الفصل 85

 

 

 

تجعّد وجه مونتي بشدّة عندما سمع صرخة إيثيل.

 

بسبب طلب والده الماركيز سويفت، لم يكن يعلم حتى أن إيلان قد عاد إلى فونيت.

 

“إذن، تركتم سموّه هناك وحيدًا؟”

 

“هل تظنّ أنني أردتُ ذلك؟ ذئب الغابة ظهر فجأة!!

ذئب الغابــ”

 

عندما بدأت إيثيل تبحث حولها عن ذئب الغابة الذي أحضرها إلى هنا، أخبرتها هيلدا عن مكانه.

 

“اختفى فور أن أنزلكِ.”

 

“كيف وصل إلى فونيت…؟”

 

“يجب أن نذهب إلى المعبد فورًا. حتى سموّه لا يستطيع مواجهة الوحش بمفرده.”

 

عندما بدأ مونتي يتحرّك بسرعة، شعر لوكاس بشيء غريب. سأل بعبوس شديد:

 

“ما معنى هذا؟ وحش…؟”

 

تنهّدت كايرا وهي تنظر إلى لوكاس الذي لا يعرف شيئًا.

 

“إن ذهبتَ إلى حفل التتويج الآن، ستُفترس من الوحش دون شك.”

 

“ما هذا الهراء؟ من أين أتى وحش في فونيت؟”

 

“هو موجود. لقد رأيته للتو.”

 

تدخّلت إيثيل أخيرًا. لم تكن لتسمح لمونتي ولا لوكاس بالعودة إلى المعبد. 

 

إذا تأخّروا أكثر، سيكون إيلان في خطر.

 

“لنبدأ. لم يعد لدينا وقت للتأخير.”

 

“ماذا؟ ماذا سنفعل؟”

 

بدا لوكاس مرعوبًا وهو يرى الوضع يزداد جديّة.

 

عبّرت كايرا في سرّها عن تعاطفها مع دوق فلينت الذي لديه وريث جبان.

 

“وحش ظهر في فونيت، ألا يجب أن نزيله؟”

 

“وكيف سنفعل ذلك؟”

 

“ليس نحن من سيفعل…”

 

“إذا نظرتم إلى الأرض، ستجدون شعارات العائلات. قفوا عليها.”

 

قرّرت هيلدا بدء الطقس قبل أن يضيّع لوكاس المزيد من الوقت.

 

تبعت كايرا ومونتي وديرايلا تعليمات هيلدا ووقفوا في أماكنهم.

 

في النهاية، اضطر لوكاس المتردّد للوقوف على شعار عائلة فلينت المُشكّل على شكل لهب.

 

وقفت إيثيل ببطء أمام المذبح في المنتصف، وبدأت هيلدا بتلاوة صلاة.

 

“تتدفّق النجوم فتصير ريحًا.”

 

تحرّكت إيثيل نحو مكان مونتي مع صوت هيلدا.

 

“والريح تُطيّر الأرض.”

 

تحرّك مونتي نحو مكان ديرايلا.

 

“والأرض تغطّي الماء، والماء يبتلع النار.”

 

ثم تحرّكت ديرايلا إلى مكان كايرا، وكايرا إلى مكان لوكاس.

 

“والنار تُحرق الريح.”

 

عندما وقف لوكاس على شعار عائلة سويفت حيث كانت إيثيل تقف، بدأ المذبح يُصدر ضوءًا خافتًا. 

 

بينما اتسعت أعين الجميع دهشة، استمرت صلاة هيلدا.

 

“تتدفّق النجوم فتصير ريحًا، والريح تُطيّر الأرض، والأرض تغطّي الماء، والماء يبتلع النار…”

 

كرّرت هيلدا الصلاة حتى عاد الجميع إلى شعارات عائلاتهم.

 

“…والنار تُحرق الريح.”

 

وعندما وقف لوكاس أخيرًا على شعار عائلة فلينت حيث كانت إيثيل، بدأ المذبح يُضيء بشدّة.

 

“فتصير تلك الدوّامة نجمًا مجدّدًا.”

 

اقتربت إيثيل من المذبح مرة أخرى مع صلاة هيلدا. كان الضوء يتراقص كبخار يغلي.

 

“أولئك الجميلين…”

 

بينما كانت هيلدا تُنهي الصلاة، تداخل صوت إيثيل.

 

“…لينظروا إلى ثمرتهم.”

 

على الرغم من أن الصوت كان صوتها، شعرت إيثيل كأن شخصًا آخر يتكلّم. 

 

 

في لحظة ذهولها وهي تأخذ نفسًا عميقًا، ارتفع عمود من الضوء من المذبح.

 

في نفس الوقت، رأى مارسيليوس وإيلان عمود الضوء يرتفع من الدير. 

 

اخترق الضوء الظلام الذي كان يغطّي سماء فونيت في لحظة، مما جعلها مشرقة.

 

ارتفعت معنويات فرسان نورتون الذين كانوا يكافحون ضد الوحش الجامح.

 

“الآن! لا تدعوا واحدًا يفلت!”

 

“وآآآ!”

 

تحت الشمس الساطعة، لم يفوت فرسان نورتون الوحوش المتردّدة. 

 

بدأوا يقطّعونها بأوامر أوسويل، رغم أن بعض أعضاء الفرقة، بما في ذلك القائد فيديكس درواز، بقوا في القلعة الكبرى بسبب الإصابات.

 

في المقابل، اضطر مارسيليوس، الذي كان يستعير قوة الوحش، لصدّ سيف إيلان الذي هاجمه بصعوبة. 

 

نظر مارسيليوس إلى السيف الأسود عريض النصل، وتسرّبت ابتسامة ساخرة من بين أسنانه.

 

“أعرف هذا السيف جيدًا.”

 

“يبدو أنك لا تزال قادرًا على التحدّث.”

 

“هذا السيف الذي استخدمه والدك عندما مات لينقذك.”

 

غرقت عينا إيلان الزرقاوان بالغضب، لكن مارسيليوس استمر في الكلام.

 

“في ذلك الوقت، استخدم والدك هذا السيف ليختمني. لكنه فشل في النهاية.”

 

“اخرس.”

 

“لقد راهن بحياته لاستدعاء إيثير… أمر مؤسف، أليس كذلك؟”

 

أمسك إيلان السيف بقوة أكبر ودفع بقوة. رنّ صوت احتكاك المعدن في أذنيه.

 

“لن ينتهي الأمر بالفشل هذه المرة.”

 

“حقًا؟”

 

تحرّكت عينا مارسيليوس نحو الجوهرة المرصّعة في مقبض سيف إيلان.

 

كانت الجوهرة، التي كانت أرجوانية باهتة عند وصوله، شفافة كالزجاج الآن.

 

في تلك اللحظة، انعكس إيلان ذو الشعر الذهبي اللامع في عيني مارسيليوس الذهبيتين.

 

تراجع إيلان مندهشًا من مظهره الغريب.

 

“يبدو أن إيثير اختارت الخيار الخاطئ.”

 

ابتسم مارسيليوس، الذي أصبح شعره أسودًا كالليل.

 

“عودة كل شيء إلى مكانه تعني أن قوتي عادت بالكامل.”

 

بدأ مارسيليوس ينبعث منه هالة مظلمة أقوى من قبل. انقلبت الموازين مجدّدًا كما لو كانت كذبة.

 

 

 

‌‌*⁩ ‌‌*⁩ ‌‌*⁩

 

 

“لا، لا يمكن…!”

 

هزّت إيثيل رأسها بعنف كمن استيقظ من ذهول.

 

شعر كايرا والبقية أن تصرّفها غريب، لكنهم لم يتحرّكوا خوفًا من أن يختفي عمود الضوء إذا غادروا أماكنهم.

 

كانت إيثيل لا تزال ترى من خلال عيني ذئب الغابة.

ذئب الغابة، الذي أنزلها هنا واختفى،

 

اتجه إلى المعبد. تغلّب الذئب بسهولة على الوحش الجامح وهاجم هالة مارسيلوس المظلمة.

 

”هذا هو نورتون الحقيقي…”

 

استعاد مارسيلوس شكله الأصلي وهدّد إيلان بظلام أعمق وأكثر كثافة.

 

”أيها الذئب اللعين!”

 

استدار مارسيلوس وحاول التخلّص من ذئب الغابة بهالته المظلمة. 

 

لكن، كما أن الضوء هو الأفضل لدحر الظلام، لم يستطع تحمّل القوة المقدّسة لذئب الغابة بسهولة.

 

رأت إيثيل، من خلال عيني الذئب، إيلان وهو يُمسك سيفه بقوة أكبر. 

 

شعره الذهبي المبلّل بالعرق، وعيناه الزرقاوان الحادتين، كانا تمامًا كما رأت إيثيل صورة الملك المؤسس في أرشيف الإمبراطورية.

 

‘كان حقًا أستير.’

 

بفضل قوة العائلات الأربع، استعادت إيثيل قوة إيثير، وانكسرت اللعنة التي فرضها جوهر الظلام على أستير. 

 

كان شعره الذهبي اللامع يليق به بشكل يثير الدموع.

 

‘لكن لا يزال الوقت مبكرًا للاطمئنان.’

 

المشكلة أن قوة مارسيلوس، أي جوهر الظلام، أصبحت كاملة أيضًا. 

 

كان الظلام الثقيل يتأرجح بقوة.

 

حتى ذئب الغابة كان يجد صعوبة في تمزيق هذا الظلام.

 

‘يجب إعادة ختمه.’

 

حيث يوجد الضوء، ينشأ الظلام.

 

هذه قاعدة طبيعية، لكن جوهر الظلام كان مختلفًا.

 

لقد اكتسب الظلام وعيًا. إذا تُرك هكذا، سيحاول حبس هذا البلد في الظلام إلى الأبد.

 

‘لكن كيف…؟’

 

دخل السيف الذي يحمله إيلان في رؤية ذئب الغابة. بدا جسم السيف الأسود المرصّع بالنجوم مألوفًا.

 

شعرت إيثيل بالارتياح عندما رأت الجوهرة في مقبض السيف في مكانها.

 

رغم تغيّر لونها، كانت تلك الجوهرة التي أمسك بها دورانتي حتى وهو يُجرف بالأمواج.

 

‘تغيّر اللون يعني أن جوهر الظلام المختوم في الجوهرة قد خرج بالكامل.’

 

إذن، يجب إعادة جوهر الظلام إلى تلك الجوهرة الفارغة. في تلك اللحظة، انقلبت رؤية ذئب الغابة فجأة.

 

“آه…!”

 

عودت رؤية إيثيل أيضًا. 

 

لقد أصيب ذئب الغابة بهالة مارسيلوس وطار بعيدًا.

 

“إيثيل! هل أنتِ بخير؟”

 

“هل أنتِ بخير؟ إن كنتِ متعبة، يمكنكِ الابتعاد عن المذبح…!”

 

نظرت إيثيل إلى كايرا ومونتي المقلقين، ثم إلى لوكاس الذي سقط مذهولًا من عمود الضوء، وديرايلا التي كانت تراقب بهدوء.

 

أستير، الأرض التي أحبتها إيثير كثيرًا. 

 

والعائلات الأربع التي ترمز إلى الريح والأرض والماء والنار، أساس هذا البلد.

 

ربما قوة هذه العائلات الأربع هي التي يمكنها جعل إيثير، الذي أصبحت هكذا بسبب قدومها من عالم آخر، كاملًا. تذكّرت إيثيل صلاة هيلدا ورفعت بصرها إلى الأعلى.

 

“ما هذا؟”

 

“هل هذا ولي العهد…؟”

 

“لقد خدعنا؟ هذا الوغد!”

 

“هذا ما كنتِ ترينه.”

 

الأربعة الذين رأوا العالم من منظور إيثير، تبنّوا تعبيرًا حازمًا عند سماع كلمات إيثيل التالية:

 

“سنطرد الظلام من الآن فصاعدًا.”