غادر “شين” أطراف قرية هوان قبل أن تشرق الشمس، وملابسه لا تزال مبللة من الليلة السابقة.

لكنه الآن لم يكن هو نفسه…

لم يعد مجرد مشرد.

كان داخله شيء يتحرّك… شيء لا ينام.

كيّ الرماد… ينبض في صدره، يهمس له بأصوات لا يفهمها، يعلمه ما لم يتعلّمه.

في صدره، حيث لُصقت اللفافة، بدأت تظهر علامة صغيرة… دائرة غير مكتملة، كأنها ختمٌ لا يزال في طور التكوين.

كلما دق قلبه، وميض رمادي خافت يخرج من الجلد.

على بعد أميال من هوان، في قصرٍ قديم تابع لعشيرة “اللهب الأزرق”، جلس ثلاثة رجال أمام طاولة حجرية، يتوسّطها تمثال تنين نصفه من نار ونصفه من رماد.

قال أحدهم، بلحية بيضاء وصوت عميق:

وصلتنا التقارير… فتى أوقف ضربة من مخلب الثعبان بدون سلاح. لم يستخدم سيفًا، بل كيّ رمادي… خام.”

رد الآخر، شاب بملامح حادّة:

“يبدو أن الختم قد اختار من جديد.”

الأكبر سنًا قال:

“لا نسمح بوجود قوة خارج طوائف الموريم. أرسلوا “سايورا”.”

في مكان آخر… في ظلال الأشجار، فتاة تراقب آثار الأقدام.

شعرها أسود كثيف، مربوط على هيئة ذيل حصان، وسيفها الرفيع مربوط على ظهرها كأنها لا تحتاجه كثيرًا.

كانت تتبع شين… منذ أن غادر الزقاق الذي مات فيه الرجل العجوز.

تمتمت:

 اختارك الختم؟ أنت بالكاد تعرف كيف تمشي دون أن تسقط…”

لكن عينيها لم تخلُ من فضول… ولا من شيءٍ آخر يشبه التردد.

أما شين، فقد وصل إلى تخوم غابة “هونغساي”، الممنوعة على المدنيين.

قال له أحد المتسوّلين سابقًا أن هناك كوخًا مهجورًا لرجل ناسك مات منذ سنين، ربما يجد فيه مأوى.

دخل الغابة، وكل شيء من حوله كان صامتًا.

الهواء مشحون، الأشجار تنحني رغم غياب الرياح، والكي في المكان ثقيل، كأن الأرض نفسها تتنفس.

لكن شين شعر أنه… في منزله.

توقّف فجأة.

صوت حفيف خفيف.

ثم…

هجوم.

سهم انطلق من الظل، مغطى بطبقة زرقاء من الكي.

لكن شين أدار جسده لا إراديًا، والسهم مرّ بجانب عنقه دون أن يخدشه.

ظهر رجل من بين الأشجار، يرتدي وشاحًا طويلًا يحمل ختم عشيرة اللهب الأزرق.

قال ببرود:

شين، حامل ختم الرماد. جئتُ لأعيد ما لا يخصّك.”

شين لم يتراجع، لكنه لم يتحرك أيضًا.

قال:

“هذا الشيء اختارني. لم أطلبه. ولم أهرب.”

الرجل أطلق ضحكة قصيرة:

الختم لا يختار إلا إذا شمت رائحة الدم… دعني أرى إن كنتَ فعلاً تستحقه.”

واندفع.

كانت الضربة سريعة، مقسّمة إلى ثلاث حركات: طعنة أمامية، التفاف، وضربة كعب موجّهة للرأس.

لكن قبل أن يصله، تحرّك الكي الرمادي من جسد شين كأنه ردة فعل تلقائية.

شكل درعًا شبه شفاف، صدّ الضربة الأولى.

الضربتان التاليتان وصلتا.

شين طار مترين للخلف، واصطدم بشجرة.

تقيأ قليلًا من الدم.

لكنه ابتسم…

لأول مرة في حياته، شعر بالحياة.

بعيدًا، على أحد أغصان الأشجار، جلست الفتاة تراقب المعركة.

همست:

“إنه يتعلّم… حتى وهو ينزف.