“بسيفه الضخم، قام إيزيك بشطر الوحش العنيف والقبيح في لحظةٍ واحدة.
بِحركةٍ نظيفة خالية من أيّ زوائد، تعامل معه بخِفّة وكأنّ الأمر لا يستحقّ جهدًا.
كايل لم يُزِح نظره عنه ولو لثانيةٍ واحدة، وظلّ يراقبه باستمرار.
“آه، أيّها الفارس! أحسنتَ صنعًا. سنهتمّ بالتنظيف، يمكنك الذهاب إلى العربة لتأخذ قسطًا من الراحة.”
ماركو، المسؤول الأعلى عن القافلة، أسرع إليه وهو يكلّمه، لكن إيزيك غرز سيفه في الأرض وأجاب:
“الهواء الطلق أفضل.”
“مفهوم. إليكَ بعض الماء البارد… فقط انتظر قليلًا، وسننهي العمل فورًا.”
ماركو، الذي حافظ على أدبٍ بالغ طوال الوقت، انحنى ثم أشار بإيماءةٍ إلى من كانوا بانتظاره.
ثلاثةٌ كانوا في الأصل، وأصبحوا أربعة بانضمام كايل.
كايل كان يتولّى دور المساعد. تفكيك جثث الوحوش لم يكن شيئًا قد اعتاد عليه، لكنّه كان يتعلّم بمراقبة البقيّة ويتّبع التعليمات بجدّ واجتهاد.
فقد قرّر أن يُساعد القافلة طوال طريقها، بما أنّه انضمّ إليها في طريقه إلى وجهته.
“تبدو ضعيف البنية، لكنّك سريع البديهة، وهذا جيّد.”
“لديك موهبة في هذا المجال. كم من الحمقى لا يستطيعون تنفيذ أبسط التعليمات؟”
ملابسه تمزّقت وتلوّثت بالكامل أثناء نزع قلب الوحش وعينيه وأنيابه وجلده، لكن لم يهتمّ أحد.
فالملابس يمكن استبدالها.
لكنّ مجرّد التفكير بأنّه كان على وشك أن يُقتل على يد الوحش جعله يشعر بالدوار.
كايل، الذي كان يسير بلا هدف نحو أقصى جنوب الإمبراطورية، لم يمتلك معلوماتٍ كافية عن الطُّرق الآمنة، فاختار أقصر طريق، معرِّضًا نفسه للوحوش. وهناك، في الغابة، التقى بإيزيك الذي كان يصطاد تلك الوحوش.
“أيّها الغِرّ، ماذا تفعل هنا؟”
بينما تجمّد كايل من الخوف، غير قادرٍ على سحب سيفه من غمده…
تولّى إيزيك أمر الوحش بضربةٍ واحدة فقط.
نظر إليه إيزيك بتأفف، ثم استدار ليرحل، لكن كايل تبعه غريزيًّا.
والنتيجة كانت هذا الموقف الذي يعيشه الآن.
حتّى بعد انضمامه إلى القافلة، واجهوا وحوشًا في الغابة مرّتين أخريين، وكان كايل يقبض على قبضته بقوّة.
كي لا يلحظ أحدٌ ارتجاف يديه.
ثمّ عرض بنفسه أن يُساعد في مهامّ التنظيف بين أولئك الذين كانوا يُفكّكون الجثث.
“فارس السماء دائمًا ما يُبهر. هذه المرّة أيضًا، الجثّة مقطوعة بنظافة، ما يجعل العمل أسهل.”
“الجلد بحالةٍ ممتازة، والرأس مفصولٌ تمامًا، والعين والقلب سليمَان. سنربح منه بعض المال.”
بمجرّد الاستماع إلى ما يقوله العمّال، اكتسب كايل الكثير من المعلومات دون أن يُدرك.
هذه المنطقة، الواقعة في أقصى جنوب الإمبراطورية وعلى حدود أرض الوحوش، تشهد ظهور الوحوش باستمرار.
أمرٌ غريب بحدّ ذاته أن تكون جثث الوحوش تُباع وتُشترى، لكنّ ما أدهشه أكثر هو أنّ هذه المدينة، التي كانت تحكمها أسرة نبيلة، أصبحت بلا قانون بعد أن أُبيدت على يد الوحوش قبل عشر سنوات.
‘من الغريب أنّ الناس ما زالوا يعيشون هناك.’
رغم ذلك، أولئك الذين يعيشون في أرضٍ قد يفقدونها في أيّ لحظة، كانوا يبدون مرتاحين بشكلٍ غريب.
“ما طبيعة هذا المكان؟”
لم يستطع كايل كتمان فضوله، فسأل أولئك الذين يسافرون معه.
مدينة الوحوش، هيميل.
مدينة الحرية، هيميل.
مدينة الفرص، هيميل.
تعدّدت الألقاب، لكنّها جميعًا تشير إلى مدينة واحدة.
كايل استمع بانتباهٍ شديد، ولم يُفوّت كلمة واحدة ممّا قيل.
ولاحظ قاسمًا مشتركًا بين كلّ تلك الأوصاف.
‘المديح الذي يُوجّه للفرسان.’
وبشكلٍ أدقّ، الاحترام الكبير الذي يُكنّونه لفرسان السّماء.
نظر إلى ظهر إيزيك العريض، وإلى سيفه الضخم المعلّق هناك، وقد ثبّت نظره عليه.
لم يسبق له أن رأى سيفًا كهذا في العاصمة، ولا أن سمع بهذا النوع من التمجيد.
لقد خطا كايل أوّل خطوةٍ له في عالمٍ مجهول، وكان قلبه ينبض أسرع من أيّ وقتٍ مضى.
***
رغم انتهاء اختبار الانضمام، لم يره بعدها.
كنتُ أعتقد أنّ كالّاد سيعود فورًا ليطلب قراءة المزيد من فرسان السماء، كما فعل المرة الماضية، لكنّه اختفى تمامًا هذه المرّة.
إلى أن حلّ وقت العشاء في اليوم التالي، حين رأيت وجهه أخيرًا جالسًا على الطاولة.
‘هناك شيء مختلف في أجوائه عن البارحة.’
ابتسامته حين التقت أعيننا ما زالت مزعجةً كما كانت.
“همممم.”
هل هو نفس الشخص الذي فشل في الاختبار بالأمس؟
من بين كلّ المرات التي رأيتُه فيها، بدا اليوم في أفضل حالاته، وهذا جعلني مشوّشةً قليلًا. الآخرون أيضًا بدوا متفاجئين من حالته.
إلى أن اقتربنا من نهاية العشاء، وتكشّف السبب.
“ومتى سيصدر الجزء الثالث؟”
كنتُ بانتظار هذا السؤال.
حين ذكر الجزء الثالث، حدّق بي بعينين متلهفتين، وتبعه الجميع بنظراتهم أيضًا.
الجزء الثالث الذي يتحدث عنه لم يكن يشير إلى حفلة التنكّر.
“الجزء الثالث؟ لكن لم يصدر سوى الجزء الأوّل، أليس كذلك؟”
كايلو ردّ فورًا، ناظرًا إليّ بنظراتٍ حادّة.
أنا، وكالّاد، كنّا نعلم تمامًا ما يعنيه هذا.
“رغم أنّني أريته الجزء الثاني من فرسان السماء مسبقًا… لكنّه سيُنشَر رسميًّا قريبًا.”
قال كايلو بتذمّرٍ خافت من جانبها، فقلّ تأثّري قليلًا بكلامها اللطيف.
“أعددتُ له نُسخة خاصّة… وإذا احتجتم الكتب، تعالوا إلى كلوي واطلبوها.”
حين رأيت وجه كالّاد وهو يبتسم ابتسامةً عريضة إلى جانبي، انفجرتُ ضاحكةً بلا قصد.
كنتُ قد قلقتُ من أن يُصاب بالاكتئاب أو يتخبّط بعد فشله في الاختبار، لكن لحسن الحظ، لم يكن الأمر كذلك.
“هل ستُوقّعين لي أيضًا؟”
“…لا تبيعيه في المزاد.”
“بالطبع لا. إنها تذكارٌ من ابنتي، وسأحتفظ بها بعناية.”
بكلام مارسيلا اللطيف، انتهى الحديث.
لكن في تلك الليلة، كنتُ مضطرةً لتوقيع عددٍ هائل من الكتب كما حدث في القصر سابقًا.
“يدي تؤلمني.”
“أأُحضّر لكِ كمّادة؟”
“ذراعي تؤلمني.”
“سأدلّكها لكِ.”
وهكذا، أدركتُ حقيقةً جديدة في ذلك اليوم…
وهي أنّ وجود خادمة بجانبك تُلبّي كلّ طلباتك، يعني أنّه لا مجال لاستخدام الأعذار.
هذا الإدراك أثّر عليّ بشدّة لاحقًا في كتابتي للمخطوطات.
***
لقد مرّت ستة أشهر منذ بدأت إدارة دار النشر سافاير.
دانيال وغريك اختبرا في هذه المدّة القصيرة أمورًا لم تختبرها دور النشر الأخرى في سنوات.
كانت الطريقة غريبة قليلًا، لكنّها نجحت.
بفضل استثمارات كاترينا السخيّة، توسّعت المباني وأصبحت حديثةً تمامًا.
وكذلك ازداد عدد العاملين فيها، كما هو متوقّع.
“إلى متى سيستمرّ هذا الاعتصام؟”
سأل ريو، الموظّف الجديد، مشرفته ناتالي حين وصلا صباحًا إلى العمل، مشيرًا إلى الاعتصام أمام المبنى.
“لا أعلم. ربّما حتى تترك الكاتبة القلم من يدها؟”
أجابت وهي تحتسي قهوتها، بينما وضع ريو حقيبته في مكانه.
ذلك الاعتصام بدأ بعد أن أهدت كارما نسخةً موقّعة إلى العائلة الإمبراطوريّة.
وعند صدور الجزء الثاني من حفلة التّنكر، وُزِّعت نُسخ موقّعة، لكن بدل أن يهدأ الوضع، ازداد الاعتصام.
“يبدو أنّ معجبي ‘فرسان السماء’ أكثر عددًا اليوم.”
“قبل ثلاثة أيام، نشرت صحيفة مقارنةً بين مبيعات الكتب. بل وصل بهم الأمر إلى القول بأنّه يجب على الكاتبة أن تواصل كتابة ‘حفلة التنكّر بدلًا من ‘فرسان السماء’.”
قالوا إنّ اهتمام القصر دليلٌ كافٍ على أولويّة حفلة التنكّر.
رغم أنّ الاعتصام لا يحدث سوى وقت حضور الموظّفين صباحًا ومساءً، فإنّ لافتاتهم تطوّرت بشكلٍ كبير ولافتٍ للنظر.
[وفّروا السلامة للكاتبة كارما!]
[نحن نُحبّك، نُؤيّدك، وننتظركِ]
[كم تريدين مقابل فرسان السماء؟ أخبرينا!]
كلّ لافتةٍ كانت تحمل عبارات دعم، وتحتها بخطّ أحمر واضح يُكتب إلى أيّ كتاب ينتمي المعتصم.
في البداية، كانت الطلبات تدور حول نسخٍ موقّعة أو فعاليّات توقيع.
لكن بعد صدور الجزء الثاني، وانقسام الآراء بين المعجبين، ظهرت هذه الظاهرة.
“أتساءل ما ردّة الفعل عندما يصدر الجزء الثاني من ‘فرسان السماء’…”
قال ريو بابتسامةٍ ماكرة وهو يرفع طرف فمه.
حاليًّا، يبلغ عدد موظّفي سافاير اثني عشر شخصًا.
باستثناء المحاسبة والشؤون القانونيّة، ينقسم البقيّة بين فريقي حفلة التنكّر وفرسان السماء، تحت إدارة دانيال وغريك.
الرواتب والمكافآت ممتازة، لكنّ الامتياز الأهمّ…
هو الحصول على فرصة قراءة الكتب قبل نشرها.
بالطبع، كان عليهم التوقيع على عقدٍ سريّ بواسطة السحر.
المنافسة كانت حادّة جدًّا.
حتى ريو، الذي تخرّج من الأكاديميّة وكان يعمل مدير توزيع في شركةٍ كبرى، كاد يخسر الفرصة بسبب قلّة مؤهّلاته.
مكانٌ اجتمع فيه نخبة النّخبة.
ريو، الذي استقال طوعًا من عمله السابق، تولّى الآن مسؤولية توزيع فرسان السماء في سافاير.
“العدد الجديد من النُسخ الموقّعة هو ضعف العدد السابق. أعتقد أنّ معجبي ‘حفلة التّنكر سيبدأون بالاعتصام قريبًا أيضًا.”
قالت ناتالي مبتسمة بعد أن شربت آخر رشفة من قهوتها.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 23"