6
الفصل 6
**********
لَمْ يَأْتِ هَايْد بِمُفْرَدِهِ.
بَلْ جَلَبَ مَعَهُ زَوْجَةَ أَخِيهِ الحَامِل، وَحَتَّى أُخْتَهُ الكُبْرَى المُتَزَوِّجَة.
“أَهْلًا، إِيف.”
“…… الأُخْتُ دُورِيس! كَيْفَ جِئْتِ إِلَى هُنَا؟”
“لَقَدْ كُنْتُ فِي مَنْزِلِ وَالِدَيَّ مُنْذُ بِضْعَةِ أَيَّامٍ.
سَمِعْتُ أَنَّكِ سَتَتَزَوَّجِينَ، فَأَرَدْتُ رُؤْيَةَ وَجْهِكِ لِلْمَرَّةِ الأَخِيرَةِ.
لَكِنَّهُمْ أَخْبَرُونِي أَنَّكِ غَادَرْتِ بِالْفِعْلِ، فَكَمْ كُنْتُ حَزِينَةً.”
قَالَتْ دُورِيس ذَلِكَ بِوَجْهٍ مُتَكَبِّرٍ وَمُتَبَاهٍ.
فِي حِينِ انْدَهَشَتْ إِيف مِمَّا سَمِعَتْ.
“وَاه، لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ اليَوْمَ الَّذِي تَأْتِي فِيهِ أُخْتِي لِرُؤْيَتِي سَيَأْتِي.”
“مِنْ طَبِيعَةِ الأُخْتِ الصُّغْرَى أَلَّا تَعْرِفَ نِيَّةَ أُخْتِهَا الكُبْرَى العَمِيقَة.”
“هَلْ هُوَ كَذَلِكَ؟ وَأَنَا الَّتِي ظَنَنْتُ أَنَّكِ تَكْرَهِينَنِي.”
“وَلِمَاذَا قَدْ أَكْرَهُكِ؟”
“كَيْفَ لِي أَنْ أَعْرِفَ؟
لَقَدْ كُنْتِ تَتْرُكِينَ خَادِمَاتِكِ وَتَأْمُرِينَنِي أَنَا بِكُلِّ أَنْوَاعِ الأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ.
وَفِي مَرْحَلَةِ نُمُوِّي، كُنْتِ تَنْغَزِينَ صَدْرِي وَأَرْدَافِي بِمِرْوَحَتِكِ أَمَامَ المَوْظَفِينَ وَتُسَمِّينَنِي ‘البَقَرَةَ السَّمِينَة’.
كَمَا أَنَّكِ كُنْتِ تَغْرِزِينَ الإِبْرَةَ فِيَّ كُلَّمَا نَزَعْتِ أَقْرَاطَكِ، لِذَا خَمَّنْتُ ذَلِكَ فَقَط.”
“إِيف، أَنْتِ!”
احْمَرَّ وَجْهُ دُورِيس بِشِدَّةٍ.
‘كُنْتُ أَنْوِي التَّظَاهُرَ بِالوُدِّ قَلِيلًا. لَكِنَّ هَذِهِ الحَمْقَاءَ لَا تَسْتَطِيعُ مُسَايَرَةَ الجَوِّ لِلنِّهَايَة!’
تَزَوَّجَتْ دُورِيس فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ مِنْ رَجُلٍ ثَرِيٍّ يَكْبُرُهَا بِعَشْرِ سَنَوَاتٍ، وَكَانَتْ تُرْسِلُ المَالَ وَالطَّعَامَ إِلَى مَنْزِلِ أَهْلِهَا بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ كَمَا لَوْ كَانَتْ صَدَقَةً.
لِذَلِكَ، لَمْ تَكُنْ تَغَارُ كَثِيرًا مِنْ وِرَاثَةِ إِيف لِلْقَصْرِ.
لَكِنَّهَا فَقَط لَمْ تَسْتَطِعْ تَقَبُّلَ الأَمْرِ.
‘كَيْفَ لِإِيف أَنْ تَحْصُلَ عَلَى هَذَا!’
بِمُجَرَّدِ سَمَاعِهَا لِلأَخْبَارِ، هَرَعَتْ دُورِيس مُنْذُ الفَجْرِ.
بِصِفَتِهَا الأُخْتَ الكُبْرَى، كَانَتْ تَنْوِي نُصْحَ إِيف جَيِّدًا لِتَعْرِفَ قَدْرَهَا.
وَلَكِنْ مَا هَذَا؟ هَذِهِ الأُخْتُ الصَّغِيرَةُ الوَقِحَةُ نَسِيَتْ مَقَامَهَا بِالْفِعْلِ وَبَدَأَتْ تَتَجَاوَزُ حُدُودَهَا!
“لَا تُقَطِّبِي حَاجِبَيْكِ أيتها الأخت الكبرى. مَاذَا لَوْ ظَهَرَتْ تَجَاعِيدُ عَلَى أَنْفِكِ الجَمِيل؟”
تَدَخَّلَتْ إِيُولَا مُتَظَاهِرَةً بِتَهْدِئَةِ دُورِيس.
“أَنْتِ تَعْرِفِينَ جَيِّدًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ أَنَّ آنِسَتَنَا الصُّغْرَى لَمْ تَكُنْ طَبِيعِيَّةً مُنْذُ صِغَرِهَا. وَأَيْنَ سَتَذْهَبُ مِثْلُ هَذِهِ المَوَاهِبِ عِنْدَمَا تَكْبُر؟”
كَانَتْ إِيُولَا مُنَافِقَةً تَتَظَاهُرُ بِالنُّبْلِ.
لَمْ تَكُنْ تَنْتَقِدُ أَحَدًا بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ، لَكِنَّهَا كَانَتْ بَارِعَةً فِي إِفْسَادِ مِزَاجِ الآخَرِينَ بِكَلِمَاتٍ مُلْتَوِيَةٍ.
بَعْضُ الرِّجَالِ الَّذِينَ يَفْتَقِرُونَ لِلْبَصِيرَةِ خُدِعُوا بِوَقَارِ إِيُولَا الزَّائِفِ.
“مَاذَا تَفْعَلِينَ يَا إِيف؟ عَلَيْكِ شُكْرُ زَوْجَةِ أَخِيكِ. لَقَدْ قَالَتْ إِنَّهَا كَانَتْ تَنْظُرُ إِلَيْكِ بِنَظْرَةٍ جَيِّدَةٍ مُنْذُ الصِّغَر.”
بِالطَّبْعِ، كَانَ هُنَاكَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ هُنَا أَيْضًا.
“إِلَى مَتَى تَنْوِينَ إِبْقَاءَنَا وَاقِفِينَ عِنْدَ المَدْخَل؟ ظَنَنْتُ أَنَّ عَقْلَكِ قَدْ نَضِجَ قَلِيلًا لِأَنَّكِ خَرَجْتِ لِاسْتِقْبَالِنَا. هَلْ تُعَامِلِينَ عَائِلَتَكِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَة؟”
وَخَزَ هَايْد جَبِينَ إِيف بِسَبَّابَتِهِ مِرَارًا.
“زَوْجُكِ مَوْجُودٌ فِي القَصْرِ، صَحِيح؟ دَعِينَا نَرَى هَذَا الوَجْهَ العَزِيز.”
‘قَالُوا أَلَّا تَزُورَ عَائِلَةُ العَرُوسِ القَصْر؟ يَا لَهُ مِنْ هُرَاءٍ مُضْحِك.’
فِي اللَّحْظَةِ الَّتِي خَطَا فِيهَا هَايْد السَّاخِرُ بِقَدَمِهِ دَاخِلَ القَصْرِ.
التَفَتَتْ تَمَاثِيلُ الحَدِيقَةِ جَمِيعُهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ.
ـ دَ خِـ يـ ل ـ
ـ غَيْرُ مَـ سـ مُـ و حٍ بِـ هِ ـ
لَمْ تَسْتَطِعْ عَائِلَةُ إِيف رُؤْيَةَ ذَلِكَ لِأَنَّ ظُهُورَهُمْ كَانَتْ لِلْحَدِيقَةِ.
لَكِنَّ إِيف رَأَتْ بِوُضُوحٍ.
انْتَزَعَتِ التَّمَاثِيلُ الحَجَرِيَّةُ أَقْدَامَهَا المَدْفُونَةَ نِصْفِيًّا فِي التُّرَابِ.
وَاقْتَرَبُوا نَحْوَ هَذَا الاتِّجَاهِ بِحَرَكَةٍ غَرِيبَةٍ وَسَرِيعَةٍ لِلْغَايَةِ.
دَقّ، دَقّ
“…… مَا هَذَا؟ مَا هَذَا الِاهْتِزَاز؟”
“وَااااه!”
“آآآآآه!”
صَرَخَ أَفْرَادُ العَائِلَةِ بِذُعْرٍ عِنْدَمَا الْتَفَتُوا مُتَأَخِّرِينَ.
بِصَرَاحَةٍ، كادت إيف أن تفقد وعيَها لكنّها تظاهرت بالصّمود أمام عائلتها .
“…… آه.”
سَقَطَتْ إِيُولَا الحَامِلُ وَهِيَ تُمْسِكُ بِبَطْنِهَا.
وَالمُثِيرُ لِلدَّهْشَةِ أَنَّ هَايْد لَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهَا حَتَّى، بَلِ الْتَفَتَ وَهَرَبَ!
“أَخِي! إِلَى أَيْنَ تَذْهَب؟!”
نَادَتْ دُورِيس المَذْعُورَةُ عَلَى هَايْد، لَكِنْ دُونَ جَدْوَى.
تَسَاءَلَتْ إِيف عَمَّا سَتَفْعَلُهُ دُورِيس الَّتِي بَقِيَتْ وَحِيدَةً.
تَلَاقَتْ أَعْيُنُهُمَا.
“سَاعِدِينِي، إِيف!”
“هَلْ سَاعَدْتِنِي أَنْتِ مِنْ قَبْل؟ أَلَمْ تَكُونِي تُشَاهِدِينَ فَقَط كُلَّمَا كَانَ أَخِي يَضْرِبُنِي كَالكَلْبِ، أَوْ كُلَّمَا كُنْتُ أُحْرَمُ مِنَ الوَجَبَاتِ بِأَعْذَارٍ وَاهِيَة؟”
رَكَضَتْ دُورِيس خَارِجَ المَدْخَلِ وَهِيَ لَا تَعْرِفُ مَاذَا تَفْعَلُ.
لَكِنَّهَا سُرْعَانَ مَا حُوصِرَتْ مِن قِبَلِ التَّمَاثِيلِ الحَجَرِيَّةِ.
“أَنْقِذُونِي! هَلْ مِنْ أَحَدٍ هُنَا؟! أَنْقِذُونِي رَجَاءً!”
“سَيِّدَتِي.”
انْغَمَرَ صُرَاخُ دُورِيس تَمَامًا بِصَوْتٍ سَاحِرٍ سُمِعَ فَجْأَةً.
لَا تَعْلَمُ مُنْذُ مَتَى وَقَفَ كَامِيِين بِجَانِبِهَا.
شَعَرَتْ إِيف بِالارْتِيَاحِ وَسَأَلَتْ بِهُدُوءٍ:
“كَامِيِين، هَلْ سَتُهَاجِمُنِي تِلْكَ التَّمَاثِيلُ أَنَا أَيْضًا؟”
“لَنْ يَفْعَلُوا.”
كَانَتْ إِجَابَةً قَصِيرَةً لَكِنَّهَا مَبْعَثٌ لِلثِّقَةِ.
أَوْمَأَ كَامِيِين بِبَصَرِهِ نَحْوَ دُورِيس الَّتِي حَجَبَتْهَا التَّمَاثِيلُ، وَإِيُولَا المُلْقَاةِ عِنْدَ المَدْخَلِ وَسَأَلَ:
“مَاذَا تُرِيدِينَ أَنْ نَفْعَلَ بِهِم؟”
“مَاذَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَفْعَل؟”
“القَتْلُ هُوَ الأَسْهَلُ وَالأَسْرَعُ. يُمْكِنُنَا دَفْعُهُمْ إِلَى المَكَانِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ التَّمَاثِيلُ ثُمَّ ‘إِعَادَةُ’ التَّمَاثِيلِ إِلَى وَضْعِهَا الأَصْلِيّ.”
‘حَسَنًا. لَنْ أَتَخَيَّلَ ذَلِكَ. لَا تُفَكِّرِي فِي شَيْءٍ يُشْبِهُ فِطِيرَةَ اللَّحْمِ المَهْرُوسَة.’
“أَخِي لَقَدْ هَرَب.”
“سَنُمْسِكُ بِهِ قَرِيبًا.”
‘بِأَيِّ طَرِيقَة؟’
قَبْلَ أَنْ تُكْمِلَ تَفْكِيرَهَا، طَارَ شَيْءٌ مَا بِسُرْعَةٍ.
لَقَدْ كَانَ تِمْثَالَ الغَرْغُويل (الخَطَّاف) ذَا الأَجْنِحَةِ.
‘لَا. لَكِنْ، حَجَرٌ يَطِيرُ فِي السَّمَاءِ…’
مَهْمَا كَانَتْ قِصَصُ الأَشْبَاحِ…… لَا.
لِأَنَّهَا قِصَّةُ أَشْبَاحٍ فَهَذَا مُمْكِنٌ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
مِنَ العَبَثِ مُحَاوَلَةُ تَطْبِيقِ المَنْطِقِ أَوْ قَوَانِينِ الفِيزِيَاءِ هُنَا.
“آآآآآآآه!”
لَقَدْ أَمْسَكَ تِمْثَالُ الغَرْغُويل بِهَايْد بِالْفِعْلِ.
هَايْد الَّذِي أُلْقِيَ بِهِ عَلَى الأَرْضِ، نَهَضَ بِصُعُوبَةٍ وَهُوَ يَعْرُجُ وَصَرَخَ:
“وَحْش، أَيُّهَا الوُحُوش!”
تَطَايَرَ لُعَابٌ مَمْزُوجٌ بِرَغْوَةٍ بَيْضَاءَ مِنْ فَمِ هَايْد الَّذِي كَانَ يُعَانِي مِن نَوْبَةٍ.
“…… سَأُبَلِّغُ عَنْكُمْ جَمِيعًا فِي المَعْبَدِ! سَأُحْرِقُ كُلَّ شَيْءٍ بِالنَّارِ……”
كَانَتِ القَبْضَةُ أَقْرَبَ مِنَ النَّارِ.
بَدَأَتِ التَّمَاثِيلُ بِضَرْبِ هَايْد بِقَبَضَاتِهَا الحَجَرِيَّةِ.
مَعَ كُلِّ ضَرْبَةٍ، كَانَ صَوْتُ تَمَزُّقِ اللَّحْمِ وَتَهَشُّمِ العِظَامِ صَاخِبًا.
وَفِي لَحْظَةٍ قَصِيرَةٍ، أَصْبَحَ هَايْد كَخِرْقَةٍ بَالِيَةٍ.
سَأَلَتْ إِيف عِنْدَمَا رَأَتْهُ مُسْتَلْقِيًا دُونَ حَرَاكٍ:
“أَلَمْ يَمُت؟”
“مَا زَالَ يَتَنَفَّسُ.”
كَادَتْ إِيف أَنْ تَقُولَ أَنَّ ذَلِكَ مُؤْسِفٌ.
“لَقَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُم. سَأَسْأَلُكِ مُجَدَّدًا. سَيِّدَتِي، هَلْ تَرْغَبِينَ فِي قَتْلِهِم؟”
فَكَّرَتْ إِيف.
بَدَا كَأَنَّ كَامِيِين قَدْ تَأَثَّرَ بِشِدَّةٍ.
“أَنْتِ لَا تَقُولِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوز.”
“لَقَدْ بَاعُونِي إِلَى هُنَا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّنِي سَأَمُوت.”
‘حَتَّى لَوْ مَاتَتِ العَرُوسُ أَوْ أُصِيبَتْ بِعَجْزٍ، لَا تُحَمَّلُ المَسْؤُولِيَّةُ لِأَحَدٍ. وَيَجِبُ الحِفَاظُ عَلَى السِّرِّيَّةِ التَّامَّةِ أَمَامَ الآخَرِينَ مَهْمَا كَانَ مَا تَعَرَّضَتْ لَهُ.’
كُلَّمَا تَذَكَّرَتْ إِيف نُصُوصَ عَقْدِ مَا قَبْلَ الزَّوَاجِ، كَانَ الغَضَبُ يَجْتَاحُهَا حَتَّى تَعْمَى بَصِيرَتُهَا.
“إِذَنْ، سَأَقْتُلُهُمْ. لَكِنَّ ذَلِكَ قَدْ يُثِيرُ شُكُوكَ النَّاسِ.”
“شُكُوك؟”
“لِأَنَّهُمْ جَاءُوا إِلَى قَصْرِ بِيْلْفِيْر ثُمَّ اخْتَفَوْا.”
‘هَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا.’
خَاصَّةً وَأَنَّ القَصْرَ مَمْلُوءٌ بِالشَّائِعَاتِ المُرِيبَةِ بِالْفِعْلِ.
“هَلْ هُنَاكَ احْتِمَالُ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا أَحَدًا بِأَنَّهُمْ قَادِمُونَ إِلَى هُنَا؟”
“بِالتَّأْكِيدِ فَعَلُوا. لَا بُدَّ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا أُمِّي.”
أَصْبَحَتْ أُمُّهَا تَتَمَارَضُ كَثِيرًا هَذِهِ الأَيَّامِ.
رُبَّمَا أَرَادَتِ المَجِيءَ اليَوْمَ، لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِعْ بِسَبَبِ صُورَتِهَا المَعْرُوفَةِ بِأَنَّهَا ‘ضَعِيفَةٌ وَمَرِيضَة’.
نَظَرَتْ إِيف إِلَى شَعْرِ إِيُولَا المُلْقَاةِ عِنْدَ قَدَمَيْهَا.
“لَمْ يَعْجِبْنِي أَمْرُ زَوْجَةِ أَخِي يَوْمًا، لَكِنَّ قَتْلَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ أَمْرٌ صَعْبٌ. مَا هِيَ الطَّرِيقَةُ الأُخْرَى؟”
“سَجْنُهُمْ فِي القَصْرِ، وَإِخْرَاجُهُمْ فَقَط عِنْدَمَا يَأْتِي شَخْصٌ لِلتَّحْقِيق.”
“إِيييه! لَا أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِ القَصْرِ مَعَهُمْ.”
“يُمْكِنُنَا أَنْ نُخِيفَهُمْ حَتَّى لَا يَعُودُوا أَبَدًا.”
“هَلْ يُمْكِنُ فِعْلُ ذَلِكَ؟ لَقَدْ رَأَوْا كُلَّ شَيْءٍ بِالْفِعْلِ.”
لَمْ تَكُنْ إِيف تَسْتَمْتِعُ بِقِصَصِ الأَشْبَاحِ، لَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَخَافُهَا كَثِيرًا أَيْضًا.
عَلَى الأَقَلِّ حَتَّى قَبْلَ بِضْعَةِ أَيَّامٍ.
هَذَا يَعْنِي أَنَّ لَدَيْهَا بَعْضَ المَعْرِفَةِ العَامَّةِ عَنْ قِصَصِ الأَشْبَاحِ.
“فِي الأَصْلِ، لَا يَجِبُ تَرْكُهُمْ أَحْيَاءً، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا مَا لَا يَجِبُ رُؤْيَتُهُ.”
“أَنْتِ تَعْرِفِينَ ذَلِكَ جَيِّدًا. يَا مُؤْمِنَتَنَا الوَفِيَّة.”
“لَمْ يَعُدْ لَدَيَّ دِينٌ الآن.”
“قُولِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَنْزِعِي السُّبْحَةَ عَنْكِ.”
“أُوه.”
أَخْفَتْ إِيف السُّبْحَةَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ كُمِّهَا.
حَتَّى لَوْ تَخَلَّتْ عَنْ إِيمَانِهَا، فَلَمْ تَكُنْ تَسْتَطِيعُ التَّخَلِّيَ عَنْ هَذِهِ السُّبْحَةِ.
عِنْدَمَا لَمَسَتْ أَطْرَافُ أَصَابِعِهَا مَلْمَسَهَا النَّاعِمَ، شَعَرَتْ إِيف بِقَلَقٍ مُفَاجِئٍ.
“…… مَا بَالِي؟ لَمْ يَمُرَّ سِوَى أَيَّامٍ عَلَى قَتْلِ سِيرِيَان.”
مَهْمَا كَانَ الدِّفَاعُ عَنِ النَّفْسِ مَشْرُوعًا، فَقَدْ كَانَتْ أَوَّلَ جَرِيمَةِ قَتْلٍ لَهَا.
فِي البِدَايَةِ شَعَرَتْ وَكَأَنَّهَا سَتَمُوتُ مِنَ الخَوْفِ، لَكِنَّهَا سُرْعَانَ مَا صَارَتْ بِخَيْرٍ.
“وَالآنَ أُفَكِّرُ فِيمَا إِذَا كُنْتُ سَأَقْتُلُ عَائِلَتِي أَيْضًا…… هَلْ كَانَتْ لَدَيَّ نَزْعَةٌ مَرَضِيَّةٌ مُنْذُ البِدَايَة؟”
شَعَرَتْ إِيف أَنَّهَا غَرِيبَةٌ عَنْ نَفْسِهَا.
لِدَرَجَةِ أَنَّهَا شَعَرَتْ بِذُعْرٍ مِنْ هَذَا الشُّعُورِ الغَرِيبِ بِالتَّبَايُنِ.
“كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ قَصْرِ بِيْلْفِيْر.”
“نَعَم؟”
“هَذَا المَكَانُ يُغَيِّرُ النَّاسَ. إِنَّهُ يُغَذِّي الظِّلَّ المُظْلِمَ فِي القَلْبِ لِيَجْعَلَهُ يَنْمُو. وَسَيَكُونُ تَأْثِيرُهُ أَقْوَى عَلَيْكِ يَا سَيِّدَةُ إِيف بِمَا أَنَّكِ المَالِكَةُ.”
افْتَاقَتْ إِيف.
شَرْحُ كَامِيِين كَانَ أَكْثَرَ فَعَالِيَّةً مِنْ أَيِّ مَوْعِظَةٍ تَقْلِيدِيَّةٍ تَأْمُرُ بَعَدَمِ القَتْلِ.
“بِالطَّبْعِ لَنْ أَقْتُلَهُم. عَلَى الأَقَلِّ لَيْسَ الآن.”
“حَسَنًا. إِذَنْ سَأُخِيفُهُمْ وَأَطْرُدُهُم.”
“…… هَلْ سَيَكْفِي التَّخْوِيف؟ إِنَّهُمْ أَشْخَاصٌ لَحُوحُونَ.”
عِنْدَ تِلْكَ الكَلِمَاتِ، ابْتَسَمَ كَامِيِين ابْتِسَامَةً خَفِيفَةً.
“يُمْكِنُنِي غَرْسُ إِيحَاءٍ لِغَسْلِ أَدْمِغَتِهِم. يُمْكِنُنِي أَنْ أَجْعَلَهُمْ لَا يَرْغَبُونَ حَتَّى فِي النَّظَرِ إِلَى قَصْرِ بِيْلْفِيْر مُجَدَّدًا.”
“كَامِيِين. مَنْ أَنْتَ بِحَقِّ الخَالِقِ…… بَلْ أَيُّ كَائِنٍ أَنْتَ……”
“لَا أَدْرِي.”
لِمَاذَا لَا يُخْبِرُهَا؟ قَطَّبَتْ إِيف أَنْفَهَا، لَكِنَّهَا لَمْ تَكُنْ شُجَاعَةً بِمَا يَكْفِي لِلتَّحْقِيقِ مَعَهُ بِإِلْحَاحٍ.
“إِذَنْ، أُوكِلُ إِلَيْكَ مَهَمَّةَ التَّعَامُلِ مَعَ العَوَاقِب.”
“عُلِم.”
غَابَ كَامِيِين لِلَحْظَةٍ فِي الرَّدهْةِ ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ يَحْمِلُ شَيْئًا.
كَانَتْ عَصًا فِضِّيَّةً يَسْتَخْدِمُهَا النُّبَلَاءُ عِنْدَ الخُرُوجِ.
“…… لِمَاذَا تُعْطِينِي هَذِهِ؟”
“غَسْلُ الدِّمَاغِ لَا يَكُونُ مُمْكِنًا إِلَّا فِي العَقْلِ البَاطِنِ. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّرَفُ الآخَرُ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ.”
أَوْمَأَ كَامِيِين بِبَصَرِهِ نَحْوَ دُورِيس الَّتِي مَا زَالَتْ تَصْرُخُ وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ بَيْنَ التَّمَاثِيلِ.
“…… فَهِمْتُ، لَكِنْ لِمَاذَا أَنَا؟”
“لَا أَرْغَبُ فِي ضَرْبِ امْرَأَةٍ. هَذَا فِعْلٌ لَا يَقُومُ بِهِ إِلَّا الأَحْمَق.”
التعليقات لهذا الفصل " 6"