“هل جسدُكِ بخير؟ لا بدّ أنّكِ حزنتِ كثيرًا، فخشيتُ أن تكوني قد سقطتِ مغشيًّا عليكِ…”
في هذه الحادثة، تلقّيتُ من الأميرة سيلينا بلّورةَ تواصلٍ من أعلى مستوى.
كان البلّور القديم لا يتيح لي سوى التّواصل مع دانيال، أمّا هذا، فبإمكاني التواصل مع أيّ أحدٍ إذا عرفتُ رقم تسجيله.
كأنّي كنتُ أستعملُ هاتفًا من الجيل الثاني، ثمّ حصلتُ فجأةً على أحدث هاتفٍ ذكيّ مجّانًا.
“أشكركِ على قلقكِ. لحسن الحظّ، تمكّنتُ من تجاوز الأمر، وقد أخبرني النّاشر بأنّه سيقاضيهم مباشرةً، لذا أنا بانتظار التّطورات. لا داعي للقلق.”
– “حقًّا؟ إذًا سأساعدكِ ليتمّ الأمر بسرعة.”
أهذه هي الحماية الحقيقية؟
رغم أنّ سيلينا كانت تُسبّب لي نوعًا مختلفًا من الضّغط مقارنةً بـكايلو، فإنّه لم يكن هناك سببٌ لرفض مساعدةٍ من أميرة.
وبينما كنتُ أستعدّ لإنهاء التّواصل في جوٍّ وديّ نسبيًّا…
– “فرسان السّماء لم تصدر أجزاؤهم التالية بعد… الحمدُ لله أنّ كاترينا لم تترم القلم.”
“آه، فرسان السّماء في مرحلة إعداد العيّنات الآن، وسيصدر قريبًا على الأرجح.”
– “أنا لا أحبّ المزاح كثيرًا… هل هذا صحيح؟ بالكاد صدر الجزء الثاني من حفلة الأقنعة وها نحن مرّةً أخرى…”
أدّى الحماس الذي بدا واضحًا في صوت سيلينا عبر البلّورة إلى إطالة المحادثة قليلًا.
وبذلك، حصلتُ على سببٍ آخر يجعل تأجيل الإصدار أمرًا غير وارد.
***
في لمحِ البصر، أصبحتُ قد ألّفتُ أربعة كتب، ثلاثة منها نُشرت بالفعل.
لقد مرّ نصف عامٍ كأنّه رمشة عين.
ورغم أنّنا انتقلنا إلى هذا القصر منذ فترةٍ قصيرة، فإنّ الهدف الأساسيّ من مجيئنا إلى العاصمة، وهو اختبار الانضمام إلى فيلق فرسان القصر، بات وشيكًا للغاية.
“لم أعد أرى كالاد مؤخرًا.”
“ربّما يكون في ساحة التّدريب.”
غاب اثنان عن طاولة العشاء التي اعتدنا أن نجلس جميعًا حولها.
فقد بلغني أنّ كايلو يتدرّب معه أيضًا.
بدت مارسيلا أقلّ شهيّةً، وربّما القلق هو السبب، أمّا أليكسيس فقد قلّ حديثه كثيرًا.
‘رغم ذلك، بذل جهدًا كبيرًا، لذا عليّ أن أشجّعه.’
بعد إصدار الجزء الثاني من حفلة التنكّر، توقّف كالاد عن التّذمّر أو البحث عنّي أو عن فرسان السّماء.
وحينما بدأ جوّ المنزل يُثقلنا بكآبته، حلّ أخيرًا ذلك اليوم المنتظر.
“ولدي، لا تُصَب بأذى… أرجوكَ، كن قويًّا.”
قالتها مارسيلا وهي تمسك بيد كالاد بإحكام، بينما ربّت كايلو على كتفه.
“أرِهم ما لديك دون أيّ تردّد.”
قال أليكسيس ذلك بنبرةٍ هادئة، دون أن يبخل بتشجيعه.
ومنذ الصّباح الباكر، خرجنا جميعًا إلى بوّابة قاعة الاختبارات لنودّعه.
‘عدد الناس مهول.’
كنتُ أسهر طوال اللّيلة السابقة، وها أنا أحدّق فيه بوجهٍ شاحب.
“لم ترتدي الزي الجديد الذي اشتريتُه لك.”
“رغم أنّه مهترئ قليلًا، فإنّي أشعر براحةٍ أكبر في هذا.”
تبيّن أنّه كان يتدرّب بشدّة لدرجة أنّ الزّيّ الجديد قد أهترّأ. اشتريتُ واحدًا آخر مشابهًا قبل ثلاثة أيّام، ومع ذلك ارتدى زيّه القديم.
“كما تشاء. ستحتاجه لاحقًا على أيّ حال… لقد حجزتُ مطعمًا فاخرًا للعشاء، فاحرص أن تعود وبيدك القدرة على تقطيع شريحة لحم.”
كنتُ أعرف أنّه بذل جهدًا عظيمًا، لذا تحدّثتُ إليه بخشونةٍ مقصودة.
لم أُرد أن أُحمّله عبء كلماتٍ كبيرة.
“انتظري. سأجعل محفظتكِ تُعاني اليوم.”
ابتسم كالاد عندما تلاقت أعيننا، ثم استدار ليدخل إلى قاعة الامتحان.
‘حتى من الخلف، يبدو ضخم البنية.’
وقفت العائلة بكاملها تراقبه بصمت، حتّى غاب عن أنظارهم.
لكن فجأة…
“مرحبًا يا آنسة. أيمكنني سؤالكِ من أيّ منزلٍ نبيل أنتِ؟”
سألني أحد الخدم، فتركّزت كلّ الأنظار عليّ.
“أنا من منزل الكونت بلاين، وأنت؟”
“أنا في خادم البارون إيفيلون، ذاك الذي يقف هناك على بُعد ثلاث خطوات تقريبًا. هل تقبلين دعوة شرب الشّاي من ابننا البِكر؟”
كان هذا حقًّا لحظة تدميرٍ للمشاعر.
أجبتُه بشكلٍ غامض وحافظتُ على ملامح وجهي، ثمّ استقللتُ العربة وعدتُ إلى القصر.
فأنا لا أعلم شيئًا عن مضمون الامتحان، ولا عن مدّته، ولا يبقى لي سوى الانتظار بلا نهاية.
طالما أنّه لن يتأخّر كثيرًا، سنتمكّن من تناول العشاء كما خطّطنا. لذا خطّطتُ أن أستلقي قليلًا على السّرير.
‘لا ينبغي أن أفرح قبل أوانه… لكن إن نجح، فكيف سأبارك له؟’
‘لقد ركّز على هذا الهدف لسنوات، فلو رسب… ماذا سأقول له؟’
لولا هذه الأفكار المزدحمة في رأسي، لكنتُ قد نِمتُ فورًا.
لكنّني ظللتُ أتقلّب طويلاً دون أن يغمض لي جفن.
فكلمة “فشل” أو “إحباط” لا تليق بـكالاد.
وكنتُ أتمنّى حقًّا أن يعود بوجهٍ مشرق، لا وجهٍ مُظلم.
***
“الامتحان أنا الذي خضته، ولا إنتِ؟”
قالها كالاد عندما عاد إلى القصر وهو مغطّى بالغبار عند مغيب الشّمس.
لم يتوقّع أن تكون كاترينا أوّل من يستقبله، لا والداه.
كانت قد خرجت مُسرعةً، ووقفت عند الدّرج تنظر إليه.
فشعر كالاد بها، رغم أنّ شعرها كان فوضويًّا، وبشرتها البيضاء ازدادت شحوبًا، وظلال تحت عينيها واضحة.
“أعني… ها…”
كانت تحاول قول شيء، لكنّها لم تستطع، وقطّبت حاجبيها في صمت.
حينها بادر هو بتغيير الموضوع.
“أنا متّسخ. هل أستطيع الاستحمام؟ خصوصًا وأنّنا سنذهب إلى مطعم، كما قلتِ.”
نظرت كاترينا إلى هيئته، وأومأت برأسها دون أن تنطق.
ورغم أنّه لم يكن ممّن يطيل الاستحمام عادةً، فقد بقي داخله طويلًا تحت الماء هذه المرّة، ثمّ خرج بعد وقتٍ ليس بالقليل.
“سمعتُ أنكم ستخرجون، فأحضرتُ الملابس. هل يمكنني مساعدتك بارتدائها؟”
“…أه.”
بصوتٍ منخفض، وتحت وقع حفيف القماش، كان الهدوء يعمّ الغرفة.
“أأتيتَ؟”
عندما نزل بعد أن استحمّ، وجد جميع أفراد العائلة قد ارتدوا ملابسهم الرسميّة واستعدّوا للخروج.
“أحسنتَ، لقد بذلتَ جهدًا كبيرًا.”
“أحسنتَ، لقد بذلتَ جهدًا كبيرًا.”
كايلو وأليكسيس لم يسألاه عن النتيجة، بل ظلّا يربّتان على كتفيه وظهره.
وكان كالاد من الفطنة بحيث يُدرك أنّ هذا تجاهلٌ مقصود.
“لو رأتكِ والدتنا قبل قليل، لكان مشهدًا ممتعًا.”
“…اصمُت.”
لم ينسَ أن يهمس بمزحةٍ خفيفة عندما رأى كاترينا وقد تألّقت في ملابسها.
ومنذ خروجهم إلى المطعم، لم يطرح عليه أحدٌ أيّ سؤال عن الاختبار، وكأنّهم جميعًا اتّفقوا على ذلك.
‘أكيد هذه خطّةٌ من شقيقتي.’
كالاد كان حادّ الملاحظة بما يكفي ليُدرك أنّ كاترينا هي من دبّرت كلّ هذا كي تخفّف عنه.
“…يبدو هذا المكان غاليًا.”
قالها فور نزوله من العربة، فقد كان المطعم راقيًا بالفعل.
واجهةٌ فاخرة، تليق بذوق النّبلاء المتطلّبين في العاصمة.
“كِدتَ تفوّت العشاء، لكن لحسن الحظّ ستأكل شريحة لحم.”
رغم نظرات بعض الحاضرين المُتوجّسة، دخلت كاترينا المطعم أولًا دون تردّد.
اقترب أحد الموظّفين، ثمّ همس له الخادم، فتوسّعت ابتسامة الموظّف وقادهم إلى طاولتهم.
“سنُحضِر المقبلات فور تجهيزها.”
أخذونا إلى الطابق الأعلى، حيث أفضل الإطلالات.
وكانت الطاولة الوحيدة في الطابق، إذ لم يكن هناك أحدٌ سوانا.
“لكنّنا لم نُحدّد القائمة بعد.”
“لقد حجزتُ القائمة الخاصة. جميع الأطباق ستُقدّم، فلا حاجة للاختيار.”
أجابت كاترينا على سؤال كالاد ببساطة، ثمّ لوّحت بجهاز النّداء.
“أحضِروا قائمة النبيذ من فضلكم.”
“تفضّلوا!”
“لم نطلب النبيذ بعد. اختاروا ما يعجبكم.”
وُضِعت أمامهم قائمة نبيذٍ بلا أسعار، فقط أسماء.
رغم أنّ أليكسيس استطاع تمييز بعضها وتقدير أسعارها، إلّا أنّه تردّد في النّطق بها.
حينها تحدّثت كاترينا بلا مبالاة:
“إن لم تختاروا، سأطلب الذي في الأعلى.”
وكان خمر مميزًت مكتوبًا بخطٍّ كبير.
تردّد أليكسيس قليلًا، ثمّ قال أخيرًا:
“…أرمان سوليس، من فضلكِ، كاترينا.”
“حسنًا.”
“أنا سأكتفي بالجعة.”
“لا تفعل، جرّب النبيذ هذه المرّة.”
عندما لاحظت كاترينا نظرة كايلو المتململة، اقترحت عليه النبيذ.
بدأت الأطباق والنبيذ يُقدّمان بسرعة، وفقد كالاد فرصة الحديث.
‘لم أكن أنوي تأخير الكلام…’
لكنّه، في خضمّ ذلك، كان يأكل بنهمٍ شديد.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 21"