ربما يكرهني؟ ربما لديه شخص آخر؟ كلها احتمالات، لكن يصعب تصديقها بالنظر إلى شخصية ثيودور.
مما يترك خياراً واحداً، حجر الفلاسفة…
قبل بضعة أشهر، اكتشفت مملكة سالمانا شظية من حجر الفلاسفة داخل الغابة المظلمة شرق أراضيها.
الشيء الذي يريده ثيودور بشدة.
في الأساطير القديمة، كانت هذه القارة أرضاً قاحلة وغير صالحة للعيش، حتى استخدم أعظم السحرة قوة حجر الفلاسفة لإعادة الحياة إلى الأرض الميتة.
هذا الشيء القيم هو حلم كل ساحر، خاصة ثيودور الذي هو السليل الوحيد الباقي لأقوى ساحر في القارة أو ربما في العالم أيضاً.
على مدى الأشهر القليلة الماضية، أرسل ثيودور باستمرار رسائل إلى سلمانا يطلب منهم السماح له بمراقبة و دراسة هذه القطعة الأثرية الأسطورية، لكنهم رفضوا.
الأميرة فرح رفضت عمداً جميع دعوات ثيودور كطريقة للانتقام من كيفية معاملتها في حفل زفافنا.
هذا جعل ثيودور محبطاً، لدرجة أنه طلب المساعدة من الملك، لكن دون جدوى، أو على الأقل هذا ما اعتقدته.
إذا فُتح المقعد المجاور لثيودور مرة أخرى، فهذا يعني أنه سيحاول إقناع الأميرة مجددًا بعرض الزواج عليها.
ولكي يحدث ذلك، يجب أن أموت أولاً.
هذا يبدو الإجابة المنطقية الوحيدة، فكرت وأنا أنظر من النافذة من غرفتي في منزل والديّ.
قررت البقاء هنا مؤقتاً ، حتى يتمّ الطلاق.
وبمجرد أن ينتهي ذلك، سأذهب إلى مكان بعيد عن ثيودور وعن عائلتي أيضاً.
عائلتي عانت بما فيه الكفاية بسبب صحتي عندما كنت طفلة، ولا أستطيع السماح لهم بالمرور بنفس الشيء مرة أخرى.
سأكذب قائلة إنني سأذهب في رحلة أو شيء من هذا القبيل، وأعيش أيامي الأخيرة في سلام.
في مكان له منظر جميل، وبحيرة كبيرة.
“يا سيدتي، لدينا مشكلة!!”، قالت ليندا وهي تقتحم غرفتي.
يبدو أنه قد وصل أخيرًا…
كنت أعرف أنني سأضطر لمواجهته في مرحلة ما، لكن قلبي لم يكن مستعداً تماماً.
“دعيه يدخل…”، قلت للينا بنبرة هادئة ووقفت بظهر مستقيم محاولة أن أبدو قوية.
لم تمر ثانية واحدة حتى اقتحم ثيودور الغرفة والغضب بادٍ على وجهه.
“لا يبدو أنك أحضرت أوراق الطلاق”، قلت وأنا أنظر إلى يده الفارغة.
أشرت إلى لينا لتغلق الباب واقترب ثيودور مني.
“لماذا تطلبين الطلاق فجأة؟؟”، بدا تعبيره حزيناً عندما سألني ذلك كما لو أنه لا يعرف ما حدث.
“هل حقاً لا تعرف لماذا أطلب الطلاق؟ أم أنك تستمتع بالتلاعب بي؟”، قلت بنبرة باردة وأنا أنظر مباشرة في وجهه، أراقب كل تغيير، كيف ارتعشت عيناه، وكيف بدأ يتوتر.
“لا، لا أعرف”، قال ثيودور وهو يتجنب نظري بوضوح.
“السم…”، قلت بعد تنهيدة لأني كنت أشعر بخيبة الأمل.
ما إن سمع كلمة “سم” حتى شحب وجهه.
“كيف؟ كيف عرفتِ؟”، رد بصوت مرتجف.
اللعنة، يبدو أنني كنت على حق.
كان لدي أمل ضئيل في قلبي أنه رغم كل شيء ليس الجاني، لكن الآن كل شيء أصبح واضحاً.
كان يعرف، كان يعرف كل شيء واعتقد أنني لن أكتشف أبداً…
“أنا آسف أناستازيا، لكن كان علي فعل ذلك…”، قال وهو يقبض قبضته بإحكام.
كان عليه؟ هل يمزح؟ لم أستطع تصديق ما كنت أسمعه لذا انفجرت غضباً.
“اخرج!!”، قلت موقفة إياه في المنتصف.
“لكن يجب أن تعرفي لماذا فعلت ذلك، حتى تفهمي…”
“قلت اخرج!!!”، صرخت بأعلى صوتي، بصوت عالٍ بما يكفي ليسمعه والداي والخدم في الخارج.
دخلوا الغرفة على الفور، وحموني من ثيودور لأن عيني بدأت تدمع.
“هل أنت بخير”، قالت أمي وهي تمسح الدموع من زاوية عيني.
“ثيودور ما معنى هذا! ألا تسمع ما قالت آنا”، صاح والدي عليه دفاعاً عني.
لحسن الحظ لم يبدُ أنهم سمعوا محادثتنا، لكنهم دخلوا الغرفة بمجرد أن سمعوا صراخي.
“من فضلكم! ما زال لدي شيء لأشرحه، أعطونا بعض الخصوصية بضع دقائق فقط”، توسل ثيودور.
رفض والدي طلبه بعد أن رآني أهز رأسي رفضاً.
لذا طرد ثيودور رغم توسلاته المستمرة.
كنت أسمعه ينادي اسمي و صوته يتردد في اروقة المنزل، لكن أجبره والدي على مغادرة الملكية.
وكانت تلك آخر مرة تحدثت فيها إلى ثيودور…
بعد تلك الحادثة، استمر ثيودور بطلب لقائي و ارسال الرسائل لاكني رفضت جميع زياراته وأحرقت الرسائل.
حتى هذه اللحظة ما زلت أحب ثيودور، وأخشى أنني بمجرد أن أعرف السبب الحقيقي سأبدأ في كرهه.
ولا أريد أن يحدث ذلك…
حتى يومنا هذا، أسعد ذكرياتي كانت تلك التي صنعتها مع ثيودور.
كيف أمسك يدي ومشى معي على الرمال في شهر العسل.
كيف يوقظني برفق في الصباح.
وكيف يهمس بكلمة “أحبك” في أذني، في كل مرة أغضب منه.
أريد التمسك بتلك الذكريات حتى نفسي الأخير.
سأتظاهر فقط أن الوقت توقف في عيد ميلادي العشرين.
مع عائلتي تغني عيد ميلاد سعيد، وثيودور يعطيني قبلة على الخد عندما أعطاني هديتي.
في الوقت الذي كنت فيه الأكثر سعادة.
ومع هذه الفكرة في ذهني، ظللت أنتظر أوراق الطلاق، لكنها لم تصل أبدًا.
بدلاً من ذلك سمعت أن ثيودور يأتي كل يوم إلى منزلنا وينتظر في الخارج على أمل أن أسمح له بالدخول.
احيانا كان ينتظر حتى غروب الشمس، لاكن بدون فائدة.
يبدو أنه حان الوقت لأقوم بخطوة، لجعل الطلاق يحدث بسرعة.
وكان هناك شخص واحد في المملكة يمكنه تحقيق ذلك، وهو الملك.
لكن كيف يمكنني إقناع الملك بالسماح لي بالطلاق من ثيودور؟
كانت لدي فكرة في ذهني، لكنني لم أكن متأكدة من أنها ستنجح أم لا.
ولكن وقتي المتبقي محدود، ولا أستطيع إضاعته في الانتظار.
لهذا السبب في صباح يوم الاثنين عندما كنت متأكدة من أن ثيودور في العمل، غادرت إلى القصر الملكي.
التعليقات لهذا الفصل " 39"