بعد سنوات من الغياب، وبعد أن دفن العالم اسمه تحت ركام الشائعات والدموع، يعود جان إلى إسطنبول… لا كظلٍ لما كان، بل كصوتٍ يصدح في وجه الألم.
حفله الموسيقي الكبير ليس مجرد عرض فني، بل إعلان حياة. حياة اختار أن يستردّها، ولو كانت محفوفة بالأشباح القديمة. لكن ما إن تطأ قدماه شوارع المدينة حتى يبدأ قلبه بالارتجاف، لا خوفاً … بل استدعاءً لذاكرةٍ لم تندمل.
نيويورك – شقة جان – مساء رنّ الهاتف على الطاولة الصغيرة. مدّ جان يده بهدوء، أمسك الجهاز بثبات، وحدّق للحظة في الاسم الذي ظهر أمامه… أوزان. لم يرتبك، لم يتردد. كأنه كان ينتظر هذا الاتصال منذ لحظة قراره بالعودة جان (بابتسامة خافتة): “مرحباً، أوزان.”
أوزان (بصوت متوتر وقلق واضح): “جان… لماذا لم تخبرني أنك قادم لأسطنبول؟ رأيتُ إعلان الحفل على التلفاز… لم أتوقع أن تقدم على هذه الخطوة دون أن تخبرني.”
جان (بهدوء وثقة): “لم أرد أن أقلقك… كنت أعلم أنك ستعارض، وأحتاج هذه الخطوة لنفسي.”
توقف أوزان للحظة، ثم تنهد عميقاً قبل أن يردّ:
أوزان: “أنت تعلم كم أنا قلق عليك. الماضي الذي تظن أنك مستعد لمواجهته… هل أنت حقاً مستعد له؟”
جان (بصوت ثابت): “نعم، هذه المرة أنا مستعد. لم أعد ذلك الشاب الهارب. أحتاج أن أواجه كل شيء، وأن أثبت لنفسي أنني قادر.”
سادت لحظة صمت بينهما، تنفس خلالها أوزان ببطء، ثم قال:
أوزان (بحنان): “أنا معك، دائماً. فقط لا تغرق بنفسك في الضلام، ولا تنسى أنك لست وحدك.”
ابتسم جان بامتنان: “شكراً، يا صديقي… وجودك هو ما يجعلني أقوى.”
انتهت المكالمة، وبقي جان يتأمل الهاتف لثوانٍ، كأنه يستمع لما بعد الكلمات، ثم وضعه جانباً، عاقداً العزم على المضي قدماً … نحو الطريق الذي اختار أخيراً أن يسلكه، مهما كان.
»»»»»»»»»»»»»»
إسطنبول – منزل عائلة آصلان – مساء دافئ
في الصالون الواسع ذي الطابع الكلاسيكي، تجمّعت العائلة حول الطاولات الصغيرة الممتلئة بالفواكه والمكسّرات. كان الجد جالساً على كرسيه الخشبي العتيق، يتحدث مع ابنه وزوج ابنته عن أمور العمل ومشاريع العائلة.
في الزاوية الأخرى، كانت والدة إيليف تتحدث مع زوجة أخيها بحماس عن آخر صيحات الموضة والفساتين الجديدة التي رأينها في السوق.
في الجانب المقابل من الغرفة، جلست إيليف مع شقيقها إركان، وشقيق ساردار مراد، وشقيقته جميلة. كان مارت يجلس بجوار ساردارالذي يتصفح شيئاً على اللابتوب.
ساردار (وهو يحدق في الشاشة بقلق): “لا أعتقد أننا سنحصل على تذاكر… نفدت بسرعة… وعددنا كبير.”
مارت (يرفع حاجبيه): “لا تحجز كل التذاكر من موقع واحد. جرّب مواقع أخرى!”
ساردار (يتنهد): “لا فائدة… جميع التذاكر بيعت. سأحاول شراءها من أشخاص يعيدون بيعها.”
مارت (يرفع عينيه عن الشاشة): “أنا فقط قلت إن الكلمات جيدة… لا تُضخموا الأمر.”
الجد (متنهّداً بخفة): “آه، هذا الجيل… فنان غامض يُشعل البيت كله.”
»»»»»»»»»»»»»»
إسطنبول – فندق “كراون بارك” – مساءاليوم التالي- الساعة السادسة
وصلت السيارة السوداء الفارهة أمام المدخل الزجاجي للفندق، فترجل جان منها ببطء، يرافقه رجل في الأربعينات يحمل حقيبة خفيفة ويبدو عليه الوقار والانشغال-كان “كمال”، مدير أعماله الخاص من طرف شركة الإنتاج.
فتح أحد موظفي الفندق الباب مرحّباً باحترام، بينما تابع كمال حديثه بصوتٍ هادئ:
كمال (بلهجة عملية): “الحفل غداً في الثامنة مساءً، لكننا سنكون هنا صباحاً للاستعدادات وتجربة الصوت. الليلة خذ قسطاً من الراحة، ولا تفكر في شيء آخر.”
أومأ جان بصمت، ناظراً إلى الردهة الواسعة التي غمرها الضوء الذهبي. فخامةُ المكان لم تدهشه، لكنه لم يستطع أن يمنع نبضات قلبه من التسارع… ها هو يعود إلى إسطنبول، مدينته الأولى، بعد أكثر من ثلاث سنوات من الغياب .
وقف لحظة عند مدخل المصعد، تنقّلت عيناه بين الملامح المألوفة في تصميم المكان، ونافذة زجاجية تطلّ على شارع لا يزال يحمل له ذكريات الطفولة والمراهقة والهروب.
جان (في نفسه، بشرود): “لم أعد كما كنت… فهل ستعرفني المدينة؟ أم سأتوه فيها من جديد؟”
صعد المصعد بهدوء، ومع كل طابق يرتفع، شعر كأن ماضيه يقترب منه أكثر، لا العكس.
صعد إلى غرفته ، جناحٌ واسع يطل على البوسفور، بأرضية خشبية ناعمة وأثاث أبيض يميل للرمادي.
أغلق الباب خلفه، ووقف لحظة عند النافذة… تأمّل المدينة القديمة البعيدة، حيث ترتسم القباب والمآذن على امتداد الأفق. تنهد ببطء، وكأن الهواء هنا أثقل مما اعتاد عليه.
جان (بهمس لنفسه): “عدتُ أخيراً…”
أخرج هاتفه، جلس على طرف السرير، واتصل بأوزان. لم يرن طويلاً حتى جاءه الصوت المألوف:
أوزان (بلهفة): “جان… هل وصلت؟”
جان (بصوت هادئ): “نعم… أنا في الفندق.”
أوزان: “سآتي إليك حالاً.”
جان (بتردد خفيف): “لا… سأغادر الفندق بعد قليل.”
أوزان (بتنهيدة ثقيلة): “لا زلت مصراً على قرارك؟”
جان: “أحتاج إلى رؤيته، حتى لو من بعيد.”
أوزان (بقلق حقيقي): “جان، الحفل غداً… ماذا لو انتكست؟”
“جان (بنبرة هادئة لكن حازمة): “أنا بخير. صدقني، الحقيقة لم تعد تؤلمني كما في السابق… صارت جزءاً مني.”
أوزان (بصوت خافت): “اتصل بي إن شعرت بأي شيء… وفي أي وقت، أرجوك.”
جان: “شكراً، أوزان.”
أنهى المكالمة، ثم أسند الهاتف إلى المنضدة الصغيرة. تنفس بعمق، كأنما يحاول ترتيب صخبه الداخلي. اتجه نحو حقيبته، فتحها بهدوء، أخرج منها بعض الملابس النظيفة.
تمتم وهو يتوجه إلى الحمام: “أحتاج إلى حمامٍ دافئ… لعل دقات قلبي تهدأ.”
»»»»»»»»»»»
بعد ساعتين توقفت سيارة الأجرة بهدوء أمام منزل عائلة آصلان. ترجّل جان منها ببطء، وكأن الأرض التي وطأها للتوّ تعرفه… وتعاتبه. وقف هناك، على الرصيف، يتأمل الواجهة التي حملت ملامح طفولته، والنوافذ التي شهدت ضحكاته ودموعه.
رفع عينيه نحو الطابق العلوي، حيث تتوزع الأضواء ما بين مضاء ومطفأ، كما لو أن البيت نفسه حائرٌ بين اليقظة والنسيان. لكنّه لم يكن البيت وحده من تغيّر… فهناك، خلف تلك الجدران، قلوب أغلقت أبوابها منذ زمن… وربما نسيت كيف تُفتح.
تنهّد جان، كمن يتجرّع ذكرى مريرة، ثم تمتم بصوتٍ خافت بالكاد سمعه: “هيا جان… حان الوقت لتواجه ما كنت تهرب منه كل تلك السنوات.”
دخل مباشرة، كأنما يقوده الحنين أكثر من قدميه.
تأمّل المكان من حوله… كل شيء كما تركه، كأن الزمن توقف هنا، أو تعمّد ألا يمسّ ذاكرته.
وقف قبالة المسبح، يداه في جيبي بنطاله، وعيناه على سطح الماء، حيث تنعكس الأضواء الهادئة. ابتسامة خفيفة ارتسمت على شفتيه… تلك الابتسامة التي تخفي خلفها ألف ذكرى، وألف وجع.
سرح بأفكاره، وغاص في صور قديمة حفظها هذا المكان… كم جلس هنا وحيداً، يحاول أن يتلاشى في صمته، بينما كان مارت يأتي إليه متعللاً بأي شيء… فقط ليجلس بقربه. تذكر ضحكاتهما، أحاديثهما التي كانت تبدأ بلا سبب وتنتهي بلا نهاية، ثم تذكر ما كسره…
لحظة الصراخ. لحظة الصفعة. ونظرات مارت حينها… تلك النظرات المصدومة، المجروحة، التي لم تغادره يوماً.
عقد حاجبيه بألم، وأغمض عينيه كأن الذكرى أوجعته جسدياً. وضع يده المرتجفة على صدره، يشد قميصه بقوة، يحاول كبح ارتجاف قلبه. تمتم بصوتٍ مبحوح: “اهدأ يا جان… أنت بخير الآن.”
ثم فتح عينيه على صوت الضحك… ضحكات مألوفة تسللت من داخل المنزل، خفيفة، عفوية، كأن شيئاً لم يتغير….
تمتم وابتسامة شاردة ترتسم على وجهه: “لم يتغير شيء… لا زلتم تجتمعون كل عطلة. كم تغيّرتُ أنا، وكم بقي هذا المكان كما هو.”
فُتِح باب الصالة بهدوء، وخطا “جان” خطوة بطيئة إلى الداخل. ارتفعت الأنظار نحوه دفعة واحدة، كأنّ الزمن توقّف في لحظة، وتجسّدت الصدمة في أعين الجميع.
كان الجد أول من التفت إليه. شحب وجهه للحظة، وخفق قلبه بشدّة، كأنّه يريد أن يهرع لاحتضان حفيده، لكنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه، وتقدّم نحوه بهدوء متزن. صافحه ببرود، وقال بنبرة هادئة:
الجد (بجفاءٍ مشوبٍ بدهشة): “أهلاً بعودتك… يا جان.”
لم يتغير الكثير في الصالة. ذات الأرائك، ذات الرائحة، وذات الوجوه التي حفظ ملامحها ذات يوم.
تقدّم العم نحو “جان” وسلّم عليه بهدوء، تبعه ابن عمّه “مراد” بابتسامة مترددة، ثم “أركان” الذي اكتفى بإيماءة خفيفة، و”جميلة” التي حدّقت به بدهشة قبل أن تهتف:
جميلة (بذهول): “جان…! أنت حقاً هنا؟”
ردّ عليها بابتسامة هادئة، دون أن ينبس بكلمة.
اقتربت عمّته وعانقته بخجل، بينما اكتفى زوجها بمصافحة رسمية. وقالت زوجة عمّه بصوت منخفض:
“ظننتُ أنك لن تعود أبداً…”
لكن لم ينهِ أحد هذا الاستقبال كما فعل “ساردار”، الذي ما إن وقعت عيناه على “جان”، حتى نهض دفعة واحدة واحتضنه بقوة، وكأنّه عثر على كنز ضائع.
ساردار (بحماسة وانفعال): “كنت أعلم أنك ستعود… كنت واثقاً أنني سأراك من جديد!”
تجمّد “جان” بين ذراعيه، وعيناه تبحثان في الوجوه عن وجهين غائبين… لم يكن “مارت” هناك، ولا “إيليف”.
.
لكنّ صوت ضحكتها، إيليف، وصل من الخارج كجرسٍ بعيد يُوقظ ذكريات لم تمحَ.
دخل مارت حاملاً ماهر النائم على كتفه، وإيليف تسير بجانبه كظلّ، الضوء من باب الصالة يرسم ظلالهما على الأرض.
توقفا عند المدخل، وبينما وقع نظر مارت على ظهر جان الثابت على بعد أمتار، محاطاً بالحضور، اختفت ابتسامتهما الباهتة كما لو انطفأت فجأة، وارتجف قلبه في صدره كأنه يحاول الفرار.
التفت إليه جان ببطء، وعبر جسده انطلقت رعشة خفيفة، لكنه رفع رأسه بابتسامة ثابتة، باردة، متجنباً في الوقت ذاته النظر إلى إيليف.
قال بصوت هادئ لكنه مشحون: “مرحباً، مارت.”
وقف مارت صامتاً، وعندما حاولت إيليف التقدم، أمسَك كفها بيد حازمة لكن هادئة، كأنه يهمس لها: لا تفعلي.
بصوت بارد وخافت قال: “عن إذنكم، نحن متعبان… سنخلد للنوم… تصبحون على خير.”
غادر الصالة وهو يحمل ماهر و يمسك كف إيليف بيده الأخرى، والخطوات الثقيلة تتردد في قلب جان كطعناتٍ جديدة.
وقف جان ثابتاً، والبرد ينخر في عظامه، تمتم في صدره: “يبدو أن غليلك لم يشفى بعد… لم ينتهِ انتقامك، عزيزي مارت.”
تبدّد الصمت الثقيل حين صُدم سردار من ردّة فعل مارت، وبدا على وجوه الجميع التوتر والدهشة، لكن سردار حاول أن يكسر الجمود:
قال بصوت محاولاً استدعاء الحميمية: “جان، اجلس… لا بد أنك متعب.”
»»»»»»»»»»»»»»»»»
دخل مارت الغرفة حاملاً ماهر النائم على كتفه، وضعه برفق على السرير ثم جلس على حافته. رفع يديه إلى وجهه، غطّاهما كمن يحاول إخفاء حزنه العميق، ومرّر أصابعه ببطء كأنّه يمسح عبر جدارٍ من الألم غير المرئي. انحنى قليلاً، يتنفس بثقل، كأنّ كل نفسٍ يزفره يحمل عبء سنوات من الوجع والصمت. في تلك اللحظة، بدا وكأن الزمن قد تجمّد، والحياة كلها معلقة بين الذكرى والواقع.
وقفت إيليف أمامه، عيناها تلمعان بدموع مختبئة، وصوتها ينكسر بين الحيرة والألم: “لماذا، مارت؟ لماذا منعتني أن أتقدم إليه؟ لماذا تمنعني من أن أكون قريبة منه؟”
كانت كلماتها تتزاحم بين الشكوى والرجاء، كأنها تبحث عن جذر الألم الذي يعيقها عن الاقتراب مما كان يعني لها كل شيء.
نظر إليها مارت، يداه ترتجفان بشدة، وهو يشد قبضتيه في محاولة يائسة لاحتواء زلزال المشاعر في داخله. أجاب بصوت متهدج، يختنق بين الكلمات وكأنه يخوض معركة مع ذاته: “آسف، إيليف… لكن لا تتكلمي معه الآن. فقط دعيني أستجمع قواي أولاً ، أحتاج وقتاً لأفهم، لأستوعب ما رأيت…”
جلست بجانبه على السرير، وبدأت دموعها تنساب بهدوء، كأنها مياه عبر سدّ مكسور لا يمكن إيقافها. قالت بمرارة: “مارت… إنه هنا، حقاً … ليس ميتاً … لكنه تركني، تركنا كل تلك السنوات. “
تجمعت دموع مارت عند طرف عينيه، حاول كتمها مراراً، لكن صوته انكسر وهو يقول: “لا أصدق… أنني قد هنت عليه… … لم يشتق لي… … تركني أعيش مرارة فقده …تركنا ورحل”
نهض مارت متخبطاً، يعبث بعشوائية بالأدراج، كمن يحاول الفرار من وقع الحقيقة الثقيلة التي تلتصق به كظلال الماضي. قالت إيليف بقلق، تخشى أن يفقد توازنه: “مارت، ماذا تفعل؟”
نظرت إليه بدهشة وقلق، قالت : مارت، لقد تركتها منذ ولادة ماهر… منذ سنوات .”
وقف في منتصف الغرفة حائراً أصابعه تتخلل بين بخصلات شعره بقوة ، كأنّ الزمن توقف عنده، غارقاً في دوامة الألم والذكريات. نهضت إيليف، بخطوات هادئة تملؤها الحنان، وتقدمت نحو درج المرآة الأخير، فتحت الدرج، وأخرجت علبة سجائر قديمة وسلمتها له.
أخذها مارت، وخرج إلى الشرفة، جلس هناك في صمت مظلم، أشعل أول سيجارة له بعد غياب طويل، وأخذ نفساً عميقاً، ترك الدخان ينساب في الهواء كما تتسرب الكلمات التي لم يستطع قولها.
في الداخل، تمددت إيليف بجانب طفلها الصغير، تنظر إليه بعيون ملؤها مزيج من الحزن والأمل، تهمس بنعومة لا تخلو من وجع: “لقد عاد والدك، صغيري… عاد، لكن هل سيكون حاضراً؟ هل ستعود الأيام الجميلة التي حلمنا بها؟”
كانت تلك اللحظة ملحقة ببراءة الطفل ونقاء روحه، وسط دوامة القلوب المتعبة التي تبحث عن السلام.
يينما جلس “جان” وسط العائلة في الصالة، يشاركهم الأحاديث، يبتسم في الوقت المناسب، ويهزّ رأسه كما لو أنه حاضر بكل حواسه… لكن الحقيقة كانت عكس ذلك. جسده هنا، لكن قلبه ظلّ معلقًا في الطابق العلوي، عند باب تلك الغرفة، حيث يقيم “مارت”، حيث ترقد الصدمة، وتُحبس الكلمات، وتشتعل الأسئلة.
حاول “مراد” كسر الجمود بنبرة مرحة وهو يربّت على ساقه: “ساردار، يبدو أنك بحاجة إلى بطاقة إضافية. نحن الآن سبعة !”
ضحك “ساردار” بإحباط خفيف، وهزّ رأسه: “دعني أعثر على بطاقة واحدة أولاً… لم أتمكن من شراء حتى تذكرة واحدة.”
رفع جان حاجبيه مستفسراً: “بطاقات لأي شيء؟”
أجابه “أركان” بحماس لا يخلو من خيبة: “لحفل موسيقي! نحاول الحصول على تذاكر منذ أيام، لكنها نفدت تماماً.”
تدخّل والد “ساردار” بضحكة ساخرة، وهو يهز كتفيه: “لحفل المغني المجهول! لا أحد يعرف اسمه، لكنه فجأة أصبح حديث المدينة!”
اتّسعت عينا “جان” في صمت، وارتجفت ابتسامته، كما لو أن الزمن توقف للحظة… فهم الآن يتحدثون عنه، دون أن يعرفوا.
قال بنبرة خافتة، فيها شيء من الاختبار: “أظن أنني أستطيع تدبير بعض التذاكر.”
التفتت إليه العيون بدهشة، وتقدّم “أركان” بنبرة غير مصدّقة: “حقاً؟! لكنها بيعت بالكامل!”
ابتسم “جان” بخفة وهو يقول: “كم تذكرة تحتاجون؟”
ضحكت “جميلة” وهي تعدّ على أصابعها: “بوجودك… صرنا سبعة تماماً.”
نهض “جان” بهدوء واتّجه إلى الشرفة. الهواء الليلي كان يحمل معه شيئاً من الصفاء. أخرج هاتفه، وأجرى اتصالاً .
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 45"