2
الحلقة 2
صوت ناعم لكنه قوي.
من الواضح أنه صوت جميل.
لكن ما كان يقوله لم يكن مفهوماً على الإطلاق.
لم يكن شيئاً يمكن استيعابه.
“م… ماذا…؟”
“ما الذي تريدينه.”
“ما الذي أريده…؟”
“الزواج.”
تساءلت في نفسها بسخرية، لماذا تسأله عمّا تريده.
ثم فجأة اتسعت عيناها.
ما الذي سمعته للتو؟
جواب الرجل كان صادماً لدرجة أنها استعادت وعيها كليًا.
“…ماذا؟”
“كنتِ تنوين الزواج بي، أليس كذلك؟ ولهذا أنتِ تُحدثين هذه الفوضى لأنني لم أقبل؟ أنا أيضًا لدي ذرة من الإنسانية. إذا كان لا بد أن نحقق أمنيات الأموات، ألن أحقق على الأقل أمنية واحدة لإنسانة ما زالت حية؟ لم أكن أعلم أنكِ تتمنين هذا بشدة. لذا، فلنفعلها.”
نظرت أونسو إلى الرجل الذي ظهر فجأة وبدأ يوجه لها اللوم بعيون ثابتة من بين خصلات شعرها.
ما الذي يهذي به؟
في تلك اللحظة رن هاتف الرجل.
نظر إلى الرسالة، وقطّب حاجبيه.
كانت صورة لامرأة بوجه غريب تحت أضواء ساطعة.
والكلمات المرفقة بالصورة كانت أسوأ.
[بما أننا خرجنا من أجل موعد، دعنا نُظهر للعامة أننا قضينا وقتاً ممتعاً. سأقضي الليلة وأنا ألهو بحق، دعنا نكسب كلانا.]
عندما نظر جيداً، بدا أن الصورة ملتقطة في نادٍ ليلي.
“ما هذا… لم تذهبي إلى نهر الهان، بل إلى نادٍ ليلي؟ ها. إذًا الآن…”
بينما كان الرجل يحدق مذهولاً في الهاتف، دفعت أونسو ذراعه عنها، ورفعت شعرها المبتل خلف أذنيها ووقفت بثبات.
ثم رفع الرجل رأسه.
وأخيراً، نظر كل منهما إلى الآخر مباشرة.
الرجل بدا طويلاً، ونحيلاً قليلاً، لكن ذا بنية جيدة.
وجهه كان أبيض ونحيفاً، لكن لم يكن هادئاً تماماً، بل فيه بعض التمرد.
عيناه الكبيرتان رغم الجفن الأحادي جذبتا الانتباه، بطريقة غريبة تجعل الناظر مشدوهاً.
كان وجهه يبدو طيباً من جهة، وجدياً من جهة أخرى، ومع ذلك، لم يخلُ من روح الدعابة.
أونسو شدّت عينيها.
رجل ظهر فجأة، وأنقذها من الموت.
ثم بدأ يتحدث بأحاديث غريبة.
من أنت بحق الأرض؟
“هل تعرفني؟”
في عيني الرجل الذي رأى وجهها، غو هي جون، بدأ يظهر بعض التركيز شيئاً فشيئاً.
وقف حائراً، عاجزاً عن نطق الكلمات التي تراود فمه، ثم ضحك فجأة.
كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث؟
ظنّ أن الفتاة التي كان من المفترض أن يقابلها أرادت الانتحار، فترك سيارته وركض مسرعاً، ليجدها هي هنا.
التقينا فعلاً هنا.
أخيراً، التقينا بهذا الشكل.
كلما فكر أكثر، بدت له هذه الحالة غير قابلة للتصديق.
“أعرفك.”
“تعرفني؟”
“نعم. جو أونسو.”
“هاه…”
شعر جسد أونسو بالقشعريرة.
هل أنا أرى وهماً الآن؟
أم أنني ميتة بالفعل، ولم يتبقَ سوى روحي؟
هل هو حارس الأرواح؟
كيف يعرف هذا الرجل الغريب اسمي، وينقذني، ثم يطلب مني الزواج؟
لا تعرف كيف تتقبل هذا الوضع الغريب.
هو من أنقذ حياتها، نعم، لكنها لم تستطع التراخي أمامه.
نظرت إليه مباشرة بعينين حادتين.
“أنا لا أعرفك. ولا أفهم كلمة مما تقوله.”
مرر يده في شعره المبلل، واقترب منها خطوة.
“مدرسة هوانغ غوم ني المتوسطة. غو هي جون. ألا… تتذكرين؟”
“غو هي جون؟”
“نعم. غو هي جون. قبل 15 سنة، وعدنا أن نلتقي هنا، على جسر مابو، ونتزوج. ظننت أن سبب محاولتكِ الانتحار هو تأخري. لكن… لم يكن الأمر كذلك. هذا مريح، لكنه… محبط قليلاً أيضاً.”
مدرسة هوانغ غوم ني كانت بالفعل مدرستها.
هذا الرجل، الذي يعرف اسمها ومدرستها، من يكون بحق السماء؟
ويقول إنهما اتفقا على الزواج من 15 سنة!
كلما حاولت التذكر، لم تجد أي شيء.
حدّقت بأعين مندهشة في هي جون الذي يواصل الحديث بما لا تذكره أبداً.
“أنا لا أعرفك. لا شخصاً يُدعى غو هي جون، ولا أي وعد من هذا النوع.”
“ولا أنا أعرف. ولا أتذكر أي وعد. إذًا، لماذا كنتِ على وشك الانتحار هنا؟”
“ليس من شأنك أن تعرف.”
أخفضت أونسو رأسها وتنهدت، ثم رفعت وجهها ببطء.
ظل هي جون يحدق فيها بصمت.
حدقا ببعضهما لفترة، دون أن يتبادلا أي كلمة.
وبينما استمر هذا الصمت الثقيل، لم تتوقف السماء عن المطر.
ثم سُمع صوت صفارات الإنذار من بعيد.
شدّ هي جون يدها.
“هيا.”
“إلى أين؟”
“ألا ترين؟”
يبدو أن أحدهم أبلغ عن محاولة انتحار، فقد كانت سيارة شرطة تقترب منهما.
“هل تريدين الذهاب بهذا الشكل والتحقيق معك؟ أو يخضعوكِ للعلاج النفسي؟ أم تذهبين معي؟”
أونسو نظرت إلى نفسها أخيراً. كانت مبللة تماماً، تبدو بحالة مزرية ومضحكة.
لا يمكنها الذهاب إلى مركز الشرطة بهذا الشكل، ولا يمكنها شرح أي شيء.
وكان المكان قريباً من مقر عملها.
لو رآها أحد، ستكون كارثة.
رغم أن الليلة كانت صيفية، إلا أن البرد كان شديداً بسبب رياح النهر والمطر.
جسدها كان يرتجف بالكامل، ولم تستطع حتى الوقوف بثبات.
“لا أستطيع أن أقول إنني أشعر بالسعادة بلقاء شخص لا يتذكرني، وبشخص على هذه الهيئة… لكن على الأقل، سأوصلكِ. إلى بيت جو أونسو.”
وفي النهاية، قبل وصول الشرطة، تبعت هي جون وتوجها إلى سيارته.
أجلسها في المقعد الأمامي، ووضع حقيبتها في صندوق السيارة بعناية.
ثم قاد سيارته بانسيابية وسط الزحام.
“أين بيتك؟”
“…”
رغم حرارة الصيف، شغّل المدفأة، وأخرج منديلًا من جيبه وناوله لها.
“إلى أي اتجاه؟”
“…”
كرر سؤاله.
لكن أونسو ظلت صامتة، تشد شفتيها.
السيارة خرجت من جسر مابو وبدأت تدور بلا هدف.
“إن لم تخبريني حتى أعد لثلاثة، سنذهب إلى بيتي. واحد… اثنان…”
ولمّا لم تتكلم، بدأ يقول “ثلاثة”، حينها نطقت فجأة.
“لا يوجد”
“ماذا؟”
كان الضوء الأحمر قد ظهر أمام السيارة.
توجهت عينا هي جون إليها بدهشة كبيرة.
“لا يوجد لدي بيت.”
ساد الصمت داخل السيارة.
كلماتها خرجت هادئة وحاسمة.
وكأن ما قالته حقيقة بالفعل.
“تحت سماء سيول الواسعة هذه… لا يوجد منزل ل جوي أونسو.”
ما الذي تقوله الآن؟
كانت إجابتها مذهلة لدرجة أن هي جون ضرب جبهته بإصبعه محاولًا التفكير.
كيف يمكن فهم قولها إنه لا يوجد لديها بيت؟
ولماذا لا تملك بيتاً؟
كيف عاشت جو أونسو البالغة من العمر تسعة وعشرين عامًا كل هذا الوقت؟
ما الذي حدث معها لتقول إنه ليس لديها مكان تأوي إليه، حتى فكرت في الموت؟
كيف يمكنها أن تستهين بحياتها الوحيدة بهذا الشكل؟
لم يفهم كل شيء، لكنه أدرك شيئاً واحداً:
أنتِ الآن حزينة جداً… ومتألمة. يا جو أونسو.
شعر فجأة بثقل في صدره.
ومع ذلك، كتم ذلك الإحساس.
“لا تقولي إنك هربت من البيت وأنتِ في التاسعة والعشرين؟ آه، صحيح. لذلك معكِ حقيبة سفر.”
“ليس كذلك.”
كان يحاول التخفيف من الجو الثقيل بالمزاح، لكن نبرة أونسو المؤلمة جعلته يشعر بالحرج.
“إذًا؟ ما السبب؟”
“فقط… لا يوجد.”
“هاه…”
أجوبتها المبتورة جعلته يشعر بالضيق، لكنه أدرك أنه حتى لو أصر، لن يحصل على جواب.
“بما أنكِ لم تجيبي حتى العد إلى ثلاثة، سنذهب. إلى بيتي.”
قاد السيارة باتجاه منزله.
“اسمع.”
“نعم؟”
“شكرًا لإنقاذي قبل قليل. آسفة لأنني لم أشكرك فوراً. لكن،”
توقفت فجأة وهي تتحدث.
انتبه هي جون متوقعًا شي
ئًا مهمًا.
“لكن؟”
“الشكر شكر… لكن إن مررنا على حمّام ساونا، أنزلني هناك.”
“أنقذتُ شخصاً كان على وشك الموت، فهل الشكر بالكلام فقط يكفي؟”
“حسناً، وماذا؟ أأرشحك لجائزة المواطن الشجاع مثلاً؟”
“لا، ليس شيئاً من هذا القبيل.”
“……”
“لنتزوج.”
“ماذا؟”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 2"