Chapters
Comments
- 1 2025-07-25
في وسط بحر تعصف به الرياح والمطر، كانت سفينة صغيرة تتأرجح بخطورة. رايلي، التي كانت تراقب ذلك المشهد، اندفعت فجأة إلى الأمام وهي تصرخ بيأس:
“أمي! أبي!”
كانت رايلي تعرف جيدًا ما سيؤول إليه مصير تلك السفينة. والداها، اللذان كانا على متنها، سيفقدان حياتهما في هذا الحادث. حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن تغير المستقبل الذي كانت تراه أمامها، لكنها لم تستطع الاقتراب خطوة واحدة.
“آآه! أمي، أبي! لااا!”
وفي النهاية، انقلبت السفينة تحت وطأة الأمواج العالية وبدأت تغرق تدريجيًا. جلست رايلي على الرمال منهارة، تراقب السفينة وهي تغوص بسرعة في أعماق البحر، والدموع تنهمر من عينيها بلا توقف.
لقد أخذهم المطر، والريح، وتلك الأمواج العاتية. وبعد وقت، كانت رايلي ترتدي ثياب الحداد، جالسة تنظر إلى التابوت الفارغ الموضوع في وسط الكنيسة. لم يُعثر على جثتي والديها، فقد ابتلعهما التيار تمامًا دون أن يترك لهما أثرًا.
رايلي، التي كانت تحدّق في التابوت الذي يرمز فقط لغياب والديها، شعرت بدفء في يدها، فاستدارت.
كانت أختها الكبرى، ليديا، تجلس إلى جوارها، بعينين تائهتين لا تزال غير مدركة لما يحدث.
‘لا بأس… ما دمت أملك أختي.’
رايلي كان لديها أخت حنونة تُدعى ليديا. ومع وجود ليديا، شعرت أن بإمكانها النجاة في هذا العالم رغم اختفاء والديهما.
“…رايلي؟”
نظرت ليديا من حولها بعينين مرتبكتين لبعض الوقت، ثم وجهت بصرها نحو رايلي. لكن تلك النظرة الحنونة المعتادة بدت وكأنها تنظر إلى شخص غريب، كأنها لا تعرفها.
“أ… أختي؟”
شعرت رايلي أن ليديا على وشك أن تختفي، فتمسكت بيدها بشدة وكأنها تخشى فقدانها.
راقبت ليديا تصرف أختها بصمت، ثم نظرت إلى يدهاما المتشابكة بنظرة مترددة، قبل أن تدير وجهها. لكنها لم تفلت يدها.
ظلت رايلي تراقبها بقلق. صحيح أنها تمسك بيدها الآن، لكن شعورًا داخليًا أخبرها أن ليديا قد تتركها في أي لحظة. لهذا السبب، وبنظرة حازمة، فتحت رايلي فمها وقالت:
“أختي، من الآن فصاعدًا، لن أشتكي من الطعام، وسأتفاهم جيدًا مع أصدقائي… لذا، لا تتركيني، أرجوك، لا ترحلي، حسنًا؟”
لكنها لم تتلقَ أي رد. ازداد شعورها بالقلق، فاستدارت لتنظر إلى جانبها.
ولكن حين أدارت رأسها، لم تجد أحدًا بجانبها. لقد اختفى الدفء الذي كانت تشعر به في يدها الصغيرة.
فجأة –
استيقظت لايلا من نومها على الأريكة، مبللة بالعرق البارد.
“هاه… هل كان كابوسًا؟”
بدا أنها رأت كابوسًا، لكنها لم تستطع تذكره جيدًا. وبينما كانت تحاول استرجاع تفاصيل الحلم، نهضت من مكانها بشعور غريب من القلق، وصعدت إلى الطابق العلوي لتتحقق مما إذا كانت أختها قد عادت إلى المنزل بعد أن خرجت بادعاء أن لديها موعدًا بعد العمل.
“أختي؟ هل عدتِ؟”
فتحت باب الغرفة دون أن تطرق بدافع القلق، لكن سرعان ما تجمدت ملامحها وهي ترى السرير الخالي. ملمس الشرشف البارد على راحة يدها كان يخبرها أن ليديا لم تعد حتى الآن، رغم أن الساعة تجاوزت الخامسة فجرًا.
“أختي!”
نزلت رايلي إلى الطابق السفلي وهي مغمورة بالقلق، وخرجت من المنزل دون أن ترتدي شيئًا إضافيًا، عازمة على البحث عن أختها. لكنها توقفت فجأة حين رأت ورقة صغيرة موضوعة على الطاولة.
“هل كانت… هذه هنا من قبل؟”
دنا قلبها من التهالك، لكنها سارعت إلى فحص الورقة، متوقعة أنها من ليديا.
[أنا آسفة، رايلي. لم أعد أملك القدرة على التحمل.]
بدأت عينا رايلي ترتجفان وهي تحدق في الرسالة القصيرة. تمايلت رؤيتها وكأن زلزالًا أصابها. ترنحت بفعل الدوار، قبل أن تنهار جالسة وهي تتكئ على الجدار.
“لا… هذا مستحيل. أختي لا يمكن أن تفعل هذا.”
ظلت تكرر نفيها، ولكن الدليل الصريح بين يديها كان أكثر من واضح. بدأت عيناها تحمران، وانهارت الدموع على الأرض.
“هههق… هههك—”
لقد هربت أختها.
اجتاحت الحقيقة القاسية رايلي كما فعلت الأمواج حين ابتلعت والديها ذات يوم.
تيك–تاك–تيك–تاك.
كان صوت عقارب الساعة في غرفة ليديا الخالية يتردد بوضوح غير مألوف. الشمس كانت قد أشرقت منذ وقت طويل خلف النافذة. كان من المفترض أن تخرج إلى الميناء في وقت الفجر لتبدأ العمل، لكنها لم تستطع فعل ذلك اليوم.
“…أختي.”
جلست رايلي تحدق في لفائف الكِمباب التي كانت قد أعدتها مسبقًا للبيع في الصباح. طبقت طبقة من الأرز على ورقة من الأعشاب البحرية السوداء، ثم أضافت فوقها مكونات متنوعة. هذا الطبق، الذي لم يكن موجودًا في هذا العالم من قبل، كانت من ابتكار ليديا.
بينما كانت تحدق في الكِمباب، امتلأ عقل رايلي بذكريات أختها. غمرها الحنين والحزن، واسترجعت ذلك اليوم الذي ابتكرت فيه ليديا الكِمباب لأول مرة.
كان ذلك بعد جنازة والديهما. بعد أن انزوت ليديا لفترة داخل غرفتها حزناً وارتباكاً، خرجت في يومٍ ما ونادت على أختها الصغيرة:
“رايلي، هل نذهب إلى السوق؟”
فرحت رايلي الطفلة لرؤية أختها بعد طول غياب، وأمسكت بيدها دون تردد. لكنها سرعان ما أدركت أن الرحلة لم تكن كما توقعت.
فرغم أنها هي من اقترحت الخروج، إلا أن ليديا لم تهتم برايلي على الإطلاق. كانت تسأل البائعين عن أطعمة بأسماء لم يسمع بها أحد من قبل.
“هل لديكم شيء يُدعى كيمتشي؟ إنه طبق يُصنع من الملفوف الحار…”
“أول مرة أسمع بهذا الاسم.”
“وماذا عن صلصة تُدعى غوتشوجانغ أو دوينجانغ؟”
“لا نعرفها. ما بكِ اليوم يا ليديا؟ تتصرفين بغرابة.”
كانت ليديا تبحث عن شيء ما، تتنقل من بائع لآخر وكأنها تتبع أثرًا مفقودًا. استغرب البائعون الذين يعرفونها منذ مدة من تصرفاتها.
وحين أدركت نظراتهم، أمسكت يد رايلي وسارعت بالخروج من السوق. كانت خطواتها سريعة جدًا، إلى درجة أن رايلي لم تستطع مجاراتها، وسقطت في وسط السوق رغم أنها كانت تمسك بيد أختها.
شعرت رايلي بالخذلان. أختها، التي كانت تُعدّ كل ما تبقّى لها بعد وفاة والديها، لم تعد كما كانت.
تجمعت الدموع في عينيها، لكنها لم تبكِ. كانت تخشى أنه إذا بكت، فقد تتركها أختها أيضًا.
انخفضت ليديا إلى مستوى نظرها، واعتذرت بصوت مرتجف:
“أنا آسفة… فقط… أنا أيضاً أشعر بالضياع الآن…”
ثم حملتها على ظهرها بصمت. لم تتبادل الأختان أي كلمة في طريق العودة، ورايلي شعرت برعب صامت يملأ المسافة بينهما.
وفي طريق العودة، توقفت ليديا فجأة، ورايلي نظرت إلى الاتجاه الذي كانت ليديا تنظر إليه.
“…إنها الأعشاب البحرية.”
اشترت ليديا ورق “الكِم”، ثم اشترت الأرز، الخضروات، ونقانق طويلة، وعادت إلى المنزل.
ما إن دخلت البيت حتى ارتدت مريولها وبدأت الطهي. فردت الأرز على ورقة الكِم، أضافت الخضروات المقلية والنقانق، وبدأت في لفه.
كانت رايلي تنظر بدهشة، لم ترَ أختها تطبخ من قبل. وكانت المحاولة الأولى فاشلة.
“جدتي كانت تلفها هكذا…”
همست ليديا وهي تكرر المحاولة. أرادت رايلي أن تسأل: “هل كان لدينا جدة؟ هل أعدّت لنا مثل هذا من قبل؟” لكنها لم تتكلم. فقط راقبت.
وبعد محاولات عدة، نجحت أخيرًا.
قطعت اللفائف إلى شرائح، وقدمت واحدة لرايلي.
“جربي.”
نظرت إليها بتردد، لم تكن ترغب بتناول شيء لا تعرفه. لكنها خافت أن تكرهها أختها إن رفضت، فأغلقت عينيها ووضعت القطعة في فمها.
وما إن بدأت تمضغ حتى فتحت عينيها فجأة. كان الطعم لذيذًا على عكس ما توقعت.
“واو! هذا لذيذ جدًا، أختي!”
“حقاً؟ الحمد لله.”
“كيف صنعته؟ هل ابتكرتِه بنفسك؟ هذا مذهل!”
لكنها لم تستطع مواصلة الأسئلة. بدا وجه ليديا على وشك البكاء وهي تحدق في اللفائف.
كانت نظراتها مليئة بالشوق.
“ما اسم هذا؟”
“…كِمباب.”
“فهمت. كِمباب لذيذ جدًا، أختي!”
هذا كل ما استطاعت الطفلة رايلي قوله. لكن كلماتها بدت كأنها قدمت بعض العزاء لليديا، التي ارتسمت على شفتيها ابتسامة باهتة. فسألتها رايلي، تخفي خوفها:
“ستصنعينه لي مرة أخرى، أليس كذلك؟”
“…”
لم تجب ليديا، بل اكتفت بهز رأسها ببطء.
منذ ذلك اليوم، عادت ليديا للاهتمام برايلي كما كانت تفعل في السابق.
لكن خلف حنانها، كانت هناك فراغات تزداد اتساعًا. وعاشت رايلي في خوف دائم من أن تختفي أختها يومًا.
حاولت إنكار ذلك. أقنعت نفسها أن هذا وهم.
لكن ليديا اختفت بالفعل.
وتركت فقط… ورقة قصيرة.
“أختي… لقد…”
رايلي، التي صُدمت بالواقع القاسي، بدأت تفقد صوابها.
“…تخلت عني.”
طَرقٌ… طَرق…
دوّى صوت الطرق على الباب في أرجاء المنزل الهادئ. انتفضت رايلي، وركضت إلى الطابق السفلي على أمل أن تكون أختها قد عادت.
“أختي!”
فتحت الباب، وهي مليئة بالتوقع، لكن من كان أمامها لم يكن ليديا.
“…لماذا أنتم هنا؟”
كانوا “الثلاثة”، الذين لطالما ضايقوا ليديا.
أولئك الذين ربما… دفعوها للهرب.
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات