبينه. بدا أنّه يكافح للحفاظ على وعيه.
عندها فقط، أدركت تيرييل أنّ أمرًا خطيرًا يحدث، فبدأت تتلعثم:
“أنا… أنا أستطيع تطهيره—”
“لا تقتربي!”
صرخت سييلا بحدّة، وقد أيقنت أنّ تيرييل هي من أطعمته عشبة الإيستالوت. ثمّ سحبت رينوس إلى الوراء، وأحاطته بذراعيها لحمايته.
بعد ذلك، أخرجت الترياق المضاد لعشبة الإيستالوت، الذي كانت قد تلقّته مسبقًا من جيرالد، وسقته لرينوس.
لكن، حتى بعد تناول الترياق، لم يتغيّر لون شعره ولا عينيه. كان التحوّل إلى تنّينٍ شرير لا يزال مستمرًّا.
عضّت سييلا على شفتيها بقلق.
فرغم أنّ رينوس لم يكن من التنانين الشريرة المؤذية، إلا أنّها كانت قد سمعت من جودوري ما فعله حين تحوّل إلى تنّين بفعل الإيستالوت… لذا لم تستطع أن تطمئنّ إطلاقًا.
“لا يُعقل… هل هو في حالة هياج؟”
لا، هذا غير ممكن، فقد انحرفت مجريات القصة الأصلية مرارًا وتكرارًا. لذا، لا بدّ أن تمرّ هذه اللحظة أيضًا بسلام.
ومع ذلك، لم تستطع أن تطمئن. ولهذا السبب، ضمّت رينوس، الذي كان على وشك أن يفقد وعيه تمامًا، إلى صدرها بشدّة.
وفي تلك اللحظة، سُمع صوت اقتراب أحدهم. كان وقع الأقدام على الأعشاب اليابسة يتردّد في الأجواء بصوتٍ مريب.
وحين التفتت تيرييل نحو مصدر الصوت، شحب وجهها كأنّ الدم انسحب منه بالكامل.
لقد أدركت أن انكشاف هذا المشهد من قِبَل شخصٍ آخر في هذه اللحظة قد يجعلها تُعتقل فورًا باعتبارها مجرمة متلبّسة بالفعل.
“لا… لا يمكن!”
وفي لحظةٍ من الذعر الطاغي، هرعت تيرييل فارّة من المكان. وما إن اختفت، حتى ظهر روبليت.
تعمّد إصدار صوت أثناء اقترابه حتى لا يفزع سييلا، إلا أنّه بدا مندهشًا حين رأى رينوس ممدّدًا على الأرض بتلك الحالة.
لكنّه ما لبث أن استوعب الموقف، فحدّق باتجاه تيرييل التي ولّت هاربة، ونظراته باردة كالجليد.
“هل أُلقي القبض عليها؟”
“أجل، أمسِك بها فورًا وزُجّ بها في الزنزانة—”
لكن، قبل أن تُكمل حديثها…
اختفى رينوس من بين ذراعيها كما لو أنّه تبخّر، ولم يَبقَ منه سوى ثيابه.
“……!”
تجمّدت سييلا من شدّة الذهول، عاجزةً حتى عن الصراخ. لا، ليس الآن… ليس أمام روبليت تحديدًا!
أما روبليت، الذي رأى وليّ العهد يختفي أمام عينيه تاركًا ملابسه خلفه، فقد أصيب بالذهول. إلى أين اختفى بهذه السرعة؟
وكلاهما، وقد أصابهما الذهول، نظر إلى الثياب الساقطة على الأرض، التي بدا وكأنّ شيئًا ما يتحرّك داخلها.
وما هي إلا لحظات، حتى انبثق منها كائنٌ أسود صغير.
ثم أطلق صرخةً شرسة غاضبة:
— بييييييييييب!
فقدت سييلا القدرة على النطق من شدّة الصدمة.
نعم، بدا أنّه فقد وعيه كما حدث في الرواية الأصلية، لكن صرخته، التي يُفترض أن تبثّ الرعب، صدرت من جسدٍ صغيرٍ للغاية.
كان الهواء المحيط يهتزّ برهبة، يضغط على الأجساد من شدّة الذبذبات. ومع ذلك، وبخلاف ما وُصف في الرواية، لم يكن الأمر مرعبًا إلى ذلك الحد.
بل، وبما أنها اعتادت رؤية شكله الظريف مرارًا، فلم تستطع أن ترى فيه سوى كائنٍ صغيرٍ ظريف، يصرخ وكأنّه يقول: “أنا مخلوق مخيف جدًا! خافوا مني جميعًا!”
أما روبليت، الذي رأى التنّين الشرير لأوّل مرّة في حياته، فقد تجمّد كليًا في مكانه. سواء أكان حجمه صغيرًا أم كبيرًا، ففي نظره، هو تنّينٌ شرير ولا غير.
— بييب! بييييييب! بييييييييييب!
وفي تلك الأثناء، ظلّ التنّين الصغير يُدير رأسه في كلّ الاتجاهات، مطلقًا صرخاته كما لو كان يُعلن ولادته من جديد للعالم بأسره.
ثم التقت عيناه بعيني سييلا.
— بييييييب!
ورغم أنه كان فاقدًا لعقله، إلا أنه تعرّف عليها فورًا. وقد توهّجت عيناه الحمراوان كالياقوت البراق.
ومن دون تردّد، فرد جناحيه الصغيرين واندفع نحوها بسرعةٍ مذهلة، كقذيفة مدفع.
وفي تلك اللحظة—
“احذري!”
ظنًّا منه أنّها تتعرّض لهجوم، أمسك روبليت بسييلا وسحبها بسرعةٍ بعيدًا عن طريقه.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 139"