عندما عاد لوكيوس إلى الخيمة، هرع الخادم لمساعدته في خلع درعه.
سرعان ما بدأ السجاد الفاخر يتلطّخ بدماء شخصٍ ما.
نظر لوكيوس إلى البقع الحمراء وهي تتسع، ووضع يده على جبهته بقوة.
“مضحك … رائحة الدّم كريهة إلى هذا الحد.”
على الرّغم من أنّه أراق الدّماء للبقاء على قيد الحياة، كان يعلم جيّدًا أنّ ذلك لا يُبرّر.
‘لكن يا أمّي، سأصبح وحشًا بكلّ سرور.’
لم يكن لدى لوكيوس أيّ نية للتنازل عن أيّ شيء لهارت أو ميلادي.
بعد قليل، ظهر شخصٌ ما بالقرب من لوكيوس، الذي أصبح يرتدي بنطالًا وقميصًا مريحين.
“سيّدي لوكيوس، هل تعاني من الصّداع مجدّدًا؟”
“اللعنة، أعطني الدّواء بسرعة.”
تناول لوكيوس الجرعة الخضراء التي جلبها هيرو مباشرة.
كانت الجرعة مرّة للغاية، فتجعّدت جبهته النّاعمة.
“طعمها بشع لدرجة تجعلني أرغب في قتل صانعها.”
مسح فمه بيده وتكلّم بنبرة باردة، فصرخت الخادمة بصوتٍ خافت وهربت خارج الخيمة.
تنهّد هيرو وهو يراقب الخادمة تفرّ.
“صاحب السّمو، كم خادمًا هذا؟”
“رأسي يكاد يقتلني، هل هذا أمرٌ مهم؟”
ردّ لوكيوس بنبرة منزعجة، فقد كان يعاني من صداع شديد منذ سنوات.
“أتساءل متى ستتحسّن حالتك.”
“ليس هذا ما يفترض أن تقوله الآن.”
ردّ لوكيوس بقسوة، فلوّح هيرو بيده.
“آه، أنا فقط آسف لأنّني الوحيد الذي يرى هذا الجانب منك.”
“اخرس.”
لم يكن هيرو دافئًا بطبعه، لكنّه هزّ رأسه برفق وهو يرى لوكيوس، الذي أصبح أكثر برودة بطريقة غريبة.
“بالمناسبة، لماذا تصرّفتَ هكذا سابقًا؟”
لم يرَ هيرو الموقف بنفسه، لكنّه استنتج الوضع تقريبًا من خلال ما نقله الفارس الحارس جيميني.
‘أمرٌ غريب حقًا.’
كان لوكيوس شرسًا في ساحة المعركة، لكنّه نادرًا ما كان كذلك مع المدنيين.
قيل إنّ الشّخص كان فتىً صغيرًا وضعيفًا.
“آه، تلك العينان.”
رمى لوكيوس الوعاء الفارغ وهو يلوي شفتيه ويتكلّم.
“لم تعجبكَ عيناه، أليس كذلك؟”
أومأ هيرو برأسه، متذكّرًا أنّ لوكيوس لم يمدح أحدًا قطّ.
وجد لوكيوس صعوبة في الموافقة على كلام هيرو، لكنّه لم يصحّحه.
‘لماذا تصرّفتُ هكذا؟’
كان كتفاها يرتجفان وشفتاها مليئتان بالجلد المقشّر ما زالا واضحين في ذهنه. كانت بالتأكيد سعيدة برؤية وجهه.
لم يرَ مثل هذه النّظرة منذ فترة.
‘أفكّر بأشياء لا داعي لها.’
قرّر التركيز على خطط القضاء على أعدائه.
“هيرو، استدعِ جيميني. يجب مناقشة الخطة القادمة.”
شعر هيرو بالضيق من معاملته كسائس في بعض الأحيان، فتذمّر.
“تتذكّر أنّني ساحر عظيم، أليس كذلك، صاحب السّمو؟”
“اخرس، هيرو.”
صرخ لوكيوس، فأومأ هيرو برأسه بتكاسل وغادر الخيمة.
***
كان لوكيوس، الذي ظهر أمام فريا، مختلفًا تمامًا عن صورته الملطّخة بالدّماء سابقًا. كان يرتدي قميصًا نظيفًا وبنطالًا أسود وعباءة قصيرة مزيّنة بخيوط ذهبيّة.
‘هل يظنّ أنّ هذا سيغيّر انطباعي الأوّل عنه؟’
أمسكت فريا العصا الخشبيّة وحاولت أداء التّحية بتكلّف.
لكن مظهرها المهدّد جعل لوكيوس يعبس.
“لن تضربينني بهذا، أليس كذلك؟”
“…بالطّبع لا.”
أنزلت فريا ذراعها بسرعة.
‘بالمناسبة، لماذا جاء إلى مغسلة الملابس؟’
كانت في حيرة، هل تستمرّ في عملها أم تتوقّف أمام صاحب السّمو؟
ألقت نظرة جانبيّة، فوجدت لوكيوس مستلقيًا على صخرة قريبة، يغطّي عينيه بيده.
‘ألا يوجد مكانٌ آخر للرّاحة؟ لماذا يستلقي هنا؟’
شعرت بعدم الرّاحة، لكنّها قرّرت مواصلة الغسيل. لكن حتّى وهي تلوّح بالعصا، كانت تشعر بوجوده خلفها.
‘أتمنّى لو يغادر بسرعة …’
كانت الشّائعات حول لوكيوس لا تُعدّ، وكلّها غريبة.
يقال إنّه يلعق الدّم من سيفه بعد قتل شخص.
ينام فوق أكوام الجثث.
إذا كان هناك من يخاف منه الموت، فهو لوكيوس.
هزّت فريا رأسها بقوّة وهي تتذكّر بعضًا من هذه الشّائعات.
‘كفى، لا فائدة من الارتجاف كالفأر.’
بعد شطف الغسيل عدّة مرات وتجفيفه تقريبًا، وضعته في السلّة واحدًا تلو الآخر، فتلاشت أفكارها المشتّتة.
‘هل سيكون العشاء اليوم عصيدة مع دهن؟’
قال آرتشر إنّ الطّعام هنا سيّء جدًا، لكنّها لم توافق.
‘على الأقل، الخبز هنا ليس متعفّنًا، والعصيدة تحتوي على قطع لحم أو خضروات.’
لو كان آرتشر صديقًا من دار الأيتام، لما تذمّر أبدًا.
‘الطّعام هنا لذيذ لدرجة أنّه ربّما كان سيأكل الوعاء نفسه.’
ابتسمت فريا سرًا وهي تضرب الغسيل بقوّة أكبر، مستمتعة بهذه الفكرة. تذكّرت مظهر آرتشر القوي وهو يحمل كومة الغسيل.
إنّه قوي جدًا. لو كنتُ أنا، لكنتُ اضطررتُ للذّهاب والعودة عدّة مرات.
تمتمت فريا لنفسها، وشعرت فجأة بتأثّر.
‘لم أكن أتوقّع أن يأتي مثل هذا الحظ.’
على الرّغم من تذمّره الدّائم، كان آرتشر شخصًا جيّدًا حقًا.
‘بالمناسبة، كيف حال لوتي؟’
تذكّرت آخر وجه رأته، وهي تحاول كبح دموعها بابتسامة مصطنعة.
أمسكت فريا قبضتها بقوّة نحو الفراغ.
‘سأجني الكثير من المال وآتي لأخذكِ قريبًا.’
للقيام بذلك، كان عليها العمل بجدّ أكبر. لن تصبح غنيّة إذا رفضت المهام البسيطة. رفعت فريا العصا أعلى.
في هذه الأثناء، بدا لوكيوس مستلقيًا براحة، لكنّ ذهنه كان مشوّشًا.
‘لماذا أتيتُ إلى هنا؟’
نادرًا ما كان يشعر بالفضول تجاه الآخرين، خاصّة إذا كانوا من العامّة.
حتّى مع شعرها القصير وبنطالها، لم يكن هيكلها الجسدي لشاب.
‘هذا أمرٌ غريب حقًا.’
شعورٌ غامض هو ما جذبه إلى هنا أثناء استراحته. ربّما تكون هذه المرأة المشبوهة مرتبطة بالسّاحر الذي وظّفته ميلادي.
‘يجب اقتلاع أيّ شيء مشبوه من جذوره.’
لهذا السّبب أمر بمراقبة تحرّكاتها.
“…همم.”
تحرّكت حاجبا لوكيوس الغليظان عندما سعل بلا داعٍ.
قيل إنّ المرأة التي تضرب الغسيل بحماس تعيش هنا على المهام البسيطة.
‘كيف تستطيع التركيز على مثل هذا العمل بينما أنا هنا؟’
أليس هو الوريث الشّرعي لإمبراطوريّة مورسياني؟
شعر لوكيوس بالإهانة لعدم إظهارها أيّ اهتمام به.
مدّ يده ولمس وجهه قليلًا.
‘هل أضرّت ساحات القتال بمظهري؟’
كانت النّساء تخاف منه، لكنّهنّ أيضًا كنّ يرغبنه بحرارة.
منذ أن بدأ ينضج، كانت النّظرات المتوهّجة تُرهقه.
‘ليس شعورًا جيّدًا أن يتمّ تجاهلي.’
عندما لم تنظر إليه حتّى بعد تحرّكه، قرّر لوكيوس بحزم.
‘سأجعلها تنظر إليّ مهما كلّف الأمر.’
خلع لوكيوس قميصه و مشى ببطء نحو فريا.
في هذه الأثناء، كانت فريا قد بدأت تركّز على عملها بصعوبة، عندما سمعت صوت خطوات على العشب.
بما أنّهما كانا الوحيدين هنا، فلا بدّ أنّه صاحب السّمو.
‘ما الذي يحدث؟ لماذا يقترب؟’
هل ينوي قطعها بالسّيف ولعق دمائها؟
أمسكت فريا العصا بقوّة وهي ترتجف، عاقدة العزم على ضربه على رأسه إذا حاول شيئًا.
تذكّرت أنّ عقوبة قتل أحد أفراد العائلة المالكة هي قطع الرّأس، لكنّها أغمضت عينيها بقوّة.
‘سأفكّر في الأمر لاحقًا.’
لكن بعد فترة، لم يحدث شيء، فنظرت جانبًا بحذر.
رأت لوكيوس يخلع قميصه وينحني.
“صاحب السّمو …؟”
لماذا يتجوّل عاريًا؟
بينما كانت فريا في حيرة، تكلّم لوكيوس ببطء.
“…هيّا.”
كانت فريا مستعدّة للمراهنة بكلّ ما تملك على أنّ الشّائعات عن جنونه صحيحة. من النّادر أن يقدّم أحد ظهره بهذه الطّريقة.
‘ليس نادرًا، بل مستحيل، على الأرجح.’
نظرت فريا بتردّد و سألت للتأكّد.
“صاحب السّمو، هل تطلب مني غسل ظهرك؟”
“إذن، ماذا يبدو لكِ أنّني أطلب؟”
عندما تدفّق صوته البارد من شفتيه، تقلّصت كتفاها.
لا يجب أن تنسى أنّه ليس آرتشر، بل أمير الإمبراطوريّة.
“…حسنًا.”
ملأت فريا دلوًا صغيرًا بالماء وبدأت غسل ظهره بحذر.
رذّت الماء برفق على ظهره ويداها ترتجفان. لم تفكّر حتّى في استخدام الفرشاة.
‘إذا بلّلتُ بنطاله، قد يستغلّ ذلك لقطع رأسي.’
لم تفهم لماذا أغضبته.
‘آه، النّاس لديهم طرقٌ مختلفة لتعذيب الآخرين.’
تمتمت بالشتائم في سرّها دون أن تتفوّه بها.
لاحظت ندبة هائلة على رقبته، تبدو كأنّ ثعبانًا التفّ حولها، كبيرة ومروّعة.
‘لماذا يوجد مثل هذا على جسد شخصٍ ثمين؟’
كان من الواضح مدى الألم الذي عانى منه وقتها.
‘لا أعرف شيئًا عن آداب البلاط، لكنني أعرف شيئًا عن الضّرب.’
شعرت بألم في ندبتها على جبهتها وأنفها يشتدّ.
‘أميرًا كان أم لا، الألم هو نفسه.’
استفاقت فريا فجأة ورذّت بقيّة الماء من الدلو. لكنّها لم ترَ لوكيوس يستقيم مجدّدًا. انتهى الأمر بتطاير الماء على وجهه مباشرة.
“آسفة ، آسفة!”
لم تستطع فريا حتّى النّظر إلى وجه لوكيوس، الذي أصبح كفأر مبلل.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"