لم تكن الكُتب شيئًا مألوفًا لشعب إمبراطوريّة إينودرا.
فلأجل كسب المال، كان لا بُدّ من العمل، وإن لم يكن ذلك، فعلى المرء أن يتعلّم السّيف أو السّحر.
حتى النّبلاء لم يكونوا مختلفين كثيرًا عن ذلك.
فعلى الرّغم من قراءتهم بعض الكتب، إلا أنّها غالبًا ما كانت تقتصر على كتب الفلسفة أو كتب الآداب والسّلوك، أو كتب الثقافة العامّة، لأنّ عليهم أن يمتلكوا هوايات تبدو راقية كركوب الخيل أو الشطرنج.
وحين يضطرّ المرء إلى مواجهة واقع الحياة مباشرة، فلا بدّ أن تتراجع أولويّة القراءة تلقائيًّا.
لكن وسط تلك الإمبراطوريّة، ظهرت رواية كالشّهاب المُنير.
“هل يمكنك أن تُرشّح لي كتابًا يُشبه حفلة التّنكّر؟”
كانت قصةً خياليّة أُلفت استنادًا إلى خيال الكاتب، تُدعى رواية.
بدأت الشائعات تنتشر تدريجيًّا، فشاعت أوّلًا بين عامّة النّاس، ثمّ سرعان ما بدأت تنتشر بين النّبلاء أيضًا، حتّى باتت التّجّار الكبار يتسابقون في بيعها.
“يبدو هذا الكتاب مُمتعًا أيضًا، هل أشتري نسخة؟”
بدأ الناس، الذين لم تطأ أقدامهم المكتبات من قبل، يتجمّعون فيها يوميًّا.
أولئك الذين لم تُشبِع حفلة التّنكّر ظمأهم، بدؤوا بشراء كتب أخرى بحثًا عن ما يملأ فراغهم المتبقي.
“أيعقل أن يدفع أحدهم المال لشراء هذا الهراء؟”
“لا أفهم أيّ شيء من هذا. لماذا يحتوي على هذا الكمّ من الكلمات المعقّدة؟”
لكن، بدلًا من أن تُشبع ظمأهم، كان الأثر عكسيًّا.
إذْ بدأ القرّاء يُدرِكون بأنَّ رواية كارما كانت استثنائيّة حقًّا.
وفي الوقت الذي كان الجميع يُخفي شوقه وينتظر الجزء الثاني بفارغ الصّبر…
“هل سمعت الخبر؟ كارما ستصدر كتابًا جديدًا.”
“ولِمَ لا تكتب الجزء الثّاني من حفلة التّنكّر؟ ما الدّاعي إلى تأليف شيءٍ جديد؟”
“……ينبغي حبسها وإجبارها على كتابة الجزء الثاني!”
بدأت الشّائعات تدور في الأرجاء.
كان معظم النّاس يتوقّعون أن عليهم الانتظار طويلًا من أجل الجزء التالي، لذا لم يستطيعوا إخفاء دهشتهم من تصرّف الكاتبة غير المتوقّع.
رواية جديدة من تأليف كاتبة حفلة التّنكّر.
وبما أنّها لم تكن جزءًا من تلك السّلسلة، فقد تجاهلها بعض القرّاء الأوائل، لكنّ من امتلكوا حبّ الاستطلاع كانوا أكثر بكثير.
وهكذا، لم تلبث الشّائعات أن تجلّت في الواقع.
في اليوم الأوّل من إصدار فرسان السّماء، تسابق المهتمّون إلى شرائه.
“ألم تقُل إنّ حلمك هو الانضمام إلى فيلق الفرسان الملكيّ؟”
“نعم.”
“إذًا عليك أن تقرأ هذا الكتاب فورًا.”
ظهرت ردود الفعل في نفس المساء.
فالذين قرأوا فرسان السّماء في يومٍ واحد، ذهبوا ينصحون الآخرين بقراءته، وعيونهم محمرّة من السّهر.
وظهر قرّاء جُدد كليًّا، لم يسبق لهم أن قرأوا حتّى حفلة التّنكّر.
وفي حين كان غالبية قرّاء حفلة التّنكّر من النّساء، امتلأت المكتبات هذه المرّة بالرّجال.
لكن، وبما أنّ كَارما لم تُصدر سوى كتابَين فقط، فقد تداخلت شرائح القرّاء في النهاية.
“هل توجد نسخة من فرسان السّماء الجزء الأوّل؟”
“للأسف، نَفِدت جميع النسخ. سيصلنا شحن جديد بعد يومَين، فارجع إلينا حينها.”
العجيب أنّ الذين قرؤوا الكتاب مُستعارًا، عادوا ليشتروا نسخةً خاصّة بهم.
لم يُخفِ بعض النّبلاء والعامّة إعجابهم بـ فرسان السّماء، ممّا ساهم في انتشاره بسرعة.
“……ما الذي تفعله أمام المتجر؟”
“سمعت أنّ الكتاب سيصل اليوم. لا يهمّ ما سيحدث، لا بدّ أن أحصل على نسخة الدّيلوكس، افتح الباب بسرعة من فضلك!”
وكما هو مُتوقّع من النّسخة الفاخرة التي يصعب إنتاجها، كانت كمية نسخة الديلوكس قليلة.
وعلى الرّغم من امتلاكهم للنسخة الذكيّة بالفعل، إلا أنَّ من يملك المال أراد الحصول على الديلوكس.
وهكذا، عندما سمع البعض ما قاله صاحب المكتبة عرضًا، اصطفّوا أمام المتجر منذ الصباح الباكر.
وبدأ الناس القريبون بالانضمام إلى الطّابور تلقائيًّا.
“نعتذر، هذا آخر كتاب متوفّر، وقد اشتراه هذا الشّخص.”
“آه…… تبا لهذا الحظّ.”
ففرح من حصل على النّسخة الأخيرة، وانهار من فاته الدّور.
تجلّت مشاعر السّعادة واليأس في مشهدٍ واحد.
ومع إعلان بعض المكتبات والتجّار الكبار في العاصمة عن موعد وصول الكتب الجديدة ووقت افتتاح المتاجر، بدأت هذه الظاهرة تتكرّر.
***
“تبدو أنحف بكثير، هل تستعدّ جيّدًا؟”
“نعم، أصبحت قادرًا على الحفاظ على الهالة لفترةٍ أطول بكثير من قبل.”
نظرت مارسيلا إلى كَالاد بنظرةٍ فيها بعض القلق، لكنّه أجابها بصوتٍ واثق.
‘مع كلّ هذا التّدريب، من الجيّد أن تتحسّن مهاراته.’
كنتُ مؤخرًا لا أزور ساحة التدريب إطلاقًا، لكن لم يكن من السّهل تخيّل كَالاد وهو يتكاسل.
“……وكاترينا، لم نعد نراكِ كثيرًا مؤخرًا. بماذا كنتِ مشغولة؟”
وبينما كانت مارسيلا تتحدّث بصوتٍ ناعم وهي تنظر إلى الطاولة…
“أهم، كَالاد، سمعتُ أن هناك كتابًا جديدًا عن الفرسان. هل قرأته؟”
قاطع أليكسيس الحديث فجأة موجّهًا كلامه إلى كَالاد، فتوجّهت إليه كلّ الأنظار.
تدخّلٌ غير طبيعيّ قطعَ مجرى الحديث.
“لا، لم أقرأه بعد.”
“من المهم أن تُواصل التّقدّم في مسيرتك، لكن لا تنسَ أن تستريح أحيانًا.”
ثمّ أنهى الموقف بتشجيعٍ مبهم.
‘هل يقصد كتابي؟’
لقد مرّ أسبوع منذ أن صدر الجزء الأوّل من فرسان السّماء.
كنتُ قد جهّزت نسخًا لإخبار عائلتي، لكنّي ظللتُ أؤجّل ذلك دون أن أذكر شيئًا حتّى الآن.
‘يبدو أنّ الوقت مناسب تمامًا الآن.’
لكن لساني لم يُطاوعني، فبقيتُ أقطع شريحة اللحم مرارًا.
“إلا تأكلين؟”
لاحظ كَالاد ذلك بسرعة.
“……سآكل.”
أجبت، لكنّني وضعت أدوات الطّعام جانبًا.
“لديّ ما أودّ قوله.”
قرّرتُ أن أقولها دفعة واحدة.
تنفّستُ بعمق، ثم قلت بهدوء:
“قلتُ من قبل إنّني أريد أن أُصبح كاتبة، وقد اشتريتُ دار النّشر الصّغيرة التي عرّفني عليها أبي، ونشرتُ كتابَين حتى الآن.”
اتّسعت عينا مارسيلا وهي تحدّق بي بذهول، وبدت الدهشة واضحة عليها.
“يا إلهي، لا أُصدّق. هل يمكننا قراءة كتبكِ؟”
ابتسمتُ بخجلٍ وكأنّني أشعر بالإحراج وأنا أجيب:
“الكتاب الذي صدر حديثًا اسمه فرسان السّماء… وإن أردتم، يمكنني أن أُعطيكم بعض النّسخ التي أحتفظ بها.”
تششش—
“لحظة، كاترينا، أأنتِ… هل أنتِ كارما؟”
فجأة، سقطت أدوات الطّعام من يَد مارسيلا وهي تُحدث ضجّةً بصوت الصّحون، ونظر إليّ أليكسيس بانفعالٍ غريب.
نظرتُ إليهما بحيرة، في حين بدا كَالاد لا يفهم شيئًا.
“نعم، أنا هي.”
“يا إلهي، لا يُصدّق!”
“……هل قرأتما الكتاب؟”
سألتُ بخجل بعد ردة فعلهما المفاجئة، فأومأت مارسيلا مباشرة برأسها.
“كنتُ قد سمعتُ عنها كثيرًا من أماكن متفرّقة، لكنّي لم أقرأها بنفسي.”
شعرتُ بشيء غريب، أن يعرفوا عن كتابي حتّى قبل أن أقول شيئًا.
“إذًا، دار النّشر سافاير كانت الجوهرة المتألّقة والقلم؟”
“……نعم، لقد اشتريتها وغيّرت اسمها.”
تدفّقت الأسئلة بعدها كالسّيل.
اضطررتُ لشرح كلّ شيء منذ البداية، كما لو أنّني أروي القصة من أوّلها.
وحين أنهيت الحديث، شعرتُ أخيرًا بالارتياح.
“أنا فخورةٌ بكِ يا كاترينا.”
كلمةٌ واحدة من أمّي أزالت كلّ التوتّر الذي كنت أشعر به.
“لكن، لا أريد أن يعرف النّاس هويّتي الحقيقيّة.”
أكّدتُ على ذلك في النهاية، وشرحتُ المخاطر التي قد تحدث إن انكشف أمري.
ظلّ كَالاد ينظر إليّ كأنّه لا يفهم، لكنّي تجاهلتُه، وشعرتُ بالفخر وأنا أرى ملامح الجديّة على وجوه أفراد عائلتي.
“سأحفظ السرّ مهما كلّف الأمر.”
“سرّكِ في أمان معنا.”
كأنّهما فارسانٌ يعاهدان بالولاء.
ضحكتُ وأنا أنظر إلى تعابيرهما الجادّة.
“سأُواصل الكتابة وأُصبح مصدر فخر للعائلة.”
“……بالطّبع. يجب أن تُكملي حفلة التّنكّر الجزء الثاني! لذا، قومي بعملكِ بجدّ.”
تردّدت أمّي للحظة، ثمّ ابتسمت بوجهٍ مشرق.
‘يبدو أنّها قرأته فعلًا.’
شعرت بنفس الشعور الذي أحسسته مع كلوي ودانيال، فأومأتُ برأسي بسرعة.
في مثل هذه اللحظات، إن أظهرتَ أدنى تردّد، فسوف تُقابَل بنظراتٍ حادّة.
وهكذا، بعد نهايةٍ دافئة لهذا العشاء، وزّعتُ على أفراد أسرتي النسخ الثلاث الفاخرة من فرسان السّماء التي كنت أحتفظ بها.
《 الفصول متقدمة على قناة التيلجرام المثبتة في التعليقات 》
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿
《واتباد: cynfti 》《انستا: fofolata1 》
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 12"