بعد حادثة حفل الخطوبة في قصر الياقوت، وصلني من جيرالد خبر لا يُصدَّق، حين كان ينقل آخر المستجدات عن الكونت إيسيت والبارون ألفريد.
“تيرييل أخذت الإيستالوت؟!”
كنت قد أخرجت للتو أداةً سحرية لكشف النسب، كنت قد حصلت عليها من الساحر آبل في برج السحر لأسباب خاصة، عندما اتسعت عيناي دهشة.
“أليس من الأفضل أن نستخدم هذا الشيء فورًا على تيرييل لطردها من عائلة تشيريش، بدلًا من حفظه لأمر آخر؟”
بغض النظر، فقد كانت مفاجأة غير متوقعة.
كنت أعلم أن البارون ألفريد يحاول الانتقام مني بنشر الشائعات يمينًا ويسارًا، لكن لم يخطر لي أنه سيُقدّم ذلك الشيء لتيرييل.
لقد سمعتُ أنه ندم حتى على إعطائه للكونت إيسيت، لأن الإمساك بأي شخص يستخدمه يعني السجن مدى الحياة.
ويبدو أنه الآن يعيد الكرّة مجددًا، ويرتكب ما سيندم عليه لاحقًا.
أبعدتُ أداة التحقّق من النسب جانبًا، وبدأت أقرأ رسالة جيرالد بعناية.
> […لقد سألت البارون ألفريد إن كان يملك عشبًا يجعل المرء يقع في الحب.
بما أن الإيستالوت يسبّب تأثيرًا مشابهًا، فقد أعطاها إياه على الأرجح.
لا نعلم من تخطّط لإطعامه هذا، لكن عليكِ الحذر.
أرفقتُ لك الترياق أيضًا، فلو كنتِ تظنين أن شخصًا ما هو الهدف، أعطيه إياه.]
لمستُ الزجاجة الصغيرة المرفقة مع الرسالة.
“شخص واحد يخطر ببالي، في الحقيقة…”
رغم أنه ليس بشريًا في الوقت الحالي، بل تنين.
نظرت نحو زاوية مكتبي، وضيّقت عينيّ قليلًا.
– بييب! بيييب! بييييييب!
– أحسنت يا سيدي!
وهناك، كعادته، كان رينوس، الذي فقد عقله بسبب الآثار الجانبية للأداة السحرية المصممة للتحكم في قوى التنين الشرير، يرقص رقصة تودد، بشريط أحمر معقود حول عنقه.
أما سبب حالته الراهنة، فالأداة السحرية التي قدمها برج السحر لم تكن للاستخدام مرة واحدة فقط، بل يجب استعمالها مرارًا وتكرارًا حتى تستقر القوى الجامحة.
قيل إنه، بعد انتهاء هذه المرحلة، سيتمكن من التحكم في قوى التنين دون الحاجة للدواء.
لكن إلى أن يتحقق ذلك، ستحدث آثار جانبية مؤقتة تؤدي إلى فقدان عقله.
ولا أعلم لماذا، في كل مرة يفقد صوابه، يأتي إلى منزلي تحديدًا.
هل يشبه هذا من يسكر ويعود إلى منزله؟
نظرتُ إلى رينوس، الذي كان يرقص كمن أصيب بمسّ، وأنا أحرّك رأسي باستغراب.
إذًا، هل هذه عادته حين “يسكر”؟ الرقص؟
وفي الوقت نفسه، كان جودوري بجانبه، يصفّق بحماس واقفًا على قدميه الخلفيتين، مردّدًا بصوته الصارخ:
– بييييييب!
– سيدي الأفضل على الإطلاق!
– بييييييييييب!
– لسانه لا يعمل جيدًا، لكن رقصه مذهل!
– بييييييييب!
– رائع كما هو دائمًا، سيدي!
ما هذا؟ ألم يكن يريد قتله قبل قليل؟ متى بدأ يتملقه هكذا وكأنه أحد أتباعه؟
يبدو أنه، بعد أن شعر بالخوف من الموت، قرر أن يتملقه بدلًا من مواجهته.
والنتيجة؟ رينوس أصبح أكثر غرورًا، وواصل الرقص بحماس أشد.
كان منظر الاثنين وهما يتصرفان كدمى صغيرة ظريفًا بحق. كنت أودّ التقاط صورة للذكرى، لكن للأسف، لا توجد أداة سحرية للتصوير هنا.
سأطلب من آبل أن يصنع لي واحدة لاحقًا.
على أية حال، حولتُ انتباهي عن الثنائي العجيب، وعدت أركّز على رسالة جيرالد من جديد.
ولحسن الحظ، وبفضل تشجيع جودوري الحار، لم يقم رينوس بشد شعري هذه المرة ليجبرني على “مشاهدة رقصه!” كما فعل سابقًا.
> [عند تناول الإيستالوت، يختلّ الإدراك العقلي للحظات. يشعر الشخص أنّ عليه أن يُطيع أيّ أمر يصدر عمّن أمامه، مهما كان.
أما أصحاب الإرادة القوية، فقد لا يصل الأمر إلى الطاعة، لكنهم يتصرفون مدفوعين بغرائزهم، من دون تفكير أو منطق.
وفي كلتا الحالتين، يظهر نفس العرَض الجانبي: تسارع شديد في ضربات القلب.]
…تسارع ضربات القلب، هكذا إذًا.
شعور مزعج بالتوجّس تسلل إلى قلبي. لماذا؟ ما الذي يبعث هذا القلق في داخلي؟
وفي تلك اللحظة بالذات، برزت في ذهني بضعة جمل من الرواية الأصلية، كنت قد دفنتها في أعماق ذاكرتي.
> [ منذ اللحظة التي رأى فيها الآنسة بوريتينا لأول مرة، لم يسبق أن خفق قلبه بتلك القوة.
“حين أنظر إليكِ، يخفق قلبي بطريقة غريبة… ماذا فعلتِ بي؟”]
ارتجف جسدي، وسرت قشعريرة في أطرافي… لا يمكن!
هل يعقل أن تيرييل أعطت رينوس وروبليت الإيستالوت؟ في القصة الأصلية؟
تسللت الصدمة إلى أعماقي حتى أفلتت الرسالة من يدي دون أن أشعر، وفتحتُ فمي بذهول:
“جودوري…”
– نعم!
ركض نحوي جودوري بسرعة، رافعًا إحدى يديه الصغيرتين بحماسة. بدا مدهشًا كيف أن بعض المال جعله يتحول إلى خادمٍ مخلص، لكن الآن لم يكن الوقت مناسبًا للإعجاب.
– بييييب!
وبما أنه لم يجد من يصفق له، توقف رينوس عن الرقص وتبع جودوري بخفة.
كان يبدو على وشك أن يطلب من أحدهم مشاهدة رقصه، لكنه تراجع فور رؤيته ملامحي الجادة، وجلس بهدوء في مكانه، ينظر إليّ بعينيه الحمراوين الواسعتين.
التفتُ إلى جودوري وسألته:
“بشأن تيريل… هل استخدمت الإيستالوت من قبل؟ وهل ستستخدمه في المستقبل؟”
المستقبل الذي يعرفه جودوري لم يكن سوى مجريات الرواية ذاتها التي كنتُ أعرفها، بما فيها من أحداث.
فإن سألته عن المستقبل، قد أحصل على تفاصيل لم أكن أعرفها من العمل الأصلي.
هزّ جودوري رأسه بحماس.
– نعم، ستستخدمه! لماذا تسألين؟
“…!”
اتسعت عيناي بدهشة.
إذًا، تيرييل كانت بالفعل قد استخدمت الإيستالوت في الرواية الأصلية!
وهذا يعني أن رينوس وروبليت لم يكونا واقعَين في حبها حقًا، بل وقعا تحت تأثير الإيستالوت.
تأثير هذه العشبة هو التلاعب بعقل من يتناولها وجعله يطيع أو يتصرف كما يريد الطرف الآخر.
يبدو أن روبليت قد شعر أن هناك خطبًا ما… لكن رينوس؟ رينوس الذي قال إن قلبه خفق بشدة منذ لقائه الأول بتيرييل…
ربما لم يكن يملك إرادته مطلقًا في الرواية الأصلية.
شعور مرعب اجتاحني. كيف لم أدرك ذلك إلا الآن؟! مع أن جيرالد أخبرني سابقًا عن الأعراض الجانبية للإيستالوت!
بينما كنت ما أزال غارقة في هذا الكشف الصادم، واصل جودوري حديثه بحماس.
– لكن، لهذا السبب تحديدًا… فقد الوحش التنين السيطرة ودمر العالم!
“فقد السيطرة؟”
– نعم! لأن تيرييل أطعمته كمية مفرطة من الإيستالوت، فاستشاط غضبًا وفقد السيطرة تمامًا، وبدأ في التدمير. فبعد أن محا العالم، ندم على فعلته، فعاد بالزمن إلى الوراء! ثم… ههع!
بووم!
فجأة، قفز التنين الصغير على جودوري وسحقه بجسده.
ملامحه كانت باردة كالجليد، وعيناه الحمراوان انكمشتا إلى حدقة عمودية كعيني زواحف مخيفة… بدا كأنه “تنين شرير” حقيقي.
أُصبت بشلل اللحظة أمام الهالة الساحقة التي انبعثت منه. وفي هذه الأثناء، راح جودوري يصرخ بانفعال:
– لم تقل إنّ الحديث عن هذا ممنوع! ثم إنني لا أطيع إلا سيدتي التي دفعت لي المال! أغمم، أغممم!
– بييييييب.
غطّى رينوس فم جودوري فجأة، ثم فتح جناحيه وطار به سريعًا عبر النافذة إلى الخارج.
وحين عادا بعد قليل، بدا جودوري وكأنه معكرونة مسلوقة التصقت بالجدار… من شدة الذعر والانكماش.
– أنا مكتئب…!
رمقه رينوس بنظرة حادة من دون أن ينبس ببنت شفة.
ومن ملامحه، لم يبدُ أنه استعاد وعيه الكامل، لكنه رغم غياب العقل، تصرّف بدافع غريزي ليمنع جودوري من الحديث.
ومن هذا التصرف، فهمت أن رينوس يعرف شيئًا.
كما اكتشفت من عينيه أنه لا يريدني أن أعرف ما يعرفه.
لماذا؟
– بييييييب…
كنت أحدّق فيه بصمت، غارقة في الحيرة، حين محا التنين الصغير تلك البرودة من وجهه، ثم أطلق نحيبًا حزينًا باتجاهي.
ثم، بصرخة خفيفة، فتح جناحيه وطار إليّ، وألقى بنفسه على عنقي ليعانقني، وهو يفرك وجنته في وجنتي.
كأنه يعتذر عن تصرفه قبل لحظات، ويطلب مني ألّا أتفاجأ أو أغضب.
لكن حين لم أُظهر أيّ ردة فعل تُذكر، هرع إلى مكان ما وأحضر المنديل الذي كنت أستعمله سابقًا كوشاحٍ للرأس، ثم وضعه على رأسه بعجلة، بطريقة غير متقنة.
كما أحضر بيده الصغيرة منفضة غبار صغيرة، وأخذ يلوّح بها بإخلاص، وكأنه يحاول بأي وسيلة أن يُرضيني… لم أتمالك نفسي، وابتسمت رغمًا عني.
وبينما كان يراقب تعابير وجهي بحذر، بدأ التنين الصغير يتمتم بخجل، وكأنه يتدرّب على لفظ الكلمات:
– بييييييييب…
“……”
– بياااااااانغ… بيااااااييينغ…
“……”
يا إلهي…
حتى وهو مجرد جسدٍ خالٍ من العقل، لا يزال يتذكّر ما كنت أحبّه من تصرفاته.
لم أعد أُقاوم، وابتسمت بصدق، ثم احتضنته ووقفت.
وضعتُ الوشاح على رأسه بإحكام كي لا يسقط، ثم نظرت إليه وقلت:
“سموك.”
– بيييييب؟
“لماذا تُخفي كل هذه الأسرار؟”
أنا أعلم أن راينوس يحبني.
لكن، عدا عن ذلك، لا أعلم شيئًا آخر.
لا أعلم لماذا لا يتأثر بلعنة التنين الشرير، ولا أفهم مغزى عباراته الغامضة التي يقولها بين الحين والآخر.
بل لا أعرف حتى لماذا يحبني، أو متى بدأ هذا الحب.
كنت أظن دائمًا أنه سيخبرني يومًا ما… فتركت الأمر.
لكن، بعدما رأيته اليوم يكمم فم جودوري حتى وهو بلا وعي، بدأ يراودني شعور أنه لن يخبرني أبدًا.
“أنا لا أحب الرجال الذين يخفون أسرارًا كثيرة.”
مع أن الحقيقة هي أنّه، حتى لو كان لديه مئات أو آلاف الأسرار، فلن أكرهه أبدًا.
لكن شعورًا داخليًا أخبرني أن ما يُصرّ على إخفائه حتى وهو في حالته هذه… لا بد من كشفه.
اقتربتُ من التنين الصغير الذي كان بين ذراعيّ وهمست برقة:
“سموك.”
– بيييك!
صاح بفرح، وراح يلوّح بمنفضة الغبار، ثم أخذ يقبّلني على خدي بعينين تطلقان قلوبًا صغيرة من فرط الحب.
ضحكت، وأكملت بنبرة خفيفة:
“سأكتشف ما الذي تُخفيه عني، سموك. لقد أخبرتك مسبقًا، فلا يحق لك الاعتراض لاحقًا، حسنًا؟ إن كنت موافقًا… قبّلني هنا.”
ربّتُّ على بقعة صغيرة من خدي بلطف، فصاح: “بيييب!”، وقبّلها بطاعة.
كانت تلك طريقة غير مباشرة… لفرض اتفاقٍ مستغلّةً لحظات غياب وعيه، أقرب إلى صفقة من طرفٍ واحد.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : أوهانا
الانستا : han__a505
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 128"