بالتأكيد، كان هناك شيءٌ مميز بإيثير لا تملكه إيثيل. بينما كانت تقرأ القصيدة بعناية، توقفت عيناها فجأةً عند السطر الأخير.
تتدفق النجوم لتُصبح ريحًا،
والريح تهُب على الأرض،
والأرض تغطى بالماء،
والماء يبتلعُ النار،
والنار تُحرق بالريح.
تتحول تلكَ الدوامة إلى نجومٍ مجددًا؛
فتأمل في ثمرتهم الجميلة.
بدت الحروف وكأنها تتحرك، ثم ظهرت صورةٌ خيالية فجأةً أمام عينيها.
توالت شعارات العائلات الأربع الكبرى، بما في ذلك شعار عائلة سويفت التي ترمز إلى الريح، بلا توقف أمام عينيها.
“… ـثيل! إيثيل!”
“آه…!”
استعادت إيثيل وعيها بصعوبة عند سماع صوت ديرايلا، وظلت تلهث لبعض الوقت.
لم تستطع الإنكار بعد الآن. الصورة المُتخيلة التي بدت وكأنها لا تزال عالقة أمام عينيها كانت تسألها كأنها تقول: “هل ستستمرين في الهروب؟”
‘كنتُ آمل ألا يكون الأمر كذلك…’
لو لم تكن إيثير، لكان بإمكانها العودة إلى جانب إيلان.
نظرت ديرايلا إلى إيثيل التي أغلقت فمها بإحكام لتُخفي انهيارها الداخلي.
“هل أنتِ بخير؟”
أومأت إيثيل برأسها بصعوبة.
شعرت أنها بحاجةٍ للخروج من أرشيف السجلات. كانت تحتاج إلى وقتٍ لترتيب المعلومات التي انهالت عليها بهدوء.
“إيثي! إيثي!”
في اللحظة التي كانت ستقترحُ فيها الخروج، نادتها كايرا من بعيد بصوتٍ خافت.
كانت تُشير بيدها وتنظر بحذر إلى موظفي الأرشيف، فسارعت إيثيل وديرايلا بالاقتراب منها.
أمسكت كايرا بيد إيثيل وسحبتها إلى قاعة عرض صور العائلة الإمبراطورية.
لم تكُن تريد إظهار صورةٍ معلقة على الحائط، بل صورةٌ موضوعة على الأرض.
أخرجت كايرا صورةً من الزاوية وسألت:
“ألا تُشبهين هذه المرأة؟”
“حقًا؟”
“نعم، تشبهينها.”
أيدت ديرايلا المندهشة كلام كايرا، التي أومأت برأسها رغم تعبيرها المتردد.
نظرت إيثيل إلى الصورة مرة أخرى. كانت المرأة ترتدي فستانًا ذو لونٍ رملي مع وشاحٍ أزرق على كتفيها جميلة لدرجة أنها بدت وكأنها ستخرجُ من اللوحة الباهتة.
‘تُشبهني؟’
في رأي إيثيل، بدت المرأة في الصورة أكثر أناقةً بكثير. على الرغم من أنها لوحة، بدا شعرها الفضي اللامع وعيناها الخضراوان المتلألئتان مشابهتين لها إلى حد ما.
“تبدو لوحةً قديمةً جدًا.”
“ربما من عصر مملكة أستير؟”
“أو ربما منذ تأسيسها.”
بدأت كايرا وديرايلا في مناقشةٍ جادة.
كما قالت كايرا، بدت اللوحة قديمة بما يكفي لتكون مِن زمن تأسيس مملكة أستير.
بينما كانت إيثيل تتفحص اللوحة التي شعرت أنها مألوفة، قلبَت لوحةً أخرى دون تفكير وتوقفت فجأة
. لاحظت كايرا ذلك ومدت رأسها، فاتسعت عيناها.
“مهلًا؟ هذا الشخص…”
“بادولف أستير، يبدو أنه الملك المؤسس. لكن…”
تمتمت ديرايلا بدهشةٍ وهي تقرأ الاسم المكتوب أسفل إطار اللوحة.
“عيناه زرقاوان.”
“ألَمْ تكُن عيون عائلة أستير الإمبراطورية كُلها ذهبية؟”
“هذا ما تعلمتُه أيضًا.”
“أنا متأكدة أنني رأيتُ هَذهِ العيون الزرقاء في مكانٍ ما…”
حاولت كايرا استرجاع ذاكرتها لكنها لم تتذكر أين رأتها، فعبست.
لكن بالنسبة لإيثيل، كانت هذه العيون مألوفةً جدًا. لم يكن بإمكانها أن تخطئ في التعرف على تلك العيون الزرقاء التي كانت دائمًا تطمئنها.
‘ما الذي يحدث هنا…؟’
لم يكن الملك المؤسس يشبه إيلان في عينيه فقط، بل في ملامحه أيضًا.
كان يُشبه أيضًا الدوقات الكبار السابقين لنورتون الذين رأتهم إيثيل في غرفة الصور بالقصر الكبير.
كانت ملامحه القوية والباردة والصلبة أقرب إلى إيلان والدوقات السابقين منها إلى مارسيليوس أو الإمبراطور المتوفى.
كأنَّ إيلان هو من يحمل دماء الإمبراطور المؤسس.
‘مستحيل…’
تحركت عينا إيثيل المرتجفتان بسرعةٍ بين لوحة المرأة التي تشبهها ولوحة الإمبراطور المؤسس. تذكرت أيضًا نبوءة إيثير التي أخبرها بها مونتي.
“نور إيثير سيُضيء نورتون.”
على الرغم من أنها كانت تعتقد أن ذلك مستحيل، استمر عقلها في الانجذاب إلى فكرةٍ واحدة.
ربما لأنها مرت بتجربةٍ مستحيلة من قبل، لم تكن فكرة أن إيلان قد يكون من نسل أستير صادمةً للغاية.
‘لكن إذا كان ذلك صحيحًا…’
أدارت إيثيل رأسها بسرعةٍ نحو لوحة مارسيليوس المعلقة على الحائط.
‘إذن، ما هذا؟’
كان لدى الأمير الإمبراطوري مارسيليوس والإمبراطور المتوفى عيونٌ ذهبية متألقة وشعرٌ ذهبي لامع. بما أنْ جميع أباطرة أستير كانوا كذلك، اعتقد الناس أنْ هذه هي علامة دماء أستير.
لكن إذا لم تكن العيون الذهبية رمزًا لأستير، وكان إيلان، دوق نورتون، هو من يحمل دماء أستير الحقيقية، فمن هم هؤلاء الذين يحملون اسم أستير الآن؟
“إيثي، ما بكِ؟ هل أنتِ بخير؟”
“هل يمكننا الخروج الآن؟”
“نعم، هذا أفضل. هيا بنا، إيثي.”
قادت كايرا وديرايلا إيثيل، التي كانت تعابيرُ وجهها تتصلب تدريجيًا، خارج قاعة العرض. بينما كانت كايرا تسحبها خارج القاعة، ظلت إيثيل تُحدق بعنادٍ في لوحة مارسيليوس.
تذكرت كيف رأت عيون الوحش السحري تتداخل مع عينيه قبل أيام، مِما جعلها تشعرُ بالقلق.
إذا لم يكُن مارسيليوس من أستير، فمهما كانت هويته، فإنَّ الخطر الحقيقي لم يكُن إيثيل نفسها.
‘ربما لستُ أنا…’
ربما يكون إيلان هو من في خطر.
قلقت كايرا من شحوب وجه إيثيل، فلَمْ تُمانع في التوقف عند قصر عائلة ميشلان. خلال العودة إلى القصر، عندما سمعت عن ما حدث مع ديرايلا، ثارت غضبًا:
“وهكذا ستتغاضين عن الأمر؟”
أشارت كايرا بعينيها إلى معصم إيثيل الملفوف بالضمادات بنظرة استياء:
“وهَكذا أُصبتِ؟”
“لكن بفضل ذلك تمكنتُ من دخول أرشيف السجلات الإمبراطورية.”
“هذا شيءٌ آخر! إذا كان إنسانًا، كان يجب عليه أنْ يُلبي طلبكِ بطبيعة الحال!”
رفعت كايرا صوتها بانزعاج.
كانت تكره أن إيثيل دائمًا ما تكون متساهلة مع ديرايلا.
منذ الطفولة، كانت ديرايلا تخدش مشاعر الناس كلما رأتهم، فما الذي يجعلها تستحق التغاضي عنها في كل مرة؟
في الماضي، كانت كلماتها هي المشكلة، لكن هذه المرة، ألَمْ تُصب إيثيل بالفعل؟ ثم تصرفت وكأنها تهتم بها، وهو ما أثار قشعريرة كايرا.
“لقد حاولت قتلكِ. هل تعتقدين أن شخصًا فعل ذلك مرة لن يفعله مرةً أخرى؟”
“لم تكن تريد قتلي. أنا أيضًا أرى ذلك.”
“ماذا؟”
“أليس كذلك؟”
كانت نبرة إيثيل، التي تعرضت حياتها للتهديد، هادئةً بشكلٍ لا يصدق.
“لو كانت تريد قتلي حقًا، هل كانت ستوكل الأمر لطفلٍ صغير؟ كانت ستوظف قاتلًا محترفًا للتأكد من الأمر.”
“…الآن بعد أن قلتِ ذلك، يبدو منطقيًا، لكن…”
“كنتُ أفكر أنني لو أظهرتُ كرهي منذ البداية وتشاجرتُ معها، لكان ذلك أفضل.”
عبست كايرا عند سماع نبرة إيثيل الساخرة من نفسها.
“لو فعلتِ ذلك، هل كنتِ أنتِ أو ديرايلا سترتاحان؟”
“فتاةٌ تعتقد أن حبها الأحادي هو الأكثر ألمٍ في العالم، هل كانت سترتاح؟”
“هل هذا صحيح؟”
“نعم، هذا صحيح.”
كان عالم ديرايلا أتوود ضيقًا للغاية لفهم آلام الآخرين. لذا، عندما تغاضت إيثيل عنها، قبلت ذلك على هواها وفهمته كما يناسبها.
ضحكت إيثيل وسألت مازحةً عندما أيدتها كايرا دون تردد.
“إذن، إذا استمريتُ في الغضب منها، ألَن أصبح أنا الغريبة؟”
“هذه مسألةٌ أخرى! وعلاوةً على ذلك، ألم تعترف هي بنفسها؟ قالت إنها أخطأت.”
“لذا، هذا يكفي.”
كان هناك من حرّضها أيضًا.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 81"