الفصل 58

أدركت إيثيل أخيرًا أن إيلان قد لفّها بذراعيه لحمايتها لحظة تناثر الزيت.

“هل أنتَ بخير؟”

“نعم، أنا بخير.”

“لستَ بخير!”

اقترب مونتي مذهولًا وسحب قميص إيلان للأسفل.

للحظة، فكرت إيثيل أن عليها أن تصرف نظرها، لكن عينيها تقيّدتا بكتفيه العريضتين المكشوفتين.

“يا إلهي، إيلان!”

كان أحد كتفي إيلان محمرًّا.

بدلًا من إيثيل التي تجمدت من الصدمة، فحص مونتي الجرح.
“لحسن الحظ، لا يبدو عميقًا.

لكن من الأفضل أن تغيّر ملابسك بسرعة.”

“حسنًا، سأفعل.”

“ربما ينبغي أن تضع هذا عليه الآن؟”

في تلك الأثناء، أطفأ إيفان نار الفرن وسارع بتسليم قطعة قماش مبللة بالماء البارد.

أمسكت إيثيل القماش بسرعة ووضعته على كتف إيلان.

انتفضت كتفاه القويتان للحظة بسبب برودة القماش المفاجئة.

“… سأمسكه أنا، إيثيل.”

“من الأفضل أن تخلع القميص تمامًا.”

نصح مونتي بعد رؤية القميص المعلق بشكل غير مريح على كتف واحد والذي بدأ يبتل.

نظر إيلان إلى إيثيل للحظة، ثم تراجع خطوات قليلة واستدار.

عندما أخرج ذراعه من القميص، ظهر نصف ظهره العريض.

ضاقت عينا إيثيل عندما لاحظت ندبة خافتة تعبر ظهره.

“هل هذا يكفي؟”

“نعم، نعم، هذا يكفي.”

أجاب مونتي بلامبالاة، ثم أعاد فحص بقعة الزيت وعدّل وضع القماش.

“ابقَ هكذا لبعض الوقت.”

“أعتقد أن تغيير الملابس سيكون أفضل.”

“ربما يجب أن تبرد المنطقة أكثر، سموّك.
إذا أزلت القماش الآن، سيكون الألم شديدًا.”

قدّم إيفان نصيحة صادقة مستندة إلى خبرته.

وبما أن إيلان يعلم أنه لا يوجد خبير مثله في حوادث الطهي، تنهد تنهيدة خفيفة وقبل النصيحة.

راقبت إيثيل ظهره المنحني مع تنهيدة لبضع لحظات، ثم بدأت تساعد إيفان في تنظيم طاولة الطهي.

أشار إيفان إلى قدر الزيت الذي يحتوي على قطع مقلية محترقة باللون الأسود وسأل:

“ماذا نفعل بهذا، آنستي؟”

“المحترق يجب التخلص منه… ضع غير المحترق في طبق عميق.
ضع ورق زبدة تحته.”

“حسنًا، آنستي.”

بدأ إيفان بالعمل بجد مجددًا.

حاولت إيثيل أن تلتقط قطعة دجاج محترقة بملقط، لكن إيفان لم يتركها تفعل.

بدلًا من أخذ الملقط، وضع طبقًا مليئًا بالدجاج المقلي اللذيذ في يدها.

“سأتولى هذا، فتناولي هذا أنتِ.”

“لكن…”

“هيا، تناوليه قبل أن يبرد.”

“يجب أن تأكل أنت أيضًا، إيفان.”

عند كلام إيثيل، التقط إيفان قطعة مقلية.

“قطعة واحدة تكفيني.”

“… لنعدّه مجددًا في المرة القادمة.”

تركت إيثيل إيفان يومئ برأسه واتجهت نحو إيلان ومونتي.

عندما أصدر إيفان صوت إعجاب بعد وضع القطعة في فمه، استدار الرجلان نحو إيثيل.

مدّت إيثيل الطبق إلى الأمام.

“لم يبقَ سوى القليل، لكنني أعتقد أن علينا تذوقه معًا…”

“بالطبع، يجب أن نتذوقه.
بعد كل هذا الضجيج.”

وضع مونتي قطعة دجاج في فمه بشجاعة.

مع صوت القرمشة، تفتت القطعة المقلية وتدفق عصير الدجاج الرطب والدافئ.

فهم مونتي تمامًا لماذا كان إيفان واقفًا مذهولًا من الصدمة بسبب المذاق.

“هل هو لذيذ لهذه الدرجة؟”

راقب إيلان رد فعل مونتي غير المعتاد، ثم وضع قطعة في فمه وتوقف بعد مضغة واحدة.

رأت إيثيل عينيه المتجمدتين ثم المتراخيتين تدريجيًا وابتسمت بسعادة.

“أليس لذيذًا؟”

“نعم، هذا لذيذ حقًا.”

“وما رأيك، سيد مونتي؟”

سلّمت إيثيل الطبق كاملًا لـإيلان، الذي مدّ يده مجددًا، ونظرت إلى تعبير مونتي.

كان يتذوق نكهة الدجاج المتبقية على لسانه بجدية.

“لا أعلم إن كان وصفها باللذيذ كافيًا.”

“ماذا؟”

“إنها نكهة لم أتذوقها من قبل، صادمة جدًا.
ليست المرة الأولى التي أتناول فيها طعامًا مقليًا…”

في نورتون، لا يُفضل الطعام المقلي كثيرًا، لكن السمك المقلي كان شائعًا نسبيًا في الإمبراطورية.

لكن بما أنه كان دهنيًا ومبللًا، لم يكن مونتي يحبه كثيرًا.

فكيف لا يكون صوت القرمشة الذي يتردد في رأسه صادمًا؟

“ليس الصوت فحسب، بل هذا الطعم الذي يلتف حول اللسان…”

“إذًا هو لذيذ.
إن لم تأكل المزيد، سآكله كله.”

“هل ستكون بخيلًا هكذا؟”

غارقًا في نشوة طعم الدجاج، اندفع مونتي، الذي طال حديثه، نحو الطبق في يد إيلان.

كان رد الفعل أكثر إرضاءً مما توقعت، فكتمت إيثيل ضحكتها.
“تخيّل الآن أن تتناول معه بيرة باردة.”

“… يبدو أنهما سيناسبان بعضهما.”

“نعم، تناول قطعتين أو ثلاث واشرب بيرة باردة، ستشعر وكأن الدهون تُغسل.
سيكون شعورًا رائعًا.”

حدد مونتي مزايا تناول الدجاج مع البيرة بدقة.

أومأت إيثيل برأسها بحماس وهي تؤيده.

“هذا بالضبط.”

“سموّه، هذا جيد جدًا.”

“بالفعل.
يبدو أن له إمكانيات تجارية.”

كان من الواضح أن بيع الدجاج مع البيرة سيكون أكثر ربحية من بيع البيرة وحدها.

الدجاج لذيذ لدرجة تجعل اليد تتجه إليه تلقائيًا، ومع الأكل، سيبحث الناس عن البيرة بشكل طبيعي.

على الرغم من علمه أن الدير ينتج البيرة، لم يفكر إيلان في بيعها.

نظر إلى إيثيل، التي اكتشفت إمكانيات الإقليم من مكان غير متوقع، بنظرة جديدة.

“بفضلكِ، إيثيل.”

“أوه، هيا.”

“أنا جاد.

من غيركِ كان سيفكر بهذا؟”

“هذا صحيح، سموّه.
أهل نورتون لا يفكرون في تناول البيرة مع طعام آخر.”

انضم مونتي إلى الموافقة.

“قد يصبح البيرة الطعام الذي يمثل نورتون في المستقبل.”

“سيكون ذلك رائعًا.
يجب أن أتحدث مع رئيس الدير أولًا.”

“سأرسل رسالة لتحديد موعد في يوم العبادة.”

“حسنًا، هذا جيد.”

أومأ إيلان برأسه، ثم تحرك ببطء لوضع الطبق الفارغ والقماش الفاتر على طاولة الطهي.

“يجب أن أغيّر ملابسي الآن.”

“نعم، يبدو الأمر جيدًا.
هيا إلى غرفة النوم.
سأطلب من مدير المعقل تحضير مرهم للحروق.”

ما إن أعطى مونتي موافقته حتى أدخل إيلان ذراعه في القميص بشكل غير مرتب.

وعلى الرغم من أن الملابس لا يجب أن تلامس الجرح، لكنه لا يمكنه التجول في المعقل عاريًا.

كان مونتي يهم بمغادرة المطبخ مع إيلان عندما أمسكت إيثيل بذراعه.

“أم…”

“نعم؟
هل هناك شيء تريدين قوله؟”

“بخصوص الندبة على ظهر سموّه.”

“آه، تلك الندبة.”

نظر مونتي إلى المكان الذي اختفى منه إيلان، وبعد تفكير لحظي، تكلم:

“هل تعرفين كيف توفي الدوق الأكبر السابق؟”

“لا، سمعت فقط أن إيلان كان صغيرًا جدًا عندما توفي…”

“نعم، كان عمره آنذاك عامين فقط.”

عامان هو العمر الذي يبدأ فيه الطفل بالمشي والجري بشكل جيد.

شعرت إيثيل بالأسى تجاه إيلان الذي فقد والده في سن مبكرة جدًا، فعبست.

لكن كلام مونتي التالي جعلها أكثر حزنًا.

“توفي الدوق الأكبر السابق وهو يحاول إنقاذ سموّه من اختطاف وحش.”

“… ماذا؟”

“الندبة على ظهره من تلك الحادثة.
يقال إنها من مخالب الوحش.”

لهذا كانت الندبة خافتة رغم حجمها.

كانت منذ أكثر من عشرين عامًا، عندما كان إيلان أصغر بكثير من إيثيل.

تخيلت إيثيل صورة طفل صغير يُجرح بمخالب ضخمة.

تنهدت بعمق وهي تشعر بالضيق.

“سمعت أنه شاهد وفاة الدوق الأكبر السابق بعينيه.”

“هذا…”

“لذا، لا تسأليه عن ذلك مجددًا.
أخبركِ بهذا لتحذري.”

“… حسنًا، سأكون حذرة.”

أومأت إيثيل برأسها بتعبير مرير.

شعرت بالأسى الشديد تجاه إيلان الصغير الذي عانى من تجربة قاسية، وتجاه إيلان الحالي الذي يحمل ذكرى قد تنفجر في أي لحظة، حتى كادت الدموع تنهمر.

راقب مونتي عينيها المليئتين بالقلق والشفقة، ثم غادر المطبخ.
‘إن كنتِ تشعرين هكذا، فلمَ لا تتزوجينه؟’

حتى لو كان الزواج أمرًا كبيرًا، أليس من الأفضل أن يحدث إذا كانا سعيدين؟

من وجهة نظره، وهو ينتظر بفارغ الصبر يوم زفافه من خطيبته، بدا أن إيثيل تقلق بشكل مبالغ فيه.

ثم، وبينما كان ينظر إلى النافذة دون وعي، رأى مونتي سماءً مغطاة بالغيوم السوداء.

بدت عيناه، المختبئتان خلف النظارات، وكأنهما اكتشفتا شيئًا غريبًا.