5
نظرَ إيغبرت حوله في قاعة الحفل بسرعة واسعة.
‘جميعهم زحفوا ليأكلوا الفتات’.
على عكس السابق، كانوا يركّزون على أنايس لا على إيغبرت.
حتّى عندما كانت أنايس تدير البنك نيابةً عن إيغبرت، لم يكن الأمر كذلك.
كان النّاس يظنّون أنّ القرار النّهائيّ لإيغبرت، لذلك كانوت يتجمّعون حوله و يتملّقونه.
العمل و المهارة كانت لأنايس، و الفضل كان يأخذه إيغبرت. لكنّ الآن أصبح الوضع مختلفًا قليلًا.
‘أوغادٌ فقراء’.
طحن إيغبرت أسنانه و دخل قاعة الحفل بسرعة.
رأى أنايس محاطةً بالنّاس.
“هل كانت الآنسة أنايس جميلةً إلى هذا الحدّ؟”
“يبدو أنّها وجدت مصمّم أزياء جديدًا. كانت دائمًا ملتزمةً بمظهر مكبوت”.
“لهذا كانت هناك شائعات عن تواضعها. لكنّ هذا المظهر….”.
“في الحقيقة، لم يكن شكلها سيّئا. هي تشبه السّيدة بارنابي التي كانت مغنّية أوبرا”
“حسنًا……”.
ماذا يعني ذلك.
ترك إيغبرت الكلام الذي يدخل أذنيه يمـرّ.
كانت أنايس بارنابي سيدةً كئيبة و باردة. دائمًا ذلك الفستان الكئيب المغلق حتّى الرّقبة.
كان مظهرها بعيدًا كلّ البعد عن أحدث صيحات إستوس.
‘بسبب ذلك، انخفض مستوى عائلة غراهام بدرجة أخرى. ألا يمكنكِ رمي ذلك الفستان البشع؟’
‘لا تتدخّل في ذوقي’.
تلكَ الطّباع التي تشبه العجوز لا تزال واضحة في ذهنه.
‘مستحيل’.
دفعَ إيغبرت النّاس بغضب. في البداية، كان النّاس يردّون عليه بغضب، لكنّهم ابتعدوا ما إن تعرّفوا عليه.
كانت عيونهم مليئةً بالتّوقّع.
“هاي، أنايس”.
تنفّس إيغبرت بعمق و نادى أنايس. بسبب تجنّبها لاتّصالاته، التقيا الآن فقط.
“لدينا ما نتحدّث عنه. الآن فورًا….”
كان إيغبرت يتحدّث بسرعة، ثمّ فتحَ فمـه مذهولًا.
عينان زرقاوان غامقتان و واضحتان تنظران إليه مباشرة. الوجه الذي كان دائمًا يضع مسحوقًا فقط، تغيّر إلى مكياج أنيق فاخر.
بالإضافة إلى ذلك.
الفستان الذي يكشف قليلًا عظمة التّرقوة المستقيمة و بشرة لؤلؤيّة، يتمايل مع حركتها.
كلّما حرّكت أنايس يديها، يظهر المعصم الأبيض النّحيل من بين الأكمام المتدلّية كرفرفة جناح أنيق.
الشّعر الفضّيّ اللامع الذي كان دائمًا مربوطًا بإحكام، كان نصفه متدلٍّ الآن مما زاد من إشراق مظهرها.
“إذا كان لديكَ ما تريد قوله، قـدّم طلب مقابلة رسميًّا، يا سيدي الماركيز”
كان الصّوت الواضح و الأنيق فقط كما هو.
‘بالتّأكيد ، إنها أنايس؟’
لكنّ ما هذا المظهر.
نظرَ إيغبرت ببطء إلى من يحيطون بأنايس.
حتّى الرّجال الذين كانوا يحتقرون أنايس مع إيغبرت موحودون بينهم.
رجال عازبون.
“آه”.
رفعَ إيغبرت شفتيه.
“إذن، أنـتِ امرأة تريدين جذب انتباه الرّجال أيضًا، أليس كذلك؟”
وجـد إيغبرت سبب تغيّـر أنايس.
“حسنًا. كيف ستدير ابنـة البارون بارنابي البسيطة بنكًا عملاقًا؟ يبدو أنّكِ ستُلقين نفسكِ في سوق الزّواج؟ بمثل هذا المظهر الرخيص”
عند كلام إيغبرت الحادّ، أطلق النّاس من حوله سعالاً محرجًا. كانوا جميعًا يرتدون زيًّا مشابهًا.
لكنّ إيغبرت لم ينظر إلى وجوه الآخرين في حياته أبدًا.
“هل كنتِ تبحثين عن رجل جيّـد؟ أجيبي”.
“لا أرى سببًا للرّد على سؤال وقح و غير منطقيّ كهذا”.
ردّت أنايس ببرود.
«لقد دعوتكَ إلى هنا كانت لتكريم السّيّد غراهام الرّاحل فقط، لا أكثر و لا أقل».
تلكَ العينان الباردتان تقولان إنّكِ لا شيء بدون العجوز.
بالفعل، أنايس لم تتغيّري أبدًا.
“لا أريد الاستمرار في الحديث”.
كان طردًا واضحًا. أصوات همس النّاس كخلفيّة.
“بعد أن لعبَ مع نساء رخيصات أخريات”
“جيّد جدًّا. متى يمكننا رؤية الماركيز غراهام يعترض للإهانة إن لم يكن الآن؟”
“في الحقيقة، إنّها فضيحة ماليّة كبيرة الآن. أن يُسلب البنك منه و هو مستيقظ”.
“آه، إنّـه ينظر إلى هذا المكان”.
مع أصوات الفتيات الضّاحكات، ارتفع الغضب الذي نسيـه مؤقّتًا .
هـراء. كلّ هذا كلام فارغ.
أنايس لا تزال ملكًا له، و لعبة صنعها العجوز الميّـت له.
أمسكَ إيغبرت بمعصم أنايس. فسقط الكأس الذي كانت تحملـه على الأرض محدثًا صوت تحطّم قويّ.
“تعالي معي. إن لم تريدي أن تتعرّضي للإهانة هنا!”
سيُظهر للنّـاس. مَـنْ هو الأعلى مكانة. مَـنْ هو مالك بنـك غراهام الحقيقيّ!
“أم أخلع ذلك الفستان هنا؟ هل أُظهر للآخرين مَنٔ هو زوجـكِ؟”
و سيُظهر مَـنْ هو مالك هذه المرأة أيضًا.
* * *
لم يتغيّر إيغبرت أبدًا. لا يزال أنانيًّا، يعتقد أنّه متفوّق عليّ.
و لديه تفكير قديم ليتقعد أنّ مثل هذا التهديد القذر لا يزال يؤثّر علي.
بالطّبع، نظرات النّاس إليّ لم تتغيّر كثيرًا.
كانوت يقارنون بيني و بين إيغبرت.
أنا أمتلك بنـك غراهام، و إيغبرت يمتلك عائلة الماركيز غراهام.
عائلة تملك الكثير ليقال عنها أنّها مجرّد عائلة.
“من الأفضل أن تتركني ، أيها الماركيز”.
لا أحـد هنا سيساعدني.
” جـدّكِ المتكبّر ليس هنا. لا أحد سينقذكِ. لذا تصرّفي باعتدال”.
جـذب إيغبرت ذراعي بقوّة.
حتّى لو عضضتُ أسناني، لم أستطع مقاومة قوّته الغبيّة.
“أتركني. أنا لستُ من عائلة غراهام بعد الآن. هل نسيتَ أنّني أستطيع مقاضاتكَ؟”
لسـتُ خائفة.
كان أمرًا يجب أن أواجهه على أيّ حال، و طالما نحن تحت سماء واحدة، سيحدث مثل هذا كثيرًا.
كنتُ مستعدّة.
أمر بالنسبة لإيغبرت، أن هذا العصر يحتوي على العقل و المنطق، و النّسب النبيل لا يحمي كلّ شيء.
في قاعة الحفل هذه وحدها، هناك حرّاس موجودون. كنت قد طلبتُهم للحرص على آمات الحفلة.
سيقدّمون لي مساعدة شكليّة على الأقلّ.
“لنذهب إلى القصر و نتحدّث. إن خرجتِ هكذا، ستندمين! و اخلعي ذلك الثّوب الرخيص أيضًا!”
“… هل تريد أن تفقد اسم عائلة للماركيز غراهام أيضًا؟”
في تلكَ اللّحظة، توقّف إيغبرت. لقد فقـد البنك دون أن يتمكّن من فعل شيء. لذا فإن كلامي يبدو ذا معنى له.
“هل ترك العجوز المجنون شيئًا آخر…… آه!”
فجأة ، حدثَ أمر مذهـل.
تدخّل أحدهم بيننا.
ظننتُ أنّ لا أحد سيساعدني هنا ، لكنّ كان هناك شخص ما. كنتُ أحاول توجيهنا إلى الخارج حيث الحرّاس عمدًا.
رأيتُ مقبضًا معدنيًّا يمسك بمعصم إيغبرت. كان مالك العصا يراقب الوضع بعينين باردتين.
شعر أشقر غامق مرتب بشكلٍ جيّد، و عينان بنفسجيّتان تحتـه.
بالتّأكيد كان شعرًا أشقرًا مثل شعر إيغبرت، لكنّه يبعث جوًّا مختلفًا.
ربّما ذلكَ بسببِ عينيه الحادّتين، أو شفتيه الشّاحبتين المغلقتين .
على أيّ حال، كات يمتلك جمال لا يـقلّ عن جمال إيغبرت الذي يُمدح عادة بأنّه يشبه ملاكًا خرج من لوحة مقدّسة.
بالدوين كونستانتين.
رجل مشهور بمعانٍ كثيرة في السّياسة و الأعمال والمجتمع.
كان ذلك الرّجل يحدّق في إيغبرت بهدوء.
رجل ليس لديه سبب للتدخّل هنا ، و لا يعرفني حتّى.
كان يسيطر على المكان بمجرّد ظهوره.
تشوّه وجه إيغبرت كفأر سُرق منه طعامه.
التعليقات لهذا الفصل " 5"