كانت إيثيل في الثّامنة من عمرها، طفلة بريئة، وجدت غرابة في أنّ وليّ العهد لا يتناول الفلفل، فسألته عن ذلك، وما زال يتذكّر ذلك.
فركت إيثيل ذراعها التي قشعرت قليلاً.
“منذ ذلك الحين، كنتِ دائمًا تثيرين دهشتي. لقد صنعتِ طعامًا خاليًا من الملح والفلفل، وفي النّهاية جعلتِ شعب هذا البلد يستمتع بالطّعام اللّذيذ.”
ابتسم مارسيلوس وهو يخفض زاوية عينيه، وهو التّعبير الذي يظهر عندما يرغب في الحصول على ما يريد.
“لم يكن هذا هو النّتيجة التي توقّعتها، لكنّها أعجبتني. بوجودكِ، أشعر وكأنّني في مكانٍ مشرق.”
لذلك، قرّر أنّه يجب أن يمتلكها.
كان مارسيلوس أستير بحاجة إلى إيثيل ميشلان. فمعها، سيتمكّن هو أيضًا من التّألّق ببريقٍ ساطع.
“بعد دور الدّوق الأكبر، حان دوري، أليس كذلك؟”
اقترب مارسيلوس خطوة نحو إيثيل.
“إذا لم يكن مكان وليّة العهد، فماذا عن مكان الإمبراطورة… هل سيجعلكِ ترغبين في البقاء في هذا القصر؟”
نظرت إيثيل في عينيه مباشرة، لكنّها تراجعت بنفس المسافة.
تلك العينان الذّهبيّتان، اللتين كأنّهما تخترقانها، لم تكونا غريبتين.
كانتا تذكّرانها بالعينين الصّفراوين اللتين رأتهما في الوميض الذي ظهر أمام سيف الدّوق الأكبر السّابق، عينان تثيران شعورًا مزعجًا.
* * *
في اليوم التّالي، في قصر ماركيز سويفت في ضواحي العاصمة.
كانت إيثيل جالسة في غرفة الاستقبال تنتظر صاحب القصر. كان قصر ماركيز سويفت متواضعًا نسبيًّا مقارنة بمنازل الماركيزات الأخرى. بل إنّه بدا أكثر بساطة من أيّ قصر نبيل زارته إيثيل.
‘ربّما هذا مجرّد ذوق…’
على الرّغم من أنّ زوجة الماركيز تُعرف بأنّها عبقريّة في الاستثمار، إلا أنّ القصر بدا كما لو كان يخصّ بارونًا متواضعًا.
لكن، نظرًا إلى أنّ مونتي، الابن الأصغر للعائلة، لم يبدُ كمن نشأ في فقر، ربّما لم يكونوا يهتمّون كثيرًا بهذه الأمور.
“لقد وصلتِ مبكّرًا عن المتوقّع.”
استدارت إيثيل عندما سمعت صوتًا عميقًا يتردّد في غرفة الاستقبال. كان ماركيز سويفت، الذي يشبه مونتي تمامًا، يدخل الغرفة. نهضت إيثيل من مكانها وأومأت برأسها قليلاً.
“بما أنّني من طلبت اللّقاء، لم يكن بإمكاني التأخّر. شكرًا لدعوتكم، سيّدي الماركيز.”
“لا داعي للشّكر. كنت أرغب في التحدّث إليكِ مرّة على الأقل.”
مدّ الماركيز سويفت يده لمصافحة إيثيل وأضاف:
“كما تعلمين، زوجتي وابني الأصغر ليسا من الأشخاص الذين يسهل إرضاؤهم.”
كان يعني أنّه يتساءل عن إيثيل، التي استطاعت كسب قلوب أشخاصٍ ليس من السّهل إرضاؤهم، حتّى من وجهة نظره كعضو في العائلة.
لذلك، استجاب لطلب إيثيل الذي قدّمته في جنازة الإمبراطور. في العادة، كان سيرفض طلبًا مثل دعوته إلى القصر بكلمة واحدة.
جلس الماركيز سويفت بعد أن أشار لإيثيل بالجلوس، ثمّ ملأ كوب الشّاي بنفسه وهو يقول:
“دعينا نسمع الغرض من زيارتكِ أوّلاً. ما الذي أردتِ معرفته حتّى زرتيني؟”
على الرّغم من أنّ عينيه بدتا ودودتين للوهلة الأولى، إلا أنّهما كانتا تخفيان حدّة حادّة. تنفّست إيثيل بعمق لتتخلّص من التوتّر الخفيف.
“سمعت من السّير مونتي أنّ عائلة ماركيز سويفت تمتلك الكثير من القصص عن إيثير.”
“….”
“…أنا مهتمّة بمعرفة ما حدث لإيثير بعد أسطورة التّأسيس.”
كان تعبيرًا قد يبدو غريبًا لمن لا يعرف القصّة.
إيثير بعد أسطورة التّأسيس؟ بالنّسبة إلى شعب أستير، كانت روح إيثير دائمًا موجودة تراقب أستير.
لكن ردّ فعل الماركيز سويفت كان مختلفًا تمامًا. بل بدا وجهه متحمّسًا، كما لو أنّه يسمع هذا السّؤال لأوّل مرّة.
“ليس هناك الكثير من النّاس الذين يهتمّون بإيثير هذه الأيّام… هل يمكنني أن أسأل لماذا أنتِ مهتمّة؟”
“هذا…”
تردّدت إيثيل للحظة. كانت تتساءل إلى أيّ مدى يجب أن تروي القصّة، وهل سيصدّقها الماركيز سويفت أصلاً.
لكن، بما أنّه لا توجد طريقة أخرى، قرّرت أن تواجه الأمر.
“لقد مررتُ بتجربة غريبة في القلعة الكبرى.
رأيتُ مشهد وفاة الدّوق الأكبر السّابق.”
ألقت إيثيل نظرة خاطفة على تعبير الماركيز سويفت، خشية أن تبدو كلماتها غريبة.
لكن تعبيره كان جادًّا جدًّا. شعرت إيثيل بالرّاحة وواصلت:
“رأيتُ السّيف الذي كان يستخدمه… وفجأة، ظهر ذلك المشهد كوميض. في لحظة قتاله مع الوحش، كان يبحث عنها بشدّة…”
“في تلك اللحظة، شعرتُ وكأنّني أُسحَب إلى ذلك السّيف.”
“هل سبق أن تغيّر جو الناس حسب مزاجكِ؟”
لكن الماركيز سويفت طرح سؤالاً آخر على الفور.
اتّسعت عينا إيثيل. كان ذلك سرًّا صغيرًا لا يعرفه سواها وراينولد.
“غالبًا ما يحدث ذلك. عندما أكون في مزاجٍ سيّء، يكون كذلك…”
“وعندما تكونين في مزاجٍ جيّد، تكون السّماء صافية ومن حولكِ، أليس كذلك؟”
بدأت عينا الماركيز سويفت تلمعان بالفضول والتّوقّع. نظر إلى عيني إيثيل بعناية وقال:
“لقد أخبرني مونتي عنكِ من قبل.”
“ماذا؟ السّير مونتي…”
“قال إنّ السحب تحركت بسرعة بعد وصولكِ إلى نورتون.”
“هذا…”
“التّحكّم في الرّياح هو قدرة الساحرة إيثير.”
تجمّدت إيثيل كالحجر. شعرت وكأنّها تلقّت ضربة قويّة على رأسها.
لم تكترث بحيرتها، واستمرّ الماركيز سويفت في الشّرح:
“سألتِ عما حدث لإيثير بعد التّأسيس، أليس كذلك؟”
“…نعم.”
“على مدى مئتي عام بعد ذلك، كانت أستير تعيش في سلام بفضل وجود إيثير. تعتقد عائلتنا أنّ إيثير غادرت هذه الأرض بعد انتهاء حرب الأربعين عامًا. بعدها، اجتاح وباء مروّع غرب القارّة.”
كانت إيثير جوهر كلّ شيء، لذا كان من الطّبيعي أن تتلاشى النّعم الوفيرة من الأرض التي غادرتها.
أصبح النّاس بعيدين عن الحبّ والأمل، وعاشوا حياة جافّة وتافهة.
كان أفراد عائلة ماركيز سويفت يعلمون أنّ هذا بسبب غياب إيثير.
“لقد انتظرنا عودة إيثير لوقتٍ طويل جدًّا.”
“لكن أنا…”
“قلتِ إنّكِ شعرتِ وكأنّكِ تُسحَبين إلى سيف الدّوق الأكبر.”
أصبحت نظرة الماركيز سويفت إلى إيثيل أكثر لطفًا.
“الجواب الذي يمكنني تقديمه هو… ربّما تكونين أنتِ تجسّد إيثير التي عادت إلى هذه الأرض في تلك اللحظة.”
تجسّد إيثير؟
كانت إيثيل مذهولة لدرجة أنّها نسيت كيف تتنفّس.
تقسم أنّها، على الرّغم من أنّها تعيش هذه الحياة وهي تتذكّر حياتها السّابقة، لم تفكّر أبدًا ولو للحظة أنّها ساحرة..
كانت تعتقد أنّ التّحكّم في الريح مجرّد امتياز لمن وُلد من جديد. لم يكن لديها شيء مميّز آخر غير ذلك.
“لكن، سيف الدّوق الأكبر في نورتون… إيثير ساحرة ما….”
“في تلك اللحظة، يبدو أنّه نادى إيثير بأشدّ لهفة.”
هزّ الماركيز سويفت كتفيه كما لو كان الأمر تافهًا.
“إيثير الساحرةُ العطية، لطيفةٌ مع كلّ من يبحث عنها.”
حتّى لو كان ذلك نورتون، التي تمثّل الظّلام، لم يكن هناك استثناء. وإن كان لا يمكن ضمان نهاية الظّلام الذي يتوق إلى النّور.
“هل هناك طريقة للتأكّد إن كنتُ تجسّد إيثير أم لا؟”
فكّر الماركيز سويفت للحظة قبل أن يجيب:
“قد يكون ذلك صعبًا هنا، لكن ربّما في أرشيف السّجلّات الإمبراطوريّة.”
“أرشيف… السّجلّات الإمبراطوريّة؟”
“وفقًا للسّجلّات المحفوظة، تجسّدت إيثير من قبل. يحتفظ أرشيف السّجلّات الإمبراطوريّة بتاريخ مئتي عام من مملكة أستير، لذا قد تكون هناك آثار لذلك.”
شعرت إيثيل أنّها تقترب من الحلّ. أمسكت قبضتها بقوّة.
كان عليها الذّهاب إلى أرشيف السّجلّات الإمبراطوريّة. كانت إيثيل بحاجة إلى تأكيد أنّها ليست إيثير.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 77"